الاثنين، 29 ديسمبر 2014

بعض الجنائز ملغومة فانتبهوا يا أهل الكويت !

      اعتدنا في كويتنا الحبيبة الصغيرة بمساحتها وعدد سكانها والكبيرة بما قدمته لأهلها وللعالم ؛ اعتدنا وبكل أسف على اختلاق جنائز لنشبع فيها لطما ، وكل له أسبابه في تعزيز هذا الوضع ؛ فالحكومة تريد إلهاء الشعب عن فشلها التنموي والإداري وصراعات أقطاب بيت الحكم ؛ والمتكسبون يريدون تسليط الأضواء على ذواتهم اللا مصونة وحشد المطبلين خلف كل نكرة منهم ولو على حساب الوحدة الوطنية لأبناء الشعب الكويتي الذي شهد له تاريخه قبل وبعد ظهور البترول أنه أكثر شعوب المنطقة تسامحا وطيبة وقدرة على استيعاب من يَفِدُ إلى بلده ويتبنى قيم شعبها .

      ما لم نتنبه إليه وما زلنا غافلين عنه في غمرة انجرافنا الغبي مع هذه الموجة هو أن بعض الجنائز التي نختلقها قد تكون ملغومة وأن عملية لطمها قد تسبب انفجارات غير مرغوب فيها ولا تتحملها الكويت ، وما قصة الدكتور محمد الهجاري إلا أحدى تلك الجنائز المختلقة !

      حتى نبين للكويتيين حقيقة المسألة نوضح ما يلي :
أولا - إن قضية زواج المتعة التي كانت شرارة أزمة الهجاري هي قضية فقهية وليست عقدية ؛ وبالتالي فإن الاختلاف حولها اختلاف فقه لا عقيدة وهو اختلاف استوعب مجتمعنا الكويتي المتسامح ما هو أكبر منه فكيف لا يستوعبه؟
ثانيا - لم تكن قصة الهجاري أول حالة جدل حول زواج المتعة تحديدا ، فقد حصلت قبل سنتين قصة مديرة المدرسة الشيعية التي أتت بمعمم يحاضر لطالبات المدرسة الثانوية عن زواج المتعة وهي مسألة لا تخدم العملية التعليمية في شيء ، فكان أن هاجمتها نفس الأطراف التي تدافع اليوم عن محمد الهجاري ودافعت عنها نفس الأطراف التي تهاجمه ، فهل يمكننا بعد ذلك أن نصدق أن المسألة مسألة خلاف فقهي أو سؤال علمي؟
ثالثا - نقاشات ومناظرات بعض مشايخ السنة والشيعة دار فيها وعلى الفضائيات أمام العالم كله جدل حول أمور أكبر بكثير من زواج المتعة ، ومع ذلك لم يتم تضخيم المسألة لأن هؤلاء جميعا كانوا من الفريق الموالي للحكومة والرافض لما تم عام 2011  وأفضى إلى أقصاء رئيس الوزراء السابق !
رابعا - عندما غرد محمد الهجاري عام 2012 بما ذكره حول حسن نصر الله كان مجرد شخص مغمور وإن تسربل بلقب الدكتوراة التي لم تعد تعني لنا في الكويت شيئا وكلنا نعرف ذلك ، وكانت تغريداته ضمن عشرات ملايين التغريدات التي تشاتم فيها سفهاء المغردين سنة وشيعة ولا قيمة لها عند المشتومين من جميع الأطراف ، فلماذا تحيي وزارة الداخلية وفي هذا الوقت بالذات قصة تغريدات الهجاري؟

      بقي أن ننبه إلى أن الحديث عن تفاصيل أنواع الزواج في المجتمعات المختلطة بهذه الطريقة أمر غير محبب اجتماعيا في الكويت وهذا متفق عليه بيننا جميعا بغض النظر عن الآراء الفقهية التي يمكن تدارسها في مواضع وحلقات تدريسها لطلابها وطالباتها الذين اختاروا التخصص فيها ، أما أن تصبح قضية مفتوحة للنقاش تُطرح أمام اليافعين واليافعات من الشباب والبنات في أي موقف فهذا أمر مرفوض .
      على كل حال ؛ الذين سارعوا لوقف انتداب محمد الهجاري في كلية التربية هم خصومه المختلفين مع منهجه من السنة وليس خصومه الشيعة الذين لم يكونوا يعرفونه أصلا قبل حدوث هذه البلبلة المختلقة ، فعلى الشيعة أن ينتبهوا إلى أن هذه ليست معركتهم وَأَلَّاْ ينجروا إليها ، أما محمد الهجاري فله نقول : خير لكَ أن تعود مغمورا وغير معروف كما كنتَ قبل حدوث البلبلة ؛ ولو أنكَ لم تتوسع في النقاش مع الطالبة ولم تتجاوب مع جرأتها في إثارة مثل هكذا مواضيع أمامكَ لكان خيرا لكَ ، فلا تَنْسَقْ مع الموجة ولا تركبها فما قضيتكَ إلا فقاعة ستختفي سريعا ودور البطولة الذي تظن أنكَ قد أصبحتَ تلعبه لا يليق بكَ .

الأحد، 28 ديسمبر 2014

أنصفوا نبيل الفضل ں فقد قال شيئا من الحقيقة !

   "     موقفنا كمسلمين من الخمر واضح لا يحتاج إلى نقاش ولا يقبل الجدل ، فهي أم الخبائث وربنا سبحانه وصفها بالرجس وأمرنا باجتنابها وحُسم أمرها نهائيا .

 

        لكن ثَمَّةَ أزمة فكرية يعانيها مجتمعنا الذي يرتبط بالموروث كمرجع قيمي أكثر من ارتباطه بمقتضيات الدين ؛ هذه الأزمة تكمن في قصر مفهوم الانحراف على شرب الخمر والزنى دون غيرهما من الموبقات ، فمَن شاع عنه إدمان الخمر أو اشتهر بممارسة الزنى تتشوه صورته بينما لا تتشوه صورة تارك الصلاة رغم أن فعلته أكبر من شرب ألف بطل فوتجا أو ريدليبل ، كما لا تتشوه صورة المرابي والظالم وشاهد الزور وآكل حقوق الناس إلخ من الأفعال المشينة والتي لا يكتفي مجتمعنا بعدم استنكارها فحسب بل إن من أفراده من يبررها ويشجع عليها تحت بنود مختلفة !!!

 

        لذلك فإن أي ردة فعل مجتمعية تجاه المطالبة بالسماح ببيع المسكر أو تنظيم الدعارة إنما تحكمها العاطفة المندفعة تجاه تسجيل المواقف التي تبرز أصحابها في ثوب الطهارة والعفة كي تُغطى خفاياهم تحته ؛ وهذا تماما ما حدث في قصة المدعو نبيل الفضل حينما عزف من جديد على نغمته القديمة مطالبا بالسماح ببيع الخمور لكن هذه المرة أضفى على معزوفته صورة لحنية احترافية حين استطاع بذكاء استفزاز الناس بزعمه أن الخمر من عادات وتراث أهل الكويت !!!

 

        للأمانة أقول أن نبيل الفضل قد ذكر شيئا من الحقيقة ولم يكن كل كلامه خطأ ، فرغم أن شرب الخمر كفعل لم يكن أمرا محمودا في تاريخ أجدادنا الكويتيين إلى أن الخمور لم تكن ممنوعة من التداول في الكويت ، بل إنه في بداية فترة الطفرة كان فرع مصنع كريماكينزي الإنجليزي للخمور بمنطقة الخليج موجودا في الكويت وكان وكيل منتجاته تاجرا كويتيا شهيرا يُشار له بالبنان ويحظى باحترام شديد داخل وخارج الكويت ، ثم انتقل المصنع إلى البحرين وما زال موجودا بها حتى اليوم مما يدل على أن تداول وبيع الخمور كان جزءا من النشاط الاقتصادي في الكويت وأنه لم يكن مستنكرا كعمل تجاري بدعوى أنه كان يُباع على زبائن من غير المسلمين !!!

 

        إضافة إلى ذلك فإن الحقيقة التاريخية تقول بأن أولى الدعوات لمنع بيع الخمور في الكويت انطلقت عام 1963 م عبر صحيفة الرأي العام ؛ وتلك الدعوات لم يتصدرها التيار الديني وإنما تصدرتها أوساط تجارية لم تكن مسألة المحافظة على قيم الدين ضمن أدبياتها بل إن رموزها الفكرية كانت وما زالت على خصومة مع الإسلام كفكر وليس كتيارات سياسية فحسب !!!

 

        إن نبيل الفضل محق حينما قال إن منع بيع الخمر لم يقلل إقبال الراغبين في تناوله على شرائه أو البحث عن بدائل أخرى ، ولا شك أن نشاط تهريبه ومن ثم تسويقه يزداد سنة بعد سنة وقد أثبتت الوقائع عدم جدية الحملات الأمنية في ضبط وإتلاف الخمور ، فلمصلحة مَن إذًا تم إقرار منع بيع الخمر ولحساب مَن تُباع الأنواع الفاخرة من بطوله المهربة بأغلى الأثمان خاصة في مثل هذه الأيام من كل عام ؟؟؟

 

        ويبقى السؤال في النهاية : هل دور أعضاء ما يسمى مجلس الأمة المعترضين على ما طرحه زميلهم نبيل الفضل هو الاستعراض أمام وسائل الإعلام بثوب الطهارة والشرف وتوزيع التصريحات الرنانة على الخدمات الإخبارية أم أنهم مطالبون بتقديم طلب رفع حصانة عن زميلهم نبيل الفضل توطئة لمحاكمته إزاء ما وصم به أهل الكويت ؟؟؟  "

الاثنين، 15 ديسمبر 2014

الثور الأمريكي وحليب البقرة الخليجية

       أزمة أسعار النفط التي عصفت بدول مجلس التعاون الخليجي لم تبدأ مع انخفاض أسعاره كما قد يظن البعض؛ لكنها ارتبطت بالارتفاع غير الطبيعي في تلك الأسعار والتي وصلت إلى 140 دولارا للبرميل الواحد عام 2007 م!

       أسعار النفط لا تحكمها المعايير الأخلاقية للعرض والطلب وإنما تتحكم فيها سطوة الرأس مالية الأمريكية التي لديها استعداد لحرق العالم كله في سبيل مصالح أساطينها، وما الغزو البربري للعراق والذي حطم كيان الدولة العراقية وآثاره الماثلة بيننا اليوم إلا أحد أمثلة الانتهازية الرأس مالية الأمريكية، وقبل غزو العراق بأربع سنوات هوت أسعار النفط إلى سبع دولارات للبرميل وبلغت الأزمة ببعض دول مجلس التعاون إلى حد أن طالب أحد شيوخها مواطنيه بما سماه شد الحزام؛ طبعا شد الحزام على وسط المواطنين البسطاء فقط!
       وقتها قال المدير التنفيذي لشركة شيفرون النفطية الأمريكية إنه مستعد لجعل سعر برميل النفط أقل من سعر صندوق الطماطم ما لم تستجب دول الخليج لشروطه بالسماح للشريك الأجنبي بالتملك في القطاع النفطي، فجاب مدير شيفرون المنطقة وأخذ من شيوخها ما أراد، وبالتوازي مع ذلك خضع ساسة المنطقة للإملاءات الأمريكية وفتحوا أجواءهم وأراضيهم للقوات الأمريكية التي غزت العراق رغم أن ذلك التوجه الأمريكي كان خلاف قناعاتهم التي مارسوها في قمة بيروت العربية عام 2002 م!

       احتل الأمريكان العراق وسيطروا على نفطه بعدما حققته شركاتهم من نجاحات في ضغوطها التي مارستها على حكومات المنطقة فانطلقت أسعار النفط كالسهم خلال مدة وجيزة فحدث الارتفاع الذي ارتفعت على إثره أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية منها والكمالية وعمدت حكومات المنطقة إلى رفع رواتب مواطنيها كل على طريقتها ومع ذلك فقد اتسعت الهوة بين الطبقة الثرية من تجار وشيوخ وباقي مكونات الشعب مما ينذر بانهيار الطبقة الوسطى التي هي صمام أمان كل المجتمعات!

       توالت الأحداث بعد ذلك وفق السياق المعلوم لدينا جميعا ورافق ذلك تغيرات سياسية وانبعاث للحرب الباردة عزا الساسة الأمريكان حدوثه لاستقواء الروس بما حققوه من إيرادات بيع النفط وهذا غباء مستحكم من الأمريكان فالمسألة مرتبطة بطموحات بوتين وخطته الاستراتيجية من ناحية؛ ومن ناحية أخرى بتخبط السياسات الأمريكية واغترارها بأحادية القطب منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق!

       اليوم تضغط أمريكا على دول مجلس التعاون الخليجي وتجبرها على انتهاج سياسات تؤدي إلى انهيار أسعار النفط وترافق ذلك مع حربها المزعومة على الإرهاب والتي تكلف دول المنطقة سياسيا واقتصاديا، وزاد انهيار البورصات الخليجية الطين بلة ليضع المنظومة السياسية الخليجية أمام أخطر تحدٍ في تاريخها!

       بعد وقف إطلاق النار بين العراق وإيران عام 1988 م تصرفت دول الخليج العربية بطريقة مشابهة وفق الإملاءات الأمريكية؛ فكانت النتيجة هي الغزو العراقي للكويت عام 1990 وما استتبعه من ويلات ودمار ليس على الكويت كطرف متضرر مباشر فحسب بل على كل دول مجلس التعاون الخليجي وأولها السعودية التي كانت خسارتها السياسية والاقتصادية استراتيجيا أكبر حتى من خسارة الكويت!
       اليوم يتحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني بنفس لغة صدام حسين التي سبقت غزو الكويت، لكن روحاني يتحدث كرئيس دولة لها مشروع سياسي وأصابع تتحرك بطول المنطقة وعرضها وقد أعدت إيران لمثل هذه الظروف عدتها، فأمريكا لن تنفع دول الخليج العربية إن تحركت إيران بردة فعل محتملة إزاء انعكاسات انهيار أسعار البترول عليها؛ بل إن أمريكا الآن تتفاوض مع إيران وليس مع دول الخليج، فهل وضعت أمريكا مع إيران خطة التغيير في منطقة الخليج وتفصيلها على المقاس الإيراني؟

الاثنين، 28 يوليو 2014

فرحة العيد معنى وقيمة


        كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعاتكم جميعا وصالح أعمالكم في شهر رمضان المبارك والذي انقضت أيامه ولياليه الجميلة لتتوج بفرحة يوم عيد الفطر ؛ تلك الفرحة التي تمثل معنى وقيمة .

 

        معنى فرحة عيد الفطر يكمن فيما يُفترض أننا حققناه من انتصارات على أنفسنا في شهر رمضان ، فالذي صام حقا في ذلك الشهر انتصر على غرائزه حين هذبها ولجمها ؛ وانتصر على نوازع السوء فيه حين كف لسانه عن الإساءة للآخرين وبصره عن عورات الناس ويديه عن أذاهم ، وتم تتويج هذا الانتصار يوم عيد الفطر بالانتصار على الأنانية حينما أخرجنا زكاة الفطر لنشرك المحرومين من الفقراء في فرحتنا بدل التعالي عليهم وتناسيهم ...

 

        كل تلك المعاني الجميلة وغيرها كثير تجتمع لتكون منظومة قيمة فرحة العيد التي يُفترض أن تعزز انتصارات رمضان لتجعل منها سلوكا دائما ومنهج حياة ، فليس من المقبول أن يكون رمضان مجرد إجازة مؤقتة عن السلوكيات السيئة ليعود بعدها الإنسان أسوأ مما كان عليه قبل رمضان ؛ فهذا معناه ببساطة أنه لم يصم وإنما امتنع عن المفطرات فقط لأنه لو كان قد صام فعلا لانعكس ذلك على سلوكه العام .

 

        فرحة العيد فرصة للجميع كي يجددوا صِلاتهم ببعضهم البعض ؛ وهذا معنى تكرر الحديث عنه كثيرا ، لكن الصِلة الأهم هي صِلة الزوج بزوجته والزوجة بزوجها ؛ فعلاقتهما تمثل رسائل للأولاد والبنات إما أن تكون إيجابية فتغرس فيهم بذرة نجاح أسري في المستقبل وإما أن تكون سلبية فتكبر نتائجها السيئة معهم وتهدد مستقبلهم الأسري ، والعيد هو أجمل مناسبة يمكن للزوجين أن يكسرا فيها الرسمية أمام الأولاد والبنات ويظهرا حبهما لبعضهما واهتمامهما ببعضهما بالكلمة والبسمة والهدية والعيدية ، فلا تفوت عزيزي الزوج ولا أنتِ عزيزتي الزوجة هذه المناسبة ولا تلتهيان عن بعضكما ؛ فهذه فرصة ذهبية لتجديد العلاقة بينكما وبعث الروح الإيجابية في أسرتكما النواة ...

 

        أجدد لكم التهنئة بالعيد متمنيا أن يعيده الله علينا جميعا ونحن في حال أفضل إنه سميع مجيب ...

الثلاثاء، 8 يوليو 2014

حقيقة الارتباط بين العدل وتعدد الزوجات

قال الباري عز وجل : "فَاِنْكِحُوْا مَاْ طَاْبَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّسَاْءِ مَثْنَىْ
وَثُلَاْثَ وَرُبَاْعَ ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّاْ تَعْدِلُوْا فَوَاْحِدَةٌ أَوْ مَاْ
مَلَكَتْ أَيْمَاْنُكُمْ " .
 الآية الكريمة أوضحت بجلاء أن اشتراط العدل بالنسبة للرجال الراغبين في التعدد مرهون
بالعدل اليقيني وليس المتوقع ؛ وهذا يعني أن مجرد الشك واحتمال عدم القدرة على العدل
بين الزوجات يعتبر سببا كافيا لعدم الإقدام على هذه الخطوة مهما كانت مسوغاتها ، فهل
معنى ذلك أن العدل في باقي أمور الحياة كشؤون الحكم والسياسة وإدارة الأعمال ومعاملة
الخدم والسائقين إلخ من جوانب حياتنا هو أقل ضرورة من العدل بين الزوجات ؟؟؟
 الجواب قطعا هو لا وألف لا ؛ فالعدل في كافة جوانب الحياة ضرورة قصوى لا يمكن أن تستقيم
حياة الفرد والمجتمع إلا بها ، لكن الحديث القرآني بهذه اللغة الصارمة عن العدل في العلاقة
الزوجية إنما جاء لعدة أمور أهمها :
 أولا – الزواج سواء كان الأول أم الرابع يمثل أهم حالة بناء اجتماعي لأنه أساس تكوين
الأسرة والتي هي بدورها نواة المجتمع بمعنى أنها تضخ فيه مخرجاتها الصالحة والطالحة
، ولأن صلاح الذرية واستقامتها سلوكيا ونفسيا يستحيل تحققه مع أجواء الكراهية التي يشيعها
الظلم فإن العدالة بين الزوجات استحقت الحديث عنها بهذه اللغة ، وفي هذا السياق فإن
العدالة بين الذرية أيضا تم الحديث عنها بنفس اللغة كما ورد في حادثة بشير بن سعد رضي
الله عنه حينما أراد إشهاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على منح ابنه النعمان حديقة
دون بقية إخوته ؛ فأبى النبي ذلك واعتبره جورا ، فاللغة هُنا أيضا جاءت صارمة لتؤكد
على ضرورة العدل الأسري كسلوك بغض النظر عن قصة التعدد .
 ثانيا – لأن الزواج حالة بنائية تنشأ عنها الذرية ولأن هؤلاء الذرية هم إخوة تجب رعاية
صلة الرحم بينهم وتعزيزها فإن تيقن العدل بين الزوجات جُعِلَ واجبًا من باب الوقاية
على اعتبار أن تنامي مشاعر الكراهية بين الإخوة مفسدة كبيرة يكفي أن نخشى وقوعها كي
نتجنب التعدد ، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من أخطر أشكال الظلم إخفاء الزواج الثاني
خشية ردة فعل الزوجة الأولى أو أهل الزوج نفسه والذين قد لا يقبلون فعلته لسبب أو لآخر
، فسرية الزواج الثاني ستتسبب حتما في قطيعة الرحم بين الإخوة ولذلك فإن إخفاء الزواج
يكون فعلا محرما بسبب وقوع هذه المفسدة ؛ فعلى الرجل أن يعلن زواجه الثاني أو الثالث
أو الرابع مهما كانت النتائج ؛ فلو تزوج الثانية مثلا ووصل الغضب بالأولى إلى حد طلب
الطلاق فإن ذلك أهون من إخفاء الزواج لأن طلاقه من الزوجة الأولى أمر مشروع إن اقتضته
الضرورة ؛ أما قطيعة الرحم بين أبنائه وبناته فهي أمر محرم لا يمكن تبريره ، إضافة إلى
ذلك فإن مَن يخفي زواجه الثاني سيتسبب بكارثة لو مات فجأة لأن الإخوة من أبنائه وبناته
لن يلتقوا إلى كخصوم في قاعات المحاكم يتنازعون على الميراث لأن الأولى وأبناءها لن
يعترفوا بحقوق الثانية وأبنائها طوعا ، فانتبهوا يا أشباه الرجال ؛ يا مَن تعيبون على
الشيعة إباحة المتعة وتمارسونها أنتم بطرق ملتوية !!!
 ثالثا – إن دائرة الكراهية التي ستتكون نتيجة الظلم وعدم الإنصاف بين الزوجات قد تتسع
حينما يميل الأعمام والعمات أو حتى الأجداد والجدات إلى أبناء وبنات زوجة ابنهم التي
يحبونها على حساب أبناء الزوجة الثانية لهذا الابن ؛ لذلك فإن أبناء وبنات الزوجة المظلومة
سيكرهون الأسرة كلها ؛ كما أن أخوالهم أيضا ومن باب التعاطف معهم سيكرهون أسرة والدهم
وبذلك تتشعب الكراهية وتتسع دائرتها بشكل خطير يخلق جوا ملائما لتكوين النزعات الإجرامية
في النفوس ، لذلك فإن تيقن العدل من قبل الرجل المعدد وقدرته الشخصية على إدارة العلاقة
بين كافة أبنائه وبناته بما يضمن قوة الصلة بينهم كإخوة واجب عليه ...
 هذا هو سر ارتباط مطالبة المعددين بالعدل وبلغة صارمة ، فليس العدل أقل ضرورة في باقي
شؤون الحياة ولا الظلم كشيمة مرتبط بتعدد الزوجات كفعل .

السبت، 28 يونيو 2014

كل عام وأنتم بخير ولكن :


كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أحرص وأدوم ، والله أسأل أن يتقبل منكم جميعا الصيام والقيام وصالح الأعمال في شهر رمضان المبارك . مع قدوم هذا الشهر الكريم وفي ظل توافر ما يُدعى أنها وسائل تواصل اجتماعي بمختلف مسمياتها بين أيدينا جميعا كبارا وصغارا * رجالا ونساء * أصحاب شهادات عُليا وأصحاب شهادات دُنيا ؛ في ظل هذا الجو تنتشر بيننا رسائل تحتوي على الكلام الطيب من ذكر لله وتذكير به ودعوة إلى الخير والنصح بفعله ، وهذا في ظاهره أمر طيب ويوحي بأن مجتمعنا قد تعدى بفضائله وأخلاقياته مجتمع مدينة أفلاطون الفاضلة بمراحل بل وبات ينافس بإيمانه وصدقه مجتمع المدينة المنورة أيام الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم !!! نتساءل ونحن نتبادل فيما بيننا تلك الرسائل الرائعة : لماذا إذًا ما دُمنا على هذه الدرجة من الخُلق الرفيع والدرجة الإيمانية العالية نعيش في مجتمعنا التخلف والتفكك وتردي الأداء على المستوى الشخصي وعلى مستوى المؤسسات والجمعيات والحكومات ؟؟؟ مجتمع يحمل كل تلك القيم الرفيعة التي تحويها رسائل التهاني بالشهر الفضيل عبر الواتساب أو منشورات التايملاين في الفيس بوك والتويتر يُفترض ألا تكون فيه الرشوة والكذب والانحراف الأخلاقي والتسيب والواسطة إلخ ظواهر خطيرة تنخر في كيان المجتمع وتهدده باستمرار !!! هناك فرق كبير بين ما نقول وما نفعل ، والله سبحانه قال : " كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اَللَّهِ أَنْ تَقُوْلُوْا مَاْ لَاْ تَفْعَلُوْنَ " . هذا يعني بكل بساطة أن كثيرا مما نتبادله بيننا في رمضان وهو من أعظم مواسم القربات لا يعدو كونه حملة علاقات عامة ترمي فقط إلى تجميل الصورة الظاهرية بُغية إخفاء المكنون الحقيقي ؛ وهذا هو النفاق بعينه ويمثل أخطر أشكال البُعد عن المعاني النبيلة لصيام رمضان والذي ليس في حقيقته مجرد امتناع عن المفطرات الحسية وإنما يُفترض فيه أن يكون تطهيرا للنفوس وغسيلا سنويا للقلوب ثم تظهر نتيجة ذلك على السلوك وبعدها يوقع اللسان أو القلم على ما تم كي يتماشى معه لا أن يناقضه ، وما لم يحصل ذلك فسيمر علينا رمضان تلوَ رمضان ونتبادل نفس الرسائل مع حلوله كل سنة وننشر نفس المواعظ لكن دون أن نعالج سلبيات مجتمعنا التي صنعناها بأيدينا بل ربما نعمقها أكثر فأكثر !!! ألهمنا الله وإياكم الصواب في العمل والقول ووفقنا إلى عبادته على الوجه الذي يرضيه عنا .