السبت، 27 أبريل 2019

القَول الجازم في قضية سَجين العوازم

        قبل قُرابة العشرين سنة قام خالد نقَاْ العازمي باغتيال هداية سلطان السالم رئيسة تحرير مجلة المجالس في وضح النهار رميا بالرصاص ثم قام بتسليم نفسه طوعا ، ودارت حول تلك الحادثة إشاعات لا يَحسُن بل لا يجوز تداولها حيث تم نظر القضية وفق الأُطُر القانونية وتحتم على الجميع الصمت احتراما لعائلتَي القاتل والقتيلة .

        فجأة وبعد مرور كل تلك السنين تذكر الجميع السَجين خالد نقَاْ العازمي وتصدر بعضهم المشهد ليقدم نفسه على أنه قاصد خير بعد أن عرض أبناء هداية السلطان موافقتهم على العفو عن خالد نقَاْ مقابل قيام عائلته بدفع مبلغ 10000000 دينار كويتي فقط لا غير !

        وفي خضم هذه الزَوبعة التي تمت إثارتها على غير ميعاد عاد الجدل حول قضية اغتيال هداية على يد خالد ليطل برأسه لكن هذه المرة مُطَعَّمًا بما تسمى وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تكن حاضرة حين وقوع الحادثة ومعززَةً بإقحام نعرة قَبَلية ليس لها موقع من الإعراب في هذه القصة التي تخوض فيها اليوم جَمْهَرة كثير منهم لم يكونوا مولودين أو أن حَفَّاْظات البامبَرْز كانت تغَلِّف مؤخراتهم ولم يكونوا واعين بما يجري في بيوتهم فضلا عن مكان وقوع الحادثة !

        مع الأسف دخل العامل الانتهازي بكافة أشكاله على خط مأساة أسرة خالد نقَاْ وبات يتلاعب بأعصاب أهله المساكين ، وعليه رأينا من المتوجب علينا توضيح الموقف الصحيح حسبما نراه من هذه القضية وهو مبني على ما يلي :
أولا – كل إنسان غالٍ عند أهله وإذا كان سجينا فمن الطبيعي أن تتمنى أسرته الإفراج عنه وأَن تسلك كل طريق يساعدها على تحقيق هذا الهدف بغض النظر عن سبب دخول غاليها إلى السجن ولا يحق لأحد مُصادَرة هذا الشعور .
ثانيا – خالد نقَاْ ارتكَب فعْلًا مُجَرَّمًا قانونا وفي وضح النهار ، أما دوافع الجاني ومبرراته لارتكاب فِعْلَتِه فقد تعامَل معها القضاء وفق إجراءات التقاضي المعتبَرة وعليه فلا يصح تبرير الفعل وفي نفس الوقت لا يجوز أيضا الهجوم على شخص الفاعل لما يتسبب فيه ذلك من جرح لمشاعر أسرته الكريمة ولأن باب التوبة مفتوح وهي شأن خاص بين العبد وَرَبِّه .
ثالثا – حماس جريدة الرأي وأذنابها المقربين من الطفل المعجزة لمسألة الإفراج عن خالد نقَاْ أمر مشبوه ملغوم لا يمكن الوثوق بسلامة دوافعه خاصة وأنهم يشجعون النعرة القَبَلية التي تم إقحامها في القضية بشكل مُشين ، وإذا استحضرنا ضخامة مبلغ 10000000 دينار فسنقف مشدوهين أمام علامة استفهام كبيرة ؟
رابعا – مطالَبة أبناء هداية سلطان السالم بمبلغ 10000000 دينار بعد كل هذه السنوات مقابل الإفراج عن خالد نقَاْ قاتل أُمِّهم يصعُب علينا تصديق أن دافعَه هو غَلاة الوالدة عند عيالها مع الأخذ في الاعتبار تفاصيل تعزز شكوكنا بالدوافع الحقيقية للمطالَبة بهذا المبلغ الضخم ليس هنا محل الحديث فيها لكن تشجيع هذا المَسلَك يشكل تهديدا خطيرا لما تبقى من قيمنا الاجتماعية !
خامسا – دخول المُتَمَشْيِخِيْن المتمسحين بالدين على خط قضية خالد نقَاْ متاجَرة خسيسة يرفضها الشرع الإسلامي الحنيف ، ولو كان هؤلاء فِعْلا يهدِفون إلى دعوة أهل القتيلة للعفو ترغيبا لهم فيما عند الله من فضل وأجر للعافين عن الناس لقدَّموا النصيحة مباشرة لأولياء الدم عبر زيارة خاصة وليس من خلال  القيام بتسجيلات مصَورة أو صوتية ثم ترويجها للعامة عبر وسائل ووسائط التواصل .
سادسا وأخيرا – إقحام النَعرة القَبَلية المقيتة في قضية خالد نقَاْ العازمي يمثل إساءة بالِغة لعائلته الكريمة لأن التعاطف الإنساني مع هذه الأسرة إضافة إلى الأخلاق الإسلامية والشَهامة العربية يتحتَم بموجبها الوقوف مع هذه العائلة خلف جدار السِتْر ابتغاء فضل الله لا المتاجَرة بمأساتها لتسجيل مواقف فخر في غير موضِعِه لأغراض دنيوية رخيصة .

        هكذا يجب التعامل مع قضية خالد نقَاْ العازمي إذا كانت النوايا سليمة حقا وكان المقصود جمعَه بعائلته الكريمة من باب السعي في الخير طلَبًا للأجر من رب العباد .

الثلاثاء، 16 أبريل 2019

أحلام الخائبين تتبخر ؛ والسودان ينتصر

        منذ إطلالة هذا العام ونحن نبشر بأن البشير سيسقط قبل رمضان وهذا ما كان بفضل الله ، ولم تكن بشارتنا رجما بالغيب لكنها مبنية على ثقة بالله أولا ثم بشعب السودان العزيز ثانيا وتيَمُّنًا بشهر إبريل الذي سقط فيه الطاغية جعفر نميري ، وفي ذات الذكرى سقط البشير الذي دعمه دافعو أموال السحت الحرام من المتخاصمين في دول مجلس التآمر الخليجي ؛ فالإمارات وبمباركة سعودية رعت زيارة البشير لبشار كي تعطي غطاء لخيبة تواصلها مع طاغية الشام الذي رد على إعادة فتح سفارة ابن زايد في دمشق باستقبال قاسم سليماني ثم رد إليه الزيارة في عاصمة الدجَل والشر طهران ، أما تميم المجد المزيف فقد استقبل البشير بنفسه بعد اتصال تعهد فيه بمنحه المليارات من ثروة الأمة التي تكدست في أيدي القلة المنحرفة من أبنائها لتفسد الكثرة الكاثرة منهم ؛ ولم يكن تميم يهدف إلا للحفاظ على مصلحة الأتراك الذين بدأت أطماعهم الخبيثة في أرض العرب تطل برأسها عبر قطر على ساحل خليجنا العربي وفي ثغرنا الشامي الحزين وأخيرا في جزيرة سواكن السودانية قُبالة الساحل الحجازي !

        حطمت إرادة شعب السودان الأبي كل الحسابات الخائبة لحكام الإمارات وقطر والسعودية وحتى الكويت التي تنكرت حكومتها لدماء شهداء الغزو العراقي عام 1990 الذي سانده عمر البشير ورفضه أهلنا في السودان فجازيناهم بجزاء سِنِمَّاْر حيث وقفنا عبر حكومتنا وبعض الأصوات المأجورة مع الطاغية ضد ثورة شعبنا العربي في السودان !

        بعد سقوط البشير حاولت الأطراف العربية الخائبة إعادة إنتاج نظامه عبر وجوه جديدة ؛ فما كاد ابن عوف يعلن توليه مقاليد المسؤولية في الخرطوم حتى عافه شعب السودان وأجبره على التنحي ، ثم قدم الخائبون برهانهم ليقول السودانيون الذين تَلُوْكُهُمْ ألسنتنا بنكت سخيفة هي أَولى بنا وليس بهم لا للبرهان ولا لتدخل العرب في شؤوننا ، حتى القارة السوداء ( إفريقيا ) التي نَمُنُّ بقصد أو بغير قصد على فقرائها وجوعاها بفتات عطايانا شكلت دولها اتحادا هو أرقى من جامعتنا العربية والأفراخ التي نفقت في المغرب والمشرق والخليج العربي ؛ فكان موقف الاتحاد الإفريقي موقفا مشهودا حين أمهل برهان العسكر 15 يوما ليسلم السلطة لحكومة مدنية أو يواجه تعليق عضوية سلطتِه في الاتحاد الإفريقي في حين تواصل سلمان وتميم وابن زايد مع البرهان ليؤكدو دعمهم له ، لكن الكلمة الفصل ستكون بإذن الله لشعب السودان كما كانت في إبريل عام 1985 وإبريل عام 2019 ، وفي شهر الأمجاد تتبخر أحلام الخائبين بينما تبْقى الخرطوم شامخة والسودان ينتصر .