السبت، 22 ديسمبر 2018

المجتمع والقانون بين دِيَاْثَةِ الرجال ونِفاق النساء !

        المقتضيات الشرعية في أحكام التعامل مع النساء الواردة في الكتاب والسنة غير قابلة للأخذ والرد شأنها شأن كل أحكام شرعنا الحنيف ، ومن تلك الأحكام ما يترتب على قول الله تعالى : " وَقَرْنَ فِيْ بُيُوْتِكُنَّ وَلَاْ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ اَلْجَاْهِلِيَّةِ اَلْأُوْلَىْ " ، فمَن ارتضى حكم الله من النساء وأوليائهن فبِها ونعم أما مَن اختار طريقا آخر فعَليه أن يتحمل وِزْرَه في الآخرة ويقْبَل بمقتضيات ما ارتضاه في الدنيا .

        ما نشهده اليوم من دِيَاْثَةِ الرجال ونفاق النساء هو تحَدٍّ لأحكام الله برفضها كطريق ومنهج من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى تملص قبيح من مقتضيات قوانين الدنيا وَمتطلبات مجتمعها ، فعلى سبيل المثال حين يراجع الواحد منا أي دائرة أو وزارة لإنجاز معاملة ما ويجد ازدحاما شديدا فإن الحريم يطالبْنَ بخصوصية غير مستحقة عبر تجاوز الدور حفاظا عليهن كما يزعمْنَ من مزاحمة الرجال بينما لو تولت أي منهن مسؤولية العمل لوجدناها تصرخ بأعلى صوتها مُطالِبةً المراجعين باحترام الدور ، والأدهى من ذلك وأمَرَّ منه هو أن بعض أشباه الرجال يحرضون نِساءَهم على القيام بالمراجعات بدلا منهم طمعا في تسريع إنجاز المعاملات !

        غير أن الأقبح من ذلك كله هو تحدي القانون تحت بند خصوصية المرأة ، فأيما امرأة يتم استيقافها عند نقطة تفتيش أمنية تطلب إثباتات سائقي المركبات وهوياتهم فإنها تتصرف بطريقة توحي وكأن رجل الأمن الذي استوقفها إنما يريد التحرش بها ؛ بل إنه حتى لو قام رجال الأمن بمهمة ضبط حفنة سافلة في شقة دعارة فإن العاهرات من الموجودات في الشقة يحذرن رجال الأمن من مجرد لَمْسِهن لأن مجرد لمس جسد المرأة يعطيها الحق في تسجيل قضية تحرش ! ، لذلك فإن النساء اللائي يرتكبن جرائم تستوجب الضبط والإحضار أو الراغبات في نقل المواد الممنوعة من مكان إلى آخر لديهن ما يشبه الحصانة التي تبيح لهن ارتكاب كل موبقة بينما يستوقف رجال الأمن الشبان الذكور فقط لمجرد أنهم موجودون عند فرع جمعية تعاونية في وقت متأخر من الليل !

        نفس المرأة التي تعتبر لمس رجل الأمن لها من وراء الملابس وهو يقوم بواجبه تحرشا جنسيا بها تذهب إلى طبيب أمراض النساء والولادة الرجل رغم وجود بدائل أكثر من كافية من الطبيبات من بنات جنسها بحجة أن الرجل أشطر ، ولأنه أشطر فهي تسمح له بعد إزالة الحواجز بتحسس أدق المواضع في جسدها وتشكره على هذا التحسس وذلك بمباركة ولِيِّها الدَيُّوْث !

        يا لها من مفارقات عجيبة فِعْلا تدل بكل وضوح على الدرجة التي بلغها ذكور مجتمعنا من دِيَاْثَةٍ وإناثُه من نفاق والضحية الدنيوية هو القانون وعدالته لكن الضحية يوم لا ينفع مال ولا بنون هو المجتمع الذي ارتضى الدياثة والنفاق .

الخميس، 6 ديسمبر 2018

المجتمع واعٍ بقضايا المعاقين فكفانا استعراضا !

        باسم توعية المجتمعات بحقوق المعاقين واحتياجاتهم الخاصة تم افتعال مناسبات بمسميات مختلفة واختلاق فعاليات يقتات من ورائها حفنة انتهازيين وانتهازيات من المعاقين أنفسهم ومن الذين يقدمون ذواتهم على أنهم مهتمون بشؤون ذوي الإعاقة ، وخذ تحت بند السذاجة تارة والدعاية الرخيصة تارة أخرى من تبرعات يقدمها ذلك البنك أو تلك الشركة أو أُلَئِكَ المحسنون تنتفخ بأموالها السحت جيوب مَن يتغنى بالطيبة الكاذبة ولم ولن يستفيد عامة المعاقين منها شيئا .

        المجتمع لا يحتاج توعية بقضايا ذوي الإعاقة ؛ فكل الناس على سبيل المثال لا الحصر يعرفون أن مواقف المعاقين الخاصة بالسيارات لا يجوز الوقوف فيها والدول تفرض غرامات مالية كعقوبة لمَن يوقف سيارته في مواقف المعاقين والذي ارتكب هذا الفعل القبيح قام به عامدا متعمدا لا عن عدم وعي ولكن عن قلة أدب وانحطاط أخلاق وضعف دين وعدم وجود هيبة للقانون ، فهل ستغير الاحتفالات والفعاليات التي يتم إنفاق كثير الجهد والمال عقلية شخص مثل هذا النذل السافل ؟ ، قطعا لا لأن المشكلة معه لا تكمن في قلة وعيه بقضايا ذوي الإعاقة وإنما في قلة أدبه ومثل هذا لا يُفترض دعوته لفعاليات واحتفالات وإنما يجب جَلْدُهُ بالسوط مئة جلدة كلما كرر مثل هذه الفعلة والتشهير به عبر نشر اسمه وصورته وتقديمه كشخص منبوذ اجتماعيا .

        مدير البنك الذي يمنع كفيف البصر من فتح حسابات أو استخراج بطاقات للصرف الآلي وفق رغبته وبناء على ما يعرضه الموظف المختص عليه من شروط هل يجهل أن ذلك الأعمى في كامل قواه العقلية ومسؤول عن تصرفاته ولا حاجة له بِمُعِيْنٍ يطلع على أسرار مصرفية لا يجوز للبنك أصلا كشفها لأحد غير العميل ؟ ؛ هل يخفاه أنه لهذا الأعمى أسرارا من حَقِّهِ أَلَّاْ يُطْلِعَ عليها غريبا ولا قريبا ؟ ، بالطبع لا ولكن هذا الذي درس وتخرج بالعافية لا يفقه أصول وواجبات عمله أساسا فعن أي توعية بقضايا المعاقين يمكن أن نتحدث معه بعدما تكررت مثل هذه المشاكل عبر عشرات السنين ووصلت إلى أعلى مستويات اتخاذ القرار ؟

        الأمثلة كثيرة يضيق عن حصرها هذا المقام ؛ لكن يكفينا القول بأنه منذ أن تفتحت مداركنا وفعاليات المعاقين ومناسباتهم لا تخرج عن استعراض مقرف لاستخدام جهاز أو عزف موسيقى أو ندوات يعاد فيها نفس الكلام ثم تنتهي الأمور إلى الحاجة لدعم مادي ، وكل الإشكالات التي ذكرناها وغيرها كثير ما تزال قائمة حتى في الدول التي سَنَّتْ قوانين لحقوق ذوي الإعاقة ، فلتُفرَض هيبة القانون وليُجبَر الناس بقوة تطبيقه على سلوك الصراط المستقيم وهذا ما نحتاجه فقط ، أما الوعي فإنه موجود لكنه يُضرَب بالجدار كل يوم بل كل دقيقة ليس في قضايا المعاقين فحسب وإنما في كل شؤون الحياة لأن مفهوم المواطَنة الحقة غير معمول به ولا موجود في أي بلد عربي ، فمفهوم المواطَنة الحقة يقتضي أن يستعيب المواطِن خرق القانون بينما نفخر نحن بأن فلان بيض الله وجهه قد وقع لنا على أوراق دفتر السيارة دون المرور بالفحص الفني أو وافق لنا على جزء من البناء المخالف في بيتنا ، بعد ذلك نأتي في اليوم الوطني لنهز الوسط راقصين على أنغام الأغاني والشيلات ونسبح بحمد الحاكم أبو المكرمات وراعي اليتامى والمعاقين وصاحب الأيادي السخية ونعتبر هذا التزلف هو عنوان المواطَنة الحقة ، فهل في مثل هذه الظروف ستنفع الفعاليات ولو حَسُنَتْ نوايا منظميها ؟

الاثنين، 3 ديسمبر 2018

معادلة موقف الكويتيين إزاء بوش الأب بين الوعي والوفاء

        حين غزت القوات العراقية الكويت عام 1990 كان واضحا أَلَّاْ أحد في العالم فضلا عن العرب يستطيع تحريرها بأقل قدر ممكن من الخسارة إلا الأمريكان ؛ هذا فضلا عن أن القِوى المُتأسلِمة بل وحتى اليسارية التي لم تكن تخفي تعاطفها مع الفرس المجوس إبان العدوان الإيراني على العراق والأمة العربية انقلبت فجأة وفي لحظة قدرية لِتَصْطَفَّ إلى جانب العراق عندما اعتدى على العرب بينما كانت تَشْتُمُ الرئيس الراحل صدام حسين ليل نهار يوم كان جيشه يدافع عن الأمة في معركة شريفة !

        كيفما كان الحال فعلى أرض الواقع تعرضت الكويت بلدا وشعبا لعُدوان بربري ظالم غير مبرَر وكانت وقفة الشهم فهد بن عبد العزيز وشعبه العزيز بَلْسَمًا داوى بعض جراح الكويتيين من أول لحظة ، فقد اتخذ رحِمَهُ الله قرارا خطيرا من الناحية الاقتصادية تم بموجبه احتساب الدينار الكويتي الذي انهار بانهيار دولته في غضون ساعات بعشرة ريالات سعودية وهو سعر لم يكن الدينار يستحق عُشْرَه على الأقل في الأسبوع الأول للاحتلال كما أنه سعر يقارب سعره الذي كان عليه قبل الحدث الجلل ؛ ولم يكن الملك فهد يرحمه الله يهدف من قراره هذا إلا لحفظ كرامة الكويتيين كي لا تغدو الأوراق النقدية في جيوبهم كأوراق الكلينيكس ، لكن السعودية لم تكن قادرة على تحرير الكويت أو أنها إن استطاعت فلم يكن ذلك ممكنا إلا بحرب مكلفة في أرواح البشر قبل خسارة المال .

        في ظل هذا الوضع العربي البائس كالعادة لم يكن هناك بد من الاستعانة بالأمريكان وفق منطق المصلحة المشتركة رغم علم الجميع بالجهد الاستخباري الأمريكي الذي زَيَّنَ لصدام اتخاذ قرار غزو الكويت بُغية تبرير التواجد العسكري الأمريكي المكثف والمباشر على شاطئ الخليج العربي وفي صحراء شبه جزيرة العرب ثم تدمير كيان الدولة العراقية من خلال استغلال ما اِجْتَمَع في صدام من حماقة ونذالة ، ولأن جورج بوش الأب الذي نفق قبل أيام كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فقد ارتبط اسمه في ضمير الكويتيين باعتباره البطل المخلص الذي ختم به المخرج فيلمه الهندي ( الغزو العراقي للكويت ) !

        رغم علمنا بأن الذي جرى ما بين 2/8/1990 و 26_2_1991 لم يكن سِوى فيلم هندي ركيك الإخراج والسيناريو خطير النتائج والأهداف إلا أنه لم يكن أمام الكويتيين الذين طُرِد منهم من بلده مَن طُرِد وحُرِمَ منهم مَن صمد على أرضه مِن حياته التي اعتادها قبل الاحتلال العراقي سِوى الشعور بالامتنان تجاه أمريكا ورئيسها الذي لولا تلاقي مصلحة بلده مع مصلحة الكويت لَتَاْهَ شعبها في أرجاء المعمورة حتى يومنا هذا ، لكن هذا الشعور بالامتنان لم يصل بنا إلى حد السذاجة حيث أننا نعرف القصة كاملة في لُبِّها وإن كُنا نجهل تفاصيل التفاصيل فيها ، وليس هذا الإدراك حكرا على أصحاب فكر سياسي إسلامي أو بقايا أيتام التيار الناصري وإنما حتى بسطاء الناس كانوا يعرفون حقيقة المؤامرة الأمريكية ؛ ولا أدل على ذلك مِن مشهد في عمل مسرحي هابط من الناحية الفنية حضره أُناس معظمهم يعيشون ضحالة فكر بحيث لا يعرفون من الدنيا إلا الضحك لمجرد الضحك واللعب لمجرد اللعب ، في نهاية هذا المشهد قال بطل المسرحية التي تم عرضها بُعيد التحرير وجراح الكويتيين ما تزال ساخنة بأن المسألة مطبوخة فصفق له جمهوره مستحسِنا !

        أترككم في الختام مع هذا المشهد الذي يلخص موقف كل الكويتيين بكافة اتجاهاتهم ورغم اختلاف تفاصيل تعبيرهم عنه من جورج بوش الأب الذي انطفأت أنوار أبراج الكويت نصف ساعة حدادا على نفوقه .
رابط المشهد :