الأحد، 24 مايو 2020

العيد الكوروني : درس عظيم وانطلاقة إيجابية !



قبل أن يعرف العالم ونحن من ضمنه شيئا اسمه جائحة كورونا كانت علاقات البشرفيما بينهم عبارة عن ملفات معقدة كل واحد منها باختلاف فصول أبوابه المتعددة قابللأن يكون مادة روايات ومسلسلات وأفلام أجنبية وعربية وهندية وتركية ومكسيكية ، فمابين علاقات شركاء عمل توطدت وأخرى انفرطت وزَمالات سادت علاقاتها روح الأخلاقالكريمة وأخرى لوثها التنافس غير الشريف وأشكال علاقات كثيرة أخرى أبرزتالتداعيات الاجتماعية لجائحة كورونا أهمية العلاقات الأُسَرية ( صِلة الأرحام ) والتيشدد عليها كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مع تحذير ووعيد لمَنيقطعها قبل أن تصك آذاننا نصائح مدعي تطوير الذات وإخصائيي العلوم الاجتماعيةالذين يقول كثير منهم ما لا يفعل !






أهل علينا هلال العيد ونحن محجوبون عن بعضنا والذين كانوا متواصلين قبلالجائحة صاروا اليوم يستجدون وسائل التقنية الحديثة لتحافظ على تواصلهم في ظلتباعد فُرِضَ عليهم ؛ لكن ماذا عن المتخاصمين خاصة من الأهل والأصدقاء ؟






كم من قاطع رحم أو مقطوع رحم فكر أن يجعل زيارة ودية في هذا العيد سبيلا لإصلاحذات البين مع أهله ؟ ، كم من أقارب أو أصدقاء تخاصموا ربما يموت أحدهم نتيجة مضاعفات كورونا دون أن يستطيع أحد زيارته ليقول له : " سامحني " ؛ أو يسمع منه العبارة الدارجة : " حللني " ؟ ، كم وكم وكم ؛ كلها تساؤلات يُفترَض فيها أن تجعل من تصادف هذا العيد مع تفشي وباء كورونا فرصة لتصحيح مسارات وترتيب أولويات وإلغاء اعتبارات كلهاتجتمع لتنتهي إلى حقيقة مفادها أن كل الأسباب التي أدت إلى الخصومة والقطيعةتافهة حتى لو ظنناها تستحق كراهية ابن العم أو زوجة الأخ أو جليس الديوانية أوالجار ناهيكم عن الأنكى والأخطر كَقطيعة الأبناء والبنات للوالدين ، فإذا استحضرناالمعاني التي يمليها علينا مرور العيد في هذا الظرف العصيب سَنَتَمَكَّن بإذن الله مننجعل عيدنا هذا العام أحلى عيد يمر في حياتنا لأنه سيصبح سببا لإنقاذنا من خساراتكبيرة دنيوية وأخروية .






فلنفرح بهذا العيد ونظهر ابتهاجنا به ؛ ولنتواصل مع بعضنا حسب الظروفالمتاحة ونجعل أطفالنا يشاهدوننا ونحن نتحدى الظروف التي فرضت علينا تباعدالأجساد ونعزز أكثر فأكثر تواصل الأرواح كي ترتفع في نفوسهم البريئة قيمة التواصلثم تكبر معهم فيكون العيد الكوروني سببا لإصلاح ذواتنا وإنقاذ فلذات أكبادنا مماكانوا سيرثونه عنا من ملوثات النفوس والأرواح .






كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعاتكم وصالح أعمالكم ، وعيدكم مبارك .

الجمعة، 24 أبريل 2020

عن أي رمضان تتحدثون يا سادة ؟

   لسنا بحاجة لإعطاء محاضرات حول الهدي الشرعي في استقبال رمضان باعتباره موسم خير وطاعات يجب استغلاله في مرضاة الله ، لكن عن أي رمضان نتحدث ؟

     هل نتحدث عن رمضان الذي يتغنى الكثير بمعانيه العظيمة بينما القليل مَن يتبنى تلك المعاني لتنعكس على مسلكه وأمانته ؟
     هل نتحدث عن رمضان الذي تلاقى هذا العام مع جائحة كورونا ليكشف عورات دأب كثير منا على سترها مختبئين وراء الشعارات البراقة ودعاوى الاستقامة الكاذبة ؟
     هل نتحدث عن رمضان الذي نعيد فيه شريط التهاني السنوية وكأننا روبوتات تم تخزين ما يجب قوله وفعله في ذاكرتها أو الفلاش الملحق بها ؟

     أسئلة كثيرة لو أطلقنا عنان أفكارنا لها لما توقفت أناملنا عن تسطير تساؤلات أحاسيسنا ، لكنها مهما تكاثرت وتضافرت فإنها لن تمنعنا هذا العام ولا في قابل الأعوام إن عشنا بفضل ربنا أن نهنئ قارئ تلك السطور بحلول الشهر الكريم الفضيل راجين أن يكون رمضان نقطة انطلاق لتصحيح واقع شخصي ومنصة إطلاق مبادرات للإسهام في معالجة أسقام الوضع العام .

     ولا يفوتنا أن ندعو الله سبحانه أن يرفع الوباء عن أرضه التي خلقها ليعمرها إنسان أكرمه ربه بعقل يُفترَض أن يكون رشيدا ليسير وفق شِرعة ومنهاج العزيز الحميد ، وإذ نقول لكم جميعا كل عام وأنتم بخير نطرح السؤال الواسع : عن أي رمضان تتحدثون يا سادة ؟

     الجواب ننتظره بعد رمضان لنحكم عليه بإذن الله مع بداية رمضان في العام القادم .

الأحد، 9 فبراير 2020

ماذا لو يا مرزوق الغانم ؟

        حين اقتضت حسابات الأمريكان قتل المجرم قاسم سليماني تم افتعال توتر في المنطقة كان من أبرز مظاهره إشاعة شعور بأن الأمريكان خائفون جدا من ردة فعل الفرس ، حتى أن خبرا تم نشره عبر حساب وكالة الأنباء الكويتية أفاد بأن البنتاغون يعتزم تخفيض الوجود العسكري الأمريكي في الكويت ، ورغم أن الكويتيين نفوا الخبر وتحدثوا عن اختراق حساب وكالة أنبائهم العتيدة إلا أن مجرد انتشار الخبر كان كافيا لإحداث الرعب في الكويت حتى بين مَن يشتمون ماما أمريكا ليل نهار عبر كافة الوسائل !

 

        قبل أيام رفض الحاج ترامب مصافحة النسرة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب عقب إلقائه خطاب الاتحاد وفق البروتوكول السنوي المعتاد مما أثار نزق نانسي هانم فقامت بتمزيق النسخة الورقية من خطاب الرئيس والتي يتم توزيعها على الحضور أيضا وفق الإجراءات المعتادة ، فكسر ترامب برفض مصافحة بيلوسي فكرة وجوب احترام البروتوكولات وقفزت بيلوسي فوق جدار ضبط النفس المفترض ليجد العالم نفسه أمام أمريكا جديدة غير تلك التي تتبجح باحترام قيمها !

 

        بالأمس شَهِدْنا آخر استعراضات مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي حين وقف في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي ليلقي نسخة ورقية رمزية لوثائق ما تسمى صفقة القرن في سلة المهملات ويحظى بتصفيق الحضور ، ولا ندري هل هذه الأوراق تم تصويرها بحبر مجلس الأمة الكويتي أو بحبر مجلس النواب الأردني مستضيف المؤتمر ؛ لكن في كلتا الحالتين فإن الورق الذي تم إلقاؤه في سلة المهملات كان هو والحبر الذي طبعت به مادته من المال العام !

 

        كلنا يعرف أن خطة السلام المزعومة المسماة تجاوزا صفقة القرن هي رسميا مسجلة باسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب والذي رفض مصافحة نانسي بيلوسي من أجل كرامته الشخصية رغم أنها أهم بالنسبة له من مرزوق الغانم ، فماذا لو قام ترامب ولنفس السبب بالوقوف في بيته الأبيض أمام الكاميرات مصطحبا معه نُسَخا من اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري بين بلاده ودولة الكويت ، ثم قال بنبرة حازمة : " إن ما قام به رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في عَمَّان كان تصرفا متنكرا لدور جنودنا في تحرير بلده وأنه لولا هذا الدور لما عرف العالم اليوم شخصا يُدعى مرزوق الغانم ويتقلد منصب رئيس المؤسسة التي ترمز للديمقراطية في بلده والتي لولا ضغوطنا وشروطنا ما عادت للحياة أبدا ، ولأن خطة السلام هي إنجاز تفتخر به الأمة الأمريكية العظيمة وأفتخر به أنا شخصيا فإن الإساءة إليها بهذا الشكل يقتضي ردا أمريكيا قويا ، لذلك فإنني باسم الشعب الأمريكي أعلن أمامكم اليوم بأن كل اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع الكويت صار مكانها الطبيعي اليوم هو سلة المهملات " !

 

        لو استحضر أبو علي مثل هذا السيناريو هل كان سيُقْدِم على تصرفه الاستعراضي غير الديبلوماسي ؟

الأربعاء، 5 فبراير 2020

الفضيحة الكويتية والتهويش الفلبيني !

        في معرض افتخارهم بما قدموه لبلدهم إبان محنة احتلال الغزاة العراقيين لها تبجح الكويتيون كثيرا بأنهم أثناء الاحتلال الغاشم قاموا بتشغيل المخابز وتنظيف الشوارع وإدارة الخدمات الأساسية للدولة في غياب سلطة الدولة حتى أصبحت قصة الاعتزاز بحرق أكياس القمامة أجلكم الله توازي الاعتزاز بشهداء وشهيدات الكويت الذين لا نرى اسم أي منهم يزين شارعا أو مدرسة أو أي مرفق رئيسي في البلد ، حتى الشهيد الشيخ رمز الرياضة والذي أُعطي مكانة متميزة عن باقي شهداء الوطن أُزيح اسمه عن البطولات الرياضية في خضم نزاع أبنائه مع رموز غرفة التجارة !

 

        دار الزمان دورته وأثبتت الأحداث أن الكويتيين حكاما ومحكومين لم يستفيدو درسا واحدا من كارثة الغزو والاحتلال ، وإذا باتخاذ دولة فاشلة اسمها الفلبين قرارات تهويشية بحظر إرسال عمالتها إلى أرض الأحلام ( الكويت ) يهز أركان المجتمع الكويتي ويوقف أجهزة الدولة على قدم واحدة ، فأين هؤلاء الذين نظفوا الشوارع وشغلوا المخابز من إدارة بيوتهم ؟ ، وأين الشعب الذي تحدى جبروت أشاوس صدام من الوقوف بوجه لصوص جزر الفلبين الذين نثروا شُبانهم وبناتهم في كل أرجاء المعمورة طلبا لأجور زهيدة في بلد يجاور ماليزيا والصين واليابان ويمتلك مقومات نهوض أكثر من هونكونغ وتايوان ؟

 

        كل الذي يحدث عند افتعال حكام مانيلا لأزمة مع الكويت دون غيرها من الدول المستوردة للعمالة الفلبينية أن أسعار استقدام العمالة من الدول الأخرى المصدرة ترتفع لصالح سماسرة تجارة البشر فيتأزم مجتمع كامل يستطيع عدد غير قليل من بُيوته الاستغناء عن الخادم المقيم إذا استحضرنا ما ادعاه ذلك المجتمع من بطولات أثناء غياب السلطة في بلده ، وعلى ذكر السلطة فإنها لو قامت بتفعيل الشق المدني للخدمة الوطنية وربطَت صرف بدل البطالة به من ناحية وشجعت العمالة المحلية من ناحية أخرى عبر المحفزات على مِهَن كالتمريض والأعمال الحرفية وألزمت القطاع الخاص بدعم هذه الخطة الاستراتيجية لصالح الوطن والمواطن بدل تغطية انتهازية التجار والسماح لهم بالسحق التدريجي للطبقة الوسطى لكان بالإمكان أن نقول لحكام الفلبين أننا نحن الذين لا نحتاج عمالتكم ، عندها سيستجدينا هؤلاء أنْ نسمح لعمالتهم بالعودة وفق شروطنا بل ربما تتسبب مظاهرات شعبية بإسقاط النظام في مانيلا ، حينها يجب أن نقول للفلبينيين أننا نريد الاستثمار في مشاريع داخل بلادهم تضمن فرص عمل لشبابهم وفتياتهم دون الحاجة للتعرض إلى آلام الغربة وتدر في نفس الوقت عوائد على دولة الكويت وليس على المتنفذين الذين يريدونها عزبة لا دولة ؛ وأننا لا نريد من عمالة الفلبين أو غيرها إلا ما نحتاجه وفق عقود محترمة تضمن حقوق الجميع وتضع حدا لإقامة كل متعاقد بحيث لا تتجاوز مدة وجوده في الكويت 5 سنوات شاملة الإجازات السنوية ، وبذلك نحفظ تركيبة بلدنا السكانية ونشيع روح المسؤولية لدى مواطنيها ونجعل كل مقيم لا يبني آماله على أنه سيعيش في الكويت إلى قيام الساعة !

 

        ختاما أعتذر للمخلصين من أهل الكويت ومحبيها الذين قرؤوا مادة هذا المقال ، نعَم أعتذر لهم لأنني جعلْتهم يحلقون في سماء حُلم وَرْدي يبدو أنه غير قابل للتحقيق ! ، لكن لماذا هو غير قابل للتحقيق ؟ ، الإجابة أتركها للمخلصين من أبناء بلدي .

الخميس، 30 يناير 2020

ما جرى لغدير إقالة وقراراتها سارية المفعول !

        حينما احتلت القوات العراقية الغازية بلادنا خلال ساعات في مشهد دراماتيكي أجاد الأمريكان التحكم به وكأنهم يقدمون عرض PowerPointصعقت الصدمة أهل الكويت ، لكن بعد قرابة الشهر من تلك الجريمة النكراء  بحق أمة كاملة لا الكويت وأهلها فحسب أيقن الكويتيون أن بوصلة المصالح لا الأخلاق الأمريكية اقتضت طرد الغزاة من بلادهم ، فأخذوا رغم آلام الاحتلال القاسية يحلمون بصياغة وضع كويت ما بعد التحرير على أساس تصحيح كل الأخطاء والخطايا ما قبل الغزو ، وجاء ما قيل وقتها أنه مؤتمر شعبي في مدينة جدة ليعطي أحلام الكويتيين زخما أكبر حيث تابعناه ونحن صامدون على تراب أرضنا المحتلة وكأننا مشاركين به ، حتى إساءة مَن أصبح بعد 20 سنة من تلك الأحداث ( سمو رئيس الوزراء ) ووصفه للصامدين من أهل الكويت بأنهم خونة لم نهتم بها آنذاك وإنما كانت كل آمالنا بعد الله معلقة بمرحلة ما بعد التحرير التي ظننا أننا نحن الذين سنصنعها بأيدينا !

 

        خرج الغزاة العراقيون من بلادنا ثم طَبَّلْنا لإعادة الإعمار وأصبحنا نهز الوَسْط للمطرب وهو يغني : " مَن مثلهم مَن مثلهم " ، وصرنا على غير العادة نفخر بالشباب الذي ينظف مواقع عمله في الوزارات والمؤسسات ويصبغ جدران المدارس والكليات ، وحتى الناشئة قمنا بتحفيزهم عبر سنة دراسية غير مسبوقة في تاريخ الكويت أسميناها ( سنة الدمج ) حيث اجتاز فيها الطلاب مرحلتين في سنة واحدة كي نقول للغزاة بأنكم لم تعطلو حتى المسار الدراسي لطلابنا عندما حَرَمْتموهم من مدارسهم أثناء الاحتلال .

 

        بعد إقرار قانون ما سُمِّيَت المديونيات الصعبة عام 1993 فُوْجِئْنا بأن حلمنا إنما كان سرابا ؛ وعندما أُجري التعديل الوزاري على هوى غرفة التجارة عام 1994 تعزز الشعور بالإحباط وتراجع الزخم الوطني الذي تعاقبت بعدها النكسات على تدميره عبر مهزلة التنافس اللا شريف بين جاسم الخرافي وأحمد السعدون ثم محاولة اغتيال عبد الله النيباري وصولا إلى المسرحية الكبرى باستجواب عباس الخضاري لأحمد الكليب والتي أخرجها مبدع يبدو أنه يهوى مشاهدة أفلام الآكْشن !

 

        كل هذا وأكثر تم فقط لأن الدستور الضعيف أصلا فُرِض على الشيوخ مرتين : الأولى بعد الاستقلال والثانية بعد التحرير ، وبلغَت الفوضى مداها حينما حدثت واقعة قتل عمد لطفل غير شرعي يبدو أن أحدهم أنجبه من غانِية مستوردة لم تأخذ حذرها أو أنها وثقت أكثر من اللازم بقدرتها على ابتزاز جليس الأنس ، هذه القضية تم سحب ملفها من النيابة عام 2001 لأول مرة في تاريخ الكويت !

 

        وكان زلزال عام 2006 إيذانا بمرحلة من التخبيص في العملية السياسية على الساحة المحلية التي شهِدَت ولا تزال حالة عدم استقرار في تشكيل الحكومة واختيارات عشوائية للوزراء والوزيرات اللاتي لن تكون غدير أسيري آخِرَهُن ، ولم يكن مَن يسمون نواب الشعب ولا ناخبيهم بمبعدة عن هذا الفساد الخطير وإنما صاروا يقتاتون على موائده كُلٌّ حسب قدراته ووفق مصالحه !

 

        ما جرى اليوم في حقيقته هو إقالة وليس استقالة ، فغدير أسيري كانت مُصِرَّة على المواجهة ومَن وَزَّرَها كان مستعدا للدفاع عنها كما دافع عن غيرها إلا أن صبيانيتها ونزقها أحرج الجميع فأجبر عددا من النواب على إعلان طرح الثقة بها يكفي لإسقاطها في الأسبوع القادم وفي نفس الوقت لم يترك لرئيس الحكومة مجالا كي يدافع عنها ، فوجد طُهاة المطبخ السياسي في الكويت أن الإيعاز لغدير أسيري بالاستقالة هو الأسلم فقامت بصياغة كتاب استقالة جمع بين احترام السلطة التنفيذية ورأسها من ناحية وتهزيء السلطة التشريعية ممثلة في أكثرية توافقت على طرح الثقة بها من ناحية أخرى ، فأتى ذلك كلقطة ختامية لمشهد بصبغة طائفية يمثل بداية لا نهاية لفصل ساخن ربما يزداد سخونة إذا رشَّحت غدير أسيري نفسها للانتخابات القادمة وأوصلتها قاعدة انتخابية على أساس طائفي نكاية بهايف والدمخي اللَّذَين كانا يستعرضان طائفيا أيضا أمام قاعدة انتخابية ساذجة !

 

        لو أن صبيانية أم جبريل لم تدفعها للتسلط على الدكتورة شفيقة العوضي كردة فعل على افتضاح استغلالها لمميزات المكلف برعاية المعاق لكان من الممكن أن تتجاوز غدير أسيري طرح الثقة بها الذي كان مقررا يوم الثلاثاء القادم ، ومع ذلك على رئيس الحكومة أن يعي أن القرارات الصادرة عن وزيرة الشؤون المستقيلة لا تزال سارية المفعول لأنها قرارات تم اتخاذها من الوزيرة بصفتها الاعتبارية لا الشخصية ، والصحيح هو عدم إلغاء هذه القرارات إلا بحكم قضائي في قضية يرفعها المتضرر ، أما إلغاء القرارات بجرة قلم كما تم اتخاذها بجرة قلم فإنه يعزز الفوضى ، فهل تحمل الحكومة حقا هَمَّ وقف الفساد والفوضى ؟

الأربعاء، 15 يناير 2020

الشيخ تميم بين خطأ الحسابات ومستقبل المسؤوليات

        قبل يومين وفي خضم تداعيات هلاك المجرم سليماني وإسقاط حرس الملالي للطائرة الأوكرانية وانكشاف أكاذيب النظام الإيراني بدأت مرحلة جديدة في انتفاضة الشعوب الإيرانية ضد جلاديها وهي معززة هذه المرة بسقوط هيبة ما يسمى الحرس الثوري وجهازه البوليسي ( الباسيج ) والذي صار أفراد شرطة الشاه ( السافاك ) ملائكة قياسا بهم ! ، في خضم كل ذلك تفاجأنا بزيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إلى طهران وحديثه عن موقف إيران التي فتحت له مجالها الجوي وممرها البحري في ظل حصار جيرانه العرب له !

 

        الشيخ تميم كان يتكلم بلغة الشاكر لموقف الملالي وحوله مجاميع شباب طهران تهتف ضدهم في وقت اعترف الشيخ تميم نفسه بأنه وقت حساس ، واليوم تكتمل المفاجأة بزيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بغداد ليجتمع مع أذناب المحتل الفارسي الذين ستطردهم هِمَّة رجال العراق الأشاوس وصبر نسائه الماجدات من أرض الرافدين قريبا جدا بإذن الله ، فما هدف الساسة القَطَريين من تحركاتهم وعلى ما يعولون ومما يخشون ؟؟؟

 

        لن أستخدم في خطابي لغة خصوم قطر الذين عزلوها ليعطو ساستها مبرر الارتماء في أحضان الفرس والأتراك ؛ فلست مؤيدا لما جرى في 5/6/2017 ويثير غثياني واشمئزازي الخطاب البذيء لأبواق خصوم قطر ، كما أن موقف خصوم الشيخ تميم ليس أقل ارتباكا منه ولا تضييعا للبوصلة فكلهم طالب بالتهدئة بعد هلاك سليماني بل ربما يكون بعضهم قد نقل تعازيه لملالي طهران عبر بشار الأسد ! ، لكن أقول للشيخ تميم بأن العدو الفارسي لا مِنَّة له على قطر وأهلها فهو لم يفتح مجاله الجوي وممراته البحرية مجانا ؛ ومن ناحية ثانية فإن استثمار خيبة العرب التي أدت إلى الأزمة الخليجية ليس توجه نظام وإنما هي استراتيجية ثابتة في عالم السياسة وحسابات الاقتصاد ؛ فلو كان مَن يحكم طهران هو الشيخ عبد الله بن زايد شقيق الشيخ محمد بن زايد لاتخذ إزاء الأزمة الخليجية نفس موقف الملالي لأن معطياتها بالنسبة لإيران كدولة لا كنظام فرصة لا يمكن تَفْوِيْتُها ، لذلك فنقول لك يا شيخ تميم إن مَن أشار عليك بزيارة طهران في هذا الوقت الحساس لم ينصفك وأنه قد آن الأوان لتكون أنت مَن يخلص قطر من آثار تخبيصات حمد بن جاسم والتي إن استمرت تغلف السياسة القطرية فعلى نظام حكم آل ثاني السلام !

 

        أما زيارة وزير الخارجية القطري لبغداد في ظل انتفاضة شعب العراق العظيم فهذه خطوة خائبة سيكون لها ثمن باهض لأنها تمثل صدى زيارة الأمير تميم لطهران وبدت أي زيارة وزير الخارجية وكأنها دعم قطري لاستمرار واستقرار وضع سياسي في بغداد يعتبره ثوار ساحة التحرير احتلالا لا بد من زواله ، لذلك فعلى وزير خارجية قطر ومَن أرسله إلى بغداد في هذا الوقت أن يعلم بأن ساحة التحرير في بغداد تختلف اختلافا كليا عن ميدان التحرير في القاهرة وأنها ليست السنوات وإنما الأسابيع والأشهر القادمة ستكشف للساسة في بلد الغاز مدى قصور نظرتهم لبلاد الرافدين التي علم إنسانها العالم كيف يخط الحرف وسيعلمه قريبا دروسا ليست في الحسبان .