الثلاثاء، 31 ديسمبر 2019

نهاية عام وبداية عام وضياع بوصلة دعاة الإسلام !

        مع بداية كل عام ميلادي ونهاية عام آخَر يكثف الناشطون المتأسلمون حملات التذكير بحُرمة تبادل التهاني بالعام الميلادي الجديد باعتباره عيدا للكفار الذين لا تجوز مشاركتهم أفراح أعيادهم على أساس أنها شعائر مخالفة للعقيدة الإسلامية ، وقد ظهر على السطح في السنوات الأخيرة خطاب جديد يتحدث عن أن ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لم يُولَد أصلا لا في ديسمبر ولا يناير وإنما وُلِد في الصيف بنص القرآن حسب ما يذكر أصحاب هذا الخطاب ، علما بأن القرآن أورد قصة مريم عليها السلام وحملها بالسيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دون أن يمسسها بشر على أنها معجزة خارقة للنواميس الكونية ولم تورِد الآيات التي تحدثت عن هذه القصة العظيمة ذكر صيف ولا شتاء !

 

        حقيقة الأمر هو أن المُتأسلمين إنما يخاطبون عواطف بسطاء الناس في جانب ويستثمرون حالة استشراف الناس على بعضهم البعض وتمثيل دور الحريص على دقائق شعائر الدين بينما معاملاتهم وأخلاقهم وحتى ولائهم لأمتهم وأوطانهم بَاْت في أحسن أحواله محل شك لدى كثير منهم ، وحتى نُجَلِّي الحقيقة كما نراها نقول :

أولا – ليس في الإسلام إلا عيدان يرتبطان بشعائر ثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأي احتفالات شعائرية خلافا لذلك لا تجوز ولو لبست ثوبا إسلاميا كالاحتفال برأس السنة الهجرية أو المولد النبوي أو الإسراء والمعراج ، فما بَاْلُنا باحتفالات غير المسلمين ؟

ثانيا – مشاركة الكفار شعائر أفراحهم العقائدية لا تجوز كما تقدم لكن أيضا لا تجوز إشاعة تسفيههم وشتمهم والتحريض عليهم ليس احتراما لعقائدهم الباطلة ولكن لأن ربنا سبحانه وتعالى ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرانا بالدعوة إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة وأن نكون مبشرين لا منفرين ، لذا فاختيار مناسبات الكفار قصدا كل عام لِتسفيههم إنما يحرك داخلهم نوازع التحدي والعناد من ناحية ؛ ومن ناحية ثانية فنحن المسلمون لدينا أعظم معجزة وهي قرآن تكفل ربنا بحفظه إلى يوم الدين وهو يدعونا للتفكر في آيات الله في كونه وخَلْقِه ، وأمة مَنَّ عليها ربُّها بهذا الفضل ليست بحاجة لاستخدام لغة التسفيه في مخاطبة الآخَر .

ثالثا – احتفالات الكفار برأس السنة الميلادية تحديدا ليس لها دلالة عقائدية لأن ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حسب دعاواهم إنما حدث في 25/12 أو 6/1 عند الأرثوذكس أو 19/1 عند الأرمن الأرثوذكس وليس يوم 1/1 وارِدا في رواياتهم ، وزيادة على ذلك فإن احتفالهم يوم 25/12 من كل عام رغم صبغته العقائدية بَاْت يتخذ ثوبا انحلال أخلاقي تتضايق منه حتى الأوساط المسيحية المحافظة والتي أصبحت الآن تشكو من أن ليلة الميلاد لم تعد ليلة صلوات كما كانت سابقا وأن كنائسهم قد فقدَت قدسيتها المُفترضة لدى المسيحيين ، والحقيقة أن هذا الانحلال الأخلاقي من سُكْر وعربدة وارتكاب كل ما يعِفُّ عنه إبليس من منكرات لدى أوساط كثيرة تَنتسِب للإسلام ليس هدفها مشاركة الكفار ولا إقامة شعائرهم وإنما هي صورة قبيحة لانغماس في ملذات محرمة وهو تماما ما ينطبق على ما يسمى عيد العُشاق الذي يعشق فيه الرجل كل امرأة إلا زوجته !

 

       بناء على ما تقدم فعلى الدُعاة حسب رأينا مواجهة المجتمع المسلم بحقيقة ما يقع فيه من منكرات مرجعها هو انحراف كثيرين عن ثوابت دينهم وإرثهم الأخلاقي وليست مشاركة الكفار في أعيادهم ، ولو تم التنبيش في أماكن معلومة في كل بلد إسلامي لوجدنا عشرات حفلات المجون التي يؤمها الذكران والإناث المنتسبين للإسلام من مختلف الأعمار وليس بينهم مسيحي واحد !

 

        إنها الحقيقة ؛ والحقيقة صعب تجاهلها .

الأحد، 10 نوفمبر 2019

عيب عليك يا عبد الله النفيسي !

        ما يزال يتوالى بث حلقات الصندوق الأسود للإعلامي عمار تقي مع الدكتور عبد الله النفيسي عبر قناة المحور الإلكترونية على يوتيوب نهاية كل أسبوع ، وفي حلقة مساء الجمعة الماضي استكمل الدكتور النفيسي حديثه عن قصة دخوله السعودية بطريقة غير مشروعة مع حفنة من المُهَلْوِسِين الجهيمانيين والتي انتهت باهتمام الدولة على أعلى مستوى به شخصيا رغم كون جوازه كان مسحوبا نتيجة غضب السلطة عليه بسبب كتاب الكويت والرأي الآخر ، وحين وصوله الكويت كان الشيخ فهد الأحمد يرحمه الله في استقباله وقام شخصيا بإجراءات إعادة جوازه له بدل معاقبته على فِعْلَته ؛ بل واستقبله الشيخ سعد العبد الله يرحمه الله وتحمل غلظة أسلوبه ليناقش معه موضوع المعتقلين في السعودية حيث تم إطلاق سراحهم جميعا بحسب رواية النفيسي نفسه ما عدا واحدا منهم تم ضبط المنشورات الجهيمانية في سيارته !

 

        كل هذا قامت به الكويت من أجل الدكتور عبد الله النفيسي دون منة عليه واحتراما لانتمائه العائلي ؛ ولو أن كاتب هذه السطور كان مكان عبد الله النفيسي لظل في المعتقلات السعودية حتى الموت ولن يترحم عليه أحد بعدها ، ومع ذلك أنهى الدكتور النفيسي حلقته الأخيرة بإساءة فيها عدم احترام للكويت التي طبطبت على ظهره حتى وهي غاضبة عليه ؛ فقال وهو يتحدث عن بدايات الجهد العسكري للعدوان الإيراني على العراق والأمة العربية أنه كتب مقالا تنبأ فيه بطول مدة الحرب ونصح القيادة الكويتية بعدم لعب دور ما سماه الشريك الصغير في الحرب ، وأضاف النفيسي بأن الغزو العراقي حسب ادعائه إنما كان نتيجة الموقف الخاطئ للكويت على حد زعمه وأنه إذا حدث صراع الفيلة فعلى النمل أن يبتعدو وشبه الكويت التي أنفقت على دراسته وأنقذت حياته بكيانات صغرى بعضها ليس دُوَلًا مستقلة مثل إمارة موناكو أو لختن شتاين !

 

        هكذا أساء الدكتور عبد الله النفيسي للكويت مقللا من شأنها ؛ ولو أنها كانت مثل موناكو أو لختن شتاين لما حملت همَّه وهو يقبع في رطوبة سجن الدمام ، أما قصة موقف الكويت المشرف إزاء العدوان الفارسي فالدكتور النفيسي يعلم أنها لم تَخْتَرْه وإنما فرضته عليها التحرشات الإيرانية التي أغفل المحاور عمار تقي الحديث عنها إما عمدا أو لأنه لا يرى فيها أولويات تستحق النقاش ، فلم يتطرق تقي للبيان الذي أصدره أذناب الدجال خميني حين رفضت الكويت استقباله قبل أشهر من وثوبه إلى السلطة في إيران وهو البيان الذي تضمن إساءات مهينة للشيخ جابر الأحمد يرحمه الله وشعبه الكريم ؛ كما تجاوز الحديث عن تجمع مسجد حَجِّي شعبان في بنيد القار والذي كان المدعو عباس المهري يحرض فيه على قلب النظام في الكويت قبل قرابة السنة من بداية مرحلة الجهد العسكري للعدوان الإيراني والذي سبقه تحرشات مباشرة بالعراق والسعودية والبحرين إضافة إلى الكويت ، فماذا كان الدكتور النفيسي يريد من الكويت والحالة هذه ؟

 

        الذي كان يريده الدكتور النفيسي من الكويت هو بالضبط ما عبَّر عنه خطيب المنبر الإخونجي عبد الحميد كشك والذي سخر منبره بشكل قبيح لمساندة العدو الفارسي وكان يحتج على ملك الأردن وملك المغرب لكونهما يؤيدان العراق حين قال : " الحسن والحسين يؤيدان العراق هذا ظلم هذا ظلم " !

 

        أما الغزو العراقي الغاشم لبلادنا فالدكتور النفيسي يعلم قبل غيره أنه لا علاقة له بالحرب مع إيران ولا بالتفليسة ، والنفيسي يدرك أنه لو لم تقف الكويت والسعودية تحديدا مع العراق ضد العدوان الفارسي لاحتل الفرس العراق وأتبعوه الكويت التي كان احتلالها من قِبَل الفرس سيصبح تحصيل حاصل بعد سقوط العراق آنذاك ، وهذه الحالة هي التي دفعت الكويت لاتخاذ موقفها المشرف مع العراق ومع نفسها لا مع صدام والذي كان المسؤولون الكويتيون الكبار يعلمون أنه لا يحبهم ولا يحترمهم وكان هو يعلم أنهم لا يثقون به وإنما جمعتهم مقتضيات رغبة الدجال خميني في الإسراع بتصدير ما سماها الثورة الإسلامية .

 

        هذه هي الصورة التي فهمتها حتى العجوز الأُميَّة التي كانت تتابع الأخبار عبر الراديو القديم ذو الغلاف الجلدي فكيف تغيب عن الدكتور الجهبذ الباحث المحلل عبد الله النفيسي ؟

 

        أخيرا نقول: إن كان ما ذكره الدكتور النفيسي بشأن موقف الكويت مع بداية الحرب الإيرانية ضد أمتنا ووضعها الذي فرض عليها هذا الموقف إنما جاء نتيجة تقدمه في السن وبداية مرحلة الخرف فلا بأس ؛ أما إن كان النفيسي بكامل قواه العقلية وهو يعني ما يقول فنذكره بالمثل الشعبي الكويتي : " الكحل في العين الرمدة خسارة " .

الأحد، 13 أكتوبر 2019

لله در الجماهير الكويتية ولله درك يا عمر الرزاز

        أثارت قصة هُتاف شرذمة مراهقة من الجماهير التي حضرت مباراة منتخبَي الأردن والكويت باسم الرئيس الراحل صدام حسين زوبعة كبيرة وصلت إلى حد تناول موضوعها على أعلى مستوى في البلدَين الشقيقَين !

        شخصيا لا أخفي سعادتي بالحدث وما تمخض عنه من نتائج ، فهذه الهتافات إنما صدرت عن حفنة لا تمثل إلا ذاتها وبذلك تأكدت عملية فرز إيجابية في المجتمع الأردني وتصحيح للمفاهيم ، فهذه ليست الحادثة الأولى المرتبطة بشخص الرئيس الراحل صدام حسين وإنما سبق أن نَظَّم النائب السابق ليث شبيلات مهرجانا خطابيا في ذكرى مقتل صدام قبل حوالي سنة فَفُوجِئ شبيلات بهُتافات تنادي باسم الملك عبد الله الثاني وتم ضرب شبيلات وتخريب المهرجان ولم تكن للكويت والكويتيين علاقة بهذا الحدث ، لكن ما حصل في المباراة كان فرصة للمجتمع الأردني كي يؤكد حالة تصحيح المفاهيم وفرز السفهاء عن سواد المجتمع حتى لا يشوهوا صورته في عيون الآخَرين .

        أما قصة استفزاز الكويتيِّين عبر الهُتاف باسم صدام في المحافل العامة فقد أسقطها الرئيس الشرعي غير المعترف به دوليا لجمهورية العراق فخامة السيد عزة إبراهيم الدوري والذي توجه بالكلام مباشرة إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله في خطاب ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في السابع من نيسان إبريل الماضي حيث قال فخامته نصا بأن الغزو كان خطأً استراتيجيا وأخلاقيا واعتذر للكويت قيادة وشعبا ، والدوري هو خليفة صدام ونائبه طوال فترة حكمِه وعليه فإن الممثل الشرعي للقيادة العراقية التي اتخذت قرار غزو الكويت تبرأ من الحدث ؛ فكيف يمكن استفزاز الكويتيِّين بمثل هكذا هُتافات ما كان صدام نفسه ليقبلها لو أنه حي يُرزَق في ظل الظرف السياسي الحالي ؟

        على كل حال : مَن هَتف في الماضي أو يهتف اليوم باسم الرئيس الراحل صدام حسين ضمن سياق إغاظة الكويتيِّين هو في الحقيقة لا يحب صدام ، فحينما كان رحِمَه الله يمثل رمز العراق في معركة شرف وكرامة دفاعا عن أمة العرب كان كثير من أهل الكويت يعلقون صورته في دواوينهم وَصالات منازلهم بينما الجَمْهَرة التي هَتَفت باسم صدام عندما انقلب على المبادئ والقيم النبيلة للقادسية الثانية عبر غزو الكويت كانت تَشتُمُه وتتمنى الهزيمة لجيشه أمام العدو الفارسي لا لِشيء إلا لأنهم كانوا يرون حربه مع الفُرس دفاعا عن عروش شيوخ الخليج لا دفاعا عن حياض أمة العرب ، كذلك فإن مَن أيدوا الغزو العراقي للكويت هم أنفسُهُم مَن تاجر بمعاناة شعب العراق من الحصار الجائر الذي استهدَفَه على خلفية الغزو الذي لم يتضرر متخذ قراره من الحصار ؛ فقد اشترى هؤلاء المؤيدين لصدام حسب دعواهم مئات الملايين من الدنانير العراقية وقت انهيار العملة على أمل ارتفاع سعرها عند رفع الحصار ، فلما اتخذ الرئيس الراحل صدام حسين يرحمه الله قراره التاريخي والشجاع في إبريل عام 1993 بإلغاء العملة العراقية من فئة 25 دينارا ردا على المتاجرة الرخيصة بمعاناة العراقيين انهارت آمال تُجار الأزمات وأصبحَت أوراقهم النقدية بلا قيمة فانتحر منهم مَن انتحر وسقط منهم بالسكْتة القلبية ميتا مَن سقط إضافة لمَن أصيبوا بانهيارات عصبية بينما مَن تماسَك منهم اتجه إلى مقر سفارة العراق في عمَّاْن ليتظاهر أمامها ضد صدام ليس لأنه تخلى عن قِيَم القادسية بل لأنه حرمهم من الانتفاع غير المشروع من نتائج خطيئة أم المعارك !

        أخيرا أختم بعبارة رائعة استوقفتْني لِدولة عمر منيف الرزَّاْز رئيس وزراء الأردن حين قال مخاطبا الجماهير عبر تويتر : " تعادلنا في الملعب وخسرنا في المدرَّجات " ، فكانت تغريدة الرزَّاْز المقتضبة أسلوبا نادرا ما نجد مسؤولا عربيا يخاطب الشعب عبره لِيستثير فيه نزعة الحياء خاصة وأَن الجماهير الكويتية ردت بسلوك حضاري على الشرذمة التي لا تمثل الأردن عندما نظفت أماكنها في المدرجات بعد المباراة ، فلِلَّه دَرُّ الجماهير الكويتية ولِلَّه دَرُّك يا عمر الرزَّاْز .

الأربعاء، 18 سبتمبر 2019

صفاء الهاشم والرهان الخاسر

        كغيرهم من العرب يتحاشى الكويتيون الاعتراف بأي شكل من أشكال الفشل ودائما ما ينسبون أي فشل لعوامل خارجية ، ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حين اصطدمت تجربتهم الديمقراطية المزعومة بالجدار تحدث بعضهم عن ضغوط سعودية دفعت الأمير إلى تعليق الدستور مع أنهم يعلمون يقينا أن خصومة الأمير حينها مع البرلمان كفكرة وممارسة أعمق بكثير من خصومة السعوديين معه ، وقُبَيل ما عُرِف بالربيع العربي حصلت في الكويت أحداث هزت كيان النظام السياسي واستمرت حتى بعد الربيع العربي بقرابة السنتين لكنها لا علاقة لها به ؛ ومع ذلك تحدثت أوساط كويتية عن دور قطري مزعوم في إثارة ما اعتبرته أحداث شغب ومُظاهرات ربطوها بالدور القطري في بلدان أخرى ، والحقيقة أن السعودية لم تتدخل في الشأن الكويتي ولم تضغط على الأمير ليعلق الدستور ولا لقطر علاقة بتأجيج المظاهرات التي أدت إلى إقالة رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد وأن مَن أعطاها زخما قويا ومنحها الملاءة الإعلامية هو أحمد الفهد الصباح خصم قطر حينها والذي كانت أولى أولوياته إبعاد محمد بن هَمَّاْم عن رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم .

        ما تقوم به  صفاء الهاشم عبر اللغة التي تخاطب من خلالها قاعدتها الانتخابية مبني على نفس المبدأ ، فبعد مهزلة انتخابات البرلمان عام 2009 التي حملت أربع نسوة إلى الكرسي الأخضر بالمال السياسي انتفت الحاجة لإنفاق المال على نجاح النساء مرة أخرى ، فوجدت صفاء الهاشم عندما رغبت في خوض تجربة الانتخابات لاحقا نفسها وحيدة دون دعم وهي التي لم تكن طرَفًا في مهزلة عام 2009 ؛ فأنفقت صفاء ما تيسر لها من ناحية ومن ناحية أخرى عزفت على الوتر الذي يعشق نغمته الكويتيون كما غيرهم من بسطاء العامة في دول ما كان يُعرَف بمجلس التعاون الخليجي وهو بُعْبُع الوافدين الذين زاحموا المواطنين في أرزاقهم وخدماتهم وكانت دائما تستغل كل حادثة يكون الوافد طرَفًا فيها وبالذات إذا كان مصريا ، وقد استغلت صفاء نبرة صوتها العالية لِتمثيل مشاهد استعراضية سخيفة بزعم الدفاع عن حقوق المواطِن التي نهبها الوافدون ؛ ولأن هذا الاستعراض ما كان له أن يستمر في النجاح باعتبار الوافدين ما هم إلا عمالة استقْدَمها المواطن ذاته وليسوا جيشا غازيا للبلد وبالنظر لخلفيات أعمال تجارية لِصفاء قبل دخولها البرلمان وامتلاكها شركة كانت تقوم أصلا على أكتاف الوافدين فقد انقلب السحر على الساحر وبات المواطن ينظر إلى لغة صفاء على أساس أنها خطاب عنصري بغيض وأنها لم تُقدِم في عملها البرلماني شيئا سوى استدرار عواطف ناخبيهَاْ عبر الهجوم على الوافدين فقد بدأ خطاب صفاء يفقد بريقه مما اضطرها للحديث عن تهديد مزعوم لها حتى تلعب دور البطولة في فصل جديد من فصول مسرحيتها الهزلية !

        هيهات يا صفاء الهاشم ، فأوراق التُوت قد سقطت ولن يكون لكِ مكان في المجلس القادم إلا عبر نجاح مر ستقبعين فيه إن تم في المركز الأخير إيذانا بدخولكِ دائرة النسيان مع معصومة مبارك ليخلو بعدها البرلمان الكويتي من العناصر النسائية وعبر اختيار المرأة لذلك قبل الرجل ، أما إذا نجحتِ في الانتخابات مرة أخرى وبنفس الزخم فهذا يعني أن ناخبيكِ هم الأكثر تخلفا وجهلا بين الناخبين على مستوى العالم كله وليس الكويت فقط .

السبت، 24 أغسطس 2019

الإعلام الخليجي ينتهك القيم العربية !

        في الأول من شهر الله المحرم عام 1411 هجرية أي قبل الغزو العراقي للكويت بعشرة أيام وفي خضم مقدمات الغزو التي افتعلها الرئيس الراحل صدام حسين وجه المهيب الركن الذي وصف نفسه لاحقا بعبد الله المؤمن رسالة إلى شعب العراق ورد فيها تساؤل مفاده :

" أتدرون أيها العراقيون الأحرار وأيتها العراقيات الماجدات مَن تسبب في جوعكم وحرمان أطفالكم من الحليب ؟ ؛ إنهم حكام الكويت والإمارات الذين قاموا برفع إنتاج البترول والمضاربة بالعملة مما ألحق الأذى بشعب العراق العظيم "

 

        لم تنطلِ تلك الكذبة الرخيصة على أهلنا في العراق الذي دخل جيشه إلى الكويت مجبرا دون قناعة ؛ وبالإمكان الرجوع إلى أحاديث الفريق رعد الحمداني بهذا الشأن حيث أجاد وأفاد في وصف حالة الجيش العراقي إزاء ما حصل ، كما أن السواد الأعظم من العراقيين المقيمين في الكويت وهم كثيرون لم يتعاونو مع قوات الاحتلال القادمة من بلادهم ومئات منهم تعرضوا للاعتقال والقتل منذ أول أسبوع وهو ما أزعج الرئيس صدام الذي استطاع إجبار الجيش على غزو الكويت لكنه لم يقدر على إقناعه وإقناع الشعب بمبررات الغزو ، لذا عمد أبو عدي إلى محاولة استفزاز العراقيين في أغلى ما يملكون ؛ فهم كغيرهم من غيارى العرب يقدمون أهمية العرض والشرف على مكانة الروح والنفس ؛ فادعى القائد المُلهَم أن الكويتيين قالو بأنهم سيجعلون شرف الماجدة العراقية بعشرة دنانير !

 

        لم يتهم الرئيس صدام شخصا معينا بهذه الفِريَة التي حين أطلقها كُنا ككويتيين صامدين تحت حرابه وكان بإمكانه إجبار أي شخص منا تحت التهديد على الظهور أمام عدسات التلفاز ليشهد بأن فلانا أو علانا قد ذكر هذا الكلام القبيح ، لكن صدام لم يفعل والسبب ببساطة أن خطوته الحمقاء تلك أثارت استياء العراقيين منه أكثر بدل أن تثيرهم ضد إخوانهم الكويتيين ؛ فالرئيس المستبد كان على مسافة بعيدة من شعبه لذا لم يدرك أن شرف العراقيات هو شرف الكويتيين وفشل صدام في مسعاه فشلا ذَريعا واستمرت المصاهرات بين العراقيين والكويتيين حتى بعد تحرير الكويت ورغم سخونة جرح شعبها نتيجة الغزو .

 

        ما فشل في إثارته الرئيس الراحل صدام حسين بين الكويتيين والعراقيين رغم عظم الكارثة نجح فيه الإعلام الواطي الذي تراشق عبره فرقاء الأزمة الخليجية بما يسيء للأعراض لأول مرة في تاريخ العرب الذين لم يكن حتى القتلة منهم هاتكين لأستار الحرائر ، ومن أقرب الأمثلة على ذلك عصابة رشاش الشيباني التي أتعبت رجال الأمن في السعودية واستشهد العديد منهم أواخر عام 1989 حتى تم قتل قاطع الطريق الشهير الذي كان وعصابته يسلبون الناس ويقتلون مَن يقاومهم لكنهم لم يقدمو أبدا على اغتصاب امرأة واحدة أو هتك سترها ، فهكذا هي قيمة العرض والشرف عند العرب وكذلك ستبقى إن شاء الله لكن الخطاب المنحط لبعض أوساط إعلام فرقاء الأزمة الخليجية وتجاوب قطاعات غير قليلة من عامة الناس معه تشكل اليوم تهديدا خطيرا لهذا الثابت الراسخ من ثوابت قيم العرب وأخلاقهم ، وقادة الدول المعنية بالأزمة يتحملون بشكل مباشر مسؤولية ما يحدث وعليهم اتخاذ مواقف صارمة واضحة لمنع انزلاق خلافات شيوخ البتروغاز نحو التعدي على الأعراض وإلا فإن التاريخ لن يلعن المغرد فلان والناشط على اليوتيوب علان وإنما سيلعن الشيوخ الرعاة لحُثَاْلة البشر وسيحمل الشيوخ مسؤولية هذا الخرق الفاضح للقيم العربية النبيلة .

الخميس، 30 مايو 2019

شتان بين صلاة القيام وصلاة القمار !

        ورد في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان شَدَّ مئزره وأيقظ أهله وأحيى ليله ، ولم يَرِد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحرص على إيقاظ أهله لصلاة غير مكتوبة إلا في هذا الموسم العظيم .

        المواسم في هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي أُمرنا كمسلمين باتباعه إنما هي ميادين للاستكثار من الخير عبر العبادات المجردة ( صلاة * صيام * صدقة ) وغير ذلك من أعمال الخير ، لكنها أيضا مواسم لتعزيز مقتضيات تلك العبادات العظيمة عبر الخلُق القويم بكل أشكاله أمانة وصِدْقًا وعِفَّة جوارح ، فتلك المواسم ليست ساحة لعب قمار سنوي مع رب العباد والعياذ بالله من هكذا فكرة .

        أكثرنا في هذا الزمان يعيش في برجه العاجي وتغلفه الأنانية حتى يكاد يظن أنه هو الأَولى بالرعاية من دون البشر ، نشاهد هذا السلوك في الشارع والمجمع التجاري ودوائر العمل ومجالس تجمعات الناس وحتى داخل البيوت ، وأكثرنا لا توجد لديه نية للتوبة أو حتى مجرد التفكير فيها لكن أكثرنا أيضا يملأ المساجد رجالا ونساء في الحضور إلى صلاة القيام وتزدحم بهم المساجد أكثر ليلة 27 من رمضان على أساس أنها ليلة القدر وأنه إذا صلينا فيها خلف إمام صوته جميل ويتباكَى في التلاوة والقنوت لنبكي معه دون أن نعرف ما قال فقد عبدنا ربنا ألف شهر بما يبيح لنا التفلت من كل قيمة والتزام طوال حياتنا !

        يجب على الجميع أن يعلم أن التهجد أواخر الليل مشروع في رمضان وغيره لكن الشهر الكريم نُدِب فيه القيام أكثر من غيره لعظم الزمان المرتبط بركن عظيم من أركان الدين والمشتمل على ليلة هي خير من ألف شهر ينبغي تحريها ليس من باب تخصيصها بالعبادة فحسب وإنما كي تمثل دافعا للتمسك بمقتضيات العبادة كمنهج حياة ، فلو افترضنا جدلا أن رمضان شهر شمسي لا قمري وأن ليلة القدر ثابتة معلومة فإن إحيائها بالعبادة مع الإصرار طوال العام على أكل السحت وإيذاء الجار وارتكاب كافة المنكرات يعني ببساطة أن قيمة العبادة ستكون صفر من الثواني بدل ألف شهر !

        على فكرة : تحري ليلة القدر كما وجهنا لذلك نبينا عليه الصلاة والسلام يجب أن يتم في الوتر من العشر الأواخر ، والرسول نفسه صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي أمرنا بإكمال العدة ثلاثين يوما إذا غُمَّ علينا ولم نستطع رؤية الهلال ، معنى هذا الكلام هو أن دخول رمضان يمكن أن يحدث حتى قبل أن نبدأ صيامه ؛ فإذا كان جو التاسع والعشرين من شعبان غائما فنحن لن نرى الهلال ونحن مأمورون بنص حديث الرسول صلى الله عليه وآله وصلم بإكمال العدة ثلاثين يوما لكننا لا نضمن أن رمضان لم يدخل في تلك الليلة الغائمة ولو دخل فيها لأمكن أن تكون ليلة القدر وفق حساباتنا في 22 أو 24 أو 26 أو 28 بل ربما ليلة 20 أيضا ، لذا فالعبادة يجب أَلَّاْ تُخصص بِلَيلة دون غيرها مثلما أنها يجب أَلَّاْ تنفصل عن منهج حياتنا وأخلاقنا ومعاملاتنا ، فَإِلَّم يتحقق ذلك واستمر وضع السواد الأعظم منا على ما هو عليه فإن صلاة الليل في العشر الأواخر ستتحول من صلاة قيام إلى صلاة قمار ، وشتان بين القيام خشوعا وتذللا بين يدي الله والمقامرة بعبادات شكليَّة موسمية هي من تخاريف الأديان الأخرى وليست من تعالِيم الإسلام .

الجمعة، 17 مايو 2019

يجب على السعودية كدولة أن تعتذر !

        استكمالا لما أوردنا في مقالنا السابق حول اعتذار عائض القرني عما سماها الصحوة الإسلامية وبعدما بَيَّنَّاْ حقيقة أن الإسلام إنما دعا إليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه وحده دون غيره من البشر مَن يؤخَذ منه ولا يُتْرَك وأنه لا قداسة لأحد كائنا مَن كان ولو أضفى عليه المجتمع لقب ( الشيخ ) نقول لعائض القرني وصاحب الليوان عبد الله المديفر ولمَن يملي عليهما وعلى غيرهما ما يجب عليهم أن يقولوه أن ما سميتموه صحوة إسلامية لا علاقة لها بالقرني ولم يكن هو المتصدر لمشهدها العميق في جذره التاريخي وبُعدِه السياسي والاجتماعي ، فعائض لم يبرز اسمه إلا في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي ثم تسعينياته عبر كونه حَكَواتيا يستظرف بعض الشباب نكاته السمجة وأشعاره السخيفة ، أما دوره في الحديث عما كان يسمى جهادا في أفغانستان ثم البُوْسْنا فلم يكن سِوى صدى لسياسة السلطة في بلده التي تبنت هذا الطرح ووظفت كبار الموصوفين بأنهم مشايخ لتعزيز هذه الفكرة بشكل مباشر أو غير مباشر ، أما ما سُمِّيَت صحوة إسلامية فهي في بُعْدِها السياسي تعود لهزيمة التيار القومي الذي كانت واجهته مصر عبد الناصر وحينها لم يكن الطرح الديني في السعودية يحظى بشعبية في الوسط الاجتماعي حتى في دول الخليج العربي بل ولا حتى في العديد من مناطق المملكة ذاتها ، لكن بعد هزيمة عبد الناصر ثم ذهاب خَلَفِه السادات إلى القدس وصولا إلى توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل لم يجد المجتمع العربي المهزوم والمأزوم نفسيا أمامه إلا تبني فكرة ( الإسلام هو الحل ) والتي كانت شعار حزب الإخوان ومركزه مصر وليس السعودية .

        في تلك المرحلة ظهر في بلاد فارس التطرف الذي مَثَّلَه انقلاب الدجال خميني حيث اتجه مباشرة إلى تهديد الجوار العربي تحت شعار تصدير الثورة ، ولأن صورة خميني كانت تعبر عن تهديد شيعي فليس أمام الطرف المقابل إلا تبني صورة السني الموحد في مواجهة عقائد أهل الرفض وعُباد القبور ، وهُنا تجلى دور الطرح الديني في السعودية حين استقطَبت جامعاتها الدينية شبابا للدراسة فيها مِن كل أنحاء العالم الإسلامي وتلاقَىْ هذا المشهد مع قصة الجهاد المزعوم في أفغانستان الذي استخدمت فيه أمريكا بِدهاء سَذاجة المجتمع الإسلامي وكانت السياسة السعودية بكل إمكاناتها في خدمة هذا المشروع لمحاربة الوجود السوفييتي في أفغانستان والذي كانت إيران الخميني شريكة في محاربته إلى جانب السعودية رغم تصادم الطرفين على ساحة الخليج العربي ورغم الاختلاف الأيدولوجي بين التيار النجدي ( الوهابي ) والتيار الفارسي ( الخميني ) .

        بعد انقضاء تلك المرحلة ثم دخول العالم ما سمتْه أمريكا ( النظام الدولي الجديد ) من عتبة الغزو العراقي للكويت انتفت الحاجة لما كانت تُعرَف بالصحوة الإسلامية سياسيا في الجانب الظاهر على السطح وإن كانت الحاجة لاستثمار إفرازاتها الفكرية استخباراتيا ما تزال قائمة ، وفي هذه الأثناء لم يكن عائض القرني سِوى تاجر شعارات ونجم إعلامي فعن أي دور يعتذر ؟

        حقيقة الأمر هي أن السياسة السعودية في المرحلة الحالية اعتمدت وعلى لسان الأمير محمد بن سلمان نفسه أسلوب اقتلاع آثار ما جرى بعد عام 1979 م عبر تدميرها دون انتظار ثلاثين سنة أخرى ، واستقدام أشخاص مثل صالح اللحيدان أو صالح الفوزان وغيرهما ممَن بقي من أصحاب الفكر التقليدي لتسجيل مثل هكذا موقف أمر لا يليق بوقارهم المُفترَض وبالنظر لانتهاء دورهم وانتفاء قدرتهم على إحداث التأثير في المجتمع ؛ لذا كان عائض القرني هو المؤهل عبر ليوان المديفر في منصة الوليد بن طلال ( قناة روتانا ) لأداء هذا المشهد السخيف !

        بعد هذه الصورة والتي اختزلناها في هذه السطور ولو فصلناها ما وَسِعَها المقام نخلص إلى حقيقة مفادها أنه لا قيمة لاعتذار عائض القرني سواء أكان النهج الديني لما سُمِّيَت صحوة إسلامية صحيحا أَم خاطئا لأنه ليس لشخص القرني دور مؤثر فيه أصلا ، ثم أنه إن كان النهج الفكري لما سُمِّيَت صحوة إسلامية خاطئا فالواجب على السعودية كدولة قبل الشيخ فلان والشيخ علان أن تعتذر هي عما جرى في ثمانينيات القرن الماضي لأنه إنما تم برعايتها تشجيعا وتمويلا ، والله مِن وراء القصد .

الخميس، 16 مايو 2019

اعتذار عائض القرني بين الموقف الشرعي واستهداف الدين

        أثار اعتذار عائض القرني عما سماها الصحوة الإسلامية والتشدد الذي صاحبها ثم دعوته إلى ما سماه الإسلام الوسطي الذي دعا إليه الأمير محمد بن سلمان لغطا كثيرا ، واجتمع في هذا اللغط الطرح المغرض الهادف للنيل من الإسلام كدين وصدق نية بعض مَن أغضبهم كلام القرني وهم يدافعون عن دينهم إضافة إلى استغلال آخرين للحدث كي يطلوا بوجوههم عبر وسائل الإعلام ووسائط التواصل ناهيكم عن الحالة الأعم وهي مضيعة الوقت في الثرثرة لأن مجتمعنا يحب دائما أن تمدد له أي جنازة حتى يشبعها لَطْما ثم ينتقل إلى جنازة أخرى وهكذا .

        وسط كل هذا الزحام نرى أنه من المتوجب توضيح بعض الأمور لِنكون على درجة من الوعي تحفظ علينا ديننا ونحترم معها عقلَنا الجمعي إن كان ما يزال موجودا ، وأهم تلك الأمور هي :
1 – في عقيدة أهل السنة والجماعة لا يوجد أصلا مصطلح يسمى ( رجال الدين ) ، فهذا مصطلح نصراني يهودي وتبنته طوائف إسلامية لا تشكل غالبية أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحت مسمى ( المراجع العظام ) ، فليس عندنا مَن يدوم ظِلُّه أو يقَدَّس سره ولكن كما أعلنها الإمام مالك رحِمَه الله ورضي عنه وهو جالس في الحرم النبوي حين قال : " كل يؤخَذ من قوله ويُتْرَك إلا صاحب هذا القبر " ؛ وكان يشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فالحجة على الدين من خلال أفعال البشر وأقوالهم لا تستقيم أبدا ولو كانوا من الصحابة الذين أثنى عليهم رب العزة والجلال في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة فكيف بمَن هم دونهم منزلة ؟ ، فأفعال وأقوال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى والذي أدبه ربه فأحسن تأديبه هي الحُجة والمَحَجَّة ؛ فإذا وجدتم أيها المغرضون فيها تناقضا فبينوه أما مَن سِواه من البشر فيؤخَذ منهم ويُتْرَك .
2 – الإسلام هو ما حُفِظَ في كتاب الله وثبت من صحيح سُنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، فمحمد بن عبد الله بن عبد المُطَّلِب هو مَن دعا إلى الإسلام وبين أن خير الأمور الوسط وليس محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولا غيره مع الاحترام للجميع ، لذا فالحديث عن إسلام وسطي دعا إليه شخص غير الرسول عليه الصلاة والسلام لا يَخرُج عن حالتَين إذا كان المتحدث في تمام عقله ؛ فإما أن يكون المتحدث من غير أهل السنة والجماعة وإما أن يكون قد باع دِينَه بعرَض من الدنيا حتى أخرجه التزلف والنفاق من دائرة أهل السنة والجماعة ، وفي كِلتا الحالتَين لا يحق لكَاْئن مَن كان أن يَحسِب أقواله وأفعاله على الدين وأهله .

        في مقالنا القادم إن شاء الله سنتحدث عما سماها عائض القرني صحوة إسلامية وعن قيمة اعتذاره عنها من عدمها ، فانتظرونا قريبا بإذن الله .

السبت، 27 أبريل 2019

القَول الجازم في قضية سَجين العوازم

        قبل قُرابة العشرين سنة قام خالد نقَاْ العازمي باغتيال هداية سلطان السالم رئيسة تحرير مجلة المجالس في وضح النهار رميا بالرصاص ثم قام بتسليم نفسه طوعا ، ودارت حول تلك الحادثة إشاعات لا يَحسُن بل لا يجوز تداولها حيث تم نظر القضية وفق الأُطُر القانونية وتحتم على الجميع الصمت احتراما لعائلتَي القاتل والقتيلة .

        فجأة وبعد مرور كل تلك السنين تذكر الجميع السَجين خالد نقَاْ العازمي وتصدر بعضهم المشهد ليقدم نفسه على أنه قاصد خير بعد أن عرض أبناء هداية السلطان موافقتهم على العفو عن خالد نقَاْ مقابل قيام عائلته بدفع مبلغ 10000000 دينار كويتي فقط لا غير !

        وفي خضم هذه الزَوبعة التي تمت إثارتها على غير ميعاد عاد الجدل حول قضية اغتيال هداية على يد خالد ليطل برأسه لكن هذه المرة مُطَعَّمًا بما تسمى وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تكن حاضرة حين وقوع الحادثة ومعززَةً بإقحام نعرة قَبَلية ليس لها موقع من الإعراب في هذه القصة التي تخوض فيها اليوم جَمْهَرة كثير منهم لم يكونوا مولودين أو أن حَفَّاْظات البامبَرْز كانت تغَلِّف مؤخراتهم ولم يكونوا واعين بما يجري في بيوتهم فضلا عن مكان وقوع الحادثة !

        مع الأسف دخل العامل الانتهازي بكافة أشكاله على خط مأساة أسرة خالد نقَاْ وبات يتلاعب بأعصاب أهله المساكين ، وعليه رأينا من المتوجب علينا توضيح الموقف الصحيح حسبما نراه من هذه القضية وهو مبني على ما يلي :
أولا – كل إنسان غالٍ عند أهله وإذا كان سجينا فمن الطبيعي أن تتمنى أسرته الإفراج عنه وأَن تسلك كل طريق يساعدها على تحقيق هذا الهدف بغض النظر عن سبب دخول غاليها إلى السجن ولا يحق لأحد مُصادَرة هذا الشعور .
ثانيا – خالد نقَاْ ارتكَب فعْلًا مُجَرَّمًا قانونا وفي وضح النهار ، أما دوافع الجاني ومبرراته لارتكاب فِعْلَتِه فقد تعامَل معها القضاء وفق إجراءات التقاضي المعتبَرة وعليه فلا يصح تبرير الفعل وفي نفس الوقت لا يجوز أيضا الهجوم على شخص الفاعل لما يتسبب فيه ذلك من جرح لمشاعر أسرته الكريمة ولأن باب التوبة مفتوح وهي شأن خاص بين العبد وَرَبِّه .
ثالثا – حماس جريدة الرأي وأذنابها المقربين من الطفل المعجزة لمسألة الإفراج عن خالد نقَاْ أمر مشبوه ملغوم لا يمكن الوثوق بسلامة دوافعه خاصة وأنهم يشجعون النعرة القَبَلية التي تم إقحامها في القضية بشكل مُشين ، وإذا استحضرنا ضخامة مبلغ 10000000 دينار فسنقف مشدوهين أمام علامة استفهام كبيرة ؟
رابعا – مطالَبة أبناء هداية سلطان السالم بمبلغ 10000000 دينار بعد كل هذه السنوات مقابل الإفراج عن خالد نقَاْ قاتل أُمِّهم يصعُب علينا تصديق أن دافعَه هو غَلاة الوالدة عند عيالها مع الأخذ في الاعتبار تفاصيل تعزز شكوكنا بالدوافع الحقيقية للمطالَبة بهذا المبلغ الضخم ليس هنا محل الحديث فيها لكن تشجيع هذا المَسلَك يشكل تهديدا خطيرا لما تبقى من قيمنا الاجتماعية !
خامسا – دخول المُتَمَشْيِخِيْن المتمسحين بالدين على خط قضية خالد نقَاْ متاجَرة خسيسة يرفضها الشرع الإسلامي الحنيف ، ولو كان هؤلاء فِعْلا يهدِفون إلى دعوة أهل القتيلة للعفو ترغيبا لهم فيما عند الله من فضل وأجر للعافين عن الناس لقدَّموا النصيحة مباشرة لأولياء الدم عبر زيارة خاصة وليس من خلال  القيام بتسجيلات مصَورة أو صوتية ثم ترويجها للعامة عبر وسائل ووسائط التواصل .
سادسا وأخيرا – إقحام النَعرة القَبَلية المقيتة في قضية خالد نقَاْ العازمي يمثل إساءة بالِغة لعائلته الكريمة لأن التعاطف الإنساني مع هذه الأسرة إضافة إلى الأخلاق الإسلامية والشَهامة العربية يتحتَم بموجبها الوقوف مع هذه العائلة خلف جدار السِتْر ابتغاء فضل الله لا المتاجَرة بمأساتها لتسجيل مواقف فخر في غير موضِعِه لأغراض دنيوية رخيصة .

        هكذا يجب التعامل مع قضية خالد نقَاْ العازمي إذا كانت النوايا سليمة حقا وكان المقصود جمعَه بعائلته الكريمة من باب السعي في الخير طلَبًا للأجر من رب العباد .

الثلاثاء، 16 أبريل 2019

أحلام الخائبين تتبخر ؛ والسودان ينتصر

        منذ إطلالة هذا العام ونحن نبشر بأن البشير سيسقط قبل رمضان وهذا ما كان بفضل الله ، ولم تكن بشارتنا رجما بالغيب لكنها مبنية على ثقة بالله أولا ثم بشعب السودان العزيز ثانيا وتيَمُّنًا بشهر إبريل الذي سقط فيه الطاغية جعفر نميري ، وفي ذات الذكرى سقط البشير الذي دعمه دافعو أموال السحت الحرام من المتخاصمين في دول مجلس التآمر الخليجي ؛ فالإمارات وبمباركة سعودية رعت زيارة البشير لبشار كي تعطي غطاء لخيبة تواصلها مع طاغية الشام الذي رد على إعادة فتح سفارة ابن زايد في دمشق باستقبال قاسم سليماني ثم رد إليه الزيارة في عاصمة الدجَل والشر طهران ، أما تميم المجد المزيف فقد استقبل البشير بنفسه بعد اتصال تعهد فيه بمنحه المليارات من ثروة الأمة التي تكدست في أيدي القلة المنحرفة من أبنائها لتفسد الكثرة الكاثرة منهم ؛ ولم يكن تميم يهدف إلا للحفاظ على مصلحة الأتراك الذين بدأت أطماعهم الخبيثة في أرض العرب تطل برأسها عبر قطر على ساحل خليجنا العربي وفي ثغرنا الشامي الحزين وأخيرا في جزيرة سواكن السودانية قُبالة الساحل الحجازي !

        حطمت إرادة شعب السودان الأبي كل الحسابات الخائبة لحكام الإمارات وقطر والسعودية وحتى الكويت التي تنكرت حكومتها لدماء شهداء الغزو العراقي عام 1990 الذي سانده عمر البشير ورفضه أهلنا في السودان فجازيناهم بجزاء سِنِمَّاْر حيث وقفنا عبر حكومتنا وبعض الأصوات المأجورة مع الطاغية ضد ثورة شعبنا العربي في السودان !

        بعد سقوط البشير حاولت الأطراف العربية الخائبة إعادة إنتاج نظامه عبر وجوه جديدة ؛ فما كاد ابن عوف يعلن توليه مقاليد المسؤولية في الخرطوم حتى عافه شعب السودان وأجبره على التنحي ، ثم قدم الخائبون برهانهم ليقول السودانيون الذين تَلُوْكُهُمْ ألسنتنا بنكت سخيفة هي أَولى بنا وليس بهم لا للبرهان ولا لتدخل العرب في شؤوننا ، حتى القارة السوداء ( إفريقيا ) التي نَمُنُّ بقصد أو بغير قصد على فقرائها وجوعاها بفتات عطايانا شكلت دولها اتحادا هو أرقى من جامعتنا العربية والأفراخ التي نفقت في المغرب والمشرق والخليج العربي ؛ فكان موقف الاتحاد الإفريقي موقفا مشهودا حين أمهل برهان العسكر 15 يوما ليسلم السلطة لحكومة مدنية أو يواجه تعليق عضوية سلطتِه في الاتحاد الإفريقي في حين تواصل سلمان وتميم وابن زايد مع البرهان ليؤكدو دعمهم له ، لكن الكلمة الفصل ستكون بإذن الله لشعب السودان كما كانت في إبريل عام 1985 وإبريل عام 2019 ، وفي شهر الأمجاد تتبخر أحلام الخائبين بينما تبْقى الخرطوم شامخة والسودان ينتصر .

السبت، 23 مارس 2019

عدم غض البصر بين المعصية والنفاق

        عندما نهانا ربنا عن الزنى لم يقل لا تزْنو كما ورد النهي عن أمور أخرى مثل قوله تعالى : " ولا تأكلو أموالكم بينكم بالباطل " وإنما نهانا عن مقاربة الزنى بقوله تعالى : " ولا تقربو الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا " ، ولأن الله سبحانه هو خالق البشر كما هو خالق كل شيء فقد سبق في علمه عز وجَل أن هذا النهي لن يكون واقعيا ما لم تعززه نواهٍ وأوامر أخرى سواء في الكتاب الكريم أو السنة الشريفة ، فقد أمر سبحانه وتعالى بالحجاب في قرآنه ورغَّب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في تيسير الزواج عبر عدة أحاديث صِحاح ، كما أمر ربنا سبحانه في قرآنه المؤمنين والمؤمنات بغض البصر في نص قرآني صريح .

        ما نلاحظه اليوم في مجتمعنا الذي استشرى فيه النفاق لا كواحد من الأمراض السارية فحسب وإنما كحالة تناقض مع النفس حتى في طباع وشعور ولا شعور الشخص الواحد ذاته أن الأغلبية لا تغض البصر ولا تمتثل لما ورد من أمْرٍ بغضِّه في كتاب الله تعالى ؛ لكن ذلك يتم بطريقة غريبة خاصة لدى أشباه الرجال ، فقد بات في مجتمعنا من وسائل تزكية النفس التي نهى عنها الله تعالى أيضا بقوله : " ولا تُزَكُّوْ أنفسكم " ؛ بات انتقاد مظاهر التعري في الأماكن العامة وعبر وسائل الإعلام بشقيه التقليدي والجديد نهْجا لإبراز الذات على أنها طاهرة نقية كونها ترفض ما يمس العفة والشرف !

        ما يثير الاستغراب في هذا النهج هو أن مَن ينتقد امرأة متعرية في مكان عام يفصِّل تقاسيْم جسدها صدْرًا وأردافًا كما يصف بدِقَّة ذلك الحزام المُلتف حول خصرها والذي يكاد أن يَقسِم جسمها إلى جزأين قابلَيْن للفك والتركيب ، ناهيكم عن وصف مِكْياج ست الحُسن بدقة تتعدى دقة المُحَكِمين في مسابقات ملكات الجمال والباقي عليكم !

        هذه الدقة في الوصف تؤكد بما لا يدَع مجالا للشك أن غَضَّ البصر المأمور به في كتاب الله لم يحصل وهذه معصية كبيرة ؛ لكنها حين ترتبط بانتقاد المَنْظَر الموصوف باعتباره فسادا وأَن نختم حَفْلةَ الردح هذه بالدعاء لبَناتِنا بالسِّتر فهذا يمثل شكلا قَبيحا من أشكال النفاق الذي سيقبع أهله في الدرك الأسفَل من النار ، وإذا اِلْتمسنا العُذْر لمَن وصف امرأة متعرية في مكان عام على أساس أنها زميلة عمل أجبرته وظيفته على التواصل الدائم معها أو أنها مُراجِعَةٌ هو مُلزَم بخدمتها فما هو عذر مَن مر بمشهد رقْص وتعَرٍّ في قناة فضائية وهو يقلِّب الريمونْت كونترول أو مر على مقطع شبيه في هاتفه ولم يوقف التشغيل ؟

        إنها لَمُتلازمة عجيبة حقًا حين يرتبط اصطناع العفة والطهارة بمعصية كبيرة مثل عدم غض البصر ، تُرى ما الفرْق بيننا وبين الفاسد المرتشي الذي يتمسح بالنَزاهَة ومحاربة الفساد ونحن نقع يوميا في هذا التناقض ؟ ، أَلَمْ يتحول عدم غض البصر في هذه الحالة مِن مجرد معصية كبيرة مُهْلِكة إلى حالة نفاق يَحْجِز صاحبها تذكرة ذهاب قد تكون بلا عودة إلى الدرك الأسفل من جهنم ؟

الخميس، 7 مارس 2019

لا لاستضافة الكويت مباريات كأس العالم !

        في عام 2008 استعان الشيخ طلال الفهد بمحكمة رياضية دولية في سويسرا وانتزع منها حكما قضى بعدم مشروعية ما اعتبرته المحكمة تدخلا حكوميا كويتيا في عمل اتحاد كرة القدم وهو ما رفضته الجهات المعنية في حكومة الكويت على أساس أن الاتحاد الشرعي هو الذي عينته الهيئة العامة لشباب والرياضة ، لكن متخذي القرار في الكويت لم يمنعوا طلال الفهد ومَن معه من احتلال مقر اتحاد الكرة بمنطقة العديلية وفرض رئاسته غير الشرعية رسميا إرضاء لمرزوق الغانم والشرعية بحكم الواقع إرضاء لأحمد الفهد وإخوانه ، هذا وقد نال الاتحاد غير الشرعي معونات مالية سخية وفاز المنتخب الكويتي في عهده بكأس الخليج عام 2010 في اليمن ، لكن في بطولة كأس الخليج التي سبقتها في عمان عام 2009 كاد منتخب الكويت أن يُحرَم من المشاركة بسبب تسلط رئيس الاتحاد الآسيوي وهو القطري محمد بن هَمام عليه بالتنسيق مع خصوم أبناء الشهيد ؛ ولولا تدخلات عُلْيا أجبرت ابن همام على رفع الإيقاف عن الكويت لما شارك في الدورة !

        دخل ابن هَمام القطري على هذا الفصل المخْجِل من مسرحية مهازل خصومات الرياضة الكويتية التي بدأت عام 1985 وما تزال فصولها تتوالى حتى اليوم ، وكانت مهازل الرياضة وغيرها من المهازل التي تعيشها بلادنا محل تهكم القطريين بصورة أو بأخرى في نفس الوقت الذي كان فيه الأشقاء في قطر يُحَضِّرون ملف تنظيم مونديال 2022 وحدهم ؛ وحين فاز مِلفهم كان الفوز باسم قطر وحدها وهذا لا يزعجنا مبدئيا لأننا نحِب قطر وأهلها ويفرحنا أي إنجاز قطري في أي ميدان رغم أن عرَّاْب الملف ابن هَمام ذهب إلى مَزْبلة التاريخ في قضايا فساد مالي ورشاوى ، ولو أن قطر نظمت المُونديال وحدها أو بالمشاركة مع أي بلد خليجي ونجحت في تنظيمه فسيسعدنا ذلك ، لكن بالنظر إلى ما سجلته أحداث التاريخ فإننا ككويتيين نرفض استضافة أي مباراة من مباريات المُونديال !

        لو أن قطر عرضت علينا مشاركتها في تحضير ملف تنظيم كأس العالم 2022 كما حدث بين كوريا واليابان أو بولندا وأُوكْرانيا بدل الدخول على خط مشاكلنا لقلنا نعم ؛ لكن كرامتنا تأْبى علينا ترقيع لُقمة كَبَّرها صانع القرار القطري وغص بها !

        قد يقول قائل بأن موقفنا هذا هو سياسي مُرتبط بالأزمة الخليجية لكننا نقول له بأننا أعلنا منذ البداية أن مقاطعة قطر من قِبَل جاراتها كان قرارا خاطئا لا نؤيده كما أن لنا مآخذ على سياسات دول المقاطعة مثلما أن لنا مآخذ على السياسة القطرية وحتى سياسة حكومة بلدنا الكويت نفسها ، وعليه فلا علاقة بين رفضنا استضافة مباريات المُونديال والأزمة الخليجية بتاتا .

        مخلص الكلام : بعد كل ما جرى من ابن هَمام عرَّاب ملف تنظيم قطر لكأس العالم 2022 تجاه الكويت وبعدما ثبت عليه من تُهَم الفساد والرشاوى فإن موافقة الكويت على استضافة أي مباراة من مباريات مونديال 2022 معناه بكل بَساطة أننا نتعامل مع حكومة لا تحترم نفسها وأَن أي كويتي يحضر مثل هذه المباريات في حال استَضافتْها أرضنا الطاهرة فإنه عديم شرف ولا يستحي .

الاثنين، 18 فبراير 2019

الرد القاصِم على تصريح مرزوق الغانم

        رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم قال أنه لا يتمنى مشاهدة صورة لأي مسؤول كويتي أو عربي تجمعه بمسؤول صهيوني على حد تعبيره، وقال الغانم بأن بعض القوى السياسية تجاهلت المواقف البرلمانية المشرفة كما وصفها تجاه القضية الفلسطينية وكأن القضية لا تعنيهم واستخدموا ما جرى في مؤتمر وارسو للمزايدة، الغانم أضاف أيضا بأنه سيتم استدعاء وزير الخارجية للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة لاستيضاح الأمور وأنه لا يمكن المزايدة على مواقف الكويت الثابتة تجاه القضية الفلسطينية .

        مرزوق الغانم يقصد بالمواقف البرلمانية المشرفة التي تجاهلتها بعض القوى السياسية استعراضه السمج في مؤتمر اتحاد البرلمانات الدولي في روسيا حين تعامل مع رئيس وفد الدولة العبرية بطريقة تتعارض مع بروتوكولات مثل هذه الاجتماعات حيث كان يريد حضرته من الجميع التطبيل لمسرحيته ، ونحن نقول له : " إذا كنت يا مرزوق الغانم قد تلاسنت مع ممثل وفد إسرائيل في محفل دولي فإن صدام حسين قد أرسل صواريخه باتجاه مفاعل ديمونا في فلسطين المحتلة وهو ما لا تستطيع فعله لا أنت ولا معازيبك لكن صواريخ صدام لم تنفع الفلسطينيين لأن سياساته الإجرامية الرعناء قد خربت بلده " .

        إذا كنت يا مرزوق الغانم لا تعلم فنحن سنعلمك بأن إخوانك الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يتقاضون الراتب شهريا بالشيكل الإسرائيلي ويصرفونه في المولات والمطاعم ومحلات الإلكترونيات وأن مفاد رسالتهم إلى كل العرب هو أن قضيتهم العادلة في غنى عن مزايدات مَن يخربون بلادهم ، أما ما جرى في مؤتمر وارسو يا مرزوق الغانم فهو أمر أكبر منك ومن مجلس الأمة كله فلا تضيع وقت الشيخ صباح الخالد والسيد خالد الجار الله باجتماعات هي بالضبط تصُب في خانة المزايدات التي أنكرتها حضرتك على خصومك السياسيين ، والأجدر بك متابعة مشكلة الحصى الذي كسر سيارات أهل الكويت .

        حقيقة واحدة وردت في تصريحك يا مرزوق الغانم نتفق معك عليها وهي أنه لا يمكن المزايدة على موقف الكويت الثابت إزاء القضية الفلسطينية والذي لم يهزه حتى غدر ياسر عرفات ونكرانه لجميل الكويت ولا حتى حقارة قطاع غير قليل من الفلسطينيين الذين هَلَّلُوا للغزو العراقي واحتلال بلدنا المسالم

        يا مرزوق الغانم : الظروف هي التي ساقتك لتتقلد منصبا سياسيا وإلا فإنك لست رجل سياسة ؛ وعموما هذا لا يعيبك لكن إذا سألت السياسيين فسيقولون لك أن حسابات معطيات غزو الكويت من قبل جار الشمال ثم حرب تحريرها من احتلال جيشه الباغي إضافة إلى التهديدات الإيرانية لبلدنا قبل ذلك الغزو وبعده كانت تقتضي مشاركة كويتية في مؤتمر وارسو على أعلى مستوى ، ومع ذلك فقد         راعت حكومة الكويت شعور الصادقين وحتى شعارات المُزَاْيِدِيْن فكانت البلد الخليجي الوحيد الذي مَثَّلَه في مؤتمر وارسو نائب وزير الخارجية ، وإذا كان ذلك لا يقنعك وتريد إضاعة وقت وزير الخارجية ونائبه فَيَاْ ليتك ترحل أنت ومجلسك قبل استدعاء الوزير .

الجمعة، 15 فبراير 2019

مؤتمر وَاْرْسُو وفضيحة الإخوان في الكويت

        استضافت وَاْرْسُو عاصمة بولندا بملاءة أمريكية مؤتمرا جمع العرب والصهاينة في آن واحد ، أسبغ الأمريكان رعاة المؤتمر ومنظموه عليه عنوانا نعلم أنه مزور وهو ( أمن وسلام الشرق الأوسط ) ، وقد أخذ رعاة المؤتمر والمستفيد الأول منه وهو نتانياهو رئيس الحكومة الصهيونية يتحدثون عن الخطر الإيراني والذي هو بكل أسف خطر حقيقي وضرورة توحد جهود دول المنطقة لمواجهته ؛ بينما تصرفات الأمريكان بالتنسيق مع الصهاينة والرُوس على الأرض كلها تصُب في مصلحة العدو الفارسي لكن على حساب العرب وحدهم دون غيرهم !

        شاركت عشر دول عربية عبر ممثليها بمستويات مختلفة في المؤتمر وكانت الكويت ضمن تلك الدول ، ولا عجب في ذلك فقد تسببت جريمة الغزو العراقي للكويت والتي صفق لها التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في ارتهان القرار السياسي الكويتي بالكامل للأمريكان وهو ما عَبَّر عنه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله حينما كان وزيرا للخارجية حيث أجاب على سؤال لمذيع البيبيسي حسن معوض في ديسمبر عام 2002 حول تجمع القوات الأمريكية على أرض الكويت استعدادا للعدوان على العراق حيث قال سموه بكل ألم : " وهل أستطيع أن أقول لا ؟ " ، هذا يعني أن كل ما جرى على إثر غزو العراق للكويت كَثمن لتحريرها من نير احتلال جيشه الباغي كان ولا يزال حالة اضطرارية لم يكن للكويتيين قيادة وشعبا خيار غيرها سوى القبول بضم صدام حسين بلدهم إلى العراق ومبايعة القائد المُلهَم المنصور بالله والمؤيَّد بِخُطَب أحمد نوفل وعبد المنعم أبو زَنَط رئيسا لهم ويغنون له : " سيدي إشقَد أنت رائع " !

        طبعا أجمع الكويتيون أو هكذا كان يبدو على رفض احتلال بلادهم والعمل على تحريرها عبر معونة أي طرف كان وتجديد البيعة للقيادة الشرعية ممثلة في الأمير وولي عهده وأسرة الحكم فتمت على إثر ذلك عملية عاصفة الصحراء التي حَمِدَ خطباء الإخوان في الكويت فقط الله على نتيجتها وهي عودتهم إلى بلادهم ووظائفهم ومرَتَّباتهم وبيوتهم إلى آخره حتى بثت قناة سكوب  لقاء مع الشيخ سعود ناصر الصباح سفير الكويت لدى أمريكا في تلك الفترة ليتحدث عن أن بعض منتسبي تيار الإخوان الكويتيين كانت لهم جهود في الداخل الأمريكي تهدف إلى تعطيل قرار شن الحرب وإيصال صورة للكونغرِس مفادها أن الكويتيين لا يحبذون وجود قوات أجنبية في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية ، ولقد صدمَتْنا الأسماء التي ذكرها الشيخ سعود يرحمه الله إلى حد عدم تصديق كلامه !

        بالأمس وعلى خلفية مؤتمر وَاْرْسُو رأينا تغريدات أساطين تيار الإخوان ومَن تأخوَن من منسوبي ما يسمى التجمع السلفي وهي تستنكر مشاركة الكويت ودوَل الخليج العربية في المؤتمر بسبب مشاركة إسرائيل نتانياهو فيه كما ورد في خطابهم المُعلَن ؛ كما أصدرت ما تسمى الحركة الدستورية الإسلامية وهي الواجهة السياسية للإخوان في الكويت بيانا يحمل ذات المعنى ، بَيْدَ أن كل تلك الأطراف لم تستنكر التعاون العسكري التركي مع ما يُسمونه الكيان الصهيوني بل ووصف أحد أبواقهم تركيا بأنها النجس الذي بدأ يتطهر بينما حكومات الدول العربية المناهضة للإخوان هي الطاهر الذي بدأ يتنجس !

        الوقائع التي عشناها تحكي حقيقة أن مَن دعا لمحاربة القوات الأمريكية في السعودية بحجة أنها تُمثل راية كُفْر لا يجوز رفعها في جزيرة العرب سَكَتُوْا عن تشييد قاعدة العديد في قطر وهي جزء عزيز من شبه جزيرة العرب فقط لأن التنظيم العالمي للإخوان جمعته بحكومة الدوحة علاقة هو المستفيد منها وليست قطر وشعبها طبعا ، لذلك فإن زيارة الوفود الصهيونية للدوحة ولقاءات مسؤولي حكومتها بالمسؤولين الصهاينة لرعاية وضع مِيْليشيا حماس الإرهابية حلال بل قد يكون من أعظم القربات لله تعالى الله عما يصفون علوًّا كبيرا ؛ وتنسيق تركيا أرْدوغان مع الصهاينة ومع الفرس على حساب العرب من أهل السنة والجماعة لا شيء فيه لأنه من مقتضيات السياسة ، بينما تواجد ممثلين عن دول عربية مناهضة للإخوان في اجتماع دولي يضم إسرائيل هو جريمة مستنكرة ليس لأن المسؤولين العرب تواجدوا مع الإسرائيليين لكن فقط لأن العنوان السياسي للمؤتمر هو في غير المصلحة التي جمعت تنظيم الإخوان الإرهابي بالترك والفرس على حد سواء ، فلو أخذنا باستنكار وجود المسؤولين العرب والإسرائيليين في موضع واحد فعلينا مطالبة الدول العربية بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية لأن إسرائيل متواجدة فيها ككيان دولة معترف به عالميا !

        لقد أسقطت بيانات وتغريدات الإخوان والمتَأَخْوِنِين الكويتيين ما تبقى من أوراق التُوت عن مواقفهم المخزية ، فهم يقبلون التحالف والتخادُم مع العدو الفارسي الذي كانت الكويت أول هدف لتهديداته حتى قبل وثوب الدجال خميني وزمرته المجرمة للسلطة في طهران بينما يستنكرون مشاركة حكومتهم وفق استحقاقات فرضتها ضرورات السياسة في مؤتمر يرفع راية مواجهة الخطر الإيراني الذي نال بلادنا منه الشيء الكثير والخطير ويتناسون أن الكويت ورغم صعوبة موقفها ما تزال أكثر الدول العربية مماطلة في التجاوب مع مطالب الأمريكان في التطبيع مع إسرائيل التي كان موقفها إبان حرب تحرير الكويت أشرف ألف مرة من موقف 95% من تيارات الإسلام السياسي التي ساندت احتلال الكويت واحتجت على حرب تحريرها بينما لم ترد إسرائيل على صواريخ صدام البلاستيكية التي أرسلها لفلسطين المحتلة بُغية خلط الأوراق لإحراج العرب المشاركين في حرب التحرير ، فهل يمكننا بعد اليوم الوثوق بالإخوان والمتَأَخْوِنِين الكويتيين حين يدَّعون الإخلاص للوطن ؟

السبت، 26 يناير 2019

سامحك الله يا عثمان الخميس

        في مقطع فيديو متداول سمعتُه للشيخ عثمان الخميس ورد على لسانه أن أحدهم هاتَفَه وقال له : " أنا أريد تطليق زوجتي " ، فسألتُه والكلام للشيخ عثمان : لماذا تريد تطليقها ؟ ، فرد المتصل على الشيخ عثمان قائلا : " لأنها كانت تكلمني قبل الزواج ولا أضْمَن أنها لن تكلم غيري بعد زواجي منها " !

        كانت ردة فعل الشيخ عثمان حادة كما هو متوقع لكنها لم تكن متوازنة ولا عادلة ، فقد بدأ الشيخ تعليقه على الموضوع بكلام صحيح مفاده أنه لا يجوز للرجل إقامة علاقة مع امرأة أجنبية عنه كما أن الرجال الذين يقيمون علاقات مع النساء لا يرضى الواحد منهم لأخته إقامة علاقة مع رجل أجنبي فكيف يقبل لبنات الناس ما لا يرضاه لأخته ؟

        إلى هُنا والكلام سليم لا غبار عليه ، لكن الشيخ عثمان سامحه الله أردف قائلا : " من الطبيعي أن التي أقامت العلاقة مع رجل أجنبي قبل الزواج ستكلم غيره بعد أن يتزوجها إذا دخل حياتها رجل آخر وأسمعها كلام الرومنسية ، وعلى الرجل البحث عن العفيفة النظيفة " !

        لقد جانب الشيخ عثمان الخميس الصواب في تعليقه على مكالمته مع مَن طلب مَشُورَتَه ذلك لأن الرجل الذي اتصل بالشيخ عثمان كان قد أتم النكاح وتزوج صاحبته التي كان يكلمها عبر الهاتف ؛ ولو لم يتزوجها بعد لَكُنَّا فهمنا القصة رغم رَفْضِنا للمبدأ وهي أن الشباب الطائش يغازل البنات الطائشات بُغية التسلية لكنهم لا يقبلون الزواج بمَن أقامت معهم العلاقات ، لكن في حالة الشخص الذي استشار الشيخ عثمان تختلف الحالة فقد تزوج طرفَي العلاقة بعقد نكاح صحيح لا تشوبه شائبة ؛ فكان ينبغي على الشيخ عثمان استحضار حقيقة أن الخطَأ في العلاقة المحرمة قبل الزواج مشترك بين طرفَي العلاقة وأَن صفة عدم العفَّة والنظافة تلحق بالرجل الذي ارتضى لنفسه الأمَّارة بالسوء إقامة هذه العلاقة وليس بالمرأة فقط ، وعليه فإن ما كان يجب على الشيخ عثمان الخميس أن يقوله لمَن استَشارَه ما يلي :
1 – ما كان من علاقة بينكَ وبين زوجَتِك قبل عقد النكاح معصية خطيرة وتعدٍ لحدود الله سبحانه الذي قال في سورة الإسراء : " وَلَاْ تَقْرَبُوْ اَلزِّنَىْ إِنَّهُ كَاْنَ فَاْحِشَةً وَسَاْءَ سَبِيْلًا " ، وعلاقة الرجل بامرأة أجنبية عنه أو المرأة برجل أجنبي عنها ولو كانت مجرد كلام بالهاتف تعتبر مقاربة للزنى وينبغي على مَن وقع في هذا الإثم العظيم التوبة إلى الباري عز وَجَل وتحقيق شروط التوبة وهي ترك الذنب والندم عليه والعزم على عدم العَودة إليه ، فإن حَسُنَت التوبة فإنها تجُبُّ ما قبلها والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له وهذا مِن فضل الله ورحمته بعباده .
2 – ما دام الزواج قد تم فإنه لا ينبغي للرجل تطليق زوجته بمثل هذه الحجة فمَن كان يكلمها قبل الزواج هو نفسه ولو أخذنا بهذه الحجة فالمرأة أيضا لها أن ترفع للقضاء دعوى بطلب الطلاق خشية أن يكلم زوجها غيرها من النساء بعد الزواج مثلما كان يكلمها هي قبل زواجها به ، فالصحيح هو أَلَّاْ يُطَلِّقَ الرجل في الحالة التي رواها الشيخ عثمان زوجته وإنما على الزوجين التوبة النصوح إلى الله تعالى وعليهما الإكثار من الاستغفار والطاعات بكل أشكالها والمحافظة على بَيتهما من خلال التمَسُّك بالتوبة وتنشئة ذريتهما على الخير والصلاح .

        هكذا كان يجب أن يرد الشيخ عثمان على طالب المَشُورة منه ، لكن مع الأسف في كثير من الأحيان عندما تكون المرأة هي عنوان القصة تغلب الثقافة الذكورية على الرَصانة العلمية ؛ فسامحكَ الله يا عثمان الخميس .

الثلاثاء، 15 يناير 2019

في الظاهر مُتَّقين وفي الحقيقة قَوَّاْدين !

        جاء في سورة النور الآية رقم 19 قول الله تبارك وتعالى : " إِنَّ اَلَّذِيْنَ يُحِبُّوْنَ أَنْ تَشِيْعَ اَلْفَاْحِشَةُ فِيْ اَلَّذِيْنَ آْمَنُوْا لَهُمْ عَذَاْبٌ أَلِيْمٌ " .

        في هذا الجزء من الآية الكريمة تهديد واضح من رب العزة والجلال سبحانه لفِئَةٍ خبيثة تحب شيوع الفاحشة في المؤمنين ، وللوهْلة الأولى وكالعادة سيتبادر إلى أذهاننا أن هؤلاء هم دعاة الجنس عبر الإغراء في الإعلام والإعلان ومروجو الدعارة والكاسيات العاريات من النساء والفَسَقة من الرجال إلى آخره من الأصناف المعلوم انحرافها لدى الجميع ، ولا شك أن هؤلاء من أشَرِّ خلق الله وهم ينافسون إِبْلِيْس بل يتفوق عليه أكثرهم في درجة الشر ومحاربة الخير ، لكن أصنافا أخرى تدخل ضمن دائرة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا بينَهم أُناس لا يصدق بعضنا دخولهم في هذه الدائرة الخبيثة المعادية لله ورسوله والمؤمنين ذلك لأنهم يؤدون الصلوات لوقتها ويصومون رمضان وقد كرروا زيارة البيت الحرام عشرات المرات ما بين حَجٍّ وعُمْرة وبعضهم يزكي ويتصدق بل ويصوم الاثنين والخميس بشكل شبه أسبوعي !

        يا لها من مفارَقَة غَريبة إذ كيف يمكن لإنسان يتصف بكل تلك الصفات النبيلة ويدخل ضمن دائرة الداعين لشيوع الفاحشة في المؤمنين ؟ ، نحن سنذكر ثلاثة أصناف من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر :
1 – الذين يُغالون في المهور ويشترطون الإسراف في حفلات الزفاف الباذخة بما يجعل الزواج بمثابة الانتحار الاقتصادي للشباب ، فكل شاب يَصعُب عليه الزواج نتيجة انتشار هذه الظاهرة ثم يقع في الفاحشة يكون كل من أسهم في تعزيز ذلك السلوك غير القويم شريكا له في الإثم رغم أن الصعوبات التي تحول بين الشباب والزواج لا تبرر ارتكابهم للفاحشة لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وجَّهَهُم إلى العلاج الشافي ولأن الله سبحانه قد وعد المتقين بأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون ويجعل لهم من كل ضيق مَخْرَجًا .
2 – المرأة التي تصد زوجها عن فراشه قصدا بُغية إيذائه والرجل الذي يهجر فراش زوجته عمدا دون مسوغ شرعي يدخل كل منهما ضمن هذه الدائرة الخبيثة ويصبح شريكا في كل فاحشة يرتكبها الطرف المتضرر مع التأكيد على عدم التبرير كما ورد في حديثنا عن الشباب المتضررين من ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج .
3 – المحامون والمحاميات الذين يحرضون موكليهم على رفع دعاوى الطلاق بهدف التَّكَسُّب المادي ويواصلون تَكَسُّبَهُم باستمرار رفع الدعاوى غير المستحقة التي تَسْتَنْزِف الطرف المُشتَكَىْ عليه ماديا بما يجعل الزواج بعد الطلاق صعبًا ، فهؤلاء مسماهم محامين لكنهم على أرض الواقع أعداء لله ولرسوله لأنهم يحبون شيوع الفاحشة في الذين آمنوا وهم شركاء في الإثم مع كل متضرر من أفعالهم إذا ارتكب الفاحشة أيضا على نفس الأساس الوارد في المثال الأول .

        هذه أمثلة لأُناس قد يبدو لنا ظاهرهم أنهم متقون لكنهم في الحقيقة يوازون القَوَّاْدين أَجَلَّكُم الله في درجة انحطاطهم وخطورة مسلكهم على المجتمع وقيمه ، لذا تجب محاربة هؤلاء وكل مَن سار على خطهم الخبيث دون هوادة ، فلعنة الله عليهم أجمعِيْن .

الخميس، 10 يناير 2019

شيوخ الخيبة يُزايدون على الصلاة !

        لا مجال للمزايدة على مكانة الصلاة وأهميتها في الإسلام فهي الركن الذي لا يسقط بأي حال ولا تغني عنه فدية طعام أو مال ، وهي كما وصفها رسول الله صلا الله عليه وآله وسلم بقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمَن تركها فقد كفر " ، ووجوب تنشئة أولياء الأمور لأطفالهم عليها يبدأ حتى قبل بلوغ الطفل سن السابعة حيث يُفترض أن تتفتح مدارك الطفل في المجتمع المسلم على قوم يؤدون صلاتهم في وقتها ووفق مقتضياتها التي يجب أن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر كما قال الله تعالى : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " .

        حين بلوغ الطفل ذكرا كان أم أنثى السابعة تبدأ مرحلة الأمر التي وجهنا إليها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لِتستمر ثلاث سنوات بنص الحديث النبوي الشريف : " مُرُوْ أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " ، والسنوات الثلاث بين السبع والعشر ليست كلها مجرد أمر شفوي لكنها تمثل قدوة فعلية يجب أن يجسدها الآباء والأمهات وعموم البالغين في المجتمع المسلم عبر أداء الصلاة ومن خلال التأدب بأخلاقها ، أما الضرب عند العشر فهو مقترن باقتراب الصبي من بلوغ التكليف الشرعي بل إن بعض الإِناث في حالات نادرة قد يبلغن التكليف الشرعي مع العشر أو قبلها بسنة .

        بعد البلوغ لم يرد نص شرعي يتحدث عن أمر أو ضرب وإنما عن أهل بيت مسلم يوقظ بعضهم بعضا للصلاة خاصة صلاة الفجر ، لكن حفنة من المتسربلين بلقب ( الشيخ ) ومَن ينقل هَرْطَقَاْتِهِمْ عبر وسائط التواصل ووسائله المختلفة يكيلون لأولياء أمور الطلبة الجامعيين أو طلبة المرحلة الثانوية تُهَمًا باطلة يزعمون فيها أن أولياء أمور الطلبة من الفئتَين المذكورتَين لا تهمهم الصلاة لأنهم يوقظون النائمين والنائمات من الأولاد والبنات لأداء الاختبارات بينما لا يوقظونهم لأداء الصلوات !

        ولأن اَلْدَّهْمَاْءَ من خلق الله مَهْوُوْسون بتجميد عقولهم وارتهانها لعُبَّاد الجنس والفِلْس فهم يتناقلون هذه اَلْتُهمة بطريقة فجة فيها توبيخ للناس وهز لثقتهم بأنفسهم بينما يغضون الطرف عن إهمال مطاوعة الفَلَس لبيوتهم وانتهازية مسلكهم في الماضي والحاضر إلا قلة ممَن رحم ربي !

        حقيقة المسألة هي أن ولي الأمر حين تعامله مع البالغين من أولاده وبناته فإنه يحسب أموره وفق مقتضيات مسؤوليات يجب التخفف منها تدريجيا وتسليم أمانتها للمعنيين بها وهم الذُريَّة ؛ ولأن تأخُر الذُريَّة في اجتياز متطلبات الدراسة يشكل ضررا على ولي الأمر فإنه يدفعهم دفعا للاهتمام بها بُغية تجاوزها تحت بند حسابات فرضتها أمور دنيوية مُحْدُثة لم تكن موجودة في أزمان السابقين الأولين الذين كان الواحد منهم يغدو مستقلا بمسؤوليته مع بلوغ الثانية عشر من عمره ، فولي الأمر هُنا يريد دفع ضرر عن نفسه لا تقديم أهمية الدراسة على أهمية الصلاة كما يزعم مَن يروج لهذه الفِرْية الباطلة ؛ فمقتضيات الدراسة وانعكاس اجتيازها من عدمه شأن مشترك بين أولياء الأمور وذراريهم أما أداء الصلاة لوقتها ووفق مقتضياتها بالنسبة لكل باْلِغ فإنه شأنه هو ويُفترَض أنه قد علِم أن صلاح أمره كله مرهون بصلاح صَلاته لكن ولي الأمر غير مسؤول عن ملاحقة أولاده وبناته كما كان يفعل رجال ما تسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية سابقا في أيام قد أصبحت من الماضي ، فكفاكم هجوم على بسطاء الناس وتحقيرا لهم وَلْيَلْتَفِتْ كل منكم لشؤون بَيته لأن الله تعالى قد جعل المسؤولية علينا فردية حين قال : " كل اِمْرِئٍ بما كسب رهين " ، واعلمو أن الصلاة ليست محل مُزايَدة أو استشراف على الناس .