الأربعاء، 18 سبتمبر 2019

صفاء الهاشم والرهان الخاسر

        كغيرهم من العرب يتحاشى الكويتيون الاعتراف بأي شكل من أشكال الفشل ودائما ما ينسبون أي فشل لعوامل خارجية ، ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حين اصطدمت تجربتهم الديمقراطية المزعومة بالجدار تحدث بعضهم عن ضغوط سعودية دفعت الأمير إلى تعليق الدستور مع أنهم يعلمون يقينا أن خصومة الأمير حينها مع البرلمان كفكرة وممارسة أعمق بكثير من خصومة السعوديين معه ، وقُبَيل ما عُرِف بالربيع العربي حصلت في الكويت أحداث هزت كيان النظام السياسي واستمرت حتى بعد الربيع العربي بقرابة السنتين لكنها لا علاقة لها به ؛ ومع ذلك تحدثت أوساط كويتية عن دور قطري مزعوم في إثارة ما اعتبرته أحداث شغب ومُظاهرات ربطوها بالدور القطري في بلدان أخرى ، والحقيقة أن السعودية لم تتدخل في الشأن الكويتي ولم تضغط على الأمير ليعلق الدستور ولا لقطر علاقة بتأجيج المظاهرات التي أدت إلى إقالة رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد وأن مَن أعطاها زخما قويا ومنحها الملاءة الإعلامية هو أحمد الفهد الصباح خصم قطر حينها والذي كانت أولى أولوياته إبعاد محمد بن هَمَّاْم عن رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم .

        ما تقوم به  صفاء الهاشم عبر اللغة التي تخاطب من خلالها قاعدتها الانتخابية مبني على نفس المبدأ ، فبعد مهزلة انتخابات البرلمان عام 2009 التي حملت أربع نسوة إلى الكرسي الأخضر بالمال السياسي انتفت الحاجة لإنفاق المال على نجاح النساء مرة أخرى ، فوجدت صفاء الهاشم عندما رغبت في خوض تجربة الانتخابات لاحقا نفسها وحيدة دون دعم وهي التي لم تكن طرَفًا في مهزلة عام 2009 ؛ فأنفقت صفاء ما تيسر لها من ناحية ومن ناحية أخرى عزفت على الوتر الذي يعشق نغمته الكويتيون كما غيرهم من بسطاء العامة في دول ما كان يُعرَف بمجلس التعاون الخليجي وهو بُعْبُع الوافدين الذين زاحموا المواطنين في أرزاقهم وخدماتهم وكانت دائما تستغل كل حادثة يكون الوافد طرَفًا فيها وبالذات إذا كان مصريا ، وقد استغلت صفاء نبرة صوتها العالية لِتمثيل مشاهد استعراضية سخيفة بزعم الدفاع عن حقوق المواطِن التي نهبها الوافدون ؛ ولأن هذا الاستعراض ما كان له أن يستمر في النجاح باعتبار الوافدين ما هم إلا عمالة استقْدَمها المواطن ذاته وليسوا جيشا غازيا للبلد وبالنظر لخلفيات أعمال تجارية لِصفاء قبل دخولها البرلمان وامتلاكها شركة كانت تقوم أصلا على أكتاف الوافدين فقد انقلب السحر على الساحر وبات المواطن ينظر إلى لغة صفاء على أساس أنها خطاب عنصري بغيض وأنها لم تُقدِم في عملها البرلماني شيئا سوى استدرار عواطف ناخبيهَاْ عبر الهجوم على الوافدين فقد بدأ خطاب صفاء يفقد بريقه مما اضطرها للحديث عن تهديد مزعوم لها حتى تلعب دور البطولة في فصل جديد من فصول مسرحيتها الهزلية !

        هيهات يا صفاء الهاشم ، فأوراق التُوت قد سقطت ولن يكون لكِ مكان في المجلس القادم إلا عبر نجاح مر ستقبعين فيه إن تم في المركز الأخير إيذانا بدخولكِ دائرة النسيان مع معصومة مبارك ليخلو بعدها البرلمان الكويتي من العناصر النسائية وعبر اختيار المرأة لذلك قبل الرجل ، أما إذا نجحتِ في الانتخابات مرة أخرى وبنفس الزخم فهذا يعني أن ناخبيكِ هم الأكثر تخلفا وجهلا بين الناخبين على مستوى العالم كله وليس الكويت فقط .