السبت، 24 أغسطس 2019

الإعلام الخليجي ينتهك القيم العربية !

        في الأول من شهر الله المحرم عام 1411 هجرية أي قبل الغزو العراقي للكويت بعشرة أيام وفي خضم مقدمات الغزو التي افتعلها الرئيس الراحل صدام حسين وجه المهيب الركن الذي وصف نفسه لاحقا بعبد الله المؤمن رسالة إلى شعب العراق ورد فيها تساؤل مفاده :

" أتدرون أيها العراقيون الأحرار وأيتها العراقيات الماجدات مَن تسبب في جوعكم وحرمان أطفالكم من الحليب ؟ ؛ إنهم حكام الكويت والإمارات الذين قاموا برفع إنتاج البترول والمضاربة بالعملة مما ألحق الأذى بشعب العراق العظيم "

 

        لم تنطلِ تلك الكذبة الرخيصة على أهلنا في العراق الذي دخل جيشه إلى الكويت مجبرا دون قناعة ؛ وبالإمكان الرجوع إلى أحاديث الفريق رعد الحمداني بهذا الشأن حيث أجاد وأفاد في وصف حالة الجيش العراقي إزاء ما حصل ، كما أن السواد الأعظم من العراقيين المقيمين في الكويت وهم كثيرون لم يتعاونو مع قوات الاحتلال القادمة من بلادهم ومئات منهم تعرضوا للاعتقال والقتل منذ أول أسبوع وهو ما أزعج الرئيس صدام الذي استطاع إجبار الجيش على غزو الكويت لكنه لم يقدر على إقناعه وإقناع الشعب بمبررات الغزو ، لذا عمد أبو عدي إلى محاولة استفزاز العراقيين في أغلى ما يملكون ؛ فهم كغيرهم من غيارى العرب يقدمون أهمية العرض والشرف على مكانة الروح والنفس ؛ فادعى القائد المُلهَم أن الكويتيين قالو بأنهم سيجعلون شرف الماجدة العراقية بعشرة دنانير !

 

        لم يتهم الرئيس صدام شخصا معينا بهذه الفِريَة التي حين أطلقها كُنا ككويتيين صامدين تحت حرابه وكان بإمكانه إجبار أي شخص منا تحت التهديد على الظهور أمام عدسات التلفاز ليشهد بأن فلانا أو علانا قد ذكر هذا الكلام القبيح ، لكن صدام لم يفعل والسبب ببساطة أن خطوته الحمقاء تلك أثارت استياء العراقيين منه أكثر بدل أن تثيرهم ضد إخوانهم الكويتيين ؛ فالرئيس المستبد كان على مسافة بعيدة من شعبه لذا لم يدرك أن شرف العراقيات هو شرف الكويتيين وفشل صدام في مسعاه فشلا ذَريعا واستمرت المصاهرات بين العراقيين والكويتيين حتى بعد تحرير الكويت ورغم سخونة جرح شعبها نتيجة الغزو .

 

        ما فشل في إثارته الرئيس الراحل صدام حسين بين الكويتيين والعراقيين رغم عظم الكارثة نجح فيه الإعلام الواطي الذي تراشق عبره فرقاء الأزمة الخليجية بما يسيء للأعراض لأول مرة في تاريخ العرب الذين لم يكن حتى القتلة منهم هاتكين لأستار الحرائر ، ومن أقرب الأمثلة على ذلك عصابة رشاش الشيباني التي أتعبت رجال الأمن في السعودية واستشهد العديد منهم أواخر عام 1989 حتى تم قتل قاطع الطريق الشهير الذي كان وعصابته يسلبون الناس ويقتلون مَن يقاومهم لكنهم لم يقدمو أبدا على اغتصاب امرأة واحدة أو هتك سترها ، فهكذا هي قيمة العرض والشرف عند العرب وكذلك ستبقى إن شاء الله لكن الخطاب المنحط لبعض أوساط إعلام فرقاء الأزمة الخليجية وتجاوب قطاعات غير قليلة من عامة الناس معه تشكل اليوم تهديدا خطيرا لهذا الثابت الراسخ من ثوابت قيم العرب وأخلاقهم ، وقادة الدول المعنية بالأزمة يتحملون بشكل مباشر مسؤولية ما يحدث وعليهم اتخاذ مواقف صارمة واضحة لمنع انزلاق خلافات شيوخ البتروغاز نحو التعدي على الأعراض وإلا فإن التاريخ لن يلعن المغرد فلان والناشط على اليوتيوب علان وإنما سيلعن الشيوخ الرعاة لحُثَاْلة البشر وسيحمل الشيوخ مسؤولية هذا الخرق الفاضح للقيم العربية النبيلة .