الجمعة، 25 يونيو 2021

اعتذارك مرفوض يا دكتور عبيد

        ما يجري في المشهد السياسي الكويتي من مهازل وصلت إلى حد ابتداع آلية للتصويت على الميزانيات في ممرات البرلمان بدلا من بحثها ثم التصويت عليها تحت قبته والتي تمثل بحق براءة اختراع كويتية ما هو إلا حصيلة نهائية لممارسات أتاحها دستور عقيم لسلطة شراكة التجار والمشيخة .

 

        هذه الحقيقة يعلمها مسبقا كل مَن ينوي الترشح لأي انتخابات مجلس أمة في الكويت منذ عام 1963 وحتى يومنا هذا ، لكن الذي جرى هو أن سلطة شراكة التجار والمشيخة قد اختلفت آلية عملها حيث كانت المشيخة حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي كيانا موحدا في المجمل رغم بعض الخلافات بينما لم يكن الطرف التجاري كذلك لا بالأمس ولا اليوم ، لكن منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بدأ الضعف يدب في كيان المشيخة حيث بلغ مداه عام 2006 والذي شهد زلزالا هائلا لم تتوحد بعده أطراف كيان المشيخة حتى تلك التي كانت متوافقة في آلية التعامل مع ما جرى عام 2006 ، أما الجناح المتغلب في القطاع التجاري فقد أحسن استغلال الفرصة وفَعَّل بشكل أكبر شراكة التجار والمشيخة بل أصبح هو الطرف الأقوى في هذه الشراكة !

 

        شعور الأطراف الفاعلة في المشيخة بالضعف جعلها هي وما تمتلكه من صلاحيات إصدار الفرمانات أسيرة لرغبات وسياسات الجناح المتغلب من التجار وهو ما كان يعلمه تماما عبيد الوسمي قبل ترشحه للانتخابات التكميلية والتي طبَّل وزَمَّر محبوه لِنتيجتها غير المسبوقة من حيث حسبة الأرقام ، لكن ماذا بعد ؟

 

        دخل عبيد الوسمي المجلس على أشلاء بدر الداهوم التي قطعتها يد الجناح المتغلب من التجار وقطعت معها أشلاء الجسد القضائي الكويتي ، وقد علق محبو الوسمي عليه آمالا كبيرة وكأنه بطل المشهد الأخير في فيلم هندي ، لكن ما جرى هو أن دكتور القانون وبقية زملائه المتمسكين بمسمياتهم الرسمية كنواب أصبحوا شهود زور على عار المرحلة الحالية الخطيرة في تاريخ الكويت ولم يجدو لهم حيلة سوى النياحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث أطل عبيد الوسمي عبر تغريدة في تويتر يعتذر فيها للشعب أصالة عن نفسه ونيابة عن زملائه عن عدم قدرتهم على التصدي للفساد والممارسات اللا دستورية ، وقد ختم الوسمي تغريدته باقتباس جزء من آية قرآنية تقول : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " !

 

        إنك تعلم مسبقا يا دكتور عبيد أن هذا هو وسعها قبل نزولك الانتخابات التكميلية والعاصفة الإعلامية التي صاحبت قرارك هذا ، والمجلس المُبْطَل عام 2012 الذي كنت أنت عضوا فيه يشهد بذلك في وضع كان نسبيا أهون مما نحن فيه ورغم ذلك لم يستطع أحد أن يوقف عجلة انحدار الحال السياسي في البلد حتى بلغ مرحلة العُهْر ، فبناء على ذلك ولكونك تعلم الحقيقة مسبقا فإن اعتذارك مرفوض يا دكتور عبيد .

الجمعة، 11 يونيو 2021

عار الكويت وفضيحة جراح !

        مشكلة البدون في الكويت قديمة جديدة ماضية حاضرة مستقبلية تخضع لقواعد كل الأفعال ، مبدؤها مخجل مبني على أساس حاجة كيان الكويت الصغير قليل السكان كثير المال إلى عمالة مدنية وعسكرية ، وعليه فقد فُتِحَت كل الأبواب لتوظيف هذه الفئة دون تجنيسها أو تثبيت انتمائها لغير الكويت إن كان لها انتماء آْخَر !

 

        تغير الوضع في ثمانينيات القرن الماضي حيث تكاثر حملة الجنسية الكويتية في بلد ذي اقتصاد رَيعي لا إِنْتاجي وأصبحَت مداخيل الدولة رغم وفرتها لا تكفي للصرف على الموظفين البسطاء من المواطنين وتعبئة جيوب اللصوص الكبار التي لا تشبع من السحت في آْنٍ واحد ، فتضخمت مشكلة البدون وَفْقَ السياق المعلوم حتى بلغت ما هي عليه اليوم من وَصْمَة عار في ماضي وحاضر وربما المستقبل المنظور للكويت !

 

        هزت الرأي العام في الكويت قضية دهس الشاب جراح عايد من فئة البدون وهو يبيع الورود في جو مُلْتَهِب الحرارة عند إشارة مرور بسيارة مستهتر نَزِق ، لكن الأكثر استهتارا منه هُم مَن تركوا والِد هذا الشاب دون عمل حتى اضطر ابنه ليبيع الورود بهذا الشكل في بلد ثَري يتبختر شعبه وتتبجح حكومته برعاية العمل الإنساني وبذل الصدقات والتبرعات ودفع اَلزَّكَوَاْتِ في كل مكان بالعالم إلا بلد المَنْشأ ( الكويت ) !

 

        في الخامس والعشرين من مايو عام 1985 استشهد اثنين من أفراد الحرس الأميري وَهُمَا من البدون فداء للشيخ جابر الأحمد يرحمه الله في محاولة اغتياله الفاشلة التي نفذها العدو الفارسي عَبْر أذنابه المُندسين في الكويت ، فلم يتم منح الجنسية الكويتية لِذُرية الشهيدَين إلا بعد أكثر من عشرين سنة !

 

        اليوم تأتي قضية الشاب الشهيد جراح لتجعل اتخاذ خطوات عملية عاجلة لإنهاء معاناة البدون ثم القضاء على مشكلتهم أمْرا مُلِحّاً لا يقبل التأجيل ، أما أن يتم تأخير التحرك باتجاه حل المشكلة لأن الحكومة البخيلة لا تريد زيادة الضغط على بند الرواتب والخدمات للمواطنين أو لأن التاجر الانتهازي الجشع يريد أن يوظف عمالة رخيصة تتكلم كويتي ولا يَلْتَزِم تجاهها بشيء إذا أراد تسريحها فهذه وصمة العار التي ليس أمام الكويت إِلَّاْ أن تُزِيلها أو تزول بسببها ، فالظلم ظلمات في الدنيا والآْخِرة .