الخميس، 13 أكتوبر 2016

الطعنة المصرية والخيبة السعودية !

الكل تابع الضجة المُثارة حول الموقف المخزي لمصر السيسي إزاء 
محنة إخواننا في سوريا المنكوبة المحتلة ، ولسنا هُنا في معرض تحليل موقف 
حكام مصر البلطجية فهؤلاء هم مَن ذبحوا بدم بارد خمسة آلاف مصري في ليلة 
واحدة بمباركة مَن أضلهم الله وخيب سعيهم ؛ فمَن يفعل مثل هذا بشعبه لا 
يُرتجى منه أن يكون رؤوفا بالشعوب الأخرى وعطوفا عليها . 

الذي أذهل المتابعين حقا هو بروز خلاف سعودي مصري على مسرح 
الأحداث تم ربطه بتصويت مصر مع المشروع الروسي رغم أن المشروع المقابل 
كان فرنسيا إسبانيا ولم يكن مشروعا سعوديا ! 

نود فقط أن نلفت الانتباه إلى أمرَين هامَين غابَاْ عن المتابعين أو 
أن بعضهم تجاهلهما عمدا لأسباب مختلفة : 

الأمر الأول هو أن مشكلة السيسي وعصابته لم تكن مرتبطة أبدا بالموقف 
الأخير فيما يسمى مجلس الأمن الدولي لكنها بدأت منذ انقلابه المشؤوم عام 
2013 م والذي تم برعاية سعودية مباشرة لم تكن مبررة إطلاقا وشكلت تدخلا 
سافرا في الشأن المصري الداخلي بل إنها قد ترقى إلى عدوان على الشعب 
المصري ، ويحاول بعض الذين اعتادوا تمجيد النظام السعودي تصوير الأمر على 
أنه سياسة خاطئة انتهجها الملك الراحل عبد الله وأن الملك سلمان قد غير 
هذه السياسة ؛ وهذا كلام غير دقيق في أحسن أحواله إذ أن الملك سلمان ذاته 
زار مصر على رأس وفد رفيع المستوى وأكد الموقف الذي كان قد تبناه الملك 
عبد الله ! 

الأمر الثاني هو أن الأمير محمد بن سلمان وبقية كبار المسؤولين في منظومة 
مجلس التعاون الخليجي قد زاروا بوتين في منتجع سوشي بعد بداية التدخل 
العسكري الروسي في سوريا واجتمعوا معه ليعقدوا اتفاقيات الاستثمار 
والتعاون في نفس الوقت الذي كانت فيه طائرات العدوان الروسي تدك مدن 
وقُرى أهلنا في سوريا ، فلا يعقل والحالة هذه أن يصبح تصويت مصر لصالح 
المشروع الروسي بحد ذاته سببا للخلاف مع السعودية ، فلو جاز لنا اعتبار 
موقف السيسي خيانة لكان الذين هرولوا إلى سوشي أسبق بالخيانة لأنهم باعوا 
دم أهل الشام باستثمارات مليارية مع المعتدين الروس ! 

حقيقة الأمر تكمن في أن السعودية صُدِمَتْ بتحركات واتصالات 
مصرية مع إيران خارج إطار تنسيق ظن حكام الرياض أنهم قد اشتروه بأموال 
السحت الحرام التي منحوها للمجرم عبد الفتاح السيسي ؛ تلك الأموال التي 
لولاها ولولا الدعم السياسي المصاحب لها ما كان للسيسي أن ينقلب على رئيس 
انتخبه الشعب المصري ثم ليذبح في ليلة واحدة خمسة آلاف نفس مسلمة في 
ميدان رابعة لن يكون السيسي وحده خصمها عند الله يوم لا ينفع مال ولا 
بنون ولا بترول ! 

ليست هذه أول خيبات السياسة السعودية التي استثمرت أموالها في كل 
مكان إلا داخل أرضها وفي عقول وقدرات أبناء شعبها المبدع الخلاقة 
والمتميزة ، فالسعودية هي مَن رعت حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد في أول 
سنوات حكمه ؛ والسعودية هي مَن ضخت أموالا ضخمة في لبنان واستثمرت في 
إعلامه ومصارفه ولم تنتج تلك الاستثمارات إلا ستار أكاديمي وسوبر ستار ؛ 
والسعودية هي مَن أغدقت بسخاء على عفاش اليمن وغفرت له خطيئته عام 1990 م 
وشاركتها الكويت في ذلك النهج الخاطئ ثم رممت وجهه القبيح بعد أن أحرقته 
نار أحرار اليمن ، فأين هي اليوم دمشق وأين بيروت وأين صنعاء ؟؟؟ 

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

زواج المرأة المتقدمة في العمر واعتبارات اتخاذ القرار

من المنطقي أن أي فتاة تتعدى مرحلة الطفولة وتصل سن الشباب تبدأ 
في التفكير بطرف آخر يدخل حياتها ( فارس الأحلام ) ، ولسنا هنا في وارد 
الحديث عن العلاقات المحرمة بين الشبان والفتيات فهي مرفوضة جملة وتفصيلا 
والموقف منها غير قابل للنقاش ؛ لكننا نتحدث عن حلم أي بنت بارتداء فستان 
الزفاف أو بدلة العرس سموها ما شئتم في ليلة حفل زواجها واقترانها بشاب 
تحلم بأن يكن قويا وسيما يحمل ملامح الرجولة وصفاتها ، فقوة الرجل 
بالنسبة للمرأة ذات الفطرة السليمة تعني الشعور بالأمان ووسامته تعني 
راحتها في مملكة البيت وعنوانها أمام الناس خارج حدود المملكة ، ولا 
علاقة لنا بميول بعض فتيات زمن الهِشِّك بِشِّك لشبان مائعين ذوي أشكال 
مشوهة ورجولة شبه معدومة فذلك يمثل انحرافا فطريا يمكن الحديث عنه في 
مقام آخر . 

تشاء إرادة رب العزة والجلال أن تتقدم نساء كثيرات في العمر دون 
أن يتزوجن وأن تكون بعض صاحبات التجارب الزوجية غير الناجحة عرضة لضغوط 
نفسية وأسرية واجتماعية كلما مرت السنين بعد طلاقهن دون أن يتقدم إليهن 
مَن يمكن أن تجرب الواحدة منهن معه حظها ثانية وتصحح ما قد تكون وقعت فيه 
من أخطاء في تجربتها الأولى ، وهؤلاء النسوة ممن بلغن أواخر الثلاثينيات 
من العمر أو اقتحمن أربعينياته وربما خمسينياته تتداخل حساباتهن العقلية 
مع رغباتهن الفطرية والتي لا تضعف كما قد يظن البعض لكن اعتبارات الظروف 
وتعامل العقل معها يزاحم تلك المشاعر مما يدفع المرأة إلى تقديم تنازلات 
ما حينما تسنح لها فرصة الزواج ، فبنت العشرين التي لا تقبل الزواج من 
رجل متزوج أو آخر مسن أو ثالث معاق أو رابع يقل عنها من حيث التصنيف 
الاجتماعي والمادي هي ذاتها التي قد تقبل تقديم تلك التنازلات في 
الأربعين أو الخمسين عندما تقدم لها الحسابات العقلية تقريرا مفصلا 
مُفاده أن تفويتها للخاطب المتزوج أو المسن أو المعاق أو الأقل مركزا 
اجتماعيا وماديا قد يكون بمثابة إعدام أملها في الزواج نهائيا ! 

لا مشكلة في تغيير الأولويات في حياة الإنسان وفق ظروف كل مرحلة 
من مراحل عمره ؛ ومقارنة حالة الفتاة الطامحة للاقتران بفارس أحلامها 
والمرأة التي تقدم بها العمر وتطمح للأمان النفسي والاجتماعي وإشباع 
غريزة الأمومة لديها يعد أبرز مثال على ذلك التغيير ، لكن ثَمَّةَ 
اعتبارات لا بد من تنبيه المرأة المتقدمة في العمر حين تتاح لها فرصة 
الزواج سواء كانت صاحبة تجربة سابقة ( مطلقة ) أو لم يسبق لها الزواج من 
قبل ؛ وأهم تلك الاعتبارات ما يلي : 

أولا – يجب أَلَّاْ تترك شعور الدونية أو الفراغ العاطفي نتيجة عدم وجود 
الطرف الآخر في حياتها يدفعها للموافقة على أي خاطب يتقدم إليها فتستعجل 
في تقديم تنازلات قد لا تكون هي مستعدة لها نفسيا أو أن ذلك الخاطب لا 
يستحق تقديم مثل تلك التنازلات له ، وعلى الأهل توفير غطاء يشعرها 
بالأمان وأنها ليست حملا ثقيلا عليهم وأنهم يتمنون لها السعادة مع زوج 
تحبه ويحبها لكنهم في نفس الوقت على استعداد للوقوف معها في كافة مراحل 
حياتها إِلَّمْ يقدر الله الحصول على ذلك الزوج . 

ثانيا – كلما كان الخاطب للمرأة المتقدمة في العمر قريبا منها أو من 
أسرتها كلما كان ذلك أفضل ، ولا نعني بالقرب قرب النسب فحسب لكن الجيرة 
والصداقة تشمل ما نقصده بل إنها في كثير من الأحيان تكون أقوى من قرابة 
النسب ، فصديق الأخ أو أخ الصديقة أو الجار القريب أو ابن العم والخال 
والعمة والخالة أدعى لأن تكون المرأة عارفة بكثير من أحواله وبالتالي 
تكون أكثر قدرة على تحديد القرار المناسب حيال طلبه الزواج منها موافقة 
أو رفضا ، إضافة إلى ذلك فإنه لا بد من حوار مباشر بين المرأة المتقدمة 
في العمر وذلك الخاطب الذي تقدم إليها ؛ إذ لا يكفي حواره مع وليها أبا 
كان أم أخا لأن المرأة ذاتها هي الأَولى بتحديد الاعتبارات التي قد 
تدفعها للموافقة أو الرفض من ناحية ؛ ومن ناحية ثانية فإن بعض الآباء أو 
الإخوة ينشغلون بمسألة ما يرونه تسليكا لنصيب البنت أو الأخت أكثر من 
تركيزهم على شخصية الرجل المتقدم لخطبتها ! 

ثالثا – في بعض الحالات التي يكون فيها الخاطب أقل اجتماعيا أو ماديا من 
المخطوبة المتقدمة في العمر يجب الحذر ، فعلى سبيل المثال حينما يتقدم 
وافد مقيم لخطبة مواطنة خليجية دون سابق علاقة أو معرفة تجمع أسرتيهما 
فإن ذلك ربما يكون مشروع استغلال تصبح المرأة ضحيته ويغدو وضعها بعد طعنة 
الغدر من ذلك المستغل أسوأ مما كان عليه قبل تجربة اقترانها به ؛ مع 
التأكيد على أننا لا ننتقص من إخواننا المقيمين الذين يعملون بشرف في 
بلداننا ولا نتهمهم كلهم بأنهم ينظرون للمرأة الخليجية حين التفكير في 
الزواج منها نظرة استغلال لكن من حقنا أن نحذر بنات أوطاننا وكل واحدة في 
النهاية أقدر على تحديد وجهتها أو هكذا يُفترض ، أما إذا كان الفارق بين 
الخاطب والمخطوبة المتقدمة في العمر فارقا اجتماعيا ( أصيل وبيسري ) فلا 
يحق للمجتمع أن يجبر المرأة على التمسك بمقتضياته وحرمانها بالتالي من 
فرصة الزواج في حين أن ذلك المجتمع لم يرحمها من نعتها بالعنوسة أو 
تعييرها بالطلاق الذي قد لا تكون هي مَن تسببت بوقوعه . 

كانت تلك بعض الاعتبارات التي نرى وجوب اهتمام المرأة المتقدمة 
في العمر بها حين تتاح لها فرصة الزواج ، وَإِلَّمْ يتسنى لها الزواج 
فعليها الاستمتاع بباقي جوانب حياتها لأن الزواج رغم أهميته ليس هو كل 
الحياة .