الأحد، 13 سبتمبر 2015

انخفاض أسعار النفط بُعبُع كاذب !

       في هذه المنطقة الفقيرة ( شبه جزيرة العرب ) عاش أجدادنا مر
الحياة أكثر مما نعموا بمذاق حلاوتها ، لكنهم تكيفوا مع ما كتب الله لهم
حتى ظهر البترول بفضله سبحانه وتعالى .

       رغم أن أحوال عموم الناس تحسنت قياسا لما كان عليه الوضع قبل
النفط إلا أن القائمين على شؤون البلاد والعباد ومَن تحالف معهم أَبَوْ
إلا أن تستمر الفروقات الطبقية مثلما عهدوها يوم أن كان أبناء الفقراء
يموتون في سبيل تزيين أعناق بنات الأغنياء باللؤلؤ المستخرج من أعماق
البحر ثم يبتز مُلاك السفن الثكالى والأرامل من أسر الضحايا ويطالبوهم
بالسلفة التي أعطوها للغواص الراحل قبل إبحاره إلى العالم الآخر !

       تحكم الرأس ماليون الخليجيون بالسوق وأشاعوا الثقافة الاستهلاكية
في أوساط عامة أبناء المنطقة الذين انتعشت أحوال العديد منهم بعد ارتفاع
أسعار البترول في أعقاب حرب أكتوبر عام 1973 م ، وأتخمت خزائن السعودية
والكويت وقطر والإمارات ذات المحدودية في عدد السكان بأموال ضخمتها
الاستثمارات أكثر فأكثر لكن ومع الأسف لمصلحة أساطين الرأس مالية
الخليجية باستثناء بعض الفتات الذي أُلقي للشعوب كي يمن عليها الشيوخ به
ليُنسب حتى راتب الموظف الذي يتقاضاه نظير عمله إلى أفضالهم !!!

       منذ ارتفاع أسعار النفط عام 1973 م تعرضت المنطقة لعدة هزات
انخفضت على إثرها أسعاره كما حدث عام 1986 م في أوج احتدام الحرب
العراقية الإيرانية وكذلك في عام 1999 م حينما أراد الأمريكان إرغام حكام
الخليج على قبول شراكات قسرية في المشاريع النفطية ، وفي كل مرة ينخفض
فيها سعر برميل النفط كان الإعلام الخليجي الرسمي والمأجور يروج لثقافة
شد الحزام ويخوف المواطن الخليجي باحتمالية تدني مدخوله ، لكن الواقع
الذي تثبته الأحداث ويؤكده الخبراء مثل أحمد زكي يماني وزير النفط
السعودي الأسبق يشير إلى أن سعر 16 إلى 20 دولار للبرميل يعد كافيا
بالنسبة لدول الخليج وتستطيع من خلاله إقامة مشاريعها وإغناء مواطنيها
ليس عن طريق الصرف عليهم من أموال النفط فحسب وإنما عن طريق تداور
الأموال عبر عجلة اقتصادية حقيقية تقوم على تعزيز الإنتاجية بعيدا عن
سطوة أساطين الرأس مالية الخليجية .

       كلما ارتفع سعر برميل النفط أخذ معه إلى الأعالي سعر كل شيء حتى
سعر حفنة الرمل ؛ لكن إذا نزل سعر برميل النفط فإنه ينزل لوحده ويترك سعر
كل شيء خلفه مرتفعا ، كما أن بذخ أساطين الرأس مالية الخليجية لا يتأثر
أبدا بنزول سعر برميل النفط بعدما استفاد من ارتفاعه ؛ ووحده المواطن
البسيط هو الذي عليه أن يعيش تحت التهديد لأنه إن كان هناك اضطرار لدفع
ثمن ما نتيجة تدني مداخيل الدول الخليجية فإن المواطن البسيط عليه هو
وليس غيره دفع ذلك الثمن أو على الأقل عليه أن يأكل ما تيسر من التبن
ويتوقف عن المطالبات بزيادة الرواتب أو دعم المواد الغذائية ومواد البناء
وما إلى ذلك من مطالبات تعتبر في مثل هذه الظروف قلة أدب !!!

       لو أن أموال بترول دول ما يُعرف بمجلس التعاون الخليجي أُديرت
بنسبة خمسين بالمئة من الأمانة لكُنا نركب القطار اليوم من الكويت إلى
مسقط ولكانت التجارة البينية الحرة وحدها دخلا آخر يفيد الدولة والمواطن
معًا ولكانت النهضة الصناعية باب رزق يجعل معه معظم مداخيل البترول
احتياطات مالية للأيام الصعبة ، لكن لأن بذخ أساطين الرأس مالية الخليجية
هو المصب الأساسي لأكلة السحت الحرام من سراق ثروات الأمة فإن انخفاض سعر
البرميل إلى 45 أو 40 دولارا يصبح سببا كافيا لزرع الكآبة في نفوس بسطاء
المواطنين الخليجيين ، وفي ظروف قد لا يحسب لها البعض حسابا ربما تتحول
حالة الكآبة تلك إلى غضب وانفجارات غير رشيدة في سلوكيات مَن تشبعت
نفوسهم بالهم والغم .

       لقد أغرق أساطين الرأس مالية الخليجية خزائن أنظمة شمولية مثل
سوريا الأسد ومصر مبارك ويمن علي صالح بالأموال لسنين طويلة ؛ فماذا كانت
النتيجة ؟ ، إنها العبرة والعظة التي أخشى أن يكون أوان الاستفادة منها
قد فات بسبب تراكمات السياسات الخاطئة لأساطين الرأس مالية الخليجية ،
والله يستر من أحداث ما بعد موسم الحج !!!

الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

تبًّا لكم أيها الكويتيون !

       " ذبحونا المصريين * أذَّونا البنغالية * وصخوا شوارعنا الهنود *
لعبوا بالديرة الأجانب " !!!

       العبارات آنفة الذكر وما شاكلها تمثل مربعا صغيرا في ميدان الردح
والتحلطم الكويتي المقرف ، نعم هو مقرف لأنه يصور شعب الكويت على أنه
وحده ضحية كل المتآمرين عليه من وافدين وتجار وحكومة وربما حتى الطيور
التي تلقي فضلاتها على سيارتهم وكأن الكويتيين حفنة مساكين تقع عليهم
الأفعال ولا يستطعون هم القيام بأي فعل !

       أثارت وفاة شهيد الفوضى الطبية سعود العازمي رحمه الله ردود
أفعال واسعة ضغطت باتجاه محاسبة مَن يُدَّعَىْ أنه طبيب والمتسبب في
استشهاد العازمي ، فإذا بالرأي العام الكويتي يُصفع على وجهه بسفر
الدكتور المصري إلى بلده حتى دون إأن يصدر بحقه قرار بمنع السفر وهو
الإجراء الذي يكفي تأخر مواطن كويتي في دفع فاتورة هاتفه النقال ليصبح
سببا في اتخاذه ضده !

       طبعا تحلطم الكويتيون كعادتهم على الحكومة خاصة وزيري الصحة
والداخلية وعلى الأطباء المصريين ؛ لكنهم غضوا الطرف عن الحقيقة المرة
وهي أن كل خطأ أو خطيئة يرتكبها وافد أو وافدة في بلادنا إنما تستند إلى
ظهر كويتي يحمي الخاطئين والخاطئات من الوافدين والوافدات ، فرغم أن
وزيري الداخلية والصحة يتحملان قطعا مسؤولية خروج الطبيب المصري إلا أن
ذلك الوافد ما كان ليخرج عبر المطار إلا بغطاء كويتي شجعه على سرعة
المغادرة وضمن له الإفلات ؛ وهذا الكويتي قد يكون واحدا من المتحلطمين
على الفساد ليل نهار !

       أقول للكويتيين أن تجار الإقامات الذين يأكلون أموال السحت
الحرام ليسوا وافدين وإنما هم منكم وفيكم وما الوافد إلا أداة رخيصة
لتحقيق أغراض المجرم الكويتي ، كما أن الذين استقدموا المعلمين والمعلمات
عبر ما يُقال أنها لجان مقابلات إنما هم منكم وفيكم والذين لا يحاسبونهم
على التقصير في أدائهم هم أيضا منكم وفيكم ، والشيء نفسه ينطبق على
الأطباء والطبيبات ، كذلك فإن الذين وضعوا مفاصل وأسرار الأعمال في مختلف
وزارات الدولة بأيدي المستشارين الوافدين هم أيضا منكم وفيكم وهدفهم هو
أن يكون المستشار الوافد جسرا لتجاوزاتهم واستنفاعهم اللا مشروع ، والذين
يديرون سمسرة تجارة البشر ممثلة في مكاتب الخدم هم في الحقيقة منكم وفيكم
وإلم يظهروا بالصورة !

       حينما تضبط الأجهزة الأمنية وافدا مخالفا فإن الذي يركض لإخراجه
من المخفر هو كويتي منكم وفيكم ؛ فيكفي أن تكون لذلك الكويتي الخائن
منافع مالية أو غير مالية حتى يبيع وطنه ويستخدم نفوذه وعلاقاته من أجل
حماية الوافد المخالف !

       أذكركم فقط أيها الكويتيون أن الإعلامية المصرية نيرفانا إدريس
عندما أرادت طرد بنتكم حصة الملة من استوديو 500 بالتلفزيون عام 1995 م
لم تتصل بسفارة بلدها ولم تتخابر مع علاء حسني مبارك وإنما اتصلت بشخصية
كويتية مرموقة أمرت حصة الملة بترك الاستوديو لعمتكم نيرفانا !

       في عام 1999 م حدثت أعمال الشغب الشهيرة في مستوطنة خيطان التي
كنتُ شخصيا أسكنها مؤقتا آنذاك ، وللأمانة أقول بأن كل الشرفاء من
إخواننا المصريين قد رفضوا ما حدث وطالبوا بتطبيق أقصى العقوبات على
المشاغبين ؛ كما أن السفير المصري ذاته حضر إلى المنطقة وأكد حق الحكومة
الكويتية في تطبيق قوانينها على مَن يعبث بأمن البلد ، لكن الكويتيين
الذين هم منكم وفيكم هم مَن طمطم السالفة وهم الذين أعاقوا سن قوانين تحد
من تجارة الإقامات ؛ وقد تم ذلك برعاية ما تسمونه أنتم مجلس الأمة وفي ظل
وجود الأعضاء ذوي اللسان الطويل تحت قبته ، وما كان ذلك ليحدث لولا أن
كثيرا منكم يستفيدون من تجارة الإقامات وأنكم أصلا لن تقبلوا بأي إجراءات
تحرمكم من منافعها !

       أيها الكويتيون : إن دبي التي تمجدونها وتصغرون بلدكم مقارنة بها
مليئة بنفس الجنسيات التي تدعون أنتم كذبًا وزورا أنها سبب خراب بلدكم ؛
ومع ذلك ورغم ما في دبي من سلبيات إلا أن شوارعها نظيفة ومدارسها راقية
وخدماتها متقدمة بوجود المصري والهندي والفلبيني إلخ من أجناد الأرض التي
يستقدمها السلطان الخليجي المترف لتخدمه ، هذا يعني ببساطة أنكم أساس
الخراب وسبب علة بلادكم الباطنية ؛ فتبًّا لكم أيها الكويتيون !

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

زواج المسيار ليس Take Away !

       تلقيتُ ردود أفعالٍ متباينة حول مقالنا السابق ( زواج سفري
وعلاقة Take Away ) ؛ فمنها ما هو مؤيد ومنها ما وصف طرحنا بالمبالغ فيه
ومنها أيضا ما اعتبر ذلك الطرح تماديا غير مقبول ودخولا في خصوصيات تمثل
كل منها حالة منفصلة لا يحق لغير المعنيين بها تحديد ما يجب فعله إزاءها
.

       إلى هُنا والأمر عادي جدا ؛ لكن ما لفت انتباهي تعليق كتبت فيه
صاحبته تقول : " أنتم معشر الرجال تعشقون علاقة Take Away ولا أدل على
ذلك من هوسكم بزواج المسيار وهو أوضح أشكال علاقة Take Away " !!!

       سأرد على الأخت الكريمة بما أنَ مقتنع به وأعتقده مع كل الاحترام
والتقدير لمَن يختلف معي سواء في الرؤية أو حتى في المذهب ؛ إذ أن لكل
مذهب آراؤه واستدلالاته ، لكنني شخصيا أشعر أحيانا بأن حديث بعض أشباه
الرجال عن الجانب الفقهي المتعلق بالزواج وأحكامه كأنه يسعى لخدمة
مقتضيات الذكورة لديهم وليس منطلقا من مقاصد الشرع ، لذلك فإن رأيي في
المسألة يقوم على ما يلي :
أولا – العلاقة الزوجية تقوم على ثلاثة أضلاع ؛ أولها الأركان الثابتة
المرتبطة بمقاصد الشرع وفي مقدمتها ما ورد في الآية 21 من سورة الروم إذ
قال الله تعالى : " وَمِنْ آْيَاْتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاْجًا لِتَسْكُنُوْا إِلَيْهَاْ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً " ؛ فسكن الزوجين لبعضهما بما يوجد المودة والرحمة
هو المقصد الأسمى للزواج الذي يقوم بناء الأسرة عليه ، أما ثاني تلك
الأضلاع فهي الأحكام المنظمة لشؤون الحياة الزوجية وضمان استمرارها
بالمعروف أو إنهائها بالإحسان ، أما الثالث فهو ما يتفق عليه طرفَاْ عقد
الزواج من شروط على ألا تتناقض مع الأركان ولا تتضارب مع الأحكام ولا
يكتنفها شيء من الحرام .
ثانيا – أركان الزواج هي :
1 – البلوغ ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " فالرجل راعٍ
في بيت أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن
رعيتها " ، والمسؤول لغة هو مَن تقع عليه المحاسبة وغير البالغين من
الأطفال ذكورا وإناثا هم أحد ثلاث أصناف من البشر رُفِعَ القلم عنهم فلا
يمكن تحميلهم المسؤولية المنصوص عليها في حديث النبي صلى الله عليه وآله
وسلم ، كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم حينما دعَاْ رجال أمته للزواج
قال : " يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج " ؛ فكان الخطاب
للبالغين من الرجال لا لغيرهم ، كذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم : "
تزوجوا الودود الوَلود فإني مُباهٍ بكم الأمم يوم القيامة " ؛ فالدعوة
النبوية أتت للاقتران بالبالغات من النساء لأن الأنثى غير البالغة لا
يمكن أن تكون وَلُوْدًا .
2 – الإحصان ، فعفة طرفي العلاقة الزوجية شرط لصحة الزواج بدليل قوله
تعالى : " اَلزَّاْنِيْ لَاْ يَنْكِحُ إِلَّاْ زَاْنِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَاَلزَّاْنِيَةُ لَاْ يَنْكِحُهَاْ إِلَّاْ زَاْنٍ أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَىْ ااَلْمُؤْمِنِيْنَ " ( النور 123 ) .
3 – الإشهار ، وهو ليس مرتبطا بوليمة العرس كما قد يظن البعض نتيجة أن
تلك الوليمة كانت في أزمان غابرة هي وسيلة إشاعة خبر الزواج بما يمنع
كِلَاْ الطرفين من إنكاره والتنكر لمقتضياته ، لكن شكل الإشهار يختلف
باختلاف أحوال وظروف الناس في الزمان والمكان ؛ والإشهار في حياتنا اليوم
يُقصد به توثيق عقد الزواج في المحكمة رسميا لحفظ الحقوق وإلزام طرفي
العقد بالواجبات ، وفي رأيي أن المتساهلين في هذا الأمر من المتصدرين
للفتوى الذين لم يُفتوا بحرمة ما يسمى الزواج العرفي قد عرضوا المرأة على
وجه الخصوص لأن تغدو ضحية بعض ضعاف النفوس الذين يحتالون عليها تحت مظلة
ما يسمى الزواج العرفي ثم يتنكرون لهذا الزواج فيقع الضرر خلافا لما
تقتضيه القاعدة الشرعية المبنية على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " .
       تأتي بعد ذلك الأركان المعلومة للجميع من ولي وشاهدين وإيجاب
وقبول وهو أمر مفروغ منه لأنه ليس خلافيا .
ثالثا – يجوز لطرفي العلاقة الزوجية الاتفاق فيما بينهما على أي شيء
يريدانه شريطة ألا يتصادم ذلك مع مقاصد الشرع وأحكامه ، ومما يجوز
الاتفاق عليه هو إسقاط المرأة لحقها في توفير السكن أو قسمة المبيت وهو
ما يسمى من باب الاصطلاح الاجتماعي لا الشرعي ( زواج المسيار ) ، فهذا
المصطلح لا علاقة لملفظه بأحكام الشرع لأن أركان صحة الزواج شرعا لا يمكن
العبث بها ، أما ما عدا ذلك فإنه يُترك لطرفي العلاقة ليقررا ما يناسبهما
.

       مخلص الكلام هو أن علاقة Take Away يمكن أن يمارسها زوجان يقيمان
معًا في بيت واحد ؛ أما المسيار فهو مصطلح اجتماعي لا شرعي يرمز لعقد
زواج متكامل الأركان وتسري على طرفيه كافة الأحكام الشرعية ذات الصلة إلا
أن المرأة لفيما يسمى زواج المسيار أسقطت وفق حسابات شخصية هي أدرى بها
حقها في توفير السكن لها من قِبل الزوج وتنازلت عن قسمة المبيت بينها
وبين مَن كانت قبلها في ذمته أو مَن قد تدخل بعدها في تلك الذمة ، أما
ربط ما يسمى زواج المسيار بالسرية والكتمان فهذا لا يجوز لأنه يتناقض مع
ركن أصيل من أركان الزواج وهو الإشهار ؛ فالسرية قد تؤدي إلى القطيعة بين
أبناء الرجل الواحد وبناته من زوجاته كما قد تؤدي إلى انقطاعهم عن الجد
والجدة والأعمام إلخ من سلسلة الأقارب الأمر الذي يُعتبر قطيعة رحم وهو
ذنب من أخطر الذنوب ، كذلك فإن وفاة مَن أخفى زواجه ستؤدي حتما إلى مفاسد
وكراهية حين يتواجه الورثة ضد بعضهم في ساحات القضاء ، فلا علاقة إذًا
لما يسمى زواج المسيار بقصة Take Away وإنما هي ممارسة خاطئة قد يقع فيها
الزوج والزوجة وهُما بالتالي يتحملان معًا مسؤولية هذا الخطأ ؛ فلا يصح
لوم الرجال دون النساء على وقوع تلك الممارسة .

الاثنين، 31 أغسطس 2015

زواج سفري وعلاقة Take Away !

       مقدما أُنوه إلى أنني في خاطرتي هذه سأتناول موضوعا حساسا وأدخل
مناطق محظورة بطرح ربما يرى فيه البعض قلة أدب ، لذا فإن مَن لا يروق له
ما سأكتبه يمكنه حذف رسالتي من الواتساب أو يُلغي متابعتي من تويتر
وفيسبوك ؛ بل يمكنه القيام بحظر رقمي على الواتساب إذ لا يحق لي فرض
أفكاري وأسلوبي على أحد مثلما أنه لا يحق لأحد فرض أسلوبه وأفكاره علي ؛
فليس المطلوب أن نتفق أو يجامل أي منا الآخر لكن المطلوب في الحد الأدنى
هو ألا يتعمد أي منا الإساءة الشخصية لغيره ، فما زاد بعد ذلك فهو خير
على خير .

       قبل سنوات كنتُ أشارك في برنامج إذاعي اسمه ( الفراغ العاطفي )
تقدمه الدكتورة مريم باقر ، وكان ضمن القضايا التي تناولتها الدكتورة
مريم تنامي ظاهرة الانعزال الاختياري بين الزوجين في المبيت إذ ذكرت
الدكتورة أن بعض الإحصائيات تحدثت عما نسبته 65% من الأزواج والزوجات في
العالم العربي اختاروا طوعا أن يبات كل منهم في غرفة منفصلة عن الآخر رغم
استمرار العلاقة الزوجية بينهما بكافة أبعادها !

       طبعا لم يكن بإمكان الدكتورة مريم الحديث عن هذا الموضوع في
العمق لكونها تتحدث عبر وسيلة إعلامية حكومية ؛ لكنها تكلمت عن دور دخول
التلفزيون إلى غرف نومنا كجزء أساسي من مكوناتها وكيف أن اختلاف الأمزجة
ما بين الشغف بالمباريات أو حب الأفلام أو متابعة الأخبار قبل النوم جعل
انفصال الزوجين في المبيت أمرا حتميا ، وانتقدت الدكتورة مريم دخول
التلفزيون إلى غرفة النوم من حيث الأصل لكل الناس متزوجين كانوا أم عزابا
لما لذلك من آثار ضارة على التركيز ولما يتسبب فيه من اضطراب النوم
ناهيكم عن المخاطر المحتملة لإشعاعات إضاءة التلفزيون في الغرفة المغلقة
وفقدان الإنسان لحالة الاسترخاء المطلوبة وقت نومه .

       شخصيا ذكر لي أحد المهندسين المعماريين أنه لاحظ في مكتبه عدة
حالات لأزواج وزوجات يأتون للتشارك في تخطيط بيت العمر ويضعون ضمن قائمة
الطلبات ( غرفة ماستر للزوج وغرفة ماستر للزوجة ) مما يعني أن الانعزال
في المبيت تم طوعًا وأن الزوجين اللذَين اتخذا تلك الخطوة قد اختارا
علاقة زواج شكلي لا مودة فيها ولا رحمة وإنما هيكل بناء أسرة أمام الناس
مكونة من زوج وزوجة وذرية نتجت عن علاقة جنسية لا صِلة زوجية !!!

       مبيت الزوجين معًا في غرفة واحدة دون منغصات إلكترونية أو ملهيات
درامية هو أكبر من مجرد توارٍ خلف الأبواب لممارسة الجنس ؛ فذلك التواري
يمكن حدوثه حتى في العلاقات المحرمة بل وفي الممارسة الذاتية التي تسمى
مجازًا ( العادة السرية ) ، فالزواج هو صِلة مقدسة مبنية على المودة
والرحمة والتلاقي الجنسي حين يحدث فيها إنما يكون ترجمة لحالة من الرضى
المتبادل بين الزوجين دفع كل منهما للتقرب من الآخر ، لذلك فإننا نلاحظ
ذوي النفسيات المتزنة والقلوب الصافية من الأزواج المسنين والزوجات
المسنات يحرص الواحد منهم على وجود شريكه بجانبه على الفراش رغم أن
الممارسة الجنسية بمعناها الحسي المجرد مفقودة ؛ لكن حالة الرضى والتناغم
العاطفي بين الزوجين تنامت مع مرور السنين فلم تهتز بضمور الغدد المسؤولة
عن الإثارة الجنسية .

       ما يحدث في العلاقة الجنسية بين الزوجين اللذَين اختارَا طوعًا
الانعزال في المبيت هو أنهما قد فَصَلَاْ تلك العلاقة عن حالة التناغم
العاطفي المفترضة وربطاها فقط بغريزة حسية تحركها فكرة خطرت على البال أو
ربما يُثيرها ضرب من الخيال ، فالشريكان في هذه الحالة يمارسان ما يمكنني
شخصيا اعتباره ( جنس سفري ) يشبه وجبات Take Away التي نأخذها من المطعم
لنأكلها على السريع ، وهذا النوع من العلاقات وإن حدث ضمن إطار زواج رسمي
إلا أنه لا يمنح القرب بين الزوجين صفة القداسة ؛ فذلك القرب يتم تحت
الطلب في وقت محدود ولهدف حسي مجرد ؛ وما دام أن ذلك الهدف الحسي المجرد
قد انفصل عن الحالة العاطفية المفترضة فلن يكون هناك فرق بين تحقيقه في
علاقة  زوجية يسبح كل واحد من طرفيها في فلك بعيد عن الآخر أو في لقاء
جنسي بين ذكر وأنثى خارج إطار الزواج ، وأنا هُنا أتحدث عن اتجاه نفسي لا
عن حكم شرعي حتى لا أُفهم خطأً .

       ختاما أقول : حتى أنا رغم صراحتي لم أذكر كل شيء عن هذا الموضوع
الحساس ؛ لكن الحقيقة هي أن الزواج بدأ يفقد صفة الرباط المقدس وبات من
السهل على طرفي العلاقة نسفه لأتفه الأسباب ، كما أن كثيرا من الأزواج
والزوجات أصبحوا قدوات سيئة لنتاج علاقتهما من الأولاد والبنات ،
والانعزال الطوعي بين الزوجين في المبيت أحد أخطر أسباب تنامي هذا الورم
الصرطاني في مجتمعنا .

الخميس، 27 أغسطس 2015

شكرا من الأعماق لزبالة لبنان وفساد العراق !

       في الثاني من نوفمبر عام 1917 م أصدرت بريطانيا ممثلة بوزير
خارجيتها الهالك بلفور وعدها المشؤوم للصهاينة والقاضي بمنحهم ما
اِدُّعِيَ أنه وطن قومي لليهود في فلسطين ، وكان هذا الوعد هو أقبح وعد
في تاريخ البشرية إذ كان منحة ممَن لا يملك لمَن لا يستحق ؛ لكنه منطق
القوة والغطرسة !

       أعطى الإنجليز وعدهم المشؤوم للصهاينة وليس لليهود ؛ فاليهود
كانوا قبل ذلك الوعد جزءً أصيلا من ديمغرافيا الشرق الأوسط ، وقبل قيام
الكيان الصهيوني كان اليهودي في كل أرجاء المنطقة آمنًا على نفسه وماله
وعرضه ولم يكن أحد يفكر بقتله لمجرد كونه يهوديا ، ولأن مبررات اصطناع
الكيان الصهيوني لم تكن أخلاقية بالمرة فقد رُبِطَ قيام ما تسمى دولة
إسرائيل بفكرة يهودية الدولة ( الدولة الدينية ) ، ولقد كانت وما تزال
رعاية الغرب بقيادة أمريكا للكيان الصهيوني القائم على مبدأ الدولة
الدينية يمثل أحط مظاهر تناقض الغرب الذي يدعي العلمانية والمدنية بينما
يرعى بكل إمكاناته ما تسمى دولة إسرائيل ويطالب العالم كله بالإقرار
بيهوديتها !

       فكرة الدولة الدينية لم تكن مقنعة لأحد من أهل الشرق الأوسط بما
في ذلك اليهود أنفسهم ، لذا فقد عمد الغرب إلى نشر الطائفية المقيتة عمدا
في منطقتنا المنكوبة باستعماره القديم والجديد ، وكانت أولى النقاط
الضعيفة في تاريخ العرب المعاصر هي لبنان والتي ابتدع الفرنسيون لها أبشع
دستور في العالم هذا إن جاز لنا اعتبار الترتيبات السياسية في لبنان
دستورا أصلا !

       وُزعت المناصب العُليا في لبنان على أساس طائفي مقيت وتم رعاية
مجموعة عوائل من كل طائفة حتى تكون تلك الأسر الواجهة التي يجري عن
طريقها تصوير الشعب اللبناني وكأنه كله قابل بهذه الترتيبات ، فكانت
النتيجة الطبيعية لما يسمى الدستور اللبناني هي انقسام اللبنانيين إلى حد
الاقتتال الذي رعته رموز الأسر الأرستقراطية الذين أصبحوا أمراء حرب ؛
فتحول ما قالت عنه فيروز أنه بلد العيد إلى ساحة للتنافس القذر بين القوى
الإقليمية الكبرى برعاية القوى الدولية الكبرى وصولا بالحالة اللبنانية
إلى عجز كيانها السياسي عن انتخاب رئيس له فقط لأن إيران والسعودية
باتتَا على شَفَا تصادم مباشر بعد سنوات طويلة من حرب الوكالة التي
أدارها حكام الرياض وطهران عبر الشرق الأوسط ، فهذه هي الطائفية السياسية
وهذه هي نتيجتها !

       ومع محاولات متفرقة هنا وهُناك عمدت الأصابع الاستخباراتية
القذرة من خلالها إلى تأجيج المشاعر الطائفية برزت للأمريكان نقطة تحدٍ
قوية ضد مشروعها لنشر النفس الطائفي في المنطقة وأعني بها العراق ؛ ذلك
البلد الذي كان إلى وقت قريب يمثل أنصع صور التسامح في المنطقة خاصة بين
الشيعة والسنة والذين لم ينصهروا مع بعضهم في أي بقعة كما حدث في العراق
الذي نُكِبَ بحكم العصابات التي كان أبرز رموزها صدام حسين حيث أتاحت
تصرفاته للأمريكان وحلفائهم الإنجليز تبرير عدوانهم الغاشم على ذلك البلد
عام 2003 م حيث تم غزوه واحتلاله خارج إطار الشرعية الدولية !

       فرض الاحتلال الأمريكي بقيادة بريمر ومعاونة المرتزقة من
العراقيين على شعب العراق نظاما سياسيا طائفيا يشبه تماما ما فرضه
الفرنسيون في لبنان بذريعة أن هذه هي رغبة العراقيين وهذا هو التوزيع
العادل لحصص النفوذ السياسي بين مكوناته ، وبالتوازي مع ذلك فتح
الأمريكان باب العراق عمدا لعُتاة الإرهابيين الذين لم يكن أي منهم يتجرأ
على تعدي خطوط حدوده قبل عدوان عام 2003 م رغم أن النظم السياسية
المتعاقبة على حكم العراق لم تكن تملك عُشر إمكانات المراقبة والضبط التي
يمتلكها الأمريكان مما يؤكد سوء نية المحتلين وتقصدهم نشر الطائفية ،
فوقعت الأحداث التي لا تخفى على أحد وصولا اليوم إلى التهديد الصريح
بتقسيم العراق على أساس طائفي وربط ذلك أيضا بتقسيم سوريا على ذات الأساس
مما يعني إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة لن تكون بالتأكيد مقتصرة على
الهلال الذي كان خصيبا في ظل ترهل أنظمة الحكم في دول محيطة بالبلدين وهو
ما ينذر بقرب سقوط تلك الدول وبالتالي الانتقال من مرحلة سايكس بيكو 1
إلى مرحلة سايكس بيكو 2 !

       في وسط هذه الظُلمة الحالكة أُضيءت شمعتا أمل في بقعتين لم
يتوقعهما المخططون الاستراتيجيون في البيت الأسود وغيره ، هاتان
البُقعتان هُما بيروت وبغداد اللتين كانتا أكثر العواصم أنينًا من نيران
الكراهية الطائفية ؛ فقد وحدت الزبالة اللبنانية والفساد العراقي صفوف
الشعبين ليخرجا إلى شوارع بغداد وبيروت في وقت واحد ويُحملان الطائفية
السياسية وزر انتشار الفساد وتراكم الزبالة !

       " طلعت ريحتكم " هو الوسم الذي تداوله اللبنانيون عبر تويتر ليس
من باب إدانة شركات النظافة وإنما ثورة على الطائفية السياسية التي تأكد
اللبنانيون أنها سبب علتهم ، أما في العراق فقد أسقط البغداديون كذبة
اللئيم بريمر حين ادعى أن الطائفية السياسية هي ما يريده العراقيون ؛ فها
هم أبناء العراق وبناته يخرجون صفا واحدا ليحملوا ذلك النفس الطائفي الذي
أتى به المحتل مسؤولية ما وصلت إليه بلادهم ومطالبين بنظام سياسي مدني لا
مكان فيه للمحاصصة الطائفية .

       اليوم تسقط على أرض العراق ولبنان المبررات التي سعى الغرب إلى
تسويق فكرة الدولة الدينية الصهيونية على أساسها ذلك لأن المطالبات
بالدولة المدنية التي تصدح بها حناجر الأحرار في بيروت وبغداد هي مطلب كل
بسطاء الناس في الشرق الأوسط بمَن فيهم اليهود أنفسهم والذين فقدوا
الأمان مع إعلان قيام الدولة العبرية في 15/5/1948 م .

       شكرا من الأعماق لزبالة لبنان وفساد العراق الذَين بعثَا الأمل
في نفوسنا لإمكانية تصحيح أوضاع المنطقة ومعالجة مخلفات الزبالة
الاستعمارية بشكليها القديم والجديد .

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

شكرا سعد العجمي

       قبل سنة من الآن كتبنا مقالا اعترضنا فيه على سحب الجنسية من
المواطنين كأسلوب عقابي وبينا أنه لا توجد في قانون الجزاء الكويتي عقوبة
تُدعى ( سحب الجنسية ) وإنما هناك عقوبات تبدأ من الغرامة وتنتهي
بالإعدام حسب نوع الجرم ، كما أن القضاء بدرجاته المتتالية يجب أن يأخذ
مجراه مع توفير الفرصة الكاملة لكل متهم كي يدافع عن نفسه مقابل منح
الادعاء كامل الحق في بيان ما يثبت وقوع الجرم .

       هكذا ببساطة هو السلوك المتمدن لأي مجتمع متحضر وهذا هو ما كفله
دستورنا ، أما ما تم بحق المواطن سليمان أبو غيث والمواطن ياسر الحبيب
والمواطن عبد الله البرغش والمواطن أحمد الجبر والمواطن نبيل العوضي
والمواطن سعد العجمي وكل مَن سُحِبَتْ منهم الجنسية الكويتية وفق حسابات
تصفيات الخصوم فإنها كانت تعسفا وخرقا فاضحا للدستور والقانون بدأته
السلطة عام 2001 م وبدل أن يعترض عليه الشعب أصبح يرقص على أنغام
المعزوفة الحزينة التي ذبحت في كل كويتي شريف الأمل في أن يفتخر بدولة
القانون والمؤسسات المتفردة على مستوى المحيط الإقليمي ، فأصبح كل قطاع
من الشعب يستغل كل زوبعة تحدث للمطالبة بسحب جنسية مَن يختلف معه إما
بالتصريح أو بمكافأة النواب الذين يتصدرون هذا المشهد القبيح من خلال
إعادة انتخابهم مما يعني القبول بأفعالهم !!!

       في وسط هذه الظلمة حالكة السواد أضاء المواطن المنفي سعد العجمي
شمعة حركت داخل نفوسنا بصيص الأمل في استنقاذ وطننا الجميل من مرحلة
الفوضى والعبث التي يعيشها ، فرغم أن هذا الرجل قد تم اختطافه وإبعاده عن
بلده قسرا دون أي حكم قضائي ورغم أن قطاعات ما من شركائه في وطنه قد صفقت
لسحب جنسيته ورقصت على أنين أهله وأولاده الذين فرقت اليد الظالمة بينهم
وبين رب أسرتهم إلا أن سعد العجمي وبشيمة العربي الأصيل قد تسامى على
جراحه واتخذ موقفا شريفا إزاء المطالبات الغبية بل الانتهازية بسحب
الجنسية الكويتية من المتهمين الذين ضبطتهم أجهزة وزارة الداخلية في
نهاية الأسبوع الماضي ، فقد غرد سعد العجمي عبر حسابه في تويتر مخاطبا
المتهمين وقائلا لهم : " اطمئنوا ؛ فلن نطالب بسحب جنسياتكم فإننا قد
ذقنا مرارة الظلم ولا نرضاه لغيرنا ، لكننا نطالب بمنحكم كافة الحقوق
القانونية للمتهم الذي هو بريء حتى تثبت إدانته ونطالب بعرضكم أمام قضاء
عادل وهو ما تم حرماننا منه " .

       رغم اختلافي مع النهج السياسي والمنظومة الفكرية للمواطن سعد
العجمي إلا أنني أقف اليوم له احتراما وتقديرا على هذا الموقف النبيل ،
فشكرا لكَ سعد وندعو الله أن يسعد بلدكَ الكويت بوجودكَ على أرضها عاجلا
غير آجل ؛ إنه سميع مجيب .

الاثنين، 17 أغسطس 2015

أربعة أسباب دفعتني لرفض الإرهاب

       حين تلقيتُ خبر تفجير مسجد الإمام الصادق ظهر الجمعة التاسع من
رمضان الماضي كان موقفي الفوري رفض هذا العمل الجبان ، ولسنا بحاجة لأن
نعيد ونزيد في هذه القصة فقد حسم الكويتيون مجتمعين موقفهم إزاءها وعلى
رأسهم سمو الأمير رعاه الله .

       ثَمَّةَ أمر خطر لي وأنا أستعيد لحظة صدمتي بتلقي خبر هذا العمل
الجبان الذي لا يمكن أن يُمحَىْ من الذاكرة ؛ حيث إنني حين تلقيتُ ذلك
الخبر رفضتُ الجريمة النكراء لأسباب أربعة ، ثالث هذه الأسباب هو الشعور
بالتعاطف مع أهالي الشهداء وكذلك الجرحى وعوائلهم فنحن نتعاطف مع كل ضحية
بريءة في كل بقعة من المعمورة وطبعا مِن باب أَولى أن نتعاطف مع مثل هكذا
ضحية حينما تكون شريكة وطن ودين ، ورابع تلك الأسباب هو الخشية على
وحدتنا الوطنية والتي هي أهم جدار نحتمي به في بلادنا بعد حفظ ربنا
سبحانه وتعالى !

       اللافت أن السببين آنفي الذكر رغم أهميتهما لم يكونا في مقدمة
أسباب رفضي للتفجير الإرهابي الجبان ، فأول سبب دفعني لهذا الرفض هو
موقفي المبدئي الثابت المبني على حرمة إزهاق كل روح بريئة بأي حال من
الأحوال ، فأنا حينما يأتيني خبر قتل أبرياء فإنني لا أنتظر معرفة هوية
القتلة أو ماهية الضحايا وإنما أرفض العمل الخسيس فورا قبل إذاعة أي أمور
تفصيلية تخص الجريمة ؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر كنتُ شخصيا أرفض
الأعمال الجبانة التي كانت ترتكبها بعض الفصائل الفلسطينية عندما تقتل
أبرياء اليهود في محطات الباصات أو الأسواق رغم أن إسرائيل كيان مسخ زُرع
في فلسطين واحتل أرضها ، نعم ؛ فليس كل يهودي هاجر إلى فلسطين المحتلة أو
هُجِّرَ إليها يجوز قتله ؛ فقتل الجنود مقبول وقتل الإرهابيين المنتمين
لجماعات مثل الهاجانا أيضا مقبول ؛ لكن أن يُقْتَلَ يهودي مدني فقط لأنه
هاجر إلى فلسطين أو هُجِّرَ إليها فهو ما لا أقبله وفق مبادئي الثابتة ،
وعلى فكرة فإن جزء من اليهود المهجرين إلى فلسطين المحتلة كان أجدادهم
شركاء لأجدادنا في الوطن ؛ وحينها لم يسجل تاريخ الكويت على هؤلاء
الشركاء أي تجاوزات بحق المسلمين سنة أو شيعة ولا بحق الأقلية المسيحية
ولم يعرف تاريخ بلادنا أي عمل إرهابي لمواطن يهودي ، فلماذا أقبل اليوم
إراقة دماء المسالمين منهم دون مسوغ ؟ ، وبالطبع قياسا على المثال السابق
لا يمكن حتما أن أقبل قتل أي بريء في العالم أيًا كانت هويته وأيًا كانت
ماهية قتلته .

       السبب الثاني الذي دفعني إلى رفض تفجير مسجد الإمام الصادق هو
أنني كنتُ شخصيا مستهدفا في ذلك التفجير الإجرامي ! ، نعم ؛ فالجهة التي
جندت شِرار خلق الله لينفذوا فعلتهم الدنيئة إنما أرادت إضرام نار فتنة
لو أنها اشتعلت لكنتُ شخصيا أحد ضحاياها إما بفعل هُنا أو ردة فعل هناك ،
لذلك فإن ميزاني ثابت ومسطرتي واحدة إزاء كل جهة تستهدف وطني سواء بأعمال
تمت على الأرض أو بمخططات تم إحباطها ، وكل مَن يستهدف الكويت فإنه عدو
لي بغض النظر عن منطلقاته الظاهرة والباطنة أو الجهات التي جندته للتآمر
على بلد الخير والأمان وأهله المسالمين .

       إنني أومن بأن التعامل الحازم وفق ميزان ثابت تجاه كل عمل إرهابي
أو مخطط إجرامي ضد الكويت ليس مجرد وجهة نظر أو فكرة ورأي وإنما هو موقف
لا بد أن يتبناه كل كويتي بوضوح وصوتٍ عالٍ ، أما إذا انقسمت مواقفنا
إزاء تهديد أمن وطننا وأصبح كل منا يتبنى تزكية طائفته أو فئته أو قبيلته
فعلى الكويت السلام ، وقتها سيستقل الموسرون من عِلية القوم طائراتهم إلى
حيث قصورهم وأموال السحت التي كدسوها في عواصم دول العالم الأول ويتركوا
الكويت تحترق بالنار التي أشعلناها فقط لأننا لم نتفق على موقف مبدئي
ثابت في مواجهة كل مَن يستهدف أمن بلدنا !

       على فكرة : مسألة تزكية كل منا لبني قومه وإلصاق كل الرزايا
بالآخرين يمثل منتهى الغباء ؛ فالمنطق يقضي بأن كل طائفة أو فئة أو قبيلة
بل وحتى كل بيت يوجد به الطيب والخبيث وينتمي إليه الصالح والطالح ، لذلك
فإن تعيير كل طرف للآخر بمَن ينتمي إليه مِن مجرمين يجعل المجتمع كله
بالضرورة مجرما ، لذلك فالموقف الصحيح يفرض على الجميع التكاتف لمحاربة
الإرهاب في أي مربع وجد وتجفيف منابعه الفكرية قبل المالية أيًا كانت
مصادرها ، وما لم نتخذ هذا الموقف الصارم الواضح فإن مصيرنا سيكون تبادل
عمليات التفجير والخطف والقتل على الهوية وهذا ما لا يمكن أن أتخيل حصوله
في بلدي في حياتي ولا بعد مماتي .

السبت، 8 أغسطس 2015

فضحتينا يا بطة لندن !

       فضيحة بكل المقاييس هي قصة البطة المطبوخة التي أقامت الدنيا ولم
تقعدها في الكويت والتي تَشَوَّهَ وللأسف نموذج حرية التعبير الذي كانت
تتيه به بلادنا افتخارا على جاراتها !

    لله در بطة لندن رحمها الله ؛ فقد استشهدت هذه البطة القديسة لتكشف
عورات كثيرة في مجتمع هش تتزايد فيه درجة التخلف يوما بعد يوم !

       أول العورات التي كشفتها الشهيدة بطة لندن عورة السائح الكويتي
الذي يأبى في كل عام إلا أن يملأ وسائل التواصل الاجتماعي بصور تجاوزاته
في مصايف أوربا !

       ثاني العورات التي كشفتها المرحومة بطة لندن هي عورة بعض
الممثلين على الأمة الذين انحطت بهم بواطنهم العفنة وظواهرهم المخجلة كي
يربطوا ذلك التصرف الأهوج للمجرم قاتل البطة الشهيدة بضغائنهم تجاه فئات
يكرهونها من مكونات المجتمع الكويتي !

       ثالث عورة كشفتها شهيدة الاصطياف الكويتي ( بطة لندن رحمها الله
) عورة الضحالة الفكرية للمجتمع الكويتي والذي استطاعت السلطة إيقاعه في
فخ البطة لتجعله يكتفي بالمقارنة بين موقف حكومته تجاه بطة لندن وتساهلها
إزاء حرامية الكويت الذين يقيمون في لندن ويعيشون فيها بأموال الشعب
المسروقة ؛ تلك الأموال التي لم يحرك تهريب سُراقها في ضمير المجتمع
الكويتي ما حركه استشهاد بطة لندن !

       أما العورة الرابعة التي كشفتها البطة القديسة فهي عورة بريطانيا
التي تحتضن حرامية الخليج وتحتضن أيضا أبواق الفتنة فيه بذريعة حرية
التعبير بينما تثور ثائرتها على بطة ذبحها ثم طبخها مراهق نزق ليس حفاظا
على حقوق الحيوان ولا على ممتلكات الإنسان وإنما رغبة في تشويه صورتنا
بأكثر مما شوهناها نحن وإظهار مجتمعاتهم على أنها الأرقى دائما وفي كل
شيء !

       عورات كشفتها البطة القديسة لو أسهبنا في استعراضها لألفنا كتابا
كاملا ، لكن نقول بالمختصر المفيد أن كل مَن ارتكب مخالفة قانونية في أي
بلد فإنه يتحمل تبعاتها ويطبق عليه قانون البلد الذي حدثت فيه الواقعة أو
هكذا يُفترض ، فلا حاجة لإثارة هذه الضجة إذ أن بريطانيا أو غيرها من دول
الغرب لها كامل الحق في تطبيق قوانينها على كل مَن يتواجد فوق أراضيها
ولا علاقة لحزب  الهيلق بذلك ، وعلى طاري الهيلق فإنهم يمارسون على أراضي
بلادهم كل يوم بل كل ساعة ما يخرق القانون ويخدش الحياء والذوق العام ؛
فيا ليت من يدعي تمثيل الأمة يحاسب السلطة التنفيذية على تراخيها إزاء
الهيلق في الكويت بدل المطالبة بسحب جوازات الهيلق الذين خرقوا القوانين
في الخارج !

       للتذكير فقط ؛ لقد ارتكب بعض الوافدين في بلادنا جرائم مست البشر
وليس البط أو الدجاج ؛ لكن شعوبهم لم تطالب بسحب جوازاتهم تحت بند تشويه
السمعة بل ضغطت على حكوماتها كي تحميهم من طائلة القانون ، فمنهم مَن تم
تخفيف الأحكام عليه ومنهم مَن تم العفو عنه دون أن يتحرك أي ساكن في
الكويت التي أصبحت بطة لندن أغلى من إنسانها !

السبت، 1 أغسطس 2015

الاختبار الأصعب للعلاقات الكويتية السعودية

       منذ تفجر الخلاف السعودي الكويتي بشأن حقل الخفجي قُلنا بأن الموضوع
ليس فنيا كما حاولت الأوساط الكويتية تسويقه في نفس الوقت الذي صمتت
الأوساط السعودية
عن الخوض فيه ، وأتى بعد ذلك وقف الإنتاج في حقل الوفرة ليؤكد ما ذهبنا إليه .

       الكويت هي المتضرر الأكبر مما حصل لأن إنتاج حقلَي الخفجي والوفرة يمثل
جزء لا يستهان به من إنتاجها النفطي إذ يبلغ حوالي عشرة بالمئة من ذلك
الإنتاج يوميا !

            استمر وزير النفط الكويتي علي العمير في الحديث عن أسباب
فنية للمشكلة  كلما سئل عنها قائلا بأنه تتم حاليا معالجتها ؛ وفي رمضان
الماضي يبدو والعلم عند الله أنه زل حينما صرح بأن لجنة كويتية سعودية
مشتركة برئاسة
الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح والأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد
العزيز آل سعود
تتولى متابعة القضية بمعنى خروجه هو وزميله وزير النفط السعودي علي
النعيمي من معادلة
المسألة المعقدة !

       تولت إذًا أسرتا الحكم في الرياض والكويت التعامل المباشر مع الخلاف
البتروسياسي الخطير الذي اندلع بين البلدين رغم العبارات الرسمية التي
تتردد في وسائل
الإعلام الحكومية حينما تورد أخبار برقيات التهاني والتعازي أو
الاستقبالات البروتوكولية ولم يعد من الممكن تصديق حكاية الخلافات الفنية
؛ فلو كانت الخلافات فنية حقا لتصدى
لها وكلاء مساعدون بوزارتي النفط في البلدين وبمتابعة من الوزيرين
المختصين دون الحاجة
إلى إقحام أمير أو شيخ في الموضوع !

       أخيرا ظهرت قصة تسريب المراسلات بين وزير النفط الكويتي علي
العمير وزميله السعودي علي النعيمي لتثير ضجة أرعبت الجهات المعنية في
البلدين والتي صمتت عما حدث
صمت القبور لتترك لشركة نفط الخليج وشركة شيفرون إصدار بيان يستنكر تلك
التسريبات ويتحدث
عن متانة ورسوخ العلاقة السعودية الكويتية وكأن الشركتين قد أُسندت لهما
فجأة مهام وزارتي
الخارجية الكويتية والسعودية !

       تسريبات مراسلات النعيمي والعمير احتوت بالتأكيد على ما كان
يتحاشى كبار المسؤولين الكويتيين والسعوديين نشره وإعلانه ، ونحن لا نشك
في أن مَن يقف وراء تسريبات
تلك المراسلات هم الذين تابعوا منذ البداية تطورات الخلاف الذي أخفقت
الكويت والسعودية
في معالجته بشكل سليم ، وجاء اختلاف التوجهات السياسية بين مَن استقبلوا
وزير الخارجية الإيراني وَأُلَئِكَ الذين يحذرون من نوايا إيران ويتخوفون
من تقاربها مع الغرب ليكون أرضية مناسبة لتسريب تلك
المراسلات وإرباك الساحة السياسية في المنطقة كلها وليس الكويت والسعودية
فحسب ، بل لا نستغرب أيضا أنه قد تم وضع البهارات اللازمة على تلك
المراسلات بطريقة أو بأخرى إذ ليست العبارات الواردة بها معتادة في قاموس
التخاطب بين الكويت والسعودية إضافة إلى أن خلفية الانتماء العائلي لوزير
النفط الكويتي وتوجهاته الفكرية لا تقبل أساسا مخاطبة السعودية بهذه
اللغة !

       لقد كانت اتفاقية ترسيم الحدود التي تقاسمت بموجبها السعودية
والكويت الجغرافيا والثروات نموذجا رائعا وراقيا على مستوى العلاقات
البينية العربية بل إنه النموذج الأفضل في المنطقة كلها ، فكان من الأجدر
بالبلدين رعاية هذه الاتفاقية بالمراجعات الدورية لها ومنحها مرونة
التفاعل مع التغيرات المتلاحقة ؛ فليس الوضع الآن هو ذاته الذي كان سائدا
عندما وقع البلدان الاتفاقية كما أن مراجعتها
وتطويرها لا يعيبها أبدا بل العكس تماما هو الصحيح إذ إن المراجعة
الدائمة والمُعلنة كانت ستزيد هذه الاتفاقية رسوخا وقوة وتجعلنا نتفادى
الوضع الخطير الذي وصلنا إليه اليوم !

       للأسف اختار كبار المسؤولين في السعودية والكويت إدارة الملف
النفطي الحساس بطريقة مُلاك العزب لا بأسلوب صُناع القرارات في الدول
والنتيجة هي تفجر هذا الخلاف الذي
نخشى أن يتطور بطريقة دراماتيكية وبأسرع مما نتوقع ؛ والله يستر !

الأحد، 5 يوليو 2015

أنت كافر وأنا كافر !

       ما زالت تداعيات وتأثيرات العمل الإرهابي الجبان ( تفجير مسجد
الإمام الصادق ) تلقي بظلالها على واقعنا وعلى مشاعرنا ، وما الصلاة
الموحدة التي شهدها مسجد الدولة الكبير أول أمس إلا مثال على تلك
التأثيرات !

       التنافس الإقليمي غير الشريف في منطقتنا والذي انحصر بين
السعودية وإيران بعد أن أخرج الأمريكان العراق من معادلته بالقوة ؛ ذلك
التنافس المحموم لا يمكن للنظامين الحاكمين في الرياض وطهران إيجاد أصداء
له في دول المنطقة إلا من خلال طلائه بصبغة طائفية تجعل من السعودية
بمثابة ممثلة للسنة وإيران بمثابة ممثلة للشيعة ، وعن طريق تلك الصبغة
أوجد حكام طهران والرياض في كل دول الإقليم مشاعر جمدت عقولا لا يرغب
أصحابها بتبني حرية التفكير فبات الواحد منهم يعتبر انتقاد السياسة
السعودية إساءة للسنة وصار الآخر يعتبر انتقاد السياسة الإيرانية إساءة
للشيعة !

       بلدنا الصغير كان وما زال بحكم موقعه الجغرافي وتركيبته
اَلْإِثْنِيَّةِ أكثر دول الإقليم تأثرا بارتدادات أصداء الطلاء الطائفي
للصراع السعودي الإيراني ؛ ولولا ما حبانا الله به من خيرات النفط لسبقت
الكويت لبنان في اشتعال الصراع الطائفي بين أبنائها !

       يُضاف إلى ما سبق ذكره أن سياسة الدولة الكويتية ذاتها فشلت في
إيجاد المواطن المنتمي للبلد والذي يشعر بأن استقرارها مصلحة شخصية له
وليست مجرد صالح عام يتمثل في أبر تخدير يُحقَن بها الشعب كلما جرى حدث
فتنوي !

       لسنا معترضين على الصلاة الموحدة بين السنة والشيعة ؛ فالطائفتان
مسلمتان تؤمنان برب واحد ونبي واحد وتصليان باتجاه قبلة واحدة ، كما أن
الظرف الدقيق والحساس تطلب الدعوة لهذه الصلاة والتي أحسن سمو الأمير
رعاه الله صُنعا حين تواجد في مقدمة صفوفها ؛ لكن ماذا لو كانت تركيبتنا
اَلْإِثْنِيَّةِ في الكويت مكونة من مسلمين ومسيحيين كطرفين رئيسيين ؛ هل
سيكون بإمكاننا أن نقول بأننا أصحاب دين واحد ونؤمن بنبي واحد ونتجه في
صلاتنا إلى قبلة واحدة ؟؟؟

       في ماليزيا تجربة رائدة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا نجحت رغم
وجود ثمانية عشر مِلَّةً يدين بها شعب يتحدث بسبعٍ وعشرين لغة لم يعرف
تاريخه الحديث أعمال عنف بين المسلمين والبوذيين أو بين الملايو والهنود
، لكن في نفس الوقت لا نسمع هناك حديثا عن الأخوة ولا تسويقا للوحدة
الوطنية في إعلانات كأنها تجارية ؛ كما ظل في ماليزيا المسلم يعتبر
البوذي كافرا لا يصاهره ولا يصلي معه والبوذي كذلك يعتبر المسلم كافرا
بالآلهة لا يصاهره ولا يصلي معه !

       في نفس الوقت تحيط بماليزيا أربع مشاكل ما بين طائفية وعرقية : (
اضطرابات بين المسلمين والبوذيين في جنوب تايلند وبورما * حرب المسلمين
والمسيحيين في جنوب الفلبين * اضطرابات عرقية في إقليم آتشي في أندونيسيا
* مشكلة تيمور الشرقية بين المسيحيين والمسلمين قبل استقلالها ) ، ومع كل
تلك المشاكل التي ترتبط بأعراق وطوائف موجودة ضمن مكونات
اَلْفُسَيْفِسَاْءِ الماليزية إلا أن أصداء تلك الصراعات لم تتردد في
ماليزيا ولم تتأثر تجربتها التنموية حتى مع الأزمة الاقتصادية التي عصفت
بنمور آسيا عام 1997 م !

       نجاح التجربة الماليزية انعكست نتائجه على كل مواطن ماليزي بحيث
أصبح الحفاظ عليها مصلحة شخصية له ، لذلك فإن الماليزيين لم يؤثر فيهم
تكفيرهم لبعضهم البعض من الناحية الدينية والذي هو أمر واقع على الأرض
واستطاعوا ترسيخ التعايش فيما بينهم رغم حالة التكفير تلك ، فالحفاظ على
مصلحة الفرد باتت الهم الشاغل لكل ماليزي وقدمها الماليزيون على أي
اعتبار آخر ؛ لذلك لم يحتاجوا إلى صلاة موحدة ولا إلى طرح تنظيري مفرغ من
محتواه لمفهوم الوحدة الوطنية ولسان حال كل منهم يقول لأخيه : " أنتَ
كافر وأنا كافر ولا مشكلة في كفرنا " !

الجمعة، 19 يونيو 2015

تخلو يا كويتيين عن فكرة عيشة السلاطين !

       أول أمس عقدت مؤسسة مرزوق الغانم للخدمات البرلمانية والمعروفة
رسميا باسم ( مجلس الأمة * جلسة كان من ضمن ما نوقش فيها موضوع العمالة
المنزلية والقانون المقترح بشأنها .

       حصل Action كالعادة وسُجلت بطولته هذه المرة باسم سعدون حماد
العتيبي الذي انسحب من الجلسة وحبيب الشعب خلف دميثير الذي اتهمه
بالانحياز لأصحاب مكاتب الخدم قائلا بأنه سيحمي مليوني مواطن ووافد من
جشعهم .

       يُقال أن قانونهم المنتظر مر في المداولة الأولى ولا ندري عن
مصيره بعد ذلك ؛ لكن الذي نعرفه هو أن تكلفة استقدام خادمة واحدة من شرق
وجنوب شرق آسيا صارت تعادل تكلفة الارتباط بزوجتين وربما أكثر من تلك
المناطق وأنتم كيفكم !

       لو أن العبء المادي ارتبط فقط باستقدام الخادمات والسائقين
لصبرنا وأجرنا على الله ؛ لكن أفلام الآكشن لهروب هؤلاء من البيوت لا
تنافسها إلا أفلام موظفي مرزوق الغانم في مجلس أمته وهو ما يعني أن دفع
الألف والألف ونص باتت حالة متكررة في حياة العوائل الكويتية تشفط جيوب
رجالها ونسائها شفطًا !

       في ظل هذا الوضع فإن حل مشكلة العمالة المنزلية هو بيد المواطن
الكويتي والمواطنة الكويتية ، نعم ؛ فليس أمام الكويتيين إلا التنازل عن
حياة السلاطين التي يريدون أن يعيشوها بالعفرتة ، فعلى الكويتيين التفرغ
لشؤون بيوتهم والتخلي عن معظم ما يدعون أنها واجبات اجتماعية أغلبها
مُختلق ودخيل على عاداتنا وتقاليدنا !

       مَن استطاعت مِن نساء الكويت أن تستغني عن الخادمات في بيتها
فالتفعل ومَن لم تستطع فعليها الاكتفاء بوجود خادمة واحدة في المنزل فقط
كي تكون مُساعدة لراعية البيت لا بديلة عنها ؛ ولتعلم المرأة الكويتية
أنها إن ارتضت لطفلها أن يتدفأ بحضن الخادمة فإن والد الطفل قد يبحث هو
الآخر عن الدفء في نفس الحضن !

       أما أنت أيها الرجل الكويتي فاترك عنكَ حياة الربادة والتمبلة
وقم على خدمة أهلكَ وأغنهم عن السائق الهندي أو السيلاني ؛ واعلم أنكَ إن
ارتضيتَ لهذا السائق أن يأخذ دوركَ في خدمة أهلك فإنهم قد يرتضون منحه
ذلك الدور في موضع آخر لن يرضيك حتما !

       وأنتَ يا ديوان الخدمة المدنية فك الناس مِن شر بصمتكَ وركز على
أداء الموظفين لأعمالهم لا على حضورهم وانصرافهم كي تساعد الكويتيين على
توصيل أطفالهم إلى المدارس بعيدا عن نرفزة الخوف من التأخير والخصم !

       على الزوجين في البيت الكويتي أن يتعاونا في حال الاستغناء عن
الخادمات والسائقين ، فليس عيبا أن يعاون الزوج زوجته في أعمال المنزل
كما أن كثيرا من مشاوير الزوجة إن كانت لا تملك رخصة قيادة يمكن
الاستغناء عنها وإلغائها بعد التخلي عن الواجبات الاجتماعية المختلقة .

       طرح مثالي عشتُه في حلم جميل من أحلام اليقظة ، وفي حالة تحقيق
هذا الحلم فإن ميزانية الأسرة الكويتية لن تتخفف من أعباء رواتب ومعيشة
الخادمات والسائقين فحسب لكن مع تغير الثقافة الاجتماعية فإن مصاريف
كثيرة سيتم توفيرها خاصة ما يتعلق منها بخرابيط الحريم مثل الاستقبالات
السخيفة التي تكلف قصات شعر ومكياج وحلويات ومعجنات إلخ من مصاريف إضافة
إلى تفصيل بدلات تُنفق عليها المرأة الكويتية آلاف الدنانير لتلبسها مرة
واحدة فقط ثم تركنها في الكبت وهي قابلة للاستعمال مرات ومرات !

       في حالة تحقيق هذا الحلم الجميل سيعود أطفال الكويت للارتباط
بآبائهم وأمهاتهم في بيوت لا يسكنها إلا أهلها ؛ بيوت تحتفظ بأسرارها ولا
تُهتك أستارها ، وسيكون الوالدان أكثر قدرة على تلبية متطلبات الأطفال
لأن أموالا كثيرة عادت إلى مكانها الطبيعي في ميزانية الأسرة .

       في حالة تحقيق هذا الحلم الجميل فإن أصحاب مكاتب الخدم سيجثون
على ركبهم عند أبواب بيوتنا ويتوسلون إلينا أن نشتري منهم بضاعتهم
الآدمية وسيقدمون لنا عروض ( امسح واربح ) عند اقتنائنا لسائق أو لخادمة
!

       بعد نهاية حلم اليقظة الوردي أقول : تخلوا يا كويتيين عن فكرة
عيشة السلاطين ؛ فإلم تفعلوا ولن تفعلوا فقلعتكم وزين يسوون فيكم أصحاب
مكاتب الخدم ، ويا ليت أسعار استقدام الخادمات تصبح أعلى من مهور الحريم
!

الأحد، 14 يونيو 2015

عجوز خيبر والاستعراض السخيف !

        ساقت لنا الأخبار قرار وزارة الإعلام الكويتية المتأخر جدا بمن عرض

مسلسلات العجوز المأفونة رغدة في كافة وسائل الإعلام بدولة الكويت .

 

        نقول بأن ذلك القرار متأخر لأن عجوز خيبر كانت تسيء لتاج رأسها دولة

الكويت منذ أكثر من 15 سنة حينما كانت تتردد على زيارة بغداد قُبيل سقوط نظام الرئيس

الراحل صدام حسين والذي كان وقتذاك في حالة من الإفلاس بحيث لم يجد شخصيات يحتفي بها

سوى الخائبة رغدة وأمثالها الذين ليست لهم أية قيمة ، والأخطر أن العجوز المأفونة الفاشلة

والتي تعاني من الإفلاس هي الأخرى أساءت إلى رموز الإسلام وهو ما يستدعي وضعها على القائمة

السوداء وعزلها فنيا بل وتقديمها إلى المحاكمة وليس مجرد منع عرض مسلسلاتها في دولة دون غيرها .

 

        ما يُثير الاستغراب في قرار وزارة الإعلام الكويتية بمنع عرض مسلسلات

عجوز خيبر إضافة إلى كونه متأخرا هو أنه ارتبط ببطولات سياسية وهمية لشخصيات سياسية مفلسة

في الداخل الكويتي تصدرت هذا المشهد وصورت ذاتها على أنها هي التي قادت الحملة لمنع

مسلسلات رغدة وأنها هي التي قدمت هذا الطلب إلى وزارة الإعلام ؛ علما بأن قرارا من هذا

النوع يمكن اتخاذه في سياق إداري ولا حاجة إلى أن يتقدم نائب برلماني بطلب اتخاذه .

 

        يبقى في الختام أن نتساءل : أيهما أخطر ؛ تخرصات العجوز المأفونة التافهة

تجاه دولة الكويت أم المواقف الفعلية للدول التي ساندت الغزو العراقي لدولة الكويت ؟

 

        إذا ما أخذنا في الاعتبار تسامح حكومة وشعب دولة الكويت مع ما كانت تسمى

دول الضد دون أن تقدم تلك الدول أي اعتذار عن موقفها المساند للغزو العراقي فإنه يجب

أذًا التسامح مع عجوز خيبر رغدة لأن ما قالته هو بالتأكيد أهون من مساندة دول الضد للغزو

العراقي ووقوفها مع نظام صدام حسين آنذاك في كل المحافل الدولية وتسخير إعلامها للتطبيل

له وتبرير جريمته ، لذلك فإن فرح الكويتيين بمنع مسلسلات رغدة إذا ما قارناه بسلوكهم

تجاه دول الضد وخاصة الأردن فإننا سنجد أن موقفهم إزاء رغدة لا يعدو كونه مجرد استعراض

سياسي سخيف لا علاقة له لا بالمبادئ ولا بالشعارات الوطنية التي ارتبطت بهز الوسط والتراقص

طربا على الأغاني الوطنية ابتداء بطلعنا من باب السور وانتهاء بلا أُو ولا بِي !

الخميس، 28 مايو 2015

الحالة الكويتية المخجلة بين أبو غيث والحبيب والبرغش !

       في عام 2001 م وقف سليمان أبو غيث مع بداية الغزو الأمريكي
لأفغانستان كناطق
باسم تنظيم القاعدة ليتحدث عما أسماه الرباط والجهاد مُعلنا بصريح
العبارة اتباعه لابن
لادن في وقت أعلن فيه الأرعن جورج بوش حربه على كل لحية وثوب قصير !

       في ذلك الوقت كان كل ذي لحية يخشى أن يُسحب بالشبهة وظُلمًا إلى غوانتنامو
؛ وفي تلك الظروف قامت السلطات الكويتية بسحب جنسية سليمان أبو غيث في
إجراء كان خاطئا
بكل المقاييس ، ولقد سجل الكاتب فؤاد الهاشم اعتراضه على تلك الخطوة رغم
رفضه ونحن معه
جملة وتفصيلا للفكر المتطرف الذي يمثله أبو غيث ومَن لف لفه لأن أمريكا
ذاتها وهي الطرف
المباشر في الحرب لم تسحب جنسية مواطنها الذي قاتل إلى جانب القاعدة
وطالبان ضد الأمريكان بل ولم تودعه سجن غوانتنامو وإنما حاكمته وفق
القوانين الأمركية وعبر محاكم الولايات المتحدة الأمريكية ! ، فكيف نكون
في الكويت ملكيين أكثر من الملك ؟

       عندما سُحبت جنسية أبو غيث فرح بذلك أدعياء الليبرالية شماتة في خصومهم
المطاوعة ؛ ولم يرى الشيعة الموضوع يعنيهم لأن مَن سُحبت جنسيته لم يكن شيعيا ، أما
المتطرفون السنة فقد عضو ألسنتهم لأن أيًا منهم لو اعترض على سحب جنسية
أبو غيث آنذاك
لكان من الممكن أن يُسحب لغوانتنامو دون أن يسأل عنه أحد !

       اتضح خطأ سحب جنسية أبو غيث أكثر فأكثر عام 2009 م حينما ثارت
فتنة ياسر الحبيب ؛ فقد ارتكب ذلك الفتنوي النزق فعلا مُجَرَّمًا في
قانون الجزاء الكويتي يستدعي من الحكومة
الكويتية المطالبة به عبر الإنتربول ، وسواء تعاونت بريطانيا مع الكويت
في هذا الموضوع
أو أحجمت بحجة حماية حرية الفكر والتعبير فإنه لم يكن من الحكمة أبدا تكريس الخطيئة
التي حدثت بسحب جنسية سليمان أبو غيث حتى لا تصبح الجنسية وهي رمز
المواطَنة محل عبث
، لكن المُزايدين على عرض أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما أبو إلا
المطالبة بسحب جنسية ياسر الحبيب أُسوة بما تم مع سليمان أبو غيث ، فكانت
النتيجة أن
خرج ياسر المقيم في لندن بعد هذه الزوبعة أقوى مما كان قبلها وأعلى صوتا
بينما دخل الذين
رقصوا طربا مُحتفلين بسحب جنسيته في دوامة ما زالوا يدورون فيها حتى
اليوم ، وبين حادثتي
أبو غيث والحبيب تم العبث بمصطلح ؟ الخدمات الجليلة ) خاصة وملفات
التجنيس عامة فمُنِحَت
الجنسية الكويتية لبعض مَن لا يستحق بل دخلت الرشاوى على خطها وأصبح
حديثو التجنيس قوة
فاعلة في سوق تجارة الإقامات بُغية تعويض ما دفعوه من مال نظير الحصول
على جنسية دولة
الكويت ورمز سيادتها !

       ويدور الزمن دورته مجددا ؛ هذه المرة على بعض مَن رقصوا طربا
حينما سُحبت جنسية
ياسر الحبيب ، فانطلقت حملة لسحب الجنسية كردة فعل على التظاهرات
والاعتصامات والمطالبات
السياسية ، والمخجل في هذا الفصل من المشهد السياسي الكويتي أن قطاعات من
الشعب بدأت
تتبادل اتهامات التخوين والتشكيك بالولاء ؛ والمخجل أكثر هو أن تلك
الاتهامات غبية وساذجة
إلى حد أن تم توجيه الاتهام للبعض بانتمائه إلى دول لا تقبل أصلا بفكرة
الحراك السياسي
التي قادت إلى سحب الجنسية والإبعاد عن الكويت كما حصل في حالة سعد العجمي !

       من الذين رقصوا طربا حينما سُحبت جنسية ياسر الحبيب كان النائب السابق عبد
الله البرغش والذي كان بدوره أبرز الشخصيات التي دفعت بعد ذلك ثمن فكرة
شرعنة سحب الجنسية
كأداة عقابية وهو الأمر المخالف للقانون تماما ، فتم سحب جنسية البرغش
وانقسمت قطاعات
الشعب حول ما حدث له ولأفراد عائلته وآخرين غيرهم في مشهد مخجل لم يترك
للقانون أن يأخذ
مجراه فيما كُنا نظنها دولة مؤسسات ؛ فمن الكويتيين من رفض الخطوة لأسباب
ودوافع مختلفة
ومنهم من صفق لها مع شماتة مقرفة بمصيبة آل البرغش المحترمين والذين يجب
علينا جميعا
احترامهم هم وكافة العوائل الكويتية بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع
هذا أو ذاك
من الشخصيات العامة .

       أتى الحكم القضائي أول أمس ليُبطل قرار سحب جنسيات آل البرغش ويصحح
بعض الخلل الذي ألم بمكانة الجنسية الكويتية كرمز سيادي ، لكن الحكومة
بإعلانها المستعجل
عن نيتها استئناف الحكم أبت إلا أن تتصدر بنفسها هذه الصورة المخجلة من
صور المشهد السياسي
الكويتي ؛ فلا هي التي قبلت الحكم وسمحت بتصحيح جزء من المسار ولا هي التي تريثت في
إعلانها نيتها باستئناف الحكم كي تضعه على الأقل ضمن سياق إجراءات
قانونية بحتة ، فانقسم
الشعب كعادته بين رافض لاستئناف الحكم ومؤيد لذلك الاستئناف أي بمعنى أصح
مُتدخلا فيما
لا يعنيه ورافضا لحكم القضاء !

       هكذا وصلت الحالة الكويتية إلى أبشع الصور المخجلة ؛ لتفقد
الجنسية الكويتية مكانتها كرمز سيادي عزيز ولا عزاء للانتماء والمواطَنة
.

السبت، 23 مايو 2015

الإساءات لدول الجوار مرفوضة ولكن :

       ظاهرة تسلط السفارات في الكويت على المغردين في بلادنا ومسارعة السلطات
الكويتية إلى سحبهم وحبسهم كلما صاحت سفارة هنا أو هناك وخاصة سفارات دول
الجوار ؛ تلك
الظاهرة باتت مصدر قلق لنا ككويتيين وذلك للأسباب التالية :
أولا - إن حركات وسكنات المواطن الكويتي أصبحت مرصودة ليس من الجهات
الأمنية الرسمية
عندنا فحسب وإنما أيضا لدى سلطات دول الجوار التي أصبحت تلاحق المغردين الكويتيين
على كلام يُكتب في بلدانهم ما هو أكبر منه دون أن يُلاحق أحد أو يُحبس فرد واحد .
ثانيا - إن الكويت ورموزها تتعرض إلى إساءات متكررة ليس من آحاد
المغردين غير المعروفين
وإنما من إعلاميين وأكاديميين دون أن تعترض عليهم الجهات المعنية في
بلدانهم ودون أن
تقاضيهم سفارات الكويت في تلك البلدان ، وهذا يشير إلى أن لُبَّ المشكلة لا يكمن في
وزارات الخارجية أو سفارات دول الجوار وإنما في السلطات الكويتية التي
باتت تستقوي على
مواطنيها بما ترفعه سفارات دول الجوار من قضايا داخل الكويت مما يشير إلى
أن فقدان توازن
السياسات التي تنتهجها السلطات الكويتية جعل من بلادنا جدارا هبيطا وعرض
سيادتها للانتقاص
!
ثالثا - انقسام الشعب الكويتي إزاء الملاحقات الأمنية التي تتم بطلب من سفارات دول
الجوار وفق الاعتبارات المترتبة على الاحتقان الطائفي في المنطقة مؤشر
خطير على أن كثيرا
من الكويتيين لا يحملون انتماء وطنيا لبلادهم وأنهم إنما يرون فيها مجرد
بئر نفطية ضخمة
تدر عليهم مداخيل مالية ، وأنهم أيضا لا يؤمنون بدولة القانون والمؤسسات
؛ فلو كانوا
يؤمنون بها لاتفقوا على أن يكون القانون هو الحاكم والحكم الذي يتعامل مع
الجميع بمسطرة
واحدة ترفض الخطأ أيًا كان فاعله أو قائله أو كاتبه ، هذه الحقيقة المرة
تمثل واقعا معيبا للمجتمع
الكويتي إذ أن ما قدمته الكويت لكل أبنائها دون تمييز بينهم أكبر ألف مرة
مما نالته شعوب
الدول الراعية للاحتقان الطائفي من حكوماتها إن كانت قد نالت شيئا يذكر !
   
       مخلص الكلام هو أن  الإساءة لدول الجوار أو لأي دولة في العالم بما
يؤثر سلبا على علاقات الكويت بتلك الدول أمر مرفوض جملة وتفصيلا بالنسبة
لنا ، لكننا
أيضا لا نقبل بصمت حكومتنا وحكومات تلك الدول عن الإساءات للكويت
والكويتيين فضلا عن
تشجيع تلك الحكومات الضمني لبعض تلك الإساءات خاصة حال حدوث خلافات ما
لتلك الدول مع
الكويت ، فكرامة الكويتي ليست أقل شأنا من كرامة أي إنسان في العالم ومَن يتبنى غير
ذلك المبدأ فإنه يقع في شكلا من أقبح أشكال الخيانة الوطنية إضافة إلى نكران الجميل .

الأحد، 19 أبريل 2015

الطلاق حالة إيجابية !

          عندما تقع أي حادثة لأي شخص منا مما يمكن اعتبارها مشكلة من المشاكل فإن الإحباط أو الحزن أو خيبة الأمل إلى آخره من المشاعر السلبية التي تصاحب كل مشكلة هي التي ستقفز إلى واجهة أحاسيس مَن وقعت له تلك المشكلة.


         هذه مشاعر طبيعية جدا في مثل هكذا مواقف، وحتى ربنا سبحانه وتعالى الذي أمرنا بالصبر وجعله جسرا لنيل الأجر دون حساب كما ورد ذلك في القرآن الكريم؛ حتى الله جل وعلا لم يطالبنا بالتجرد من المشاعر التي تعتري البشر حينما يصابون بالمصيبة، فهذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد الصابرين دمعت عينه حين وفاة ابنه الصغير إبراهيم دون جزع طبعا وقال قولته المشهورة: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكَ يا إبراهيم لمحزونون" .


          مع التقدير لذلك الشعور الطبيعي الذي يعتري البشر حين وقوع ما لا يسرهم من الأحداث في حياتهم إلا أن بعض تلك الأحداث يمكننا تغيير اتجاه التفكير إزاءها من سلبي إلى إيجابي، وأبرز الأمثلة على ذلك هو الطلاق.


          الطلاق بذاته أمر غير مرغوب، ولا يوجد عاقل أقدم على الزواج اليوم وفي نيته الطلاق غدا لأن الهدف من الاقتران بالشريك هو تحقيق الاستقرار وليس العبث وهذا مفروغ منه، لكن الطلاق موجود وسيظل موجودا ما دامت السموات والأرض لأن النقص في حياتنا كبشر قدر لا مهرب لنا منه والكمال غاية لا يمكن بلوغها في أي أمر من الأمور، فمثلما أن هناك زيجات ناجحة هناك أيضا زيجات فاشلة تنتهي بالانفصال.


           كيف إذًا يمكننا تحويل اتجاه تفكيرنا نحو الطلاق من السلب إلى الإيجاب؟
أولا - على المنفصلين والمنفصلات الذين لم يُكتب النجاح لزيجاتهم تحاشي كثرة الحديث عن انتشار الطلاق كظاهرة سلبية في المجتمع كما هو شائع في وسائل الإعلام وفي الكثير من أحاديث الناس، فتكرار مثل هذه النقاشات أو الاستماع لها بالنسبة للمنفصلين والمنفصلات سيؤدي إلى إشعارهم بأنهم جزء من هذه الحالة السلبية وبالتالي تعميق المشاعر السلبية في نفوسهم.
ثانيا - التعامل مع الطلاق كحدث حصل من زاويته الإيجابية، فنهاية تجربة تعني الاستعداد لتجربة أخرى أكثر نضجا، وليس بالضرورة أن تكون التجربة القادمة زواجا جديدا فالمقصود هو أن الدروس المُستفادة من الحدث السلبي ستحوله إلى تجربة ثرية تغذي المستقبل وتفتح فيه نوافذ الأمل وطرق تصحيح مسارات الحياة.
ثالثا - إن وضع المنفصلين والمنفصلات وخاصة من النساء قد تحسن كثيرا عما كان عليه قبل عشرين أو ثلاثين سنة مضت، ففي ذلك الزمان الغابر كان الطلاق بمثابة إعدام اجتماعي ونفسي خاصة للمرأة التي لم يكن أملها في الزواج مجددا ضعيفا فحسب وإنما كانت محل نظرات شك ظالمة وقاسية، أما اليوم فقد عاد الوضع إلى حالة قريبة مما كان عليه أجدادنا قبل ظهور النفط وبعده بقليل، فكثيرات من النساء المطلقات أصبحن مثار إعجاب الكثيرين من الرجال سواء الذين مروا بتجارب زوجية سابقة أو حتى بعض الذين لم يسبق لهم الزواج أصلا، ولم تعد نظرة الشك الظالمة بنفس القسوة التي كانت عليها سابقا وبالتالي لم يعد الطلاق حكم إعدام مثلما كان.
رابعا - في ظل هذه المتغيرات الإيجابية يمكن للمنفصلين والمنفصلات التعامل مع الطلاق على أنه تجربة ثرية تعطي مزيدا من الزخم الإيجابي لما بعدها، فالرجل الذي طلق زوجته في حالة شد معها قد تكون المكابرة منعته من مراجعة موقفه لكنه حين يتزوج مرة أخرى بعد الطلاق سيراجع أسلوب إدارته لعلاقته الزوجية بالكامل، كذلك المرأة التي أصرت على طلب الطلاق من زوجها الأول ورفضت تحت تأثير الشعور بعزة النفس كل محاولات الإصلاح حينما تتزوج مرة أخرى ستتفادى الأسباب التي أدت إلى فشل تجربة زواجها السابق وتكون على استعداد للأخذ والرد وتقديم التنازلات المتبادلة كما يُفترض أن تكون عليه الحياة الزوجية.


         بالنظر إلى ما ذكرناه وغيره كثير من المتغيرات الإيجابية نستطيع القول بأن الطلاق سلبي كظاهرة عامة لكنه يمثل حالة إيجابية في حياة الفرد إلم يستسلم لمشاعر الانهزام التي قد تصاحب فشل أي تجربة عند الإنسان الضعيف فقط؛ أما الإنسان القوي فإن الضربة التي لا تقصم ظهره تقويه.

السبت، 18 أبريل 2015

ما تبيني ' طلقني !

     لم يكن الطلاق أمرا سهلا فيما مضى ، ولم تكن الزوجة قادرة مهما بلغ ظلم زوجها لها أن تجاهر برغبتها في الطلاق بروح المتحدية كما يحدث اليوم !

     وقد دار الكثير من اللغط حول انتشار ظاهرة الطلاق وأسبابها مما يجعل من الصعب على من يتناول هذا الموضوع أن يضيف جديدا ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :

     لماذا أصبحنا في معظم شؤون حياتنا نبحث عن حلول مشاكلنا بعيدا عن المنطقة الوسطى وعلى أساس مبدأ ( ما تَبِيْنِيْ طَلِّقْنِيْ ) ؟؟؟

 

     أول ما يتبادر إلى ذهن من سيحاول البحث عن إجابة هذا السؤال الصعب هو أن طغيان المادة على حياة الناس قد غير نفوسهم وتسبب في تخريب العلاقات بينهم ، لكننا لو عدنا للتاريخ لوجدنا أنه في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يجد المزكون من يستحق الزكاة من كثرة ما أصاب الناس من خير ؛ فدفعوا زكواتهم إلى بيت مال المسلمين ، ومع هذه الرفاهية وتوفر المادة بين أيدي الناس ظل المجتمع متماسكا ولم تنتشر فيه على سبيل المثال ظاهرة الطلاق كما يحدث اليوم في مجتمعاتنا ...

 

     شخصيا أعتقد أن تراجع مستوى العدل في حياتنا هو ما أوصلنا إلى هذا النمط الحاد من السلوك في تعاملنا مع ما يمر بنا من مشكلات !

     فعدم شعور المرأة بعدالة زوجها في تعامله معها وتفضيله للربع أو غير الربع عليها هو ما يدفعها من أول مشكلة لطرح فكرة الطلاق كحل ؛ وكذلك الرجل الذي يشعر بعدم عدالة زوجته في تعاملها معه وتفضيلها لما تدعي أنه واجبات اجتماعية على ما يتوجب عليها تجاهه هو ما يدفعه لإلقاء كلمة الطلاق فور حدوث أول طارئ بين الزوجين !

     كذلك الموظف الذي يشعر بانحياز مسؤوليه لغيره من زملائه الموظفين بسبب المحسوبية والعلاقات الشخصية نجد أنه يفكر في الاستقالة كحل للهروب من الظلم ؛ وريثما يتسنى له ذلك فإنه في فترة الانتظار لا يعمل بجد كما هو مطلوب منه !

     والكفاءات من أبناء القبائل الذين ظلمتهم الانتخابات الفرعية يلجؤون إلى التمرد على قبائلهم كل على طريقته ؛ فمنهم من ينكفئ على نفسه ويتقوقع في ديوانيته وبين الخاصة من ربعه ومنهم من يتمرد حتى على الجيد من التقاليد القبلية كوسيلة للانتقام مما لحق به من تهميش بسبب الانتخابات الفرعية !!!

 

     العدل هو الركيزة الأساسية والدعامة الصلبة التي تقوم عليها الأسر والمؤسسات والمجتمعات والدول ، فإن توافر العدل استقامت الأمور وطابت النفوس ؛ وإن غاب العدل فإن كل شيء يصبح حالك السواد بحيث لا نرى ضوء في نهاية نفق الظلم المظلم .

     ويكفي أن الدول تقوى بالعدل ولو كانت كافرة ، ويقوض الظلم أركانها ولو كانت مسلمة ...

الخميس، 16 أبريل 2015

وزير التربية قال كلمة حق !

      هاج قسم كبير من الرأي العام في الكويت على وزير التربية بسبب تصريحاته المثيرة للجدل بشأن سيطرة التيارات القبلية والدينية على الاتحادات الطلابية في الجامعة وكليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ولأن الوزير يحمل أجندة فكرية معادية للدين كتوجه وليس للإسلاميين كتيارات سياسية فإنه قد أقحم ما أسماه تنقيح المناهج مما اعتبرها آيات وأحاديث تدعو للتطرف على حد زعم الوزير تعالى الله عما قال بدر العيسى علوا كبيرا، فهو سبحانه لا يأمر إلا بالحق ولا ينهى إلا عن الباطل ولا يدعو إلا إلى الخير.


       الدكتور بدر العيسى وزير التربية له توجهات عنصرية ضد الناطقين بالجيم (البدو) مع تحفظنا على المصطلح لأنه لا يوجد اليوم في الكويت بدو بالمعنى العلمي للكلمة، وهذا شائع عنه حتى قبل توليه منصبه الوزاري؛ وهذا النمط من الاتجاه في التفكير مرفوض جملة وتفصيلا، كذلك فإن ما ذكره الوزير بخصوص ما ادعى أنها آيات وأحاديث تدعو للتطرف يعتبر إن ثبت عنه ما نُسِبَ إليه بهذا الشأن  كفرا مُخْرِجًا من الملة؛ لكن الأمانة تفرض علينا أن نذكر بأن الوزير نفى ما نسب إليه والفصل في ذلك بين المدعي والمدعى عليه يكون لدى القضاء إن تم اللجوء إليه.


       أَصَّلْنَاْ لموقفنا بوضوح من الواقعة حتى لا يلتبس فهم رأينا في واقع الحركات الطلابية مع الموقف إزاء تصريحات وتوجهات بدر العيسى والذي مع رفضنا لتوجهاته ومواقفه إلا أن علينا الإقرار بأن التيارات المسيسة دينيا وقبليا قد خرجت باتحادات الطلبة وروابط الكليات عن مسارها الصحيح وأصبحت تجرها إلى مستنقع السياسة وتبعدها عن العمل لمصلحة الطلاب كما يجب عليها أن تكون .


       تيار الإخوان المسلمين (الائتلافية) سيطر على الجامعة لسنين طويلة حتى جعل من اتحاد طلبتها فرعًا غير معلن لجمعية الإصلاح؛ والمنافسون لهم من سلفيين (الاتحاد الإسلامي) ويساريين سابقين (الوسط الديمقراطي) وشيعة (القائمة الإسلامية الحرة) ؛ كل تلك المكونات انطلقت في عملها من خلال توجهات سياسية وطائفية لا علاقة لها بالعمل الطلابي الهادف لمصلحة طلبة الجامعة؛ هؤلاء الطلبة المساكين الذين ظلوا يعانون من مشاكل الشعب المغلقة وتشتت المباني وتخلف التعليم الجامعي إلى آخره من مشاكل لم تكن يوما ما هَمًّا لأُلَئِكَ الذين اختطفوا اتحاد الطلبة وروابط الكليات!


       دخلت على الخط بعد ذلك ما تسمى القائمة المستقلة والتي أَوْجَدَتْ من خلالها غرفة التجارة حفنة من المرتزقة لا يختلفون عن بعض الرياضيين الذين ارتضوا لأنفسهم لعب هذا الدور المقرف، ثم دخلت قائمة المسار الطلابي بنفسها القبلي المتخلف على خط الحركات الطلابية في الجامعة ليصبح المنتمون إليها من طلاب جامعيين هم المغذي الرئيسي للتعصب الذي أدى في النهاية ليس إلى انقسام القبائل فحسب على الساحة الاجتماعية والسياسية بل إلى انقسام كل قبيلة على حدة عن طريق فرعيات الأفخاذ في كل انتخابات وبقيادة الشباب الذين كثير منهم خريجون جامعيون وللأسف!


       انتقلت العدوى إلى ما تسمى كليات التعليم التطبيقي والتدريب لتتطور الحالة فيها إلى الأسوأ ويقوم فيها شباب القبائل بعمل ما يشبه الانتخابات الفرعية ثم لِتُعَلَّقَ وبكل صفاقة لافتات تزكية القبيلة الفلانية والقبيلة العلانية لمرشحيها!


       واقع مرير مؤسف مقرف تعيشه الحركات الطلابية لم تسلم منه حتى اتحادات طلبة الكويت في الخارج والتي كان يُفترض فيها أن تكون قبل غيرها أكثر حرصا على مصلحة الطالب الكويتي المغترب للدراسة وأكثر تمسكا بمتطلبات الانتماء للكويت والكويت فقط، واقع علينا الاعتراف به؛ وَأَلَّا- نجعل مَن ثارت ثائرتهم على وزير التربية انتصارا لمكتسباتهم وليس من أجل الدين أو الوحدة الوطنية؛ ألا نجعل هؤلاء يجروننا دون أن نشعر إلى إعطاء شرعية شعبية لواقع الحركات الطلابية المنحرف تحت بند رفض ما طرحه بدر العيسى.

الأحد، 12 أبريل 2015

أولاد علي الغانم كشفوا عورة الدولة !

        الروح الرياضية ؛ مصطلح نردده باستمرار حين نطالب أي شخص بتقبل الرأي الآخر أو تقبل الهزيمة ليس في ساحات الرياضة وإنما في أي ساحة لا يؤخذ فيها بآرائه وتوجهاته ، ونطالب أيضا المخطئ بالاعتذار عن خطئه والتحلي بالشجاعة وما نسميه ( الروح الرياضية ) .

 

        نسبنا مصطلح الروح الرياضية التي نطالب بعضنا البعض بالتحلي بها إلى الرياضيين الذين لا بد أن تنتهي أي منافسة بينهم بفائز يحتفل فنهنئه وخاسر يأسف على خسارته فنتمنى له حظا أوفر في المنافسات القادمة ، هذا هو السلوك المثالي الصرف ؛ لكن في كثير من الأحيان يكون الرياضيون هم أبعد الناس عن روحهم الرياضية المُفترضة ، فكم من جماهير فريق فائز استفزت جماهير فريق خاسر وكم من جماهير فريق خاسر لم تتقبل الخسارة وتنحي باللائمة إما على الحكام أو المنظمين للمنافسات الرياضية ، كما تحدث وسط ذلك الهياج البعيد عن الروح الرياضية أحيانا أحداث بعضها دامٍ ومؤسف ؛ وأقلها التعديات اللفظية المتبادلة تماما كما حصل بعد مباراة الكويت والعربي أول أمس الجمعة !

 

        المشجع العرباوي تلفظ بكلمات نابية تجاه مرزوق الغانم رئيس ما يُعرف بمجلس الأمة والرئيس الفعلي لنادي الكويت الرياضي ؛ وطبعا لأن الشخصية غير عادية من حيث وضعها السياسي والاجتماعي فإن شقيق مرزوق وهو خالد الغانم اعتبر ما تلفظ به المشجع العرباوي إهانة مُثيرة للغضب فانفعل وتصرف بطريقة لا تليق بابن أسرة عريقة ، ولو أنه مع رغبته بأخذ حقه وتضخيم تلك الحادثة طلب من رجال الأمن القبض على المشجع العرباوي وإحالته إلى الجهات المختصة لاتخاذ اللازم لكان خيرا له ؛ لكن سياق الأحداث أبى إلا أن تنكشف عورة الدولة على يد أولاد علي الغانم !

 

        تلفظ المشجع العرباوي بكلامه المرفوض جملة وتفصيلا ؛ فانفعل خالد الغانم شقيق مرزوق ليتلفظ هو الآخر بكلمات أشد فضاضة وأقل أدبا ، وطبعا المجاملون للتاجر ابن التاجر حليف السلطة يُهَوِّنُوْنَ ما حصل ويقولون بأن موقف خالد الغانم ردة فعل طبيعية فزعة لكرامة شقيقه !

 

        كل ما ذكرناه في كومة والمشهد الأخير المؤسف من تلك الأحداث في كومة أخرى ؛ إذ قام مَن كان يُفترض فيهم أنهم رجال أمن وحماة قانون يطبق على الكل بمسطرة واحدة ؛ قام هؤلاء البلطجية باقتياد المشجع العرباوي إلى سيارة عمهم وحليف عمهم مرزوق الغانم كي يقبل رأسه بطريقة مهينة وبعد التحقيق معه على يد العم مرزوق وليس من خلال الجهات المختصة !!!

 

        المشهد الأخير هو أخطر ما في هذا الحدث الذي تحول إلى كارثة قانونية وأخلاقية ، ففي مثل هذه القضايا يتجه المتخاصمون عادة إلى المخفر وفي أغلب الأحوال تنتهي المسألة كما تعودنا عليها في الكويت بتوقيع التعهدات وإنهاء الموضوع ؛ وإذا أصر الطرف الشاكي على عدم التنازل يُحال ملف القضية إلى النيابة باعتبارها جُنحة ليفصل فيها القضاء بموجب القانون !

 

        هذا هو السياق المُفترض للتعامل مع مثل هكذا أحداث في دولة القانون إن وُجِدَتْ ؛ لكن أن ينحاز رجال الأمن في موقع الحدث لطرف دون آخر بالطريقة التي تمت مع مرزوق الغانم فمعنى ذلك أننا في باب الحارة وليس في دولة القانون كما تدعي حكومتنا ، لذلك فإننا لا نريد اعتذارا عما حصل من طعن للقانون ومؤسساته لا من خالد الغانم ولا من شقيقه مرزوق ؛ لكننا نريد من وزير الداخلية إقالة المسؤول عن القوة الأمنية التي تواجدت في الملعب وإحالته للتحقيق هو وكل مَن كانت له يد فيما حدث ، وإلم يفعل وزير الداخلية ذلك ولا أظنه سيفعل فليمتلك الشجاعة ويتحمل المسؤولية السياسية عما حصل ويستقيل من منصبه ، أما إذا لم يُحاسب المسؤولون عن الواقعة ولم يستقل الوزير فمعنى ذلك أن دولة القانون في بلادنا ستبقى مجرد حلم غير قابل للتحقيق ، فسحب المشجع بالدورية واصطحابه إلى سيارة رئيس السلطة التشريعية بهذه الطريقة ثم التصفيق للعم مرزوق ووصفه بأنه كبير أمر يبعث ليس على القلق فحسب وإنما على الخوف ، نعم ؛ الخوف على الكويت من أن تتحول إلى أبشع صورة لحارة ( كل من إيده إله ) !

 

        ختاما أترككم مع مقطع الفيديو المؤسف مع الاعتذار إلى مقاماتكم الكريمة عما ورد به من ألفاظ نرفع قدركم العزيز عنها ، لكن أرجوكم ركزوا على المشهد الأخير ولكم الحكم .


   http://youtu.be/HLKCxpjFpyo.  

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

ثلاث مدارس في تعدد الزوجات

        تعدد الزوجات؛ ذلك البُعبُع الذي يرعب الكثيرات من نساء الشرق المسلم والذي

ارتبط ذكره بظلم مفترض للزوجة الأولى في غالب الأحوال كما تروي المسلسلات التي صورت زواج

الرجل بأخرى على أنه سرقة قامت بها الزوجة الثانية من الزوجة الأولى!

 

        تعدد الزوجات دار وما زال يدور حوله لغط كثير؛ وتنقسم الآراء في شأنه إلى ثلاث

مدارس:

 أولا- المؤيدون المتطرفون وغالبيتهم من الرجال، وهؤلاء كلما تحدثوا عن تعدد الزوجات

فإنهم يربطون بينه وبين الدين بطريقة غريبة، فيقولون هذا حق شرعي وهذا من الدين وكأنهم

يتحدثون عن صيام الاثنين والخميس أو ركعة الوتر!

 ثانيا- الرافضون المتطرفون وأغلبهم من النساء، وهؤلاء حينما يأتي ذكر تعدد الزوجات

يصفونه بأنه جريمة وأنه خراب بيوت وخطيئة يجب تصحيحها؛ ولولا مُراعاتهم للشعور الديني

السائد في المجتمع لقالوا بصريح العبارة أن الله تعالى أخطأ حينما أباح هذا الفعل والعياذ

بالله، وبعض هؤلاء وصل إلى سدة اتخاذ القرار في التعليم والإعلام وأذكر أن مقرر مادة

الاجتماعيات الذي درستُه عندما كنت طالبا في الصف الثاني متوسط صنف تعدد الزوجات على

أنها إحدى المشاكل الاجتماعية في الوطن العربي!

 ثالثا- الوسطيون والذي أنتمي شخصيا لمدرستهم، فنحن ننظر لتعدد الزوجات على أنه مجرد

فعل مباح وفق شروطه المبينة في الشرع؛ فلا هو بسنة يؤجر عليها فاعلها ولا هو بجريمة

يستحق فاعلها الإدانة والعقاب، والغريب أن الجماعة الذين يربطون تأييدهم لتعدد الزوجات

بالدين لا يتذكرون الشرع وأحكامه إلا في هذا الجانب؛ فلا يتحمسون في الحث على الصدقة

ولا يتورعون عن ممارسة الغيبة رغم شناعتها وَهَلُمَّ جَرَّ، والذين يربطون معارضتهم

لتعدد الزوجات بالحفاظ على كرامة ومشاعر الزوجة الأولى لا يهتزون إن علموا بوجود علاقة

غير شرعية خارج إطار الزواج لرجل متزوج مع امرأة ما ويتعاملون مع تلك الجريمة ببرود

بينما تثور ثائرتهم على الرجل إن تزوج امرأة ثانية في إطار شرعي طاهر!

 

        لا يكون تعدد الزوجات مستحبا إلا في حالات قليلة كأن تكون الزوجة الأولى غير

قادرة على الإنجاب بشكل مزمن؛ وهذه حالة مرضية من أقدار رب العالمين وتلك المرأة ما

دامت لن تتمكن من الزواج غالبا إن هي انفصلت عن زوجها فمن الشهامة أن يبقي عليها الزوج

في ذمته وستكون هي مخطئة إن طلبت الطلاق؛ إضافة إلى أنه من شهامة كرام الرجال إن تيسرت أمورهم وسمحت بالتعدد أحوالهم الزواج بقريبة قد تكون فقدت أسرتها أو يتيمة من باب سترها والعطف عليها أو أرملة تحتاج رعاية عائل بهدف رفع الحرج عن التواصل معها ولو كان الزواج ثانيا أو ثالثا أو رابعا، كذلك يمكن إن يكون بعض الرجال ذوي حاجات يصعب

على الزوجة الواحدة تلبيتها بمفردها؛ فالفروق الفردية موجودة في كل وظائف البدن ولا

يمكن مطلقا التعامل مع حاجات الناس وفق معيار واحد، فمَن خشي الفتنة من الرجال وكان

قادرا على الزواج بأخرى وفق الضوابط الشرعية يستحب له الزواج، أما ما عدا ذلك فالتعدد

مجرد فعل مُباح وهو لا يرتبط بالظلم كما قد يتصور البعض؛ فالرجل الظالم الذي لا يتبنى

العدل كقيمة ومسلك سيظل ظالما حتى لو لم يتزوج الثانية وسيقصر في حق زوجته الوحيدة وفي

حق أولاده وربما يفرق بينهم وكذا سيكون فعله مع مرؤوسيه في العمل إن كان رئيسا إلخ؛

فليس الزواج الثاني هو الذي يحيل الرجل من عادل إلى ظالم.

الخميس، 2 أبريل 2015

لا تبحثوا عن الأجر بالزواج من المعاقين

        المعاق ذكرا كان أم أنثى يحمل ذات المشاعر تجاه الجنس الآخر من حيث الميل الغريزي الذي

أوجده الله تعالى في بني البشر ، وهو أيضا يحمل ذات الرغبة في تكوين الأسرة وحب الأطفال

وإن كان ذوو الإعاقة العقلية قد لا يدركون البُعد الاجتماعي والنفسي لهذه المسألة أُسْوَةً بذوي الإعاقتين البصرية والحركية الذين لا تختلف مشاعرهم في ذلك الجانب المهم من الحياة

الإنسانية عن بقية البشر .

 

        بناء الأسرة ثم تحقيق الأمن النفسي والاجتماعي الناتج عن بنائها لا يتم إلا بالزواج

وهو حاجة لكل ذكر وأنثى ، وربنا سبحانه وتعالى ميزنا كمسلمين بإن جعل الزواج يتم ضمن

إطار طاهر نظيف يحفظ الفرد والمجتمع ويكفل للجميع كافة الحقوق المرتبطة به كما يكلفهم

بكافة الواجبات .

 

        كل ما ذكرناه معلوم وواضح، لكن ثَمَّةَ سؤال مهم يطرح نفسه : هل يمكننا أن ننصح فتاة

غير معاقة أن توافق على الزواج بشاب معاق تقدم لخطبتها ابتغاء الأجر من الله؟ ، وبالتأكيد

فإن السؤال نفسه يتكرر بصيغة أخرى: هل يمكننا أن ننصح شابا غير معاق بالزواج من فتاة

معاقة ابتغاء الأجر من الله ؟

        سؤال أرى شخصيا أنه قد يهز كيان مَن يقرؤه، فمِن القراء مَن قد تأخذه العاطفة ليقول : نعم الزواج بفتاة معاقة أو شاب معاق فيه أجر وننصح به " ، ومِن القراء مَن قد يدخل في

صراع نفسي بين واقعية التفكير والحس العاطفي المرهف ولا يمكنه التعبير عما يجيش في نفسه ،

ونحن سنتناول الموضوع من جوانبه المختلفة بما نظن أنه طرح عقلاني والله أعلم :

أولا - الإسلام دين واقعي وليس دين دروشة كما قد يظن البعض، وكل علاقة بين طرفين أيًا

كانا يُفترض فيها أن تحقق حاجات كل طرف ، والحاجات قد تكون متماثلة وقد تكون مختلفة ؛ ففي حالة قيام الشخص غير المعاق بمساعدة المعاق كأن يعين كفيفا على عبور الشارع أو يساعد

مقعدا في تحريك كرسيه فإن العلاقة بين الطرفين تكون مبنية على أساس تلبية حاجات مختلفة لأن حاجة الكفيف أو المقعد هي حاجة مادية أما الحاجة التي لباها الطرف المقابل لذاته

حين ساعد الكفيف أو المقعد فإنها حاجة روحية أو على الأقل قيمية يتبناها ويشبع ذاته

المتسامية من خلال ما قام به ، وفي هذه الحالة فإن مساعدة المعاق يكون فيها أجر مؤكد

إن شاء الله ومَن ينصح غيره بمثل هذه الأعمال ابتغاء الأجر فهو على حق، أما في حالة

وجود علاقة بين طرفين تكون فيها حاجاتهما متماثلة فالوضع يختلف؛ والزواج هو أبرز أمثلة

هذا النمط من العلاقة إذ أن تحقيق الأمان النفسي والاستمتاع الجنسي تعد حاجات لطرفي

العلاقة والإعاقة لدى أحد الطرفين قد يكون لها تأثير ربما يمنعه من تلبية حاجة الطرف

الآخر كما يريدها ، على سبيل المثال فإن الكفيف الكلي لا يستطيع تلبية حاجة نفسية لزوجته

من خلال النظرات التي تشعرها بأنها مرغوبة كأنثى ؛ وهذه الحاجة قد يستهين بها الكثيرون

لكن الحقيقة الواقعة تقول بأن إهمال معظم مَن كُنا نظنهم رجالا لتلبية هذه الحاجة لدى

زوجاتهم يعد من أهم عوامل رواج تجارة عمليات التجميل خاصة وأن بعض أشباه الرجال يتقصد

مقارنة زوجته بالنساء اللاتي يشاهدهن في التلفاز أو حتى في الأماكن العامة ويؤذيها بهذا

السلوك ويجرح أنوثتها، لذلك وغيره من الأسباب لا يصح أن ننصح فتاة بالارتباط بشاب معاق

أو شابا بالارتباط بفتاة معاقة ابتغاء الأجر لأن ذلك غير واقعي، ويجب أن تكون هناك قناعة

باتخاذ قرار الزواج وأنه سيلبي الحاجات المطلوبة منه .

ثانيا – ما ذكرناه من طرح واقعي لمسألة زواج الأسوياء بالمعاقين لا يجوز فهمه على أنه قتل لآمال المعاقين أو استهانة بشخصياتهم كأزواج أو زوجات ، فالقناعة التي قد تدفع فتاة للارتباط بشاب أو شابا لخطبة فتاة تؤثر فيها عدة عوامل وليس الحاجات الحسية المجردة فقط ، فالتشارك بالاهتمامات ربما يكون سببا يجذب فتاة غير معاقة نحو شاب معاق وربما تكون صفات إيجابية في سلوك شابة معاقة دافعا لشاب غير معاق كي يتقدم لخطبتها ، هذا بالإضافة لحسابات شخصية أو اجتماعية قد تؤثر في اتخاذ قرار الزواج برجل معاق أو امرأة معاقة ؛ لكن ما قصدناه هو ألا نحث طرفا غير معاق لاتخاذ قرار الزواج بطرف معاق من أجل الأجر لأن مثل هذه الفكرة ليست واقعية إلا في حالة واحدة وهي أن يقدم رجل غير معاق على الزواج بامرأة معاقة وذلك لأمرين : الأول هو أن تعدد الزوجات مباح للرجال ؛ فالرجل المتزوج يمكنه إن كان صاحب شهامة أن يتزوج بامرأة أخرى معاقة قد تكون قريبة أو جارة أو حتى زميلة عمل بُغية الإحسان إليها وسترها ، أما الأمر الثاني فإنه يكمن في كون الرجل غير المعاق المرتبط بامرأة معاقة لا يعاني كثيرا من إعاقة زوجته مثلما قد تعاني المرأة غير المعاقة من الشعور بما تحسه نقصا في زوجها ، فالرجل أقل حاجة من المرأة للنظرات التي تشعره بأنه مرغوب ؛ والرجل هو المعني فطريا بأن يشعر زوجته بالأمان وهذا ممكن جدا في حال ما إذا كانت الزوجة معاقة بينما تختلف الصورة في علاقة الزوجة غير المعاقة بالزوج المعاق ، لكن الثقافة الذكورية السائدة في مجتمعنا تصور أن زواج الرجل المعاق بامرأة غير معاقة أسهل من زواج المرأة المعاقة برجل غير معاق وهذا خلاف الشعور الفطري السوي لدى البشر !

ثالثا – في حال إتمام الزواج بين طرف معاق وآخر غير معاق بغض النظر عمَن فيهما الزوج أو الزوجة ينبغي على الطرف المعاق أن يعزز قابليته للتفاعل مع اهتمامات الشريك وحاجاته بحيث يكون في أقرب نقطة ممكنة إليه ، فمن غير المنطقي أن يصدع الطرف المعاق رأس شريكه ليل نهار بالحديث عن مشاكل المعاقين أو إنجازاتهم أو برامج الحاسوب للمكفوفين إلخ ، كما لا يصح أن يكون الطرف المعاق سلبيا في تفاعله مع الشريك بحيث لا يخرج معه في النزهات أو لا يسافر معه بل عليه أن يشعر شريكه بالاهتمام ؛ فعلى سبيل المثال على الزوج الكفيف إن ذهب إلى مراكز التسوق مع زوجته أن يشاركها الأخذ والرد بخصوص الحاجيات التي يريد الزوجان شرائها وألا يكون مجرد جسد يتحرك معها حتى لا تفقد الشعور بأهمية وجوده في حياتها .

رابعا – تنشئة المعاق منذ البداية في محيطه الأسري هي التي تحدد ملامح شخصيته ، فالمعاق الذي يعيش حالة العزل الأسري المقصود أو غير المقصود ستنشأ شخصيته في غالب الأحوال مضطربة وغير قادرة على التفاعل السليم مع الآخرين بمَن فيهم شريك الحياة المستقبلي ، أما المعاق الذي تحتضنه أسرته باعتباره طرف لا يقل أهمية عن بقية أفرادها لتشركه في مناسباتها وتصطحبه في روحاتها وغدواتها وتجعله طرفا فاعلا في اتخاذ قراراتها فإنه سيكون مشروع نجاح في كل علاقاته الإنسانية وعلى رأسها العلاقة الزوجية .

 

        هذه هي قصة زواج المعاقين والمعاقات ؛ يمكن إخضاعها لحسابات تختلف من حالة إلى أخرى لكنها تظل في النهاية قرارا يجب اتخاذه بِتَرَوٍّ بعيدا عن الاندفاع العاطفي حتى ولو كانت المشاعر المُشفقة على الرجل المعاق أو المرأة المعقة نبيلة وسامية .