الجمعة، 20 يوليو 2018

الأشيب الستيني واليافعة العشرينية

        الزواج هو أنبل أشكال العلاقات البشرية بين طرفين اجتمعا بعد سنين عاشها كل منهما بعيدا عن الآخر ، وهي التي ارتبط ذكرها في كتاب ربنا بالسكن والاستقرار والمودة والرحمة .

        لسنا هنا في معرض الحديث عما هو حلال أو حرام سواء في اختيار الشريك والشريكة أو تفاصيل العلاقة بينهما بعد الزواج ؛ فتلك أمور للحديث فيها مقام آخر وأغلبكم يعلم عن تفاصيلها ما لا يعلمه العبد الفقير ، لكننا نكتب هذا المقال لنفند فكرة خاطئة مفادها أن ارتباط رجل خمسيني أو ستيني أو ربما سبعيني مع فتاة بعمر أصغر بناته أو إحدى حفيداته يجدد الشباب .

        أكرم الله سبحانه البشر بأرقى أنواع العلاقة الجنسية والتي ليست في إطارها المحترم مجرد اتصال جسدي محض وهي علاقة تتبدل تفاصيل حاجة طرفيها وأولوياتها بالنسبة لهما إن استمر زواجهما بتقدم المرحلة العمرية لكليهما ، وكلما تقدم العمر بالزوجين وطال معه مدى استمرار علاقتهما تعزز أكثر فأكثر دور المودة والرحمة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ؛ وأنا أتحدث هنا عن شعور الإنسان الطبيعي المستقيم نفسيا وعقليا ، لذلك نرى أن الرجل الطبيعي ابن الستين حين يفقد زوجته وتلتهي ذريته بأعباء الحياة ويرغب هو في الزواج يحدد أولوياته في اختيار الزوجة وفق معايير تختلف عن تلك التي اختار ارملته عبرها حينما كان في العشرين أو الخامسة والعشرين ، وتحقيق الاستمتاع بالعلاقة عندما يجد الزوجة المناسبة لحاجته يتم وفق فكرة يكون فيها موضوع الجسد في أسفل سلم الأولويات رغم أنه لم يخرج عن دائرتها .

        حين تسيطر على الرجل الخمسيني أو الستيني فكرة الزواج من بنت عشرينية تحت بند تجديد الشباب فإنه تلقائيا سينشغل بمسألة خطيرة بالنسبة له أَلَاْ وهي إثبات الفحولة وسيحاول إقناع الزوجة الصغيرة بأنه قادر على إشباعها جنسيا أكثر مما لو كانت قد اقترنت بشاب يافع مثلها ، وتلك المحاولات ستكون عبثية ولا يمكنها قطعا إقناع الزوجة الشابة بفحولة ابن الستين ولو تم صرف الفياغرا له مع البطاقة التموينية !

        الذي سيحدث بعد ذلك هو أحد أمرين : إما أن تفشل العلاقة الزوجية لأن البنت الصغيرة التي اقترنت برجل أكبر من والدها مجبرة على الأغلب لن تتحمل فارق القدرات الجنسية بينها وبينه ولا فوارق التفكير والنظرة للحياة بين طرفين ينتمي كل منهما إلى جيل مختلف ، وإما أن تستغل الزوجة الصغيرة نقطة ضعف الستيني أو الخمسيني المهووس فتتدلل عليه وتستمتع بشراء الماركات والسفر حول العالم على حسابه وسيكون هو أسير فكرة تعويضها عن فشله في إثبات قوة فحولته ولن يرد لها طلبا ، وقد يحدث أمر ثالث لا أريد الحديث عنه في هذا المقام .

        قد يتصدى لي بعضهم قائلا : " ما عندك سالفة لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اقترن بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي أصغر منه بكثير ! " ، ونذكر هؤلاء بأن أُولى زيجات سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في ريعان شبابه تمت مع أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وهي أكبر منه بخمسة عشر سنة ، فزيجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لكل منها خصوصية ولا يصح إسقاطها على حياتنا .

        خلاصة الكلام هي أن زواج الأشيب الستيني أو الخمسيني أو السبعيني إلخ باليافعة العشرينية خطوة غير سليمة مطلقا ولو أن لها وصفا آخر عندي لكن لن أورده تفاديا لسوء الفهم ، وتبقى ثلاث رسائل يجب توجيهها :
أولا – أيها الخمسيني أو الستيني ومن هو أكبر : اعلم بأن كل مرحلة تمضي من أعمارنا لن تعود وأن لكل مرحلة عمرية متعتها إذا فهمنا الحياة كما يجب ؛ ولن نفهمها إلا إذا استحضرنا الهدف الرئيسي من وجودنا فيها وهو عبادة رب العالمين ، فإن رزقك الله وفرة في المال فلا تفكر أبدا باستغلال أحوال مَن قدر الله عليهم الفقر لتتسلى ببناتهم ؛ فخير لكَ أن تقوم بجمع شاب عشريني غير قادر على الزواج بشريكة في مثل عمره وتتحمل تكاليف زواجهما وإيجار سكنهما لمدة معينة حتى يقف الشاب على قدميه لتكون تلك صدقة جارية لك تنفعك وتنفع أمتك .
ثانيا – إلى أولياء أمور البنات في الأسر الفقيرة : لا تبيعو بناتكم بأي ثمن واصبرو وما صبركم إلا بالله ؛ واعلمو أن نتيجة بيع بناتكم لرجال أكبر منكم سنا ستكون تعاسة وألما لا سعادة وخيرا كما تعتقدون ، أما أولياء أمور البنات في أسر غير فقيرة ممَن يبيعون بناتهم من باب الطمع وليس الفقر فمع احترامي لكرام القراء أقول لهم : " تف عليكم " .
ثالثا – إلى البنت العشرينية : إن قبولكِ بفكرة الزواج من رجل أكبر من أبوكِ كي تتدلعي عليه ويشتري لكِ الماركات والألماسات ويلف معكِ العالم في السفرات وربما يكتب باسمكِ العقارات فكرة غبية ، فما هي إلى سنوات قليلة وتندمين على هذا الزواج وتدركين بأن ما فقدتيه بقراركِ الخائب كان أكبر وأهم ألف مرة من كل ما سبق ذكره ولكن بعد فوات الأوان ، وستنهار حياتكِ وتفقد كل الماديات قيمتها لكن الأخطر هو أنكِ أنتِ أيضا قد تفقدين قيمكِ وبالتالي قيمتكِ ، فاحذري يا ابنتي إغراءات الخائبين من شيبات النخرة واتركيهم وهم في المولات يتلفتون يمينا ويسارا حتى تنكسر رقابهم ويغادروا دنيانا غير مأسوف عليهم واستمتعي أنتِ بشبابكِ كإنسانة محترمة .