السبت، 22 ديسمبر 2018

المجتمع والقانون بين دِيَاْثَةِ الرجال ونِفاق النساء !

        المقتضيات الشرعية في أحكام التعامل مع النساء الواردة في الكتاب والسنة غير قابلة للأخذ والرد شأنها شأن كل أحكام شرعنا الحنيف ، ومن تلك الأحكام ما يترتب على قول الله تعالى : " وَقَرْنَ فِيْ بُيُوْتِكُنَّ وَلَاْ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ اَلْجَاْهِلِيَّةِ اَلْأُوْلَىْ " ، فمَن ارتضى حكم الله من النساء وأوليائهن فبِها ونعم أما مَن اختار طريقا آخر فعَليه أن يتحمل وِزْرَه في الآخرة ويقْبَل بمقتضيات ما ارتضاه في الدنيا .

        ما نشهده اليوم من دِيَاْثَةِ الرجال ونفاق النساء هو تحَدٍّ لأحكام الله برفضها كطريق ومنهج من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى تملص قبيح من مقتضيات قوانين الدنيا وَمتطلبات مجتمعها ، فعلى سبيل المثال حين يراجع الواحد منا أي دائرة أو وزارة لإنجاز معاملة ما ويجد ازدحاما شديدا فإن الحريم يطالبْنَ بخصوصية غير مستحقة عبر تجاوز الدور حفاظا عليهن كما يزعمْنَ من مزاحمة الرجال بينما لو تولت أي منهن مسؤولية العمل لوجدناها تصرخ بأعلى صوتها مُطالِبةً المراجعين باحترام الدور ، والأدهى من ذلك وأمَرَّ منه هو أن بعض أشباه الرجال يحرضون نِساءَهم على القيام بالمراجعات بدلا منهم طمعا في تسريع إنجاز المعاملات !

        غير أن الأقبح من ذلك كله هو تحدي القانون تحت بند خصوصية المرأة ، فأيما امرأة يتم استيقافها عند نقطة تفتيش أمنية تطلب إثباتات سائقي المركبات وهوياتهم فإنها تتصرف بطريقة توحي وكأن رجل الأمن الذي استوقفها إنما يريد التحرش بها ؛ بل إنه حتى لو قام رجال الأمن بمهمة ضبط حفنة سافلة في شقة دعارة فإن العاهرات من الموجودات في الشقة يحذرن رجال الأمن من مجرد لَمْسِهن لأن مجرد لمس جسد المرأة يعطيها الحق في تسجيل قضية تحرش ! ، لذلك فإن النساء اللائي يرتكبن جرائم تستوجب الضبط والإحضار أو الراغبات في نقل المواد الممنوعة من مكان إلى آخر لديهن ما يشبه الحصانة التي تبيح لهن ارتكاب كل موبقة بينما يستوقف رجال الأمن الشبان الذكور فقط لمجرد أنهم موجودون عند فرع جمعية تعاونية في وقت متأخر من الليل !

        نفس المرأة التي تعتبر لمس رجل الأمن لها من وراء الملابس وهو يقوم بواجبه تحرشا جنسيا بها تذهب إلى طبيب أمراض النساء والولادة الرجل رغم وجود بدائل أكثر من كافية من الطبيبات من بنات جنسها بحجة أن الرجل أشطر ، ولأنه أشطر فهي تسمح له بعد إزالة الحواجز بتحسس أدق المواضع في جسدها وتشكره على هذا التحسس وذلك بمباركة ولِيِّها الدَيُّوْث !

        يا لها من مفارقات عجيبة فِعْلا تدل بكل وضوح على الدرجة التي بلغها ذكور مجتمعنا من دِيَاْثَةٍ وإناثُه من نفاق والضحية الدنيوية هو القانون وعدالته لكن الضحية يوم لا ينفع مال ولا بنون هو المجتمع الذي ارتضى الدياثة والنفاق .

الخميس، 6 ديسمبر 2018

المجتمع واعٍ بقضايا المعاقين فكفانا استعراضا !

        باسم توعية المجتمعات بحقوق المعاقين واحتياجاتهم الخاصة تم افتعال مناسبات بمسميات مختلفة واختلاق فعاليات يقتات من ورائها حفنة انتهازيين وانتهازيات من المعاقين أنفسهم ومن الذين يقدمون ذواتهم على أنهم مهتمون بشؤون ذوي الإعاقة ، وخذ تحت بند السذاجة تارة والدعاية الرخيصة تارة أخرى من تبرعات يقدمها ذلك البنك أو تلك الشركة أو أُلَئِكَ المحسنون تنتفخ بأموالها السحت جيوب مَن يتغنى بالطيبة الكاذبة ولم ولن يستفيد عامة المعاقين منها شيئا .

        المجتمع لا يحتاج توعية بقضايا ذوي الإعاقة ؛ فكل الناس على سبيل المثال لا الحصر يعرفون أن مواقف المعاقين الخاصة بالسيارات لا يجوز الوقوف فيها والدول تفرض غرامات مالية كعقوبة لمَن يوقف سيارته في مواقف المعاقين والذي ارتكب هذا الفعل القبيح قام به عامدا متعمدا لا عن عدم وعي ولكن عن قلة أدب وانحطاط أخلاق وضعف دين وعدم وجود هيبة للقانون ، فهل ستغير الاحتفالات والفعاليات التي يتم إنفاق كثير الجهد والمال عقلية شخص مثل هذا النذل السافل ؟ ، قطعا لا لأن المشكلة معه لا تكمن في قلة وعيه بقضايا ذوي الإعاقة وإنما في قلة أدبه ومثل هذا لا يُفترض دعوته لفعاليات واحتفالات وإنما يجب جَلْدُهُ بالسوط مئة جلدة كلما كرر مثل هذه الفعلة والتشهير به عبر نشر اسمه وصورته وتقديمه كشخص منبوذ اجتماعيا .

        مدير البنك الذي يمنع كفيف البصر من فتح حسابات أو استخراج بطاقات للصرف الآلي وفق رغبته وبناء على ما يعرضه الموظف المختص عليه من شروط هل يجهل أن ذلك الأعمى في كامل قواه العقلية ومسؤول عن تصرفاته ولا حاجة له بِمُعِيْنٍ يطلع على أسرار مصرفية لا يجوز للبنك أصلا كشفها لأحد غير العميل ؟ ؛ هل يخفاه أنه لهذا الأعمى أسرارا من حَقِّهِ أَلَّاْ يُطْلِعَ عليها غريبا ولا قريبا ؟ ، بالطبع لا ولكن هذا الذي درس وتخرج بالعافية لا يفقه أصول وواجبات عمله أساسا فعن أي توعية بقضايا المعاقين يمكن أن نتحدث معه بعدما تكررت مثل هذه المشاكل عبر عشرات السنين ووصلت إلى أعلى مستويات اتخاذ القرار ؟

        الأمثلة كثيرة يضيق عن حصرها هذا المقام ؛ لكن يكفينا القول بأنه منذ أن تفتحت مداركنا وفعاليات المعاقين ومناسباتهم لا تخرج عن استعراض مقرف لاستخدام جهاز أو عزف موسيقى أو ندوات يعاد فيها نفس الكلام ثم تنتهي الأمور إلى الحاجة لدعم مادي ، وكل الإشكالات التي ذكرناها وغيرها كثير ما تزال قائمة حتى في الدول التي سَنَّتْ قوانين لحقوق ذوي الإعاقة ، فلتُفرَض هيبة القانون وليُجبَر الناس بقوة تطبيقه على سلوك الصراط المستقيم وهذا ما نحتاجه فقط ، أما الوعي فإنه موجود لكنه يُضرَب بالجدار كل يوم بل كل دقيقة ليس في قضايا المعاقين فحسب وإنما في كل شؤون الحياة لأن مفهوم المواطَنة الحقة غير معمول به ولا موجود في أي بلد عربي ، فمفهوم المواطَنة الحقة يقتضي أن يستعيب المواطِن خرق القانون بينما نفخر نحن بأن فلان بيض الله وجهه قد وقع لنا على أوراق دفتر السيارة دون المرور بالفحص الفني أو وافق لنا على جزء من البناء المخالف في بيتنا ، بعد ذلك نأتي في اليوم الوطني لنهز الوسط راقصين على أنغام الأغاني والشيلات ونسبح بحمد الحاكم أبو المكرمات وراعي اليتامى والمعاقين وصاحب الأيادي السخية ونعتبر هذا التزلف هو عنوان المواطَنة الحقة ، فهل في مثل هذه الظروف ستنفع الفعاليات ولو حَسُنَتْ نوايا منظميها ؟

الاثنين، 3 ديسمبر 2018

معادلة موقف الكويتيين إزاء بوش الأب بين الوعي والوفاء

        حين غزت القوات العراقية الكويت عام 1990 كان واضحا أَلَّاْ أحد في العالم فضلا عن العرب يستطيع تحريرها بأقل قدر ممكن من الخسارة إلا الأمريكان ؛ هذا فضلا عن أن القِوى المُتأسلِمة بل وحتى اليسارية التي لم تكن تخفي تعاطفها مع الفرس المجوس إبان العدوان الإيراني على العراق والأمة العربية انقلبت فجأة وفي لحظة قدرية لِتَصْطَفَّ إلى جانب العراق عندما اعتدى على العرب بينما كانت تَشْتُمُ الرئيس الراحل صدام حسين ليل نهار يوم كان جيشه يدافع عن الأمة في معركة شريفة !

        كيفما كان الحال فعلى أرض الواقع تعرضت الكويت بلدا وشعبا لعُدوان بربري ظالم غير مبرَر وكانت وقفة الشهم فهد بن عبد العزيز وشعبه العزيز بَلْسَمًا داوى بعض جراح الكويتيين من أول لحظة ، فقد اتخذ رحِمَهُ الله قرارا خطيرا من الناحية الاقتصادية تم بموجبه احتساب الدينار الكويتي الذي انهار بانهيار دولته في غضون ساعات بعشرة ريالات سعودية وهو سعر لم يكن الدينار يستحق عُشْرَه على الأقل في الأسبوع الأول للاحتلال كما أنه سعر يقارب سعره الذي كان عليه قبل الحدث الجلل ؛ ولم يكن الملك فهد يرحمه الله يهدف من قراره هذا إلا لحفظ كرامة الكويتيين كي لا تغدو الأوراق النقدية في جيوبهم كأوراق الكلينيكس ، لكن السعودية لم تكن قادرة على تحرير الكويت أو أنها إن استطاعت فلم يكن ذلك ممكنا إلا بحرب مكلفة في أرواح البشر قبل خسارة المال .

        في ظل هذا الوضع العربي البائس كالعادة لم يكن هناك بد من الاستعانة بالأمريكان وفق منطق المصلحة المشتركة رغم علم الجميع بالجهد الاستخباري الأمريكي الذي زَيَّنَ لصدام اتخاذ قرار غزو الكويت بُغية تبرير التواجد العسكري الأمريكي المكثف والمباشر على شاطئ الخليج العربي وفي صحراء شبه جزيرة العرب ثم تدمير كيان الدولة العراقية من خلال استغلال ما اِجْتَمَع في صدام من حماقة ونذالة ، ولأن جورج بوش الأب الذي نفق قبل أيام كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فقد ارتبط اسمه في ضمير الكويتيين باعتباره البطل المخلص الذي ختم به المخرج فيلمه الهندي ( الغزو العراقي للكويت ) !

        رغم علمنا بأن الذي جرى ما بين 2/8/1990 و 26_2_1991 لم يكن سِوى فيلم هندي ركيك الإخراج والسيناريو خطير النتائج والأهداف إلا أنه لم يكن أمام الكويتيين الذين طُرِد منهم من بلده مَن طُرِد وحُرِمَ منهم مَن صمد على أرضه مِن حياته التي اعتادها قبل الاحتلال العراقي سِوى الشعور بالامتنان تجاه أمريكا ورئيسها الذي لولا تلاقي مصلحة بلده مع مصلحة الكويت لَتَاْهَ شعبها في أرجاء المعمورة حتى يومنا هذا ، لكن هذا الشعور بالامتنان لم يصل بنا إلى حد السذاجة حيث أننا نعرف القصة كاملة في لُبِّها وإن كُنا نجهل تفاصيل التفاصيل فيها ، وليس هذا الإدراك حكرا على أصحاب فكر سياسي إسلامي أو بقايا أيتام التيار الناصري وإنما حتى بسطاء الناس كانوا يعرفون حقيقة المؤامرة الأمريكية ؛ ولا أدل على ذلك مِن مشهد في عمل مسرحي هابط من الناحية الفنية حضره أُناس معظمهم يعيشون ضحالة فكر بحيث لا يعرفون من الدنيا إلا الضحك لمجرد الضحك واللعب لمجرد اللعب ، في نهاية هذا المشهد قال بطل المسرحية التي تم عرضها بُعيد التحرير وجراح الكويتيين ما تزال ساخنة بأن المسألة مطبوخة فصفق له جمهوره مستحسِنا !

        أترككم في الختام مع هذا المشهد الذي يلخص موقف كل الكويتيين بكافة اتجاهاتهم ورغم اختلاف تفاصيل تعبيرهم عنه من جورج بوش الأب الذي انطفأت أنوار أبراج الكويت نصف ساعة حدادا على نفوقه .
رابط المشهد :

السبت، 27 أكتوبر 2018

رسالة ابن سلمان بين نظرة التفاؤل وضرورة التفعيل والتفاعل

        سحابة الأزمة الخليجية الحالية داكنة طويلة الأمد أبرقت وأرعدت ثم أمطرت وسائل الإعلام بشقيه التقليدي والجديد بأقبح صور التراشق في تاريخ الخلافات العربية العربية ، لكن الأخطر في تداعياتها هو تأثيرها السلْبي على اقتصاديات دول المنطقة كافة .

        منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة هذه الأزمة ونحن نعلم أنها غير تقليدية وأنها لا يمكن أن تحل بحب الخُشوم لأنها حصيلة تراكمات سنين أعقبت مباشرة النتيجة الأخطر لفشل ما كان يعرف بمجلس التعاون الخليجي في معالجة كارثة احتلال الكويت وأعني بها التواجد الأمريكي المباشر على البر الخليجي وتعاظم دور الكيان الفارسي المسمى إيران في المنطقة ، فلقد كانت حادثة الخفوس عام 1992 أول إشارة على تبدل الصورة النمطية للوضع السياسي الذي كان قائما بين دول الخليج العربية قبل عام 1990 حين كان الراحل سعود الفيصل يرحمه الله يتفاوض مع القوى الدولية باعتباره وزير خارجية كل تلك الدول وليس السعودية فحسب ، وما بين واقعة الخفوس وما نشهده اليوم حدثت أمور وأمور لم تكن قطر عنوانها الوحيد وأن كان هو الأبرز في عناوين مجريات ما حدث وصولا إلى الأزمة الخليجية الحالية المرشحة لإفراز أزمة أخرى ما لم يتم احتواؤها .

        أيًا كان مقصد الأمير محمد بن سلمان حين جاء على ذكر قطر ضمن الدول ذات الاقتصاديات المتطورة ونظرته التفاؤلية لمستقبل المنطقة فإن تصفيق الحضور له حين ذكر قطر رغم الخلاف يؤكد أن كوامن نفوس أهل الخليج العربي وعموم شرفاء العرب من مشرق وطننا العربي إلى مغربه تتلمس أي بارقة أمل لإنهاء هذه الأزمة ، وحدهم المرتزقة الذين اقتاتوا على تبعات خلاف أبناء العم هم الذين لا يريدون انقشاع السحابة السوداء التي أتخمت جيوب بعضهم بأموال سحت ومنحت آخرين شهرة غير مستحقة ، لذلك تجب قراءة رسالة كلمة ابن سلمان وينبغي فهمها من خلال ما عبَّر عنه تفاعل الحضور بالتصفيق من مشاعر مفادها الرغبة في إزالة سحابة الشر السوداء من فوق خليجنا العربي قبل أن تُفرِّخ سحبا أخرى وليس من خلال تحليلات المرتزقة الذين يتحدث بعضهم عن مغازلة سعودية لقطر باعتبار المملكة في موقف ضعف كما يظنون وبعضهم الآخر يتحدث عن ضعف الموقف القطري نتيجة تغليب الحليف التركي غير الأمين لمصالحه مع السعودية على مقتضيات زواج المتعة مع قطر !

        المطالبة باعتذار خصوم قطر لها غير منطقية لأن جزيرتها آذت بلسانها الحاد دول حصار أو مقاطعة الدوحة وغيرها من الدول كما أن تمسك خصوم قطر بالشروط الثلاثة عشر وفق الصيغة التي تم إعلانها مع بداية الأزمة غير واقعي وغير منصف لأن الدول لا تقبل صيغة الإملاءات في علاقاتها السياسية ، فالحل هو الحوار بملاءة شعبية حيث يجب أن يتم فورا وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين فرقاء الأزمة واستبدالها بحديث حول انعكاساتها السلْبية على دولنا اقتصاديا واجتماعيا وإبراز وجوه عربية خليجية من أهل المنطقة لتتبنى هذا الطرح وتضيف إليه المكاسب المرجوة من انقشاع السحابة السوداء ، وفي ظل هذه الأجواء يتفاوض القادة بشأن بناء أسس صحيحة للعلاقات البينية الخليجية ويتوقف اَلدَّهْماء عن التشاتم عبر ما تسمى وسائل التواصل الاجتماعي ، أما الأطراف غير الخليجية وأولها مصر فيجب إرساء أساس لعلاقة خليجية مشتركة معها بناء على عدم التدخل في الشؤون الداخلية أو العلاقات الإقليمية لأي من الدول والتعاون المثمر في مجال الاقتصاد من خلال استثمار تستفيد منه الشعوب لا هِبَاْتٍ تسرقها العصابات ، أما جماعات الإسلام السياسي وأولها الإخوان فيجب إقصاؤها عن المشهد فورا واجتثاث أفكارها الضالة التي اِسْتَشْرَتْ في مجتمعنا الخليجي لصالح تعزيز الولاء للأوطان ورموزها ؛ ويجب على تلك الرموز أن تتعامل مع مسؤولياتها تجاه بلدانها كقادة دول لا كرؤساء مجالس إدارات شركات غاز وبِتْرول .

        هذا هو الإطار العام الذي يمكن من خلاله حل الأزمة الخليجية وتفادي أزمات غيرها في المستقبل انطلاقا من الرسالة التي وصلتنا من ابن سلمان بغض النظر عن تفاصيل ما قصده سموه الكريم .

الجمعة، 12 أكتوبر 2018

رسالة الملك فهد من زمن الهيبة إلى زمن الخيبة ، درس في كيفية توظيف المرتزقة !

        في ثمانينيات القرن الماضي وعلى خلفية عدوانها على العرب وظفت إيران حفنة مجرمة من أذنابها للقيام بأعمال إرهابية بلغت ذروتها قُبيل الغزو العراقي للكويت والذي كان نظام الملالي أول المستفيدين منه ، فقد قامت شرذمة من حملة الجنسية الكويتية بتفجير إجرامي قرب الحرَم المكي الشريف في موسم حج عام 1409 هجري والذي وافق صيف العام 1989 للميلاد ، وبحمد الله تمكنت السلطات الأمنية السعودية من ضبط الجُناة ونفذت حكم الله فيهم حين تم إعدام 16 منهم وسجن 4 .

        إلى هنا والأمر عادي من حيث مُجْرَياته أَمنيًّا لا من حيث شَناعة فِعْل المجرمِين ، لكن تداعيات هذا الحدث الخطير بما حملته من تقديرات خائبة من طرف وَرَدِّ فِعْل غير متزن من طرف آخر تسببت فيما يمكن اعتباره وقفة نفس في العلاقات السعودية الكويتية تم معها فتح ملفات ليست في أصلها ذات علاقة بالجريمة النكراء ، ولن نتحدث عن تفاصيل مظاهر وقفة النفس هذه نظرا لما تقتضيه المصلَحة العليا للأمة ؛ لكن بعد بيان وزارة الداخلية السعودية الذي أَعلَنت فيه تنفيذ الأحكام العادلة حاولت أصوات خائبة في الكويت ربط ما حصل بالكرامة الوطنية خاصة في ظل صمت حكومي مُطْبِق ، فتبدت في هذا الموقف حِكْمة الملِك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله والذي كان مُتابعا دقيقا لوسائل الإعلام ومهتما بتفاصيل ما تورده كما شهد بذلك وزراء الإعلام الذين تعاملوا معه ، ولأن الملِك فهد يرحمه الله كان مؤمنا بأن أي خلاف بَيني خليجي يجب أن يظل في أضيق الحدود فقد تحرك يرحمه الله بسرعة وهو يتابع الوضع داخل الكويت عن كثب ؛ فقام بعملية توظيف احترافية للمرتزقة والذين لا يمكن أن يخلو عالم السياسة منهم سواء في جانبه الإعلامي أو بقية الجوانب ، فقد رتب رحمة الله عليه لقاء مع رئيسة تحرير مجلة المجالس الكويتية هداية سلطان السالم يرحمها الله وكلف أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية جنسية والسعودية توجيها بنشر هذا اللقاء الذي كانت أبرز نقاطه هي :
1 – إن الجهة التي نفذت التفجيرات في مكة هي ذاتها التي قامت بعمليات إرهابية ضد الكويت نفسها .
2 – لقد قام بعض حملة الجنسية السعودية من المنتمين لهذه الفئة الضالة بأعمال تفجيرات استهدفت منشآت نفطية وتم إعدامهم .
3 – لو أن مواطنين سعوديين عبِثوا بأمن الكويت لكانت المملكة العربية السعودية أول مَن يطالب بمعاقبتهم وفق القانون الكويتي .

        بعد هذا اللقاء لم يفتح أي من الخائبين الكويتيين فمه ببنت شفة لكن وقفة النفس في العلاقة السعودية الكويتية ظلت مستمرة حتى أنهاها صدام حسين لكن بفعل إجرامي لا بوساطة أخوية عبر غزوه واحتلاله للكويت والذي كانت لوقفة الملِك فهد وعباراته الخالدة أبلغ الأثر في تضميد جراح الكويتيين إلى أن عادت لهم بلدهم ليُديرو شؤونها دون مِنَّة أو تدخل من الجار الجنوبي الحازم الحكيم والذي مارس دور بلده دون أن يحتاج لأراذل البشر كي يبيعو عبارات تمجيد متزلفة قميئة تتفوه بها حفنة من مدفوعي الأجر وهواتف العملة !

        هكذا وظف الملِك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله المرتزقة لمصلحة بلده وأمته بما يحفظ أمنها ولا يشحن مشاعر أبنائها بالكراهية تجاه بعضهم البعض ، فشتان بين احترافية الملِك فهد وإعلامه في زمن الهيبة وبين الخطاب الإعلامي المنحط الذي تتبناه أطراف الأزمة الخليجية الحالية في زمن الخيبة .

الخميس، 9 أغسطس 2018

الورطة الكندية والخيبة الخليجية !

        باحترافية عالية أدار الساسة السعوديون أزمتهم مع كندا التي بات رئيس حكومتها وحزبه الليبرالي في ورطة ، فقد أوجعهم وقف دراسة 15 ألف طالب سعودي فقط لا غير يدرسون في البلاد الشاسعة شديدة البرودة قليلة السكان والتي يعتمد ناتجها القومي على العلاقات التجارية للقطاع الرأسمالي مع الأثرياء حكومات وشركات ، هذا ناهيكم عن المرضى السعوديين ومرافقيهم الذين سينقلون من كندا التي سيحرم سوقها من إنفاقهم العلاجي والاستهلاكي وحتى إشغالات العقارات .

        مع هذه الورطة يعلن ساسة كندا تمسكهم بموقفهم لكنهم يستجدون الوساطات من أصدقاء السعودية وأشقائها خلف الكواليس بينما ترفض الرياض الوساطات وفي الوقت نفسه تستثني صادراتها النفطية من إجراءاتها العقابية ضد أوتاوا التي لا يمكنها رغم ما تعرضت له من مذلة أن ترفض استيراد نفط السعودية باسم الكرامة الوطنية !

        إنها الورطة الكندية متمثلة في الضربة الموجعة التي تلقاها الحزب الحاكم والإحراج الذي وقع فيه الناخب الكندي المعجب برئيس الوزراء وحزبه تحت بند القيم التي حطمتها المصالح وأزالت جدار الوهم الذي كان يحميه الخطاب المعلن ويخفي وراءه حقيقة مرة مفادها أنه لا حقوق إنسان ولا بطيخ يمكن السماح لها بالتضحية بمصالح البلاد العليا ، لكن هل كندا وحدها مَن تورطت ؟

        العدد المهول للمبتعثين والمرضى السعوديين في كندا وحدها وهي ليست الدولة الرئيسية في استقبال هاتين الشريحتين بات يطرح تساؤلات ليس في السعودية فحسب وإنما أيضا في جاراتها الثرية ( الكويت وقطر والإمارات ) ، مضمون هذه التساؤلات يقول : لماذا يتغرب عشرات الآلاف من أبنائنا وبناتنا وآبائنا وأمهاتنا في أصقاع الدنيا طلبا للتعليم والصحة على نفقة حكوماتنا التي تستطيع عبر ملاءتها المالية توفير أفضل الخدمات بأرقى المستويات على ذات الأرض التي تدر البترول وتجني مداخيله ؟

        إن المصالح التجارية وعلاقات القطاعات الرأسمالية لا تحكم كندا ومثيلاتها من الدول الغربية فحسب وإنما تتحكم أيضا في سياسات حكام دول ما كان يعرف بمجلس التعاون الخليجي والذين يبشرون برؤى المستقبل ويستضيفون الإكسبو والمنديال ( هذا إن تمت الاستضافة ) ؛ لكن المواطن في دول شريط النفط لا يعيش إلا أزمة سياسية طاحنة شحنت نفوس أهل المنطقة ضد بعضهم البعض وهي مرشحة للاتساع ولا يشهد إلا مشاريع تكتنفها شبهات الفساد وهو يعاني في كل تلك الدول رغم ما تصرفه له من رواتب في المستشفيات والمدارس والوزارات ومختلف المؤسسات وحتى في الشوارع وهو يتنقل بسيارته من انعكاسات سلبية لتردي الخدمات يشتكي منها كل يوم بل كل دقيقة ، أما كندا فرغم الورطة والفضيحة إلا أنها على الأقل وظفت ناتجها في تقديم خدمات محترمة لحاملي جنسيتها لأنها استثمرت في المواطن بينما حكومات دول شريط النفط تنفق عليه ولا تستثمر فيه ثم تحوله إلى مجرد كائن استهلاكي يمكنها وحلفاؤها من طبقة التجار استعادة ما أنفقوه على الشعب من جيبه عبر الغلاء وأخيرا الضرائب غير المبررة بكل سهولة !

        الأزمة مع السعودية أَفْضَتْ إلى ورطة كندية لكن ثناياها أماطت اللثام عن خيبة خليجية ، فمَن سيكون الخاسر على المدى البعيد ؟

الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

احتمالات الأزمة السعودية الكندية

        ليست هذه المرة الأولى التي تنتقد فيها تقارير غربية من كندا أو غيرها ما تعتبره انتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية أو غيرها من دول الشرق الأوسط لكنها المرة الأولى التي ترد فيها المملكة بهذه الحدة على مثل هكذا تقارير !

        يأتي التصعيد الدبلوماسي والاقتصادي السعودي ضد كندا في ظل عاملَين هامَين : الأول هو عدم الارتياح الذي يشوب علاقة الرئيس الأمريكي ترامب برئيس وزرا كندا جاستن ترودو ، فرئيس الوزراء الكندي هو زعيم الحزب الليبرالي في بلاده والذي تتعارض منطلقاته خاصة في مسألة المساواة بين المواطنين مع ما يتبناه الحاج أبو إيفانكا من أفكار عنصرية أكسبته كراهية تتنامى عبر العالم يوما بعد يوم ، أما العامل الثاني فهو الترتيبات الاستراتيجية التي أرساها ترامب مع السعوديين لمصلحته طبعا بالدرجة الأولى لكنها كما يرى الساسة في الرياض تصب أيضا في مصلحتهم كونها ستؤدي إلى لجم التوسع الفارسي في منطقتنا والذي تسببت في دفع عجلته خيبات العرب المتتالية !

        في ظل العاملَين المذكورَين تستمر الحرب في اليمن بما تشكله من نزيف واستنزاف للسعودية ناهيكم عن الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة بعد إجبار دولها على الشروع بفرض الضرائب ثم تهديدها من قبل ترامب بخفض قادم كبير لأسعار البترول سلعة أهل الخليج العربي الرئيسية ، وفي ظل معطيات الوضع الراهن تحتاج السعودية إلى تحقيق نصر دعائي تظهر من خلاله على أنها تتحدى الضغوطات الغربية ولا تسمح للغرب رغم الصداقة بالتدخل في شؤونها السيادية فوجد متخذو القرار في السعودية ضالتهم فيما ظنوها النقطة الأكثر هشاشة وهي رئيس وزراء كندا وحزبه ، فاتخذوا إجراءاتهم بسرعة وكان لافتا التركيز على وقف التعاملات التجارية مع كندا وهو ما يعتبر في الغرب تهديدا للقطاع الرأسمالي المستفيد المباشر من الصفقات مع الدول الثرية ؛ لكنه أيضا يشكل تهديدا لقدرة المصانع والشركات الغربية على توفير فرص العمل والتي ترتبط في الغرب بالصفقات مع الدول والشركات المحتاجة لمنتجات مصانعه الضخمة ، هذا معناه استثارة نقمة الناخب الذي قد يخسر فرصة عمله أو لا يجد فرصة عمل أصلا ؛ وكلنا يعرف أن تسريح العاملين في مصانع الغرب أسهل من شرب الماء !

        بعد هذا العرض للمشهد المتعلق بالأزمة الكندية السعودية كما نراه يحق لنا التساؤل : ما هي الاحتمالات الواردة لمستقبل هذه الأزمة ؟
الاحتمال الأول – إصرار الحكومة الكندية وحزبها الليبرالي على التمسك بالموقف إزاء السعودية تحت بند المبادئ والقيم ، وبالتالي سيدخل جاستن ترودو وحزبه في مواجهة مع القطاع الرأسمالي والذي سيدعم المعارضة مستفيدا من نقمة الذين أثرت عليهم خسارة فرص العمل من الناخبين وبالتالي سيخسر الحزب الليبرالي الكندي أي انتخابات قادمة وهذا ما يتمناه ترامب ، وبعدها لن يكون من الصعب إنهاء المشكلة مع السعودية وكأنها لم تكن .
الاحتمال الثاني – أن تصدر الحكومة الكندية تصريحات مفادها أنه قد تم إساءة فهم موقفها وأنها حريصة على علاقاتها المهمة مع السعودية بما يشبه الاعتذار للسعوديين وطلب الصفح منهم ، وهذا الاحتمال في حال حدوثه سيشكل مادة إعلامية للتشنيع على رئيس الوزراء الكندي وحزبه وبالتالي فإن السيد جاستن ترودو بات بين مطرقة الاحتمال الأول وسِندان الاحتمال الثاني .
الاحتمال الثالث – أن يتمسك جاستن ترودو بموقف حكومته وحزبه ثم يحظى بدعم شعبي انطلاقا من أن كندا بقيمها ومبادئها لن تخضع لتهديد وابتزاز أثرياء شيوخ البترول ، ثم يتم تجديد الثقة للحزب الليبرالي في الانتخابات القادمة ويتعزز وضعه داخليا ومساندة الشعب له ، هذا الاحتمال وارد رغم أنه أقل قوة من الاحتمالين السابقين لكنه أخطر الاحتمالات الثلاثة ؛ فحدوثه يعني أن تغيرا فكريا بدأ يطرأ على الذهنية الغربية وأن بعث الروح في الأفكار التي طرحتها جماعة ( احتلو وولستريت ) التي اعتصمت قرب بورصة نيويورك عام 2012 وتبنت فكرة استئثار القلة الرأسمالية بالثروة قد تنبعث من جديد وبزخم أقوى ، حينها ستصبح كندا نقطة بداية النهاية للمنظومة الرأسمالية تماما كما كانت بولندا نقطة بداية النهاية للمنظومة الشيوعية الاشتراكية عندما اعتصم العمال في حوض غدانسك عام 1981 فأصبحت وارسو المدينة التي حمل الحلف الشيوعي اسمها على مدى عقود هي الحفرة التي تم فيها دفن ذلك الحلف وكانت أحداث بولندا عام 1981 مقدمة لسقوط سور برلين بعدها بسبع سنوات ثم إعادة توحيد ألمانيا وسقوط الاتحاد السوفيتي السابق ، فهل جاء دور المنظومة الغربية الرأسمالية لتسقط انطلاقا من كندا وحنقا على الحاج ترامب والذي يتصرف كبزنسمان لا كرئيس دولة عظمى ؟

        الله أعلم ، ما علينا سوى متابعة الأحداث لكننا نظن أن حصول الاحتمال الثالث لن يشكل مفاجأة فحسب وإنما سيكون بداية تغيير كوني ضخم ربما ستكون منطقتنا الأكثر تأثرا به بعد مركزه في الغرب .

الجمعة، 3 أغسطس 2018

امتداحهم كفر وفضحهم ليس غيبة !

        أكلة السحت الحرام من المرتشين وتجار الإقامات ومشيدي العمارات الاستثمارية في المناطق السكنية والمتورطين في عمليات غسيل الأموال ومروجي المخدرات والمسكرات إلخ من تلك الأصناف المعادية للتعاليم الدين وكل ما هو نبيل من قيم الإنسانية كلهم يندرجون في خانة واحدة .

        هؤلاء يأكلون أموال الناس بالباطل ، وهؤلاء يدمرون مجتمعاتهم ويعرضونها للمخاطر في سبيل الكسب المادي ، وهؤلاء عبر الإثراء السريع وغير المشروع يتقصدون نشر مظاهر البذخ والبطر التي تذهب بألباب ضعاف العقول منا وما أكثرهم فتنشأ نتيجة ذلك مشاكل أعقد من قضايا الشرق الأوسط والقرن الإفريقي وكوريا الشمالية ، وغير ذلك كثير من الشرور التي يبثونها ويتسببون في حدوثها .

        أمثال هؤلاء لا يجوز امتداحهم بعبارات مثل عبارة : " هذولا ريجيل جيدين " ، فامتداحهم بمثل هذه العبارة أو ما شابهها يعني ببساطة أن مَن امتدحهم يعتبر ارتكاب ما حرم الله فعلا جيدا وهذا كفر مخرج عن ملة الإسلام ، كذلك فإن هؤلاء لا غيبة لهم بعد أن قامت الحجة عليهم وعرفوا نتائج ما تسببت به أفعالهم الدنيئة في المجتمع ؛ فلا بأس من فضح مَن ثبت بالقرينة تورطه منهم في تلك الأعمال والحديث عنهم في المجالس بالاسم وحث الناس على طردهم من الدواوين وعدم تزويجهم أو التبايع معهم أو تنفيعهم بأي شكل كان ، فقد أصر هؤلاء عمدا على نقض عُرَىْ الأخوة بيننا وبينهم وعليه فإن فضحنا لهم في المجالس لا يعتبر من الغيبة المحرمة .

        هكذا يجب أن يتعامل المجتمع مع تلك الفئة الخسيسة من أراذل ذرية آدم ، أما إذا اعتمد المجتمع أفعالهم على أنها شطارة وصار هؤلاء يوضعون في صدور المجالس فليس لهذا معنى إلا أن المجتمع بكبره مجتمع منحط وانتمائه لدينه مجرد هوية وطقوس ، أما القيم فليس له منها حظ بما يجعل أهل الجاهلية الذين كانوا يحفظون الذمم ويرعون العهود أفضل من أفراد مثل هكذا مجتمع !

الجمعة، 20 يوليو 2018

الأشيب الستيني واليافعة العشرينية

        الزواج هو أنبل أشكال العلاقات البشرية بين طرفين اجتمعا بعد سنين عاشها كل منهما بعيدا عن الآخر ، وهي التي ارتبط ذكرها في كتاب ربنا بالسكن والاستقرار والمودة والرحمة .

        لسنا هنا في معرض الحديث عما هو حلال أو حرام سواء في اختيار الشريك والشريكة أو تفاصيل العلاقة بينهما بعد الزواج ؛ فتلك أمور للحديث فيها مقام آخر وأغلبكم يعلم عن تفاصيلها ما لا يعلمه العبد الفقير ، لكننا نكتب هذا المقال لنفند فكرة خاطئة مفادها أن ارتباط رجل خمسيني أو ستيني أو ربما سبعيني مع فتاة بعمر أصغر بناته أو إحدى حفيداته يجدد الشباب .

        أكرم الله سبحانه البشر بأرقى أنواع العلاقة الجنسية والتي ليست في إطارها المحترم مجرد اتصال جسدي محض وهي علاقة تتبدل تفاصيل حاجة طرفيها وأولوياتها بالنسبة لهما إن استمر زواجهما بتقدم المرحلة العمرية لكليهما ، وكلما تقدم العمر بالزوجين وطال معه مدى استمرار علاقتهما تعزز أكثر فأكثر دور المودة والرحمة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ؛ وأنا أتحدث هنا عن شعور الإنسان الطبيعي المستقيم نفسيا وعقليا ، لذلك نرى أن الرجل الطبيعي ابن الستين حين يفقد زوجته وتلتهي ذريته بأعباء الحياة ويرغب هو في الزواج يحدد أولوياته في اختيار الزوجة وفق معايير تختلف عن تلك التي اختار ارملته عبرها حينما كان في العشرين أو الخامسة والعشرين ، وتحقيق الاستمتاع بالعلاقة عندما يجد الزوجة المناسبة لحاجته يتم وفق فكرة يكون فيها موضوع الجسد في أسفل سلم الأولويات رغم أنه لم يخرج عن دائرتها .

        حين تسيطر على الرجل الخمسيني أو الستيني فكرة الزواج من بنت عشرينية تحت بند تجديد الشباب فإنه تلقائيا سينشغل بمسألة خطيرة بالنسبة له أَلَاْ وهي إثبات الفحولة وسيحاول إقناع الزوجة الصغيرة بأنه قادر على إشباعها جنسيا أكثر مما لو كانت قد اقترنت بشاب يافع مثلها ، وتلك المحاولات ستكون عبثية ولا يمكنها قطعا إقناع الزوجة الشابة بفحولة ابن الستين ولو تم صرف الفياغرا له مع البطاقة التموينية !

        الذي سيحدث بعد ذلك هو أحد أمرين : إما أن تفشل العلاقة الزوجية لأن البنت الصغيرة التي اقترنت برجل أكبر من والدها مجبرة على الأغلب لن تتحمل فارق القدرات الجنسية بينها وبينه ولا فوارق التفكير والنظرة للحياة بين طرفين ينتمي كل منهما إلى جيل مختلف ، وإما أن تستغل الزوجة الصغيرة نقطة ضعف الستيني أو الخمسيني المهووس فتتدلل عليه وتستمتع بشراء الماركات والسفر حول العالم على حسابه وسيكون هو أسير فكرة تعويضها عن فشله في إثبات قوة فحولته ولن يرد لها طلبا ، وقد يحدث أمر ثالث لا أريد الحديث عنه في هذا المقام .

        قد يتصدى لي بعضهم قائلا : " ما عندك سالفة لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اقترن بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي أصغر منه بكثير ! " ، ونذكر هؤلاء بأن أُولى زيجات سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في ريعان شبابه تمت مع أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وهي أكبر منه بخمسة عشر سنة ، فزيجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لكل منها خصوصية ولا يصح إسقاطها على حياتنا .

        خلاصة الكلام هي أن زواج الأشيب الستيني أو الخمسيني أو السبعيني إلخ باليافعة العشرينية خطوة غير سليمة مطلقا ولو أن لها وصفا آخر عندي لكن لن أورده تفاديا لسوء الفهم ، وتبقى ثلاث رسائل يجب توجيهها :
أولا – أيها الخمسيني أو الستيني ومن هو أكبر : اعلم بأن كل مرحلة تمضي من أعمارنا لن تعود وأن لكل مرحلة عمرية متعتها إذا فهمنا الحياة كما يجب ؛ ولن نفهمها إلا إذا استحضرنا الهدف الرئيسي من وجودنا فيها وهو عبادة رب العالمين ، فإن رزقك الله وفرة في المال فلا تفكر أبدا باستغلال أحوال مَن قدر الله عليهم الفقر لتتسلى ببناتهم ؛ فخير لكَ أن تقوم بجمع شاب عشريني غير قادر على الزواج بشريكة في مثل عمره وتتحمل تكاليف زواجهما وإيجار سكنهما لمدة معينة حتى يقف الشاب على قدميه لتكون تلك صدقة جارية لك تنفعك وتنفع أمتك .
ثانيا – إلى أولياء أمور البنات في الأسر الفقيرة : لا تبيعو بناتكم بأي ثمن واصبرو وما صبركم إلا بالله ؛ واعلمو أن نتيجة بيع بناتكم لرجال أكبر منكم سنا ستكون تعاسة وألما لا سعادة وخيرا كما تعتقدون ، أما أولياء أمور البنات في أسر غير فقيرة ممَن يبيعون بناتهم من باب الطمع وليس الفقر فمع احترامي لكرام القراء أقول لهم : " تف عليكم " .
ثالثا – إلى البنت العشرينية : إن قبولكِ بفكرة الزواج من رجل أكبر من أبوكِ كي تتدلعي عليه ويشتري لكِ الماركات والألماسات ويلف معكِ العالم في السفرات وربما يكتب باسمكِ العقارات فكرة غبية ، فما هي إلى سنوات قليلة وتندمين على هذا الزواج وتدركين بأن ما فقدتيه بقراركِ الخائب كان أكبر وأهم ألف مرة من كل ما سبق ذكره ولكن بعد فوات الأوان ، وستنهار حياتكِ وتفقد كل الماديات قيمتها لكن الأخطر هو أنكِ أنتِ أيضا قد تفقدين قيمكِ وبالتالي قيمتكِ ، فاحذري يا ابنتي إغراءات الخائبين من شيبات النخرة واتركيهم وهم في المولات يتلفتون يمينا ويسارا حتى تنكسر رقابهم ويغادروا دنيانا غير مأسوف عليهم واستمتعي أنتِ بشبابكِ كإنسانة محترمة .

السبت، 16 يونيو 2018

من أجل قطر ، أقيلوهم

        انتشر عبر اليوتيوب مقطع السبعة عشر دقيقة والذي ظهر فيه بعض مدعي التحليل الرياضي في قناة بي ان سبورت وهم يشمتون بخسارة المنتخب السعودي أمام روسيا 5/0 ، واشتمل كلام هؤلاء على بذاءات وتخريفات يبدو أنها من كلام آخر الليل .

        لن نتعامل مع الموضوع من الزاوية السعودية إذ ومع كل أسف مسألة تدني الخطاب الإعلامي بين خصوم الأزمة الخليجية التي ما زال أعداؤنا يفرحون باستمرارها ويستفيدون منها باتت أمرا اعتياديا ، فالإساءة للسعودية ورموزها عبر وسيلة إعلام عنوانها قطر ليس أمرا يستحق كتابة مقال عنه ؛ لكن لو تمت قراءة بذاءات تلك الحفنة المأجورة التي لا علاقة لها بالرياضة لا من بعيد ولا من قريب بشيء من التعقل لوجدنا أن هؤلاء أساؤوا إلى قطر بأضعاف ما أساؤوا إلى السعودية !

        تلك الحفنة المأجورة لم يكن بينهم قطري واحد والبذاءات التي تفوهت بها ألسنتهم ليست هي لغة أهل قطر الحقيقيين ، كذلك فإن الدوحة تنتظر استضافة العالم عبر مونديال 2022 وفكرة الشماتة بفريق خسر مباراة غير مقبولة رياضيا وعليه فإن ارتباط اسم قطر بعنوان هذه الإساءات يجعلها في موقف محرج أمام العالم ، كذلك فإن ربط الرياضة بالسياسة هو أمر مرفوض أيضا فكيف تشمت وسيلة إعلامية محسوبة على قطر لأسباب سياسية بخسارة فريق ربما يكون أحد المشاركين في مونديال الدوحة والتي هي ملزمة بتوفير كافة وسائل الراحة والتعامل المحترم مع ضيوفه .

        بناء على ما تقدم أرجو من الأصوات الإعلامية المسموعة في الشقيقة قطر أن تطلق حملة وطنية تطالب بإقالة كل من شارك في هذا المقطع المسيء لقطر قبل السعودية فورا وعلى أساس ثلاث بنود :
1 – التأكيد على احترام الشباب الرياضي السعودي والذي لا علاقة له بصنع القرار السياسي وتمني التوفيق له في المباريات القادمة ، مع التذكير بأن الدوحة شهدت ملاعبها أعظم الإنجازات الكروية السعودية ؛ ( الفوز بكأس آسيا عام 1988 * الوصول لكأس العالم عام 1994 والذي استضافت قطر الدور النهائي لتصفياته الآسيوية * الوصول إلى كأس العالم عام 1998 عبر مباراة فاصلة مع المنتخب القطري في الدوحة ) .
2 – التأكيد على تعزيز ثقة العالم في قطر والتي أفْضَت إلى نيلها شرف تنظيم مونديال 2022 واستعدادها لاستقبال كافة الفرق التي ستشارك فيه وفق أخلاق أهل قطر وبناء على كون الرياضة رسالة محبة تتم عبرها تهنئة الفائز ورجاء حظ أوفر للخاسر ليكون بذلك تجمع الرياضيين على أرض قطر هو الفوز الحقيقي .
3 – مع استمرار الاستعدادات لاستضافة الدوحة مونديال 2022 تؤكد قطر رفضها المطلق لربط الرياضة بالأحداث السياسية تحت أي ظرف كان وتشدد على احترامها لكل الرياضيين والإعلاميين والجمهور وكافة ضيوف قطر المحتملين من الآن .

        قد يجادل بعض إخواننا في قطر بأن تركي آل الشيخ كانت له تصريحات مسيئة لقطر وشبابها الرياضي فنقول لهم نعم ؛ كلامكم صحيح ، لكن الأصح هو أن تنظروا أنتم للموضوع من زاويتكم وليس من زاوية آل الشيخ أو غيره ، فالعين عليكم وليست عليه باعتباركم حاضني المونديال القادم ، فسارعو من أجل قطر بإقالة الحفنة المأجورة البذيئة والتي لا تستحق أن تطل على العالم عبر شاشة عنوانها قطر ، وعيدكم مبارك .

الخميس، 14 يونيو 2018

يا لِثارات حلب ويا لِخيبة العرب !

        حين اجتاحت قطعان المجوسي النذل قاسم سليماني حلب بغطاء جوي روسي ومصاحبة كواولة العراق وزعران لبنان وغيرهم من الكلاب الضالة شمت أذناب إيران بنا كعرب مثل ذلك الحقير حامل الجنسية الكويتية الذي كتب على حسابه في تويتر : " اليوم طعم الفستق الحلبي غير " !

        ذُبِحَتْ حلب على بعد 25 كيلومترا فقط من حدود تركيا الأردوغانية التي امتدت أذرعتها إلى ضفاف الخليج العربي والبحر الأحمر بينما لم تكتفِ بأن قَصُرَتْ عن نصرة الجار الحلبي فحسب بل كثفت تنسيقها مع مَن ذبحه على حساب مصالح أمة العرب التي يهيم كثيرون من سنتها بالترك بينما يوالي معظم شيعتها الفرس المجوس !

        اليوم تقف حديدة اليمن العربية على أبواب التحرير من رجس المحتل الإيراني عبر وسيطه الحوثي وذلك بتضحيات أهل اليمن والسعودية والإمارات ، وفي مثل هذه المواقف لا يجوز حتى السكوت ويجب إظهار الفرح بتحرير الحديدة كمقدمة لدحر الوجود الفارسي في اليمن ، ولا مجال هنا لوضع رِجْلٍ في خندق والرجل الأخرى في الخندق المقابل ؛ فمَن لا يظهر الفرح بتحرير الحديدة اليوم لن يجد له بواكي في الغد !

        لسنا على اتفاق مع العديد من سياسات قادة الرياض وأبو ظبي لكن حين تكون المواجهة مع عدونا الأخطر ( إيران ) فإن كل اختلاف أو حتى خلاف يُنحَّىْ جانبا إذ لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، ولقد وقفنا بكل فخر مع العراق في ملحمة القادسية الثانية رغم أننا لم نكن على ود مع نظامه السياسي ؛ فكيف تتقاعس اليوم كثير من ألسنتنا وأقلامنا عن نصرة أهلنا في اليمن والسعودية والإمارات ولو بكلمة وهم يقدمون أرواح فلذات أكبادهم فداء لنا ؟

        في الختام نقول : الذي يدعي أنه عربي ولم يظهر احتفاءه بتحرير الحديدة ويعبر عن نصرته لإخوانه عليه إجراء اختبار DNAللتأكد مما إذا كان فعلا ينتمي لهذه الأمة العظيمة أم لا ، أما ذلك الذي يدعي العروبة ويعترض على تحرير الحديدة ولا تشغله إلا قصة تدرب الفتاة السعودية على ركوب الدراجة النارية فهذا أحقر وأنذل من كلب المجوس قاسم سليماني .

الاثنين، 4 يونيو 2018

مصطلح عُبَّاْدِ رمضان : عيب .

        من الأمور المفرحة في رمضان إقبال الناس على المساجد وهو من القربات العظيمة التي يضاعف ربنا سبحانه أجرها في هذه الأيام الفضيلة ، لكن المحزن أنه في غير رمضان تكاد المساجد تخلو من عُمَّاْرِهَاْ المفترضين ، ففضل صلاة الجماعة عظيم وحتى بعض أهل العلم الذين لا يرون وجوبها وفق استنباطاتهم الفقهية للأدلة الشرعية لم يرد عنهم أنهم كانوا يتهاونون في أدائها بل إنهم كانوا يلومون مَن يتخلف عنها وهو قادر .

        بعض الوُعَّاظ هداهم الله أشاعوا مصطلحا خاطئا يرمز لمَن يعتادون المساجد في رمضان ويهجرونها بقية العام وهو مصطلح ( عُبَّاْدُ رمضان ) ! ، وهذا مصطلح مخالف لهدي الشريعة الإسلامية الغراء لأسباب نورد منها ما يلي :
1 – لا أحد يعبد رمضان فالمصلون كلهم يعبدون الله وإن قصروا ، فلا يجوز إضفاء صفة عبادة رمضان على أحد منهم مع تقديرنا لسلامة نية الوُعَّاْظ الذين أَطلقوا هذا المصطلح .
2 – نحن كمسلمين مأمورون بإحسان الظن ، وعليه فلعل مَن تساهل في أداء الصلاة جماعة طيلة العام وحرص عليها في رمضان أخذ بفتوى عدم الوجوب واهتم بإتيان المساجد في رمضان من باب مضاعفة الطاعات في موسم الخير ، وفي رمضان يُشْرَع للمسلم مضاعفة العبادات وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان أجود ما يكون في رمضان ما يدل على مضاعفة العبادة فيه عن غيره من أشهر السنة .
3 – نحن المسلمين مأمورون بنص كلام الله تعالى أن ندعو إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة ، كما نص كلام رسوله عليه الصلاة والسلام بأمرنا أن نكون مبشرين ونهينا عن أن نكون منفرين ، وعليه فإنه يجب إظهار الفرح بالمصلين الذين يعمرون المساجد في رمضان بهدف استمالتهم للخير وأهله ولا يصح تعييرهم بغيابهم عن المساجد بقية أيام السنة لا لأنهم غير مقصرين بل لأننا منهيون عن أن نكون منفرين ، أما هدايتهم من عدمها فهي بيد الهادي سبحانه .
4 – بعض المتساهلين في حضور الصلاة جماعة في المسجد لديهم خصال طيبة رغم تقصيرهم تفوق بعض رواد المساجد رغم أنهم على خير في هذا الجانب ، فالذي يصلي في بيته لكنه يغض البصر ولا يأكل السحت ولا يؤذي جيرانه ولا يشهد الزور ولا يتبنى الفكر الجاهلي المتعصب أفضل بلا شك من ذلك الذي يصلي الخمس في المسجد بينما هو متلوث بهذه الآفات ، لذلك فإن استمالة مَن يأتون المساجد في رمضان من قبل أهل الخير بدل تعييرهم بمصطلح عُبَّاْدِ رمضان قد يعزز الخصال الطيبة فيهم حين تتحول من مجرد خلق كريم إلى حالة تعبدية يتقرب بها المسلم لربه .

        ختاما بقيت كلمة يجب أن تُقال لكل رجل مسلم بالغ قادر على حضور صلاة الجماعة :
     " اعلم هداك الله أن كثيرين من ذوي الأسقام والإعاقات وكثيرين من أهل المشاغل كالعاملين في المواقع الحساسة وكثيرين مِمَّنْ ابتلاهم الله بشيء من الخوف يتمنون الصحة والفراغ والأمن كي يتمكنو من حضور الصلاة جماعة مع المسلمين ، وهذه النعم العظيمة التي حباك ربك سبحانه بها واجبة الشكر ومن أعظم مظاهر شكر الله عليها لزوم الجماعة في المسجد ، فلا تنشغل باختلاف أهل العلم الفقهي حول وجوب صلاة الجماعة من عدمه ولا تتجادل مع أحد بشأنه وتعامل أنت مع صلاة الجماعة على أنها واجبة ، فإن صح قول مَن يرون وجوبها فقد قمتَ بما افترض عليك ربك وإن صح قول مَن لا يرون الوجوب فقد أدركْتَ خيرا عظيما لا ينبغي لك تفويته ، واعلم يا رعاك الله أن زينة الحياة الدنيا ( المال والبنون ) لا تساوي تكبيرة واحدة خلف الإمام ، فكيف تتخلف أنت عن حضور صلاة الجماعة في المسجد كي تتابع مسلسلا أو مباراة أو تشاهد مقاطع سخيفة على الهاتف أو تتسكع في الشوارع والمجمعات التجارية ؟ "

السبت، 2 يونيو 2018

اذهبو إلى تركيا ولكن :

        أثار مقالنا الذي نشرناه بالأمس ( صيفهم في تركيا وصيفنا في الكويت ) ردود أفعال متباينة ، فمنها ما استحسن المقال ومنها ما استهجنه ، ورغم أننا لسنا ملزمين بتبرير مواقفنا لمَن يختلف معنا طالما أننا نقدره ونحترمه إلا أن ثَمَّةَ أمورا نرى من الواجب توضيحها كي لا يفهمنا بعض مَن نحبهم على غير السياق الذي استهدفناه ، وتتلخص تلك الأمور في النقاط التالية :
أولا – نحن لا يعنينا أمر أفراد قصدوا تركيا للسياحة أو آخرون لهم فيها مصالح وأعمال شخصية أو مَن قد تكون له قرابة ونسب هناك ، لكننا معنيون بما نشره كاتب صحفي عبر منصة مقروءة وما تفوه به إعلامي يصنف على أنه شيخ كان يعتلي منبر الجمعة في المسجد القريب من منزلنا بمنطقة الفروانية في ثمانينيات القرن الماضي حتى أوقفه طول لسانه عن الخطابة ولم يعد إليها إلا وفق مقتضيات مصالحات السلطة مع التيارات المختلفة بعد الغزو ، فهذا يدعو الناس للسفر وإنفاق الأموال خارج بلادهم وذاك يدافع عن تركيا بعد أن كان يهاجم كل ما يراه منكرا في الكويت ، ولقد أوضحنا في مقالنا أننا كُنا مع انتقادات خطباء المنابر سواء لما كان يجري في الأندية البحرية أو لتجاوزات أهل الفن ولم نكن ضدها ، لكن أن يأتي هؤلاء ليدافعوا عن بلد يرعى منكرات تمثل أضعاف ما كانوا ينتقدونه في الكويت فهذا ما لا نقبل به ولا نفهمه .
ثانيا – فكرة دعوة الناس للسفر خارج الكويت لقضاء إجازة الصيف عبر منصات الإعلام مرفوضة من حيث المبدأ ليس من باب تشجيع السياحة الداخلية فحسب ولكن لأنها تعزز ثقافة خاطئة مفادها إلزام أرباب الأسر باصطحاب عوائلهم للسفر كل صيف ، وهذه الثقافة التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم في مجتمعنا تسبب كل سنة مشاكل لا حصر لها في بيوت أهل الكويت لا يشعر بها الكاتب الصحفي ولا الإعلامي الشيخ ، وعليه فإنه لا ينبغي أصلا لمتصدري منابر الإعلام دعوة الناس لقضاء الصيف خارج الكويت لا في تركيا ولا في غيرها ، وكل أدرى بظروفه الخاصة .
ثالثا – علاقات النظام السياسي التركي مع الصهاينة والصفويين جاهر بها أردوغان ذاته ، وإبعاد سفير إسرائيل لدى تركيا لم يوقف علاقات العمل والتجارة ولا حتى التنسيق العسكري ، وتنسيقات أردوغان مع العدو الفارسي والروس كلها على حساب العرب السنة من أهل المنطقة ، فإن كان هناك مَن أغضبه كلامنا عن أردوغان فعساه ما يرضى ولا كرامة .
رابعا – وصفنا للاحتلال التركي بأنه استعمار هو تلطيف لما أورثه ذلك الاحتلال من تخلف في منطقتنا العربية التي عانت من الأتراك أبشع أشكال التمييز ، ثم إننا كعرب نفتخر بكل مَن نعتبره بطلا إسلاميا ؛ فصلاح الدين الكردي عندنا بطل والسلطان محمد الثاني نسميه فاتحا بل إن بعضنا يقول بأنه المعني بحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : " نعم القائد ذلك القائد ونعم الجيش ذلك الجيش " وإن كنتُ شخصيا أرى أن للقستنطينية فتحا غير غزوة السلطان التركي لعاصمة البيزنطيين يعقبه فتح لِرُوْمَاْ لا أظن حتى أحفاد أبنائنا أهلا لإنجازه وفق معطيات حسابات البشر إلا أن يكون قد سبق في علم الله سبحانه ما لا تدركه استنباطات عقولنا القاصرة ، فما هو موقف الأتراك من أبطال الإسلام ؟ ، هل يفتخرون بصلاح الدين ؟ * هل يعتزون بقتيبة بن مسلم ومحمد بن القاسم وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وغيرهم من أبطال الإسلام العرب ؟ ، لماذا حين يتعصب غيرنا لقوميته ويعاملنا بجفاء وكراهية يتم السكوت عنه وحين ننتخي لأنفسنا كعرب يعيرنا البعض بالقومية ، أليست تلك وغيرها أسئلة يجب أن نصارح بها أنفسنا ثم نختمها بالسؤال الأهم : ماذا قدمت سلطة الاحتلال العثماني للعرب ؟ ، بعدها نتوقف مع أنفسنا وقفة تأمل لنحاول أن نفهم : لماذا يخاطبنا أردوغان بلغة الحديث عن الحقبة العثمانية بينما لا يفعل الشيء ذاته مع دول القطاع الأوربي الذي كانت تسيطر عليه تلك الدولة الغابرة والتي يقسم أردوغان على احترام النظام الذي أسقطها ويضع صورة مؤسسه خلفه في كل محفل ؟

        أظن بعد ما ذكرناه أن النقاط قد أصبحت على الحروف ، ونقول لكل مَن يتصدر عبر الإعلام الدعوة لقضاء الصيف في تركيا والكلام موجه لهؤلاء لا لغيرهم : إذا اعترضتم على تنظيم حفلة غنائية في الكويت أو أشغلتم الرأي العام المحلي بهفوة مذيع أو مذيعة وما شاكل ذلك من الأخطاء فسنبصق في وجوهكم قبل أن ننكر على المخطئين ، أما إذا اِرْعَوَيْتُمْ وعدتم إلى رشدكم وفق القسطاس المستقيم فسنكون معكم كما كُنا من قبل ، فاحترمونا نحترمكم .

الجمعة، 1 يونيو 2018

صيفهم في تركيا وصيفنا في الكويت

        مع بداية مرحلة التمييز والإدراك في طفولتي الله يذكرها بالخير كان تلفزيون الكويت في فترة الصيف يذيع يوميا برنامج الترويح السياحي مع نشرة الصيدليات المناوبة وحركة الطيران ، وكان ليل صيف تلك الأيام جميلا مع الحوش والسكة والنوم على السطوح .

        شخصيا أنتمي لأسرة لم تكن تعرف للسفر في الصيف طريقا وكان اجتماعنا في الظهيرة تحت مكيف الشباك التي يعزلنا صوتها عن ضجيج العالم الخارجي جميلا والهدوء بعد إطفائها عصرا أجمل لأنه يؤذن بقرب الخروج إلى الحوش والشارع .

        في تلك الأثناء هبت علينا رياح ما عُرِفَ بالصحوة الإسلامية كنتيجة لظروف معقدة ليس هذا مجال الحديث فيها ، لكن أغلب الأصوات التي برزت عندنا في الكويت مصاحبة لتلك الصحوة كانت تتبع تيار الإخوان المسلمين ، واعترضت تلك الأصوات على حفلات الغناء وبعض المسلسلات ومظاهر التبرج والاختلاط ، وكان الترويح السياحي أحد الأهداف التي ضربتها سهام بعض خطباء المنابر رغم أن الخمور لم تكن تُدار على أبراجنا الشامخة ولا في كفتيريات حديقة وهران والحزام الأخضر ولا حتى على مسرح سيلما الأندلس !

        وقتها تجاوب كثير منا مع دعوات خطباء المنابر لأنها وللأمانة اشتملت على كثير من الحق ، فالتبرج ومظاهر التعري على الشطآن والقيم المحرضة على الانفلات في الإعلام كانت موجودة ونحن لا ننكر تلك الحقائق ، لكن المفاجأة والصدمة جاءتنا كالصاعقة حينما سمعنا أصواتا كان بعضها يحارب حتى حفلات العيد الوطني في بلاده تحت بند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدعونا اليوم لقضاء صيفنا في تركيا العلمانية رسميا وتقول لنا : " صيفنا في تركيا أحلى " ، وصل الحال ببعضهم إلى وصف تركيا بأنها بدأت تتطهر بينما غيرها بدأ يتنجس !

        في تركيا يقسم رئيس الدولة على احترام العلمانية والالتزام بمبادئها ، وفي تركيا تُدار الخمور في كل مكان ، وفي تركيا تنتشر برعاية القانون مواخير الدعارة ( الكرخانات ) ، أما في الكويت فإن دستور الدولة ينص على أن دينها الإسلام والقانون فيها يمنع تداول الخمور ولا يمنح الشرعية لمواخير الدعارة ، فكيف لتلك الحفنة المتحزبة التي حرمت كل شيء في الكويت المسلمة أن تدعونا لصرف عزيز أموالنا في تركيا العلمانية نصرة لليرتها المتهاوية ؟

        ذهبتُ شخصيا إلى تركيا مرة واحدة أعتبرها سقطة لا يمكن تكرارها ، فهناك شعب لا يحبنا نحن العرب رغم أن منا وفينا مَن يعتبر حقبة استعمارهم البغيض لمعظم بلادنا خلافة إسلامية ، وهناك دولة تتحالف مع كل عدو لنا حيث تقيم أوثق العلاقات مع الصهاينة والصفويين في آن واحد ،  ولن ننسى أبدا زيارة المدعو أردوغان إلى طهران عاصمة الشر والدجل بعد يومين فقط من انطلاق عاصفة الحزم ليصف تلك المدينة بأنها بيته الثاني !

        اذهبو أيها الإخونجية ومَن شايعكم إلى تركيا واستنشقو عفن آباط هؤلاء القوم من الوصول إلى المغادرة ونحن سنظل في الكويت لأن صيفنا بين أهلنا أحلى ، لكن اعلمو أنه إذا عادت برامج الترويح السياحي عندنا كما عهدناها ثم اعترضتم أنتم عليها فسنبصق في وجوهكم ونحن نترحم على الأستاذ صالح شهاب عراب تلك البرامج ، فلا مكان اليوم للخديعة والمخادعين بيننا بعد أن أنكشف المستور .

الأحد، 27 مايو 2018

إنها الحقيقة يا أبا عبدالله والحقيقة صعب تجاهلها !

        وتستمر أوراق التوت في التساقط عن النائب المزيون كما تساقطت من قبل عن آخرين غيره من أصحاب الشعارات الكاذبة ، فها هو يلوح باستجواب لرئيس الوزراء يعلم هو أنه لن يفيد الأمة بل سيضرها لكنه وبعد انكشاف حقيقته وتراجع شعبيته بدأ يعمل على التخريب لأجل التخريب فقط !

        أذكر النائب المزيون فقط بأن المنهجية التي يدعي أنه ينطلق منها لا ترى مصلحة للأمة في دخول البرلمانات من حيث الأصل كما أوضح ذلك الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أثناء زيارته للكويت عام ١٩٨٢ م ، ومع ذلك فإننا يمكن أن نعتذر لك ولغيرك بأن الظروف قد تغيرت وأن دخول المجلس بات يحقق مصلحة شرعية في وقت اختلف عن الوقت الذي وجه فيه الشيخ الألباني نصيحته ، لكن ما المصلحة الشرعية في إعلان استجواب رئيس الوزراء في وقت أعلنت فيه اللجنة الخاصة بمراجعة قرارات سحب الجنسية عن أنها ستجتمع اليوم الأحد ؟
        الجواب واضح تعلمه أنت ويعلمه المتابعون للشأن العام من ناخبي الدائرة الرابعة ويعلمه أبناء قبيلتك الكريمة .

        نصيحتي لك أيها النائب المزيون هي أن تقدم استقالتك من المجلس بدل التلويح باستجواب رئيس الوزراء في الوقت الخطأ والذي ستخسر بسببه ما تبقى لك من احترام لدى القلة المنخدعة بك وبأمثالك ، وبعد الاستقالة واعتزال العمل السياسي ستكون متحررا من قيود حسابات الدنيا الفانية وإرضاء ربك بتسخير منبر المسجد للأمر بالمعروف ونهي متجاوزي القانون عن المنكر تقربا لله تعالى وإحقاقا للحق ، عندها وعندها فقط ستجد أن رصيد احترامك في الدنيا قبل أجرك عند الله في الآخرة سيصعد بسرعة الصاروخ لأنك ستكون في مواقفك صادقا لا تجامل أحدا وتدافع عن المتضررين من تجاوزات الخارجين عن القانون والذين لا تستطيع في وضعك الحالي مواجهتهم !

        إنها الحقيقة يا أبا عبدالله والحقيقة صعب تجاهلها .

الثلاثاء، 15 مايو 2018

إلى النائب المزيون مع التحية !

بعد مقالنا الأخير عن قصة النائب المزيون والذي وصله شخصيا ووصل حفنة من ناخبيه لم يرد أحد منهم على التحدي بشأن التجاوزات الخطيرة ضمن دائرة هذا النائب والتي ضربنا ما يحدث في منطقة إشبيلية مثالا عليها!

        طبعا نحن لا نتوقع من النائب المزيون فتح ملف المخالفات القانونية في دائرته سواء في مجال البناء أو في غيره لأن جزء كبيرا من قاعدته الانتخابية متورطة في تلك التجاوزات ، وسيظل هذا وحفنة المستشرفين في مجتمعنا المنافق يزايدون على قصة الأخلاق عبر ما يخص النساء وحفلات الغناء فقط ، أما إيذاء الجيران والفزعة للمستهترين وتبرير مظاهرات الطلبة الغشاشين فليست من المنكرات في حساباتهم الخائبة !

     فقط ننبه النائب المزيون إلى أن الإعلامية التي وصفت زميلها بالمزيون دون الحاجة إلى تعديل غترته لم تخالف قانون دولة الكويت سواء أعجبنا تصرفها أم لا وأن مَن خالف القانون هو ذلك الذي أوقفها عن العمل وأحالها للتحقيق ، وأنها إن اختارت رفع قضية ضده فستكسبها حتما ، ويكفيها أنها خطفت برعايتكم الكريمة الأضواء فصارت قصتها أهم من انتخابات ما يسمى المجلس البلدي ونتائجها !

        أخيرا نقول : إن وزير الإعلام الذي طالبه النائب المزيون بمحاسبة المذيعة الأستاذة سيترك منصبه قريبا بينما ستعود باسمة الشمار أكثر قبولا لدى مشاهدي تلفزيون الكويت ولستُ منهم على أية حال ، وستذكر في لقاءاتها المستقبلية حين تتحدث عن تاريخ مسيرتها الإعلامية أن احتجاج حضرتك على عبارة " أنت مزيون " كان لها فضل كبير في زيادة رصيد هذه الإعلامية جماهيريا ، فمبروك عليك وعلى ناخبيك مقدما هذا الإنجاز ولا عزاء للكويت وأهلها ما دامت مشكلتهم الأساسية في نظر النائب المزيون هي أن باسمة الشمار جاملت زميلها بهذه العبارة على الهواء مباشرة !

الاثنين، 14 مايو 2018

يا حضرة النائب المحترم : أنت مزيون !

        أثناء تغطية انتخابات ما يسمى المجلس البلدي في الكويت كسرت مذيعة تعمل على بند المكافأة وهي بالأساس معلمة تعمل في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب حاجزا على الهواء مع زميل لها فخاطبته وهي تمازحه قائلة : " أنت مزيون " !

        قامت قيامة المستشرفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهبوا غيرة على الأخلاق والقيم كما يدعون ، وكان على رأس هؤلاء المستشرفين ممثليهم في البرلمان وخاصة نواب ما تسمى عُرفًا ( المناطق الخارجية ) ، أرعد بعضهم وأزبد وتعهد بمساءلة وزير الإعلام عن مؤهلات مذيعيه !

        أيام ما كان الراحل الكبير عبد العزيز جعفر يرحمه الله وكيلا لوزارة الإعلام كان إعلام الكويت تِلفازًا وإذاعة لا يسمح إلا بالخطاب الرصين وكانت اختبارات دخول مجال الإعلام مهنية بامتياز ، لذلك فإن إعلاميي ذلك الزمن الجميل كانوا يفرقون بين تعاملهم مع زملائهم وزميلاتهم عبر الأثير وعلاقاتهم الشخصية التي تزول فيها الكلفة تحت الهواء ، لكن أصاب قطاع الإعلام في الكويت إداريا ما أصاب باقي قطاعات الدولة التي ترهلت ولم يعد مبدأ الكفاءة هو معيار تقييم العاملين فيها ، ومن نتائج ذلك الترهل ظهور هذه المذيعة التي رغم رفضنا لما تلفظت به عبر إعلام رسمي في قطاع أخبار إلا أننا يمكن أن نحسن الظن بها ونعتقد أنها تصرفت بما تراه لباقة وتلطيفا لجو جاد هو تغطية أحداث الانتخابات ، لكننا أبدا لا يمكننا إحسان الظن في عضو مجلس أمة لا يرى من المنكرات شيئا إلا ما يخص النساء وحفلات الغناء ، أما ناخبوه الذين ملؤوا المناطق السكنية المخصصة للمواطنين بعمارات الاستثمار وآذونا بإسكان كل مَن هب ودب في مناطقنا فلا يرى حضرته أن فعلهم منكر ولم يدر في ذهنه يوما ما أن يفتح هذا الموضوع تحت قبة البرلمان وهو مسترخٍ على كرسيه الأخضر حتى لا يخسر قاعدته التي رفعته إلى هذا الكرسي الساحر !

        يا حضرة النائب المحترم الذي أشعلت وأشغلت وسائل التواصل الاجتماعي : اِعْلَمْ بأن أسلوب استدرار عواطف الغيرة المصطنعة على الأخلاق بات اسطوانة مشروخة بعد انكشاف حقيقة هذا المجتمع الذي يتبنى التعصب العنصري وَيُشَرْعِنُ نتائجه ليس على مستوى الانتخابات فحسب وإنما من خلال رعاية المخالفات وخرق القانون وهو ما تعلمه أنت جيدا ، فإلم تكن تمارسه بذاتك فإن صمتك عنه كنائب في البرلمان يجعلك شريكا مباشرا في هذا المسلك ، فاترُك جزاك الله خيرا المذيعة المعلمة تواجه التحقيق بعد إيقافها المؤقت عن العمل ونحن نتحداك أن تفتح ملف تجاوزات البناء في منطقة إشبيلية على سبيل المثال لا الحصر ونتحداك أن تستجوب الوزير المسؤول عن مثل هذه التجاوزات ، فإن فعلت فسنعتذر إليك على رؤوس الأشهاد ؛ أما إذا لم تفعل فهذا معناه أنك تتقاعس عن أداء واجبك الدستوري والشرعي مجاملة لناخبيك كي تظل في عيونهم أنت المزيون !

الأربعاء، 2 مايو 2018

الجماع المحرم الذي لا يعرفه الكثيرون !

حينما نذكر الجماع المحرم فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الزنى أو الجماع وقت الحيض والنفاس أو الجماع في الدبر أو الجماع في نهار رمضان ، لكن نوعا من الجماع المحرم لا يعرفه الكثيرون بل إنهم قد يظنونه حلالا ! حين يطلق الرجل زوجته ولديه منها ذرية فإن طليقته تكون هي الحاضنة ما لم تتزوج ويكون هو مُلزَمًا بنفقة الحاضنة والذرية وتوفير المسكن لهم ، في هذه الحالة تتلاقى أحيانا الرغبات الجنسية أو المادية لدى بعض المطلقات مع الهوس الجنسي الذي يعيشه الجبناء من أشباه الرجال والذين يتمنون التعدد وهو حق مشروع لهم ؛ لكنهم في زماننا هذا وقعوا في إشكاليتَين : الأولى هي الخوف إما من ردة فعل الزوجة الأولى وإما من رفض عائلة الزوج ذاته لارتباطه ببعض أصناف النساء لأسباب عنصرية في الغالب ، أما الإشكالية الثانية فهي رغبتهم في مجامعة النساء إشباعا للشهوة فقط دون تحمل أي تبعات ؛ وهم في ذلك يشتركون مع رواد مواخير الدعارة في نظرتهم لطبيعة علاقة الرجل بالمرأة في واحد من أبشع أشكال انحطاط التفكير الذي لم تصل لتدني مستواه حتى التيوس والثيران ! تستغل المطلقة الحاضنة التي تقيم في سكن يدفع طليقها قيمة إيجاره ورفيقها الجبان تلكؤ العلماء الشرعيين الذين ما زالو لا يفتون بحرمة الزواج غير الموثق ( العرفي ) رغم ثبوت مفاسده ووجود باب المصالح المرسلة في الفقه الإسلامي الذي لجأ إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تحديد مدة غيبة الرجل عن زوجته وذلك بحجة أن العقد متكامل الأركان ، فيأتي الرجل باثنين من ربعه وثالث في صورة مأذون شرعي لينجز مع المطلقة عقدا يسميه بعض الجبناء ( مِلْكَة عرب ) ؛ والحقيقة أنها ملكة مخنثين لأن الرجل العربي لا يختلس أتيان من حُسِبَتْ عليه زوجة ولم يفعل ذلك حتى في الجاهلية فضلا عن الإسلام ! بعد إنجاز هذا العقد الباطل تظل المطلقة بموجب القانون وفق البيانات المدرجة في سجل الدولة غير متزوجة وعليه فإن حقها في حضانة الأولاد وإلزام طليقها بتوفير السكن يظل قائما ويستمر الطليق في دفع إيجار السكن ، في هذه الأثناء تستقبل طليقته رجلا آخر أسبح حسب ادعائها زوجا لها بموجب ملكة العرب كما يسميها بعضهم ، وعلى نفقة الطليق ( الزوج ) السابق يأتي الزوج السري خلسة ليجامع في سكن يدفع الطليق إيجاره حاضنة أولاده بحجة أنها زوجته بموجب عقد شرعي كما يدعي طرفاه ! حتى لو افترضنا جدلا بأن عقد الزواج غير الموثق في المحكمة شرعي فإن أتيان الزوج الثاني ( السري ) إلى سكن الزوج السابق ( الطليق ) ومجامعة حاضنة الأولاد في ذلك السكن حرام وهو في أحسن أحواله يوازي أكل السحت إلم يكن أكبر من ذلك ، وهذا هو الجماع الذي لا يعرف الكثيرون أنه محرم !

https://draft.blogger.com/blogger.g?rinli=1&pli=1&blogID=3473871769986065903#allposts

الخميس، 19 أبريل 2018

حان وقت المواجهة أيها المجتمع المحافظ !


        في مجتمعنا الذي يدعي المحافظة زوايًا مسكوت عنها قصدا مع سبق الإصرار والترصد ، ولا يكتفي هذا المجتمع المنافق بالسكوت عنها بل إنه يعنف مَن قد يتجرأ ليتصدى لتلك الزوايا بالتوبيخ تارة وبالانتقاص من قدره تارة أخرى ، وما عاد بالإمكان السكوت عن تلك الزوايا والتي سنتعرض لشيء منها مهمَاْ كان الثمن الذي سندفعه ، فبعد أن تقاعس مَن يجب عليهم التصدي لتلك المنكرات لم يعد أمامنا خيار سوى المواجهة لنبين الأحكام الشرعية بشأنها ، فنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما خرج من المدينة إلى مكة فاتحا إلا بعد أن أرسى قيما اجتماعية تمنع إيذاء الجار وتستبعد الذي يغش الناس من جماعة المسلمين وتشدد على تحريم ظلم المسلم لأخيه المسلم ، وعليه نبدأ متوكلين على الله لنبين التالي :

حكم بناء العمارات الاستثمارية في المناطق السكنية والأموال المحصلة من إيجاراتها :  إن قيام شخص ما بشراء أرض في منطقة سكنية حسب ما رتبه القانون ورتب أهل المنطقة حياتهم على أساسه يجعل صاحب الأرض المُشتراة جارا لمن حوله من سكان المنطقة ، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " والله لا يؤمن ؛ والله لا يؤمن ؛ والله لا يؤمن ، قيل مَن يا رسول الله ؟ ، قال مَن لا يأمن جاره بوائقه " ، فمن اشترى أرضا في منطقة سكنية وهو لا ينوي بيعها قبل بنائها إن تيسر له ربح ولا ينوي السكن في بيت يبنيه عليها وإنما بَيَّتَ النية لبناء عمارة استثمارية ثم يقسمها إلى شقق وملاحق للإيجار تشمل حتى سطح البناية فإنه بذلك إنما يأكل مال سحت حرام وهو داخل في زمرة مَن استبعدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جماعة المؤمنين لأن جيرانه لم يَأْمَنُوْ بوائقه بل آذتهم تلك البوائق .

     الغريب ورمضان على الأبواب أن بعض هؤلاء من أكلة السحت الحرام يشترون بذلك السحت تمرا ويقولون أنه سيفطرون عليه في الشهر الكريم اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! ، فأي اقتداء بالرسول يتحدث عنه هؤلاء وقد أدانهم صلى الله عليه وآله وسلم بنص الحديث الصحيح واصفا إياهم بغير المؤمنين وقد حلف على ذلك بالله ثلاثا ؟


        في مقال قادم سنتعرض إن شاء الله إلى زاوية أخرى من الزوايا التي اختار المجتمع المدعي للمحافظة السكوت عنها ومنع الحديث فيها .

الاثنين، 15 يناير 2018

كربلاء جابر والتخبيص الكويتي

        الشيخ جابر الأحمد يرحمه الله نال حب شعبه وهو أهل لذلك وأكثر ، رغم أن أيامه لم تكن الأكثر تألقا في التاريخ الذي يتغنى به أهل الكويت إلا أن شخصيته الهادئة وسلوكه المستقيم إضافة إلى ما جرى له ولبلده إبان حكمه جعله يحظى بلقب أمير القلوب .

        كان رحمه الله ضد فكرة المبالغة في تمجيد الأموات والغلو في ذكرهم ، فعلى المستوى السياسي لم نسمع أيام حكمه عن إحياء لذكرى وفاة الشيخ صباح السالم يرحمه الله أو الشيخ عبد الله السالم يرحمه الله رغم محبة الكويتيين للراحلين الكبيرين ، وعلى المستوى الشرعي أُزيلت في عهد الشيخ جابر يرحمه الله قبة قبر في جزيرة فيلكا يظن بعض الجهلة أنه قبر الخضر عليه السلام فيذهبون لذلك القبر بالنذور ويذبحون عند قبته الذبائح .

        إذًا فالشيخ جابر رحمة الله عليه كان يرفض من حيث المبدأ فكرة تمجيد الأموات في ذكرى وفاتهم وما يمارسه العديد من الكويتيين في ١٥/١ من كل عام هو على النقيض من فكر جابر الأحمد ، فلماذا يحيي الكويتيون ذكرى وفاة أمير القلوب بهذه الطريقة ؟

        في عام ٢٠٠٤ انتشرت في الكويت موجة من النفاق كإحدى مظاهر الاختلال القيمي في المجتمع الكويتي الذي تصاعد منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي واتسعت على إثره رقعة الارتزاق فبات الصغار يبحثون عن المال وبات الكبار يلهثون خلف المطبل كي يستخدموه إما في تلميع ذواتهم أو ضرب خصومهم ، في هذه الأثناء توفي الشيخ جابر يرحمه الله فاصطنع البعض مشاعر حزن غير حقيقية تزلفا لأطراف ما أو رغبة في إبراز الذات أو حركات دعائية لإثبات ولاء كاذب للكويت !

        حين وفاة أمير القلوب يرحمه الله كان الطلبة يخوضون اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول ، وفي أول وثاني يوم دوام رسمي بعد عطلة الحداد قامت بعض المدارس ومنها المدرسة التي كنتُ أعمل فيها بأخذ الطلبة المنهكين في رحلة لزيارة قبر الشيخ جابر الأحمد ، فانتبه أبناؤه وبناته يرحمه الله والذين حملوا نفس أفكاره الرافضة لتلك الممارسات ليوقفوا هذه المهزلة كما منعوا وضع أي شاهد على قبر والدهم الكريم كي لا يصبح مزارا .

        مع ذلك استمرت وما تزال هستيريا الاحتفاء بذكرى الشيخ جابر الأحمد ، فباسم محبة أمير القلوب تمت إزالة اسم صلاح الدين الأيوبي من مدرسة ثانوية شهيرة في منطقة الجابرية ليوضع عليها اسم جابر الأحمد لأن أطراف ما تكره صلاح الدين وجدَتْ في ركوب موجة ادعاء حب الشيخ جابر فرصة للتخلص من اسم صلاح الدين ، وخضع الكويتيون المخدرون لما تم ولم يكن بإمكان أي منهم الاعتراض لأن لغة التخوين والتشكيك في الولاءات بدأت تستخدم كسلاح لضرب الخصوم وتبنت ذلك السلاح أطراف نافذة !

        إضافة إلى ما ذكرناه فإن شيوع ثقافة الاستنفاع وانتشار الرشاوى بأشكالها المختلفة وتصاعد سطوة الفاسدين والفاسدات في البلاد شل حركة التنمية فيها فبات الكثير من الكويتيين يدارون شعور الإحباط لديهم من خلال تحويل ذكرى وفاة الشيخ جابر إلى كربلاء يلطمون فيها حسرة على ماضٍ جميل أضاعوه بأيديهم !

        أخيرا نقول : إن أحياء الكويتيين لذكرى وفاة أمير القلوب بهذه الطريقة هي حالة تخبيص كويتي محلية الصنع وهو سلوك لا يحبه الشيخ جابر يرحمه الله ولا ورثته ، فلنتحرر من عقدة اللطم على الماضي ولنحرر حاضرنا بتصحيح مسار بلدنا ومجتمعنا كل من موقعه لنهب أطفالنا إرثا يفخرون به وبمن خلفه ، ولنتذكر المقولة الخالدة لأمير القلوب يرحمه الله : " إن الكويت هي الوجود الثابت ونحن جميعا زائلون " .