الأحد، 19 أبريل 2015

الطلاق حالة إيجابية !

          عندما تقع أي حادثة لأي شخص منا مما يمكن اعتبارها مشكلة من المشاكل فإن الإحباط أو الحزن أو خيبة الأمل إلى آخره من المشاعر السلبية التي تصاحب كل مشكلة هي التي ستقفز إلى واجهة أحاسيس مَن وقعت له تلك المشكلة.


         هذه مشاعر طبيعية جدا في مثل هكذا مواقف، وحتى ربنا سبحانه وتعالى الذي أمرنا بالصبر وجعله جسرا لنيل الأجر دون حساب كما ورد ذلك في القرآن الكريم؛ حتى الله جل وعلا لم يطالبنا بالتجرد من المشاعر التي تعتري البشر حينما يصابون بالمصيبة، فهذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد الصابرين دمعت عينه حين وفاة ابنه الصغير إبراهيم دون جزع طبعا وقال قولته المشهورة: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكَ يا إبراهيم لمحزونون" .


          مع التقدير لذلك الشعور الطبيعي الذي يعتري البشر حين وقوع ما لا يسرهم من الأحداث في حياتهم إلا أن بعض تلك الأحداث يمكننا تغيير اتجاه التفكير إزاءها من سلبي إلى إيجابي، وأبرز الأمثلة على ذلك هو الطلاق.


          الطلاق بذاته أمر غير مرغوب، ولا يوجد عاقل أقدم على الزواج اليوم وفي نيته الطلاق غدا لأن الهدف من الاقتران بالشريك هو تحقيق الاستقرار وليس العبث وهذا مفروغ منه، لكن الطلاق موجود وسيظل موجودا ما دامت السموات والأرض لأن النقص في حياتنا كبشر قدر لا مهرب لنا منه والكمال غاية لا يمكن بلوغها في أي أمر من الأمور، فمثلما أن هناك زيجات ناجحة هناك أيضا زيجات فاشلة تنتهي بالانفصال.


           كيف إذًا يمكننا تحويل اتجاه تفكيرنا نحو الطلاق من السلب إلى الإيجاب؟
أولا - على المنفصلين والمنفصلات الذين لم يُكتب النجاح لزيجاتهم تحاشي كثرة الحديث عن انتشار الطلاق كظاهرة سلبية في المجتمع كما هو شائع في وسائل الإعلام وفي الكثير من أحاديث الناس، فتكرار مثل هذه النقاشات أو الاستماع لها بالنسبة للمنفصلين والمنفصلات سيؤدي إلى إشعارهم بأنهم جزء من هذه الحالة السلبية وبالتالي تعميق المشاعر السلبية في نفوسهم.
ثانيا - التعامل مع الطلاق كحدث حصل من زاويته الإيجابية، فنهاية تجربة تعني الاستعداد لتجربة أخرى أكثر نضجا، وليس بالضرورة أن تكون التجربة القادمة زواجا جديدا فالمقصود هو أن الدروس المُستفادة من الحدث السلبي ستحوله إلى تجربة ثرية تغذي المستقبل وتفتح فيه نوافذ الأمل وطرق تصحيح مسارات الحياة.
ثالثا - إن وضع المنفصلين والمنفصلات وخاصة من النساء قد تحسن كثيرا عما كان عليه قبل عشرين أو ثلاثين سنة مضت، ففي ذلك الزمان الغابر كان الطلاق بمثابة إعدام اجتماعي ونفسي خاصة للمرأة التي لم يكن أملها في الزواج مجددا ضعيفا فحسب وإنما كانت محل نظرات شك ظالمة وقاسية، أما اليوم فقد عاد الوضع إلى حالة قريبة مما كان عليه أجدادنا قبل ظهور النفط وبعده بقليل، فكثيرات من النساء المطلقات أصبحن مثار إعجاب الكثيرين من الرجال سواء الذين مروا بتجارب زوجية سابقة أو حتى بعض الذين لم يسبق لهم الزواج أصلا، ولم تعد نظرة الشك الظالمة بنفس القسوة التي كانت عليها سابقا وبالتالي لم يعد الطلاق حكم إعدام مثلما كان.
رابعا - في ظل هذه المتغيرات الإيجابية يمكن للمنفصلين والمنفصلات التعامل مع الطلاق على أنه تجربة ثرية تعطي مزيدا من الزخم الإيجابي لما بعدها، فالرجل الذي طلق زوجته في حالة شد معها قد تكون المكابرة منعته من مراجعة موقفه لكنه حين يتزوج مرة أخرى بعد الطلاق سيراجع أسلوب إدارته لعلاقته الزوجية بالكامل، كذلك المرأة التي أصرت على طلب الطلاق من زوجها الأول ورفضت تحت تأثير الشعور بعزة النفس كل محاولات الإصلاح حينما تتزوج مرة أخرى ستتفادى الأسباب التي أدت إلى فشل تجربة زواجها السابق وتكون على استعداد للأخذ والرد وتقديم التنازلات المتبادلة كما يُفترض أن تكون عليه الحياة الزوجية.


         بالنظر إلى ما ذكرناه وغيره كثير من المتغيرات الإيجابية نستطيع القول بأن الطلاق سلبي كظاهرة عامة لكنه يمثل حالة إيجابية في حياة الفرد إلم يستسلم لمشاعر الانهزام التي قد تصاحب فشل أي تجربة عند الإنسان الضعيف فقط؛ أما الإنسان القوي فإن الضربة التي لا تقصم ظهره تقويه.

السبت، 18 أبريل 2015

ما تبيني ' طلقني !

     لم يكن الطلاق أمرا سهلا فيما مضى ، ولم تكن الزوجة قادرة مهما بلغ ظلم زوجها لها أن تجاهر برغبتها في الطلاق بروح المتحدية كما يحدث اليوم !

     وقد دار الكثير من اللغط حول انتشار ظاهرة الطلاق وأسبابها مما يجعل من الصعب على من يتناول هذا الموضوع أن يضيف جديدا ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :

     لماذا أصبحنا في معظم شؤون حياتنا نبحث عن حلول مشاكلنا بعيدا عن المنطقة الوسطى وعلى أساس مبدأ ( ما تَبِيْنِيْ طَلِّقْنِيْ ) ؟؟؟

 

     أول ما يتبادر إلى ذهن من سيحاول البحث عن إجابة هذا السؤال الصعب هو أن طغيان المادة على حياة الناس قد غير نفوسهم وتسبب في تخريب العلاقات بينهم ، لكننا لو عدنا للتاريخ لوجدنا أنه في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يجد المزكون من يستحق الزكاة من كثرة ما أصاب الناس من خير ؛ فدفعوا زكواتهم إلى بيت مال المسلمين ، ومع هذه الرفاهية وتوفر المادة بين أيدي الناس ظل المجتمع متماسكا ولم تنتشر فيه على سبيل المثال ظاهرة الطلاق كما يحدث اليوم في مجتمعاتنا ...

 

     شخصيا أعتقد أن تراجع مستوى العدل في حياتنا هو ما أوصلنا إلى هذا النمط الحاد من السلوك في تعاملنا مع ما يمر بنا من مشكلات !

     فعدم شعور المرأة بعدالة زوجها في تعامله معها وتفضيله للربع أو غير الربع عليها هو ما يدفعها من أول مشكلة لطرح فكرة الطلاق كحل ؛ وكذلك الرجل الذي يشعر بعدم عدالة زوجته في تعاملها معه وتفضيلها لما تدعي أنه واجبات اجتماعية على ما يتوجب عليها تجاهه هو ما يدفعه لإلقاء كلمة الطلاق فور حدوث أول طارئ بين الزوجين !

     كذلك الموظف الذي يشعر بانحياز مسؤوليه لغيره من زملائه الموظفين بسبب المحسوبية والعلاقات الشخصية نجد أنه يفكر في الاستقالة كحل للهروب من الظلم ؛ وريثما يتسنى له ذلك فإنه في فترة الانتظار لا يعمل بجد كما هو مطلوب منه !

     والكفاءات من أبناء القبائل الذين ظلمتهم الانتخابات الفرعية يلجؤون إلى التمرد على قبائلهم كل على طريقته ؛ فمنهم من ينكفئ على نفسه ويتقوقع في ديوانيته وبين الخاصة من ربعه ومنهم من يتمرد حتى على الجيد من التقاليد القبلية كوسيلة للانتقام مما لحق به من تهميش بسبب الانتخابات الفرعية !!!

 

     العدل هو الركيزة الأساسية والدعامة الصلبة التي تقوم عليها الأسر والمؤسسات والمجتمعات والدول ، فإن توافر العدل استقامت الأمور وطابت النفوس ؛ وإن غاب العدل فإن كل شيء يصبح حالك السواد بحيث لا نرى ضوء في نهاية نفق الظلم المظلم .

     ويكفي أن الدول تقوى بالعدل ولو كانت كافرة ، ويقوض الظلم أركانها ولو كانت مسلمة ...

الخميس، 16 أبريل 2015

وزير التربية قال كلمة حق !

      هاج قسم كبير من الرأي العام في الكويت على وزير التربية بسبب تصريحاته المثيرة للجدل بشأن سيطرة التيارات القبلية والدينية على الاتحادات الطلابية في الجامعة وكليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ولأن الوزير يحمل أجندة فكرية معادية للدين كتوجه وليس للإسلاميين كتيارات سياسية فإنه قد أقحم ما أسماه تنقيح المناهج مما اعتبرها آيات وأحاديث تدعو للتطرف على حد زعم الوزير تعالى الله عما قال بدر العيسى علوا كبيرا، فهو سبحانه لا يأمر إلا بالحق ولا ينهى إلا عن الباطل ولا يدعو إلا إلى الخير.


       الدكتور بدر العيسى وزير التربية له توجهات عنصرية ضد الناطقين بالجيم (البدو) مع تحفظنا على المصطلح لأنه لا يوجد اليوم في الكويت بدو بالمعنى العلمي للكلمة، وهذا شائع عنه حتى قبل توليه منصبه الوزاري؛ وهذا النمط من الاتجاه في التفكير مرفوض جملة وتفصيلا، كذلك فإن ما ذكره الوزير بخصوص ما ادعى أنها آيات وأحاديث تدعو للتطرف يعتبر إن ثبت عنه ما نُسِبَ إليه بهذا الشأن  كفرا مُخْرِجًا من الملة؛ لكن الأمانة تفرض علينا أن نذكر بأن الوزير نفى ما نسب إليه والفصل في ذلك بين المدعي والمدعى عليه يكون لدى القضاء إن تم اللجوء إليه.


       أَصَّلْنَاْ لموقفنا بوضوح من الواقعة حتى لا يلتبس فهم رأينا في واقع الحركات الطلابية مع الموقف إزاء تصريحات وتوجهات بدر العيسى والذي مع رفضنا لتوجهاته ومواقفه إلا أن علينا الإقرار بأن التيارات المسيسة دينيا وقبليا قد خرجت باتحادات الطلبة وروابط الكليات عن مسارها الصحيح وأصبحت تجرها إلى مستنقع السياسة وتبعدها عن العمل لمصلحة الطلاب كما يجب عليها أن تكون .


       تيار الإخوان المسلمين (الائتلافية) سيطر على الجامعة لسنين طويلة حتى جعل من اتحاد طلبتها فرعًا غير معلن لجمعية الإصلاح؛ والمنافسون لهم من سلفيين (الاتحاد الإسلامي) ويساريين سابقين (الوسط الديمقراطي) وشيعة (القائمة الإسلامية الحرة) ؛ كل تلك المكونات انطلقت في عملها من خلال توجهات سياسية وطائفية لا علاقة لها بالعمل الطلابي الهادف لمصلحة طلبة الجامعة؛ هؤلاء الطلبة المساكين الذين ظلوا يعانون من مشاكل الشعب المغلقة وتشتت المباني وتخلف التعليم الجامعي إلى آخره من مشاكل لم تكن يوما ما هَمًّا لأُلَئِكَ الذين اختطفوا اتحاد الطلبة وروابط الكليات!


       دخلت على الخط بعد ذلك ما تسمى القائمة المستقلة والتي أَوْجَدَتْ من خلالها غرفة التجارة حفنة من المرتزقة لا يختلفون عن بعض الرياضيين الذين ارتضوا لأنفسهم لعب هذا الدور المقرف، ثم دخلت قائمة المسار الطلابي بنفسها القبلي المتخلف على خط الحركات الطلابية في الجامعة ليصبح المنتمون إليها من طلاب جامعيين هم المغذي الرئيسي للتعصب الذي أدى في النهاية ليس إلى انقسام القبائل فحسب على الساحة الاجتماعية والسياسية بل إلى انقسام كل قبيلة على حدة عن طريق فرعيات الأفخاذ في كل انتخابات وبقيادة الشباب الذين كثير منهم خريجون جامعيون وللأسف!


       انتقلت العدوى إلى ما تسمى كليات التعليم التطبيقي والتدريب لتتطور الحالة فيها إلى الأسوأ ويقوم فيها شباب القبائل بعمل ما يشبه الانتخابات الفرعية ثم لِتُعَلَّقَ وبكل صفاقة لافتات تزكية القبيلة الفلانية والقبيلة العلانية لمرشحيها!


       واقع مرير مؤسف مقرف تعيشه الحركات الطلابية لم تسلم منه حتى اتحادات طلبة الكويت في الخارج والتي كان يُفترض فيها أن تكون قبل غيرها أكثر حرصا على مصلحة الطالب الكويتي المغترب للدراسة وأكثر تمسكا بمتطلبات الانتماء للكويت والكويت فقط، واقع علينا الاعتراف به؛ وَأَلَّا- نجعل مَن ثارت ثائرتهم على وزير التربية انتصارا لمكتسباتهم وليس من أجل الدين أو الوحدة الوطنية؛ ألا نجعل هؤلاء يجروننا دون أن نشعر إلى إعطاء شرعية شعبية لواقع الحركات الطلابية المنحرف تحت بند رفض ما طرحه بدر العيسى.

الأحد، 12 أبريل 2015

أولاد علي الغانم كشفوا عورة الدولة !

        الروح الرياضية ؛ مصطلح نردده باستمرار حين نطالب أي شخص بتقبل الرأي الآخر أو تقبل الهزيمة ليس في ساحات الرياضة وإنما في أي ساحة لا يؤخذ فيها بآرائه وتوجهاته ، ونطالب أيضا المخطئ بالاعتذار عن خطئه والتحلي بالشجاعة وما نسميه ( الروح الرياضية ) .

 

        نسبنا مصطلح الروح الرياضية التي نطالب بعضنا البعض بالتحلي بها إلى الرياضيين الذين لا بد أن تنتهي أي منافسة بينهم بفائز يحتفل فنهنئه وخاسر يأسف على خسارته فنتمنى له حظا أوفر في المنافسات القادمة ، هذا هو السلوك المثالي الصرف ؛ لكن في كثير من الأحيان يكون الرياضيون هم أبعد الناس عن روحهم الرياضية المُفترضة ، فكم من جماهير فريق فائز استفزت جماهير فريق خاسر وكم من جماهير فريق خاسر لم تتقبل الخسارة وتنحي باللائمة إما على الحكام أو المنظمين للمنافسات الرياضية ، كما تحدث وسط ذلك الهياج البعيد عن الروح الرياضية أحيانا أحداث بعضها دامٍ ومؤسف ؛ وأقلها التعديات اللفظية المتبادلة تماما كما حصل بعد مباراة الكويت والعربي أول أمس الجمعة !

 

        المشجع العرباوي تلفظ بكلمات نابية تجاه مرزوق الغانم رئيس ما يُعرف بمجلس الأمة والرئيس الفعلي لنادي الكويت الرياضي ؛ وطبعا لأن الشخصية غير عادية من حيث وضعها السياسي والاجتماعي فإن شقيق مرزوق وهو خالد الغانم اعتبر ما تلفظ به المشجع العرباوي إهانة مُثيرة للغضب فانفعل وتصرف بطريقة لا تليق بابن أسرة عريقة ، ولو أنه مع رغبته بأخذ حقه وتضخيم تلك الحادثة طلب من رجال الأمن القبض على المشجع العرباوي وإحالته إلى الجهات المختصة لاتخاذ اللازم لكان خيرا له ؛ لكن سياق الأحداث أبى إلا أن تنكشف عورة الدولة على يد أولاد علي الغانم !

 

        تلفظ المشجع العرباوي بكلامه المرفوض جملة وتفصيلا ؛ فانفعل خالد الغانم شقيق مرزوق ليتلفظ هو الآخر بكلمات أشد فضاضة وأقل أدبا ، وطبعا المجاملون للتاجر ابن التاجر حليف السلطة يُهَوِّنُوْنَ ما حصل ويقولون بأن موقف خالد الغانم ردة فعل طبيعية فزعة لكرامة شقيقه !

 

        كل ما ذكرناه في كومة والمشهد الأخير المؤسف من تلك الأحداث في كومة أخرى ؛ إذ قام مَن كان يُفترض فيهم أنهم رجال أمن وحماة قانون يطبق على الكل بمسطرة واحدة ؛ قام هؤلاء البلطجية باقتياد المشجع العرباوي إلى سيارة عمهم وحليف عمهم مرزوق الغانم كي يقبل رأسه بطريقة مهينة وبعد التحقيق معه على يد العم مرزوق وليس من خلال الجهات المختصة !!!

 

        المشهد الأخير هو أخطر ما في هذا الحدث الذي تحول إلى كارثة قانونية وأخلاقية ، ففي مثل هذه القضايا يتجه المتخاصمون عادة إلى المخفر وفي أغلب الأحوال تنتهي المسألة كما تعودنا عليها في الكويت بتوقيع التعهدات وإنهاء الموضوع ؛ وإذا أصر الطرف الشاكي على عدم التنازل يُحال ملف القضية إلى النيابة باعتبارها جُنحة ليفصل فيها القضاء بموجب القانون !

 

        هذا هو السياق المُفترض للتعامل مع مثل هكذا أحداث في دولة القانون إن وُجِدَتْ ؛ لكن أن ينحاز رجال الأمن في موقع الحدث لطرف دون آخر بالطريقة التي تمت مع مرزوق الغانم فمعنى ذلك أننا في باب الحارة وليس في دولة القانون كما تدعي حكومتنا ، لذلك فإننا لا نريد اعتذارا عما حصل من طعن للقانون ومؤسساته لا من خالد الغانم ولا من شقيقه مرزوق ؛ لكننا نريد من وزير الداخلية إقالة المسؤول عن القوة الأمنية التي تواجدت في الملعب وإحالته للتحقيق هو وكل مَن كانت له يد فيما حدث ، وإلم يفعل وزير الداخلية ذلك ولا أظنه سيفعل فليمتلك الشجاعة ويتحمل المسؤولية السياسية عما حصل ويستقيل من منصبه ، أما إذا لم يُحاسب المسؤولون عن الواقعة ولم يستقل الوزير فمعنى ذلك أن دولة القانون في بلادنا ستبقى مجرد حلم غير قابل للتحقيق ، فسحب المشجع بالدورية واصطحابه إلى سيارة رئيس السلطة التشريعية بهذه الطريقة ثم التصفيق للعم مرزوق ووصفه بأنه كبير أمر يبعث ليس على القلق فحسب وإنما على الخوف ، نعم ؛ الخوف على الكويت من أن تتحول إلى أبشع صورة لحارة ( كل من إيده إله ) !

 

        ختاما أترككم مع مقطع الفيديو المؤسف مع الاعتذار إلى مقاماتكم الكريمة عما ورد به من ألفاظ نرفع قدركم العزيز عنها ، لكن أرجوكم ركزوا على المشهد الأخير ولكم الحكم .


   http://youtu.be/HLKCxpjFpyo.  

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

ثلاث مدارس في تعدد الزوجات

        تعدد الزوجات؛ ذلك البُعبُع الذي يرعب الكثيرات من نساء الشرق المسلم والذي

ارتبط ذكره بظلم مفترض للزوجة الأولى في غالب الأحوال كما تروي المسلسلات التي صورت زواج

الرجل بأخرى على أنه سرقة قامت بها الزوجة الثانية من الزوجة الأولى!

 

        تعدد الزوجات دار وما زال يدور حوله لغط كثير؛ وتنقسم الآراء في شأنه إلى ثلاث

مدارس:

 أولا- المؤيدون المتطرفون وغالبيتهم من الرجال، وهؤلاء كلما تحدثوا عن تعدد الزوجات

فإنهم يربطون بينه وبين الدين بطريقة غريبة، فيقولون هذا حق شرعي وهذا من الدين وكأنهم

يتحدثون عن صيام الاثنين والخميس أو ركعة الوتر!

 ثانيا- الرافضون المتطرفون وأغلبهم من النساء، وهؤلاء حينما يأتي ذكر تعدد الزوجات

يصفونه بأنه جريمة وأنه خراب بيوت وخطيئة يجب تصحيحها؛ ولولا مُراعاتهم للشعور الديني

السائد في المجتمع لقالوا بصريح العبارة أن الله تعالى أخطأ حينما أباح هذا الفعل والعياذ

بالله، وبعض هؤلاء وصل إلى سدة اتخاذ القرار في التعليم والإعلام وأذكر أن مقرر مادة

الاجتماعيات الذي درستُه عندما كنت طالبا في الصف الثاني متوسط صنف تعدد الزوجات على

أنها إحدى المشاكل الاجتماعية في الوطن العربي!

 ثالثا- الوسطيون والذي أنتمي شخصيا لمدرستهم، فنحن ننظر لتعدد الزوجات على أنه مجرد

فعل مباح وفق شروطه المبينة في الشرع؛ فلا هو بسنة يؤجر عليها فاعلها ولا هو بجريمة

يستحق فاعلها الإدانة والعقاب، والغريب أن الجماعة الذين يربطون تأييدهم لتعدد الزوجات

بالدين لا يتذكرون الشرع وأحكامه إلا في هذا الجانب؛ فلا يتحمسون في الحث على الصدقة

ولا يتورعون عن ممارسة الغيبة رغم شناعتها وَهَلُمَّ جَرَّ، والذين يربطون معارضتهم

لتعدد الزوجات بالحفاظ على كرامة ومشاعر الزوجة الأولى لا يهتزون إن علموا بوجود علاقة

غير شرعية خارج إطار الزواج لرجل متزوج مع امرأة ما ويتعاملون مع تلك الجريمة ببرود

بينما تثور ثائرتهم على الرجل إن تزوج امرأة ثانية في إطار شرعي طاهر!

 

        لا يكون تعدد الزوجات مستحبا إلا في حالات قليلة كأن تكون الزوجة الأولى غير

قادرة على الإنجاب بشكل مزمن؛ وهذه حالة مرضية من أقدار رب العالمين وتلك المرأة ما

دامت لن تتمكن من الزواج غالبا إن هي انفصلت عن زوجها فمن الشهامة أن يبقي عليها الزوج

في ذمته وستكون هي مخطئة إن طلبت الطلاق؛ إضافة إلى أنه من شهامة كرام الرجال إن تيسرت أمورهم وسمحت بالتعدد أحوالهم الزواج بقريبة قد تكون فقدت أسرتها أو يتيمة من باب سترها والعطف عليها أو أرملة تحتاج رعاية عائل بهدف رفع الحرج عن التواصل معها ولو كان الزواج ثانيا أو ثالثا أو رابعا، كذلك يمكن إن يكون بعض الرجال ذوي حاجات يصعب

على الزوجة الواحدة تلبيتها بمفردها؛ فالفروق الفردية موجودة في كل وظائف البدن ولا

يمكن مطلقا التعامل مع حاجات الناس وفق معيار واحد، فمَن خشي الفتنة من الرجال وكان

قادرا على الزواج بأخرى وفق الضوابط الشرعية يستحب له الزواج، أما ما عدا ذلك فالتعدد

مجرد فعل مُباح وهو لا يرتبط بالظلم كما قد يتصور البعض؛ فالرجل الظالم الذي لا يتبنى

العدل كقيمة ومسلك سيظل ظالما حتى لو لم يتزوج الثانية وسيقصر في حق زوجته الوحيدة وفي

حق أولاده وربما يفرق بينهم وكذا سيكون فعله مع مرؤوسيه في العمل إن كان رئيسا إلخ؛

فليس الزواج الثاني هو الذي يحيل الرجل من عادل إلى ظالم.

الخميس، 2 أبريل 2015

لا تبحثوا عن الأجر بالزواج من المعاقين

        المعاق ذكرا كان أم أنثى يحمل ذات المشاعر تجاه الجنس الآخر من حيث الميل الغريزي الذي

أوجده الله تعالى في بني البشر ، وهو أيضا يحمل ذات الرغبة في تكوين الأسرة وحب الأطفال

وإن كان ذوو الإعاقة العقلية قد لا يدركون البُعد الاجتماعي والنفسي لهذه المسألة أُسْوَةً بذوي الإعاقتين البصرية والحركية الذين لا تختلف مشاعرهم في ذلك الجانب المهم من الحياة

الإنسانية عن بقية البشر .

 

        بناء الأسرة ثم تحقيق الأمن النفسي والاجتماعي الناتج عن بنائها لا يتم إلا بالزواج

وهو حاجة لكل ذكر وأنثى ، وربنا سبحانه وتعالى ميزنا كمسلمين بإن جعل الزواج يتم ضمن

إطار طاهر نظيف يحفظ الفرد والمجتمع ويكفل للجميع كافة الحقوق المرتبطة به كما يكلفهم

بكافة الواجبات .

 

        كل ما ذكرناه معلوم وواضح، لكن ثَمَّةَ سؤال مهم يطرح نفسه : هل يمكننا أن ننصح فتاة

غير معاقة أن توافق على الزواج بشاب معاق تقدم لخطبتها ابتغاء الأجر من الله؟ ، وبالتأكيد

فإن السؤال نفسه يتكرر بصيغة أخرى: هل يمكننا أن ننصح شابا غير معاق بالزواج من فتاة

معاقة ابتغاء الأجر من الله ؟

        سؤال أرى شخصيا أنه قد يهز كيان مَن يقرؤه، فمِن القراء مَن قد تأخذه العاطفة ليقول : نعم الزواج بفتاة معاقة أو شاب معاق فيه أجر وننصح به " ، ومِن القراء مَن قد يدخل في

صراع نفسي بين واقعية التفكير والحس العاطفي المرهف ولا يمكنه التعبير عما يجيش في نفسه ،

ونحن سنتناول الموضوع من جوانبه المختلفة بما نظن أنه طرح عقلاني والله أعلم :

أولا - الإسلام دين واقعي وليس دين دروشة كما قد يظن البعض، وكل علاقة بين طرفين أيًا

كانا يُفترض فيها أن تحقق حاجات كل طرف ، والحاجات قد تكون متماثلة وقد تكون مختلفة ؛ ففي حالة قيام الشخص غير المعاق بمساعدة المعاق كأن يعين كفيفا على عبور الشارع أو يساعد

مقعدا في تحريك كرسيه فإن العلاقة بين الطرفين تكون مبنية على أساس تلبية حاجات مختلفة لأن حاجة الكفيف أو المقعد هي حاجة مادية أما الحاجة التي لباها الطرف المقابل لذاته

حين ساعد الكفيف أو المقعد فإنها حاجة روحية أو على الأقل قيمية يتبناها ويشبع ذاته

المتسامية من خلال ما قام به ، وفي هذه الحالة فإن مساعدة المعاق يكون فيها أجر مؤكد

إن شاء الله ومَن ينصح غيره بمثل هذه الأعمال ابتغاء الأجر فهو على حق، أما في حالة

وجود علاقة بين طرفين تكون فيها حاجاتهما متماثلة فالوضع يختلف؛ والزواج هو أبرز أمثلة

هذا النمط من العلاقة إذ أن تحقيق الأمان النفسي والاستمتاع الجنسي تعد حاجات لطرفي

العلاقة والإعاقة لدى أحد الطرفين قد يكون لها تأثير ربما يمنعه من تلبية حاجة الطرف

الآخر كما يريدها ، على سبيل المثال فإن الكفيف الكلي لا يستطيع تلبية حاجة نفسية لزوجته

من خلال النظرات التي تشعرها بأنها مرغوبة كأنثى ؛ وهذه الحاجة قد يستهين بها الكثيرون

لكن الحقيقة الواقعة تقول بأن إهمال معظم مَن كُنا نظنهم رجالا لتلبية هذه الحاجة لدى

زوجاتهم يعد من أهم عوامل رواج تجارة عمليات التجميل خاصة وأن بعض أشباه الرجال يتقصد

مقارنة زوجته بالنساء اللاتي يشاهدهن في التلفاز أو حتى في الأماكن العامة ويؤذيها بهذا

السلوك ويجرح أنوثتها، لذلك وغيره من الأسباب لا يصح أن ننصح فتاة بالارتباط بشاب معاق

أو شابا بالارتباط بفتاة معاقة ابتغاء الأجر لأن ذلك غير واقعي، ويجب أن تكون هناك قناعة

باتخاذ قرار الزواج وأنه سيلبي الحاجات المطلوبة منه .

ثانيا – ما ذكرناه من طرح واقعي لمسألة زواج الأسوياء بالمعاقين لا يجوز فهمه على أنه قتل لآمال المعاقين أو استهانة بشخصياتهم كأزواج أو زوجات ، فالقناعة التي قد تدفع فتاة للارتباط بشاب أو شابا لخطبة فتاة تؤثر فيها عدة عوامل وليس الحاجات الحسية المجردة فقط ، فالتشارك بالاهتمامات ربما يكون سببا يجذب فتاة غير معاقة نحو شاب معاق وربما تكون صفات إيجابية في سلوك شابة معاقة دافعا لشاب غير معاق كي يتقدم لخطبتها ، هذا بالإضافة لحسابات شخصية أو اجتماعية قد تؤثر في اتخاذ قرار الزواج برجل معاق أو امرأة معاقة ؛ لكن ما قصدناه هو ألا نحث طرفا غير معاق لاتخاذ قرار الزواج بطرف معاق من أجل الأجر لأن مثل هذه الفكرة ليست واقعية إلا في حالة واحدة وهي أن يقدم رجل غير معاق على الزواج بامرأة معاقة وذلك لأمرين : الأول هو أن تعدد الزوجات مباح للرجال ؛ فالرجل المتزوج يمكنه إن كان صاحب شهامة أن يتزوج بامرأة أخرى معاقة قد تكون قريبة أو جارة أو حتى زميلة عمل بُغية الإحسان إليها وسترها ، أما الأمر الثاني فإنه يكمن في كون الرجل غير المعاق المرتبط بامرأة معاقة لا يعاني كثيرا من إعاقة زوجته مثلما قد تعاني المرأة غير المعاقة من الشعور بما تحسه نقصا في زوجها ، فالرجل أقل حاجة من المرأة للنظرات التي تشعره بأنه مرغوب ؛ والرجل هو المعني فطريا بأن يشعر زوجته بالأمان وهذا ممكن جدا في حال ما إذا كانت الزوجة معاقة بينما تختلف الصورة في علاقة الزوجة غير المعاقة بالزوج المعاق ، لكن الثقافة الذكورية السائدة في مجتمعنا تصور أن زواج الرجل المعاق بامرأة غير معاقة أسهل من زواج المرأة المعاقة برجل غير معاق وهذا خلاف الشعور الفطري السوي لدى البشر !

ثالثا – في حال إتمام الزواج بين طرف معاق وآخر غير معاق بغض النظر عمَن فيهما الزوج أو الزوجة ينبغي على الطرف المعاق أن يعزز قابليته للتفاعل مع اهتمامات الشريك وحاجاته بحيث يكون في أقرب نقطة ممكنة إليه ، فمن غير المنطقي أن يصدع الطرف المعاق رأس شريكه ليل نهار بالحديث عن مشاكل المعاقين أو إنجازاتهم أو برامج الحاسوب للمكفوفين إلخ ، كما لا يصح أن يكون الطرف المعاق سلبيا في تفاعله مع الشريك بحيث لا يخرج معه في النزهات أو لا يسافر معه بل عليه أن يشعر شريكه بالاهتمام ؛ فعلى سبيل المثال على الزوج الكفيف إن ذهب إلى مراكز التسوق مع زوجته أن يشاركها الأخذ والرد بخصوص الحاجيات التي يريد الزوجان شرائها وألا يكون مجرد جسد يتحرك معها حتى لا تفقد الشعور بأهمية وجوده في حياتها .

رابعا – تنشئة المعاق منذ البداية في محيطه الأسري هي التي تحدد ملامح شخصيته ، فالمعاق الذي يعيش حالة العزل الأسري المقصود أو غير المقصود ستنشأ شخصيته في غالب الأحوال مضطربة وغير قادرة على التفاعل السليم مع الآخرين بمَن فيهم شريك الحياة المستقبلي ، أما المعاق الذي تحتضنه أسرته باعتباره طرف لا يقل أهمية عن بقية أفرادها لتشركه في مناسباتها وتصطحبه في روحاتها وغدواتها وتجعله طرفا فاعلا في اتخاذ قراراتها فإنه سيكون مشروع نجاح في كل علاقاته الإنسانية وعلى رأسها العلاقة الزوجية .

 

        هذه هي قصة زواج المعاقين والمعاقات ؛ يمكن إخضاعها لحسابات تختلف من حالة إلى أخرى لكنها تظل في النهاية قرارا يجب اتخاذه بِتَرَوٍّ بعيدا عن الاندفاع العاطفي حتى ولو كانت المشاعر المُشفقة على الرجل المعاق أو المرأة المعقة نبيلة وسامية .