الثلاثاء، 16 مايو 2017

نبكي وحدة اليمن ونخشى على مجلس التعاون

        بيان الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بشأن إعلان مجلس حكم في عدن يطرح في طياته للقارئين بين السطور سؤالا مشروعا : هل هذا البيان يعبر عن سياسة متفق عليها بين دول المجلس أم أنه يعبر عن موقف دولة المقر ؟ !

       نحن حينما نطرح هذا السؤال نقف لِنُحَلِّلَهُ ؛ أما الإجابة فإننا ندعها لتقدير القارئ .
        عندما تعرضت الكويت قُبيل الغزو لتهديد مباشر وهي إحدى دول مجلس التعاون الخليجي لم تبادر أمانته العامة بإصدار أي بيان رغم أن ميثاق المجلس ينص على أن أي تهديد لدولة عضو فيه يعد تهديدا لكافة الدول الأعضاء ، فهل كان صمت الأمانة العامة يعبر عن سياسة عامة لدول المجلس أم أنه يمثل موقف دولة المقر التي اتخذت دور الوسيط في الأزمة ثم وجدَت نفسها فجأة في مواجهة التهديد ودفعت الضريبة مضاعفة !
        أما فيما يختص بالشأن اليمني فإن السياسة الخليجية إزاءه كانت دائما مرتبكة قبل وبعد نشوء نجلس التعاون ، ويكفينا في هذا الصدد الإشارة إلى أن دول المجلس لم تكن متفقة في الموقف من الوحدة اليمنية ؛ ثم إنها بعدما طعنها علي عبد الله صالح بوقوفه مع صدام عام ١٩٩٠ م لم تتفق بشأن التعامل معه حيث دعمت علي سالم البيض عام ١٩٩٤ م حينما كان يريد انفصال الجنوب إلا قطر فقد انفردت بموقف مختلف !
       وعندما أدركت دول مجلس التعاون الخليجي بأن أمريكا لها غرض في دعم وتقوية نظام علي عبد الله صالح هَرْوَلَتْ جميعها لتهنئته بالذكرى العاشرة للوحدة عام ٢٠٠٠ م دون أن تطلب منه اعتذارا عن موقفه قبل ١٠ سنوات بل وعادت إلى دعمه ماليا مثلما كانت تفعل قبل غزو الكويت وهو ما مكن صالح من تكديس الأموال واستثمارها بما جعلها قادرة على تمويل تحالفه الجديد مع إيران ضد دول مجلس التعاون !
        وفي عام ٢٠٠٩ م حينما امتدت تداعيات حرب صالح مع الحوثيين أعداء الأمس وأحباب اليوم لتهدد الحدود الجنوبية لدول مجلس التعاون الخليجي برعاية إيرانية لم تتفق دول المجلس إزاء الموقف من إيران بل إن بعض المسؤولين فيها كانت علاقته بإيران أقوى من علاقته بالسعودية ! ، وعندما هَبَّتْ عاصفة الحزم وجدنا أن دولة من دول المجلس لم تشارك فيها ودولة أخرى شاركت فيها على استحياء وهي تخجل حتى من بث أخبار نشاطاتها العسكرية !

        اليوم وفي ظل متغيرات دولية اختلفت معادلاتها نجد أن عاصفة الحزم وللأسف لم تؤتِ أُكُلها وأن الحليفين الرئيسيَين فيها قد تباينت مواقفهما وأن طرفا ثالثا من دول مجلس التعاون الخليجي يحتفل إعلاميا بهذا الخلاف لأن ذلك الطرف كان مستهدفا قبل سنوات من هذين الحليفين بسبب تنافس الأطراف الثلاثة على الكعكة المصرية !

        مع الأسف نجد أنفسنا اليوم أمام انفصال حقيقي لجنوب اليمن لنبكي وحدة فرحنا بها بالأمس ، وما بقي إلا الصياغة الرسمية لإعلان الانفصال وشرعنته دوليا كي يعود بنا الزمان إلى ما قبل ٢٢/٥/١٩٩٠ م ، وقد تكون مشاعرنا في نهاية المطاف قادرة على امتصاص صدمة انفراط وحدة اليمن لكن أخشى ما نخشاه هو انفراط عقد منظومة مجلس التعاون الخليجي ؛ فذلك الانفراط لو حدث لا قدر الله فإنه لن يعود بنا إلى ما قبل ٢٥/٥/١٩٨١ م حينما تم إعلان قيام المجلس لكنه سيدفع بنا إلى دهاليز مظلمة الله وحده يعلم مدى ما يكتنفها من مخاطر قد تجعلنا نتمنى عودة الحماية البريطانية لإمارات ومشيخات الخليج العربي !