حين اقتضت حسابات الأمريكان قتل المجرم قاسم سليماني تم افتعال توتر في المنطقة كان من أبرز مظاهره إشاعة شعور بأن الأمريكان خائفون جدا من ردة فعل الفرس ، حتى أن خبرا تم نشره عبر حساب وكالة الأنباء الكويتية أفاد بأن البنتاغون يعتزم تخفيض الوجود العسكري الأمريكي في الكويت ، ورغم أن الكويتيين نفوا الخبر وتحدثوا عن اختراق حساب وكالة أنبائهم العتيدة إلا أن مجرد انتشار الخبر كان كافيا لإحداث الرعب في الكويت حتى بين مَن يشتمون ماما أمريكا ليل نهار عبر كافة الوسائل !
قبل أيام رفض الحاج ترامب مصافحة النسرة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب عقب إلقائه خطاب الاتحاد وفق البروتوكول السنوي المعتاد مما أثار نزق نانسي هانم فقامت بتمزيق النسخة الورقية من خطاب الرئيس والتي يتم توزيعها على الحضور أيضا وفق الإجراءات المعتادة ، فكسر ترامب برفض مصافحة بيلوسي فكرة وجوب احترام البروتوكولات وقفزت بيلوسي فوق جدار ضبط النفس المفترض ليجد العالم نفسه أمام أمريكا جديدة غير تلك التي تتبجح باحترام قيمها !
بالأمس شَهِدْنا آخر استعراضات مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي حين وقف في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي ليلقي نسخة ورقية رمزية لوثائق ما تسمى صفقة القرن في سلة المهملات ويحظى بتصفيق الحضور ، ولا ندري هل هذه الأوراق تم تصويرها بحبر مجلس الأمة الكويتي أو بحبر مجلس النواب الأردني مستضيف المؤتمر ؛ لكن في كلتا الحالتين فإن الورق الذي تم إلقاؤه في سلة المهملات كان هو والحبر الذي طبعت به مادته من المال العام !
كلنا يعرف أن خطة السلام المزعومة المسماة تجاوزا صفقة القرن هي رسميا مسجلة باسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب والذي رفض مصافحة نانسي بيلوسي من أجل كرامته الشخصية رغم أنها أهم بالنسبة له من مرزوق الغانم ، فماذا لو قام ترامب ولنفس السبب بالوقوف في بيته الأبيض أمام الكاميرات مصطحبا معه نُسَخا من اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري بين بلاده ودولة الكويت ، ثم قال بنبرة حازمة : " إن ما قام به رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في عَمَّان كان تصرفا متنكرا لدور جنودنا في تحرير بلده وأنه لولا هذا الدور لما عرف العالم اليوم شخصا يُدعى مرزوق الغانم ويتقلد منصب رئيس المؤسسة التي ترمز للديمقراطية في بلده والتي لولا ضغوطنا وشروطنا ما عادت للحياة أبدا ، ولأن خطة السلام هي إنجاز تفتخر به الأمة الأمريكية العظيمة وأفتخر به أنا شخصيا فإن الإساءة إليها بهذا الشكل يقتضي ردا أمريكيا قويا ، لذلك فإنني باسم الشعب الأمريكي أعلن أمامكم اليوم بأن كل اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع الكويت صار مكانها الطبيعي اليوم هو سلة المهملات " !
لو استحضر أبو علي مثل هذا السيناريو هل كان سيُقْدِم على تصرفه الاستعراضي غير الديبلوماسي ؟