الأحد، 9 فبراير 2020

ماذا لو يا مرزوق الغانم ؟

        حين اقتضت حسابات الأمريكان قتل المجرم قاسم سليماني تم افتعال توتر في المنطقة كان من أبرز مظاهره إشاعة شعور بأن الأمريكان خائفون جدا من ردة فعل الفرس ، حتى أن خبرا تم نشره عبر حساب وكالة الأنباء الكويتية أفاد بأن البنتاغون يعتزم تخفيض الوجود العسكري الأمريكي في الكويت ، ورغم أن الكويتيين نفوا الخبر وتحدثوا عن اختراق حساب وكالة أنبائهم العتيدة إلا أن مجرد انتشار الخبر كان كافيا لإحداث الرعب في الكويت حتى بين مَن يشتمون ماما أمريكا ليل نهار عبر كافة الوسائل !

 

        قبل أيام رفض الحاج ترامب مصافحة النسرة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب عقب إلقائه خطاب الاتحاد وفق البروتوكول السنوي المعتاد مما أثار نزق نانسي هانم فقامت بتمزيق النسخة الورقية من خطاب الرئيس والتي يتم توزيعها على الحضور أيضا وفق الإجراءات المعتادة ، فكسر ترامب برفض مصافحة بيلوسي فكرة وجوب احترام البروتوكولات وقفزت بيلوسي فوق جدار ضبط النفس المفترض ليجد العالم نفسه أمام أمريكا جديدة غير تلك التي تتبجح باحترام قيمها !

 

        بالأمس شَهِدْنا آخر استعراضات مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي حين وقف في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي ليلقي نسخة ورقية رمزية لوثائق ما تسمى صفقة القرن في سلة المهملات ويحظى بتصفيق الحضور ، ولا ندري هل هذه الأوراق تم تصويرها بحبر مجلس الأمة الكويتي أو بحبر مجلس النواب الأردني مستضيف المؤتمر ؛ لكن في كلتا الحالتين فإن الورق الذي تم إلقاؤه في سلة المهملات كان هو والحبر الذي طبعت به مادته من المال العام !

 

        كلنا يعرف أن خطة السلام المزعومة المسماة تجاوزا صفقة القرن هي رسميا مسجلة باسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب والذي رفض مصافحة نانسي بيلوسي من أجل كرامته الشخصية رغم أنها أهم بالنسبة له من مرزوق الغانم ، فماذا لو قام ترامب ولنفس السبب بالوقوف في بيته الأبيض أمام الكاميرات مصطحبا معه نُسَخا من اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري بين بلاده ودولة الكويت ، ثم قال بنبرة حازمة : " إن ما قام به رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في عَمَّان كان تصرفا متنكرا لدور جنودنا في تحرير بلده وأنه لولا هذا الدور لما عرف العالم اليوم شخصا يُدعى مرزوق الغانم ويتقلد منصب رئيس المؤسسة التي ترمز للديمقراطية في بلده والتي لولا ضغوطنا وشروطنا ما عادت للحياة أبدا ، ولأن خطة السلام هي إنجاز تفتخر به الأمة الأمريكية العظيمة وأفتخر به أنا شخصيا فإن الإساءة إليها بهذا الشكل يقتضي ردا أمريكيا قويا ، لذلك فإنني باسم الشعب الأمريكي أعلن أمامكم اليوم بأن كل اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع الكويت صار مكانها الطبيعي اليوم هو سلة المهملات " !

 

        لو استحضر أبو علي مثل هذا السيناريو هل كان سيُقْدِم على تصرفه الاستعراضي غير الديبلوماسي ؟

الأربعاء، 5 فبراير 2020

الفضيحة الكويتية والتهويش الفلبيني !

        في معرض افتخارهم بما قدموه لبلدهم إبان محنة احتلال الغزاة العراقيين لها تبجح الكويتيون كثيرا بأنهم أثناء الاحتلال الغاشم قاموا بتشغيل المخابز وتنظيف الشوارع وإدارة الخدمات الأساسية للدولة في غياب سلطة الدولة حتى أصبحت قصة الاعتزاز بحرق أكياس القمامة أجلكم الله توازي الاعتزاز بشهداء وشهيدات الكويت الذين لا نرى اسم أي منهم يزين شارعا أو مدرسة أو أي مرفق رئيسي في البلد ، حتى الشهيد الشيخ رمز الرياضة والذي أُعطي مكانة متميزة عن باقي شهداء الوطن أُزيح اسمه عن البطولات الرياضية في خضم نزاع أبنائه مع رموز غرفة التجارة !

 

        دار الزمان دورته وأثبتت الأحداث أن الكويتيين حكاما ومحكومين لم يستفيدو درسا واحدا من كارثة الغزو والاحتلال ، وإذا باتخاذ دولة فاشلة اسمها الفلبين قرارات تهويشية بحظر إرسال عمالتها إلى أرض الأحلام ( الكويت ) يهز أركان المجتمع الكويتي ويوقف أجهزة الدولة على قدم واحدة ، فأين هؤلاء الذين نظفوا الشوارع وشغلوا المخابز من إدارة بيوتهم ؟ ، وأين الشعب الذي تحدى جبروت أشاوس صدام من الوقوف بوجه لصوص جزر الفلبين الذين نثروا شُبانهم وبناتهم في كل أرجاء المعمورة طلبا لأجور زهيدة في بلد يجاور ماليزيا والصين واليابان ويمتلك مقومات نهوض أكثر من هونكونغ وتايوان ؟

 

        كل الذي يحدث عند افتعال حكام مانيلا لأزمة مع الكويت دون غيرها من الدول المستوردة للعمالة الفلبينية أن أسعار استقدام العمالة من الدول الأخرى المصدرة ترتفع لصالح سماسرة تجارة البشر فيتأزم مجتمع كامل يستطيع عدد غير قليل من بُيوته الاستغناء عن الخادم المقيم إذا استحضرنا ما ادعاه ذلك المجتمع من بطولات أثناء غياب السلطة في بلده ، وعلى ذكر السلطة فإنها لو قامت بتفعيل الشق المدني للخدمة الوطنية وربطَت صرف بدل البطالة به من ناحية وشجعت العمالة المحلية من ناحية أخرى عبر المحفزات على مِهَن كالتمريض والأعمال الحرفية وألزمت القطاع الخاص بدعم هذه الخطة الاستراتيجية لصالح الوطن والمواطن بدل تغطية انتهازية التجار والسماح لهم بالسحق التدريجي للطبقة الوسطى لكان بالإمكان أن نقول لحكام الفلبين أننا نحن الذين لا نحتاج عمالتكم ، عندها سيستجدينا هؤلاء أنْ نسمح لعمالتهم بالعودة وفق شروطنا بل ربما تتسبب مظاهرات شعبية بإسقاط النظام في مانيلا ، حينها يجب أن نقول للفلبينيين أننا نريد الاستثمار في مشاريع داخل بلادهم تضمن فرص عمل لشبابهم وفتياتهم دون الحاجة للتعرض إلى آلام الغربة وتدر في نفس الوقت عوائد على دولة الكويت وليس على المتنفذين الذين يريدونها عزبة لا دولة ؛ وأننا لا نريد من عمالة الفلبين أو غيرها إلا ما نحتاجه وفق عقود محترمة تضمن حقوق الجميع وتضع حدا لإقامة كل متعاقد بحيث لا تتجاوز مدة وجوده في الكويت 5 سنوات شاملة الإجازات السنوية ، وبذلك نحفظ تركيبة بلدنا السكانية ونشيع روح المسؤولية لدى مواطنيها ونجعل كل مقيم لا يبني آماله على أنه سيعيش في الكويت إلى قيام الساعة !

 

        ختاما أعتذر للمخلصين من أهل الكويت ومحبيها الذين قرؤوا مادة هذا المقال ، نعَم أعتذر لهم لأنني جعلْتهم يحلقون في سماء حُلم وَرْدي يبدو أنه غير قابل للتحقيق ! ، لكن لماذا هو غير قابل للتحقيق ؟ ، الإجابة أتركها للمخلصين من أبناء بلدي .