السبت، 24 سبتمبر 2016

لَطْمِيَّاْت رواديد السلفية !

لم تكن المرة الأولى ولا أظنها ستكون الأخيرة من نوعها تلك الضجة التي 
أُثيرت حول الحفل الفلكلوري الذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون 
والآداب بمجمع الأفنيوز ، فلم تلبث مقاطع الفيديو من ذلك الحفل أن انتشرت 
حتى تداعى رواديد السلفية بِلَطْمِيَّاْتِهم المعتادة حول مخالفة الشرع 
والعادات والتقاليد والقيم إلخ من نغمات يظن مَن يستمع إليها أننا في 
الكويت لا توجد لدينا أي مشكلة أخلاقية إلى رقص النساء ولباسهن ! 

لسنا في معرض الدفاع عن الحفل ولا تبرير موقف مَن نظمه ؛ فتلك 
أمور يُفترض أن تعود إلى القوانين المرعية في بلادنا ، فأي مواطن شاهد 
المقطع أو حضر الحفل ولديه ما يثبت حدوث ممارسات خالفت قوانين الدولة 
بإمكانه التوجه إلى النائب العام وإبراء ذمته بتقديم شكوى بهذا الخصوص 
دون اصطناع بطولات وهمية وتمثيل أدوار استعراضية على المجتمع الذي يتبجح 
بالمحافظة ويتسربل كثيرون من أفراده بالنفاق ! 

المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مفخرة كويتية قدمت سلسلة 
عالم المعرفة وعالم الفكر ؛ فماذا قدم هؤلاء الذين يرفعون اليوم راية 
الهجوم عليه بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ 

أقول لرواديد السلفية إن اللباس المشين وقصات الشعر المقززة 
والوشوم المحرمة على أجساد شبابنا وبناتنا تعرض كل يوم عيانا بيانا ليس 
في المجمعات التجارية فحسب وإنما حتى في شوارع مناطق سكناكم ولم نجد منكم 
ثورة ولا غيرة بسبب تلك المخالفات ، ومحاولاتكم للنيل من المجلس الوطني 
للثقافة والفنون والآداب مرفوضة جملة وتفصيلا ويصعب علينا افتراض سلامة 
نواياكم تجاه هذا الصرح الثقافي الكويتي العتيد ! 

بقيت كلمة يجب أن تقال للنائب علي الخميس الذي هدد وزير الإعلام 
بالاستجواب : إن الآكشن الذي استعرضتَ به يا حضرة النائب قام به آخرون 
قبلك ؛ وكان من ضمنهم النائب السابق عواد برد الذي أقام الدنيا ولم 
يقعدها بسبب حفلة كانت مزمعة لفنانة الإغراء الاستعراضية المصرية روبي 
حيث قال عنها عواد برد : " إن هذه تقدمها في مؤخرتها " ، فردت عليه روبي 
قائلة : " اهتم بتقدم بلدك ودع عنك مؤخرتي " ! 

نتمنى منك يا علي الخميس أن تتعاون مع وزير الإعلام في تتبع 
المخالفات التي يُقال أنها حدثت من خلال تواصلك الشخصي معه ومن خلال 
الأسئلة البرلمانية بدل قصة التهديد بالاستجواب ، فأين أنت أو غيرك من 
استجواب الوزراء في مجلس باتت إجازته أطول من المسلسلات المدبلجة التي 
تعرضها الفضائيات ؟ 

ليتك يا علي الخميس وباقي زملائك النواب تحددون أجندة عمل بدل 
هذا النمط من الدعاية الرخيصة والمتاجرة بعواطف جمهرة لم يشاهد أكثرها 
الحفل ، فزيادة أسعار المواد الاستهلاكية بدعوى ارتفاع سعر البنزين 
واستشراء الفساد الإداري بكل أشكاله وترهل الخدمات المقدمة للمواطن وغير 
ذلك من شؤون البلد وشجون شعبها أولى بأن تطرحوها على الطاولة بدل النيل 
من صرح ثقافي عرف العالم على بلدنا الصغير عن طريق نتاجاته ، وحتى لو ثبت 
حصول المخالفات فإن معالجتها إنما تكون بمحاسبة المسؤول عنها وليس بتشويه 
صورة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي قدم للكويت ما لم تقدمه 
كل مجالس الأمة مجتمعة منذ عام 1963 م وحتى يومنا هذا . 

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

مالكم شغل بهبات الديوان الأميري !

أول أمس تداول الكويتيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورة كتاب صادر من
الديوان الأميري ينص على منح هبة للشيخ خالد العبد الله الناصر الصباح
رئيس المراسم والتشريفات بالديوان الأميري ، هذه الهبة عبارة عن أرض في
منطقة هدية بمساحة 1000 متر مربع فقط لا غير ؛ وأرض مثلها هبة لابنه الذي
لم يتجاوز عمره 17 سنة ، كذلك منح أرض ثالثة في منطقة الخالدية بنفس
المساحة لشقيقة مدير مكتب سمو الأمير وهي معروضة للبيع بقيمة مليون
وثلاثمئة وخمسين ألف دينارا كويتيا فقط لا غير ؛ أي بمعنى إعطاء هذا
المبلغ كاش للسيدة الفاضلة !

     مع هذا الخبر المثير لنا وقفات نوجزها فيما يلي :
   أولا – جميع الأنظمة السياسية التي تقوم على أساس الحكم الوراثي
تنتهج سياسة إغناء أفراد الأسرة المالكة أو الحاكمة سموها ما شئتم وكل
مَن يخص تلك الأسرة من حاشية مقربة ، ولم يستثنِ تاريخ البشرية من ذلك أي
أسرة مالكة حاكمة أو حتى مالكة فقط ؛ وحينما تمرد عمر بن عبد العزيز رحمه
الله ورضي عنه على تلك القاعدة قتله بنو عمومته بالسم ثم عادوا بعد
استشهاده لإدارة عجلة فساد حكمهم حتى ذهب ذلك الفساد بملكهم بعد قرابة
الثلاثين عاما فقط من استشهاد عمر بن عبد العزيز !

     حتى الغرب الذي يرفع زورا وكذبا شعارات المساواة تغدق الدول
الملكية فيه الأموال الطائلة على الأمراء والأميرات وكل مَن يخصهم بما في
ذلك الخدم وسائسو الخيول !

     طبعا ما ذكرناه لا يعني القبول بهذا السلوك الشائن لكنه عرض لحقيقة
شهدها التاريخ عبر العصور والأزمان وما زال يشهدها الحاضر الذي نعيشه .

     ثانيا – رغم ما يتغنى به الكويتيون من ديمقراطية متفردة في منطقة
الخليج العربي إلا أن مؤسسات دولتهم ظلت عاجزة حتى اليوم عن إصدار
تشريعات تنظم صلاحيات الديوان الأميري ، بل إن تلك الصلاحيات قد تم
توسيعها مؤخرا إلى حد تسليم بعض مشاريع الدولة للديوان الأميري كي يتم
تنفيذها خارج إطار الرقابة بحجة الهروب من البيرقراطية ، لذلك فإن الكويت
لا تختلف بتاتا فيما يخص علاقة أسرة الحكم بالدولة عن جاراتها الخليجيات
مَهْمَاْ تغنى المتغنون بالدستور ودولة القانون المزعومة !

     ثالثا – الكويتيون متناقضون مع أنفسهم ؛ فهم يمجدون تجارب دول مثل
السعودية التي منحت جنسيتها بالمزاج لمطرب عراقي والإمارات التي قامت
بالشيء ذاته مع ممثلة أمريكية بينما يهاجمون حدوث ما هو أقل من ذلك في
بلادهم ، ولإن كان منح هبات أراضي الديوان الأميري في الكويت يتم عبر كتب
تمر على موظفين من عامة الشعب فإنها في الدول التي يمجدها معظم الكويتيين
تتم بمكالمة هاتفية أو ربما بجلسات خاصة ، لذلك فإن ما تم تداوله بين
الكويتيين أول أمس رغم كونه مرفوضا جملة وتفصيلا إلا أنه يعد ممارسة
محترمة قياسا بما يحصل في أوساط الحكم في دول الجوار ، علما بأن
الكويتيين يعلمون تماما قبل هذه الهبات أن للأسرة الحاكمة ( الشيوخ )
صلاحيات ومخصصات خارج إطار نصوص الدستور والقانون لم يعترض عليها أحد منذ
نشوء الكيان السياسي لدولة الكويت حتى أُلَئِكَ الذين يرفعون شعارات
محاربة الفساد !

     رابعا – الشخص الذي قام بتصوير وتسريب الكتاب الخاص بهبات الديوان
الأميري خائن للأمانة ، وسوء تصرف إدارة الديوان الأميري وعبثها بممتلكات
وأموال الدولة لا يعطيه الحق في نشر ما ائتُمن عليه من معلومات ، فلو أن
ذلك الشخص صادق وصاحب ضمير لتوجه إلى النيابة العامة بما لديه من معلومات
أو على الأقل لقدم استقالته من وظيفته إلم يستطع ، لكن والعلم عند الله
فإن مَن قام بتصوير وتسريب الكتاب قد أخذ المقسوم نظير فعلته الشائنة تلك
من طرف له مصلحة في نشر خبر هذه الهبات ؛ ونظن أن الشعب الكويتي يعرف ذلك
الذي قد يكون خلف تسريب خبرها !

     مخلص الكلام نلخصه في همستين ؛ الهمسة الأولى للشعب الكويتي ونقول
له فيها : " مالكم شغل في هبات وعطايا الديوان الأميري خاصة وأن منكم
وفيكم مَن يركض خلفها ويقلقس عند مَن بيده أن يمنحها لمَن شاء " !

     أما الهمسة الثانية فهي لأسرة الحكم ونقول فيها : " احذروا يا شيوخ
من هذه الممارسات خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها بلادنا ؛ وأخطر
تلك الظروف هي علاقاتكم البينية وتنافسكم المبكر على مرحلة ما زالت في
علم الغيب ، واعلموا أن استقرار واستقلال الكويت مرهون بمدى قوة أسرتكم
وسلامة سلوكها في إدارة شؤون البلاد ، فبسكم عطايا وهبات والجموا السفهاء
والانتهازيين من رجالكم ونسائكم وكفوا أيديهم عن العبث بمقدرات الكويت
التي لولا خيرها ما نعمتم بالحكم ولما استمتعتم بالمال " !