قال الله تعالى : " الزانية والزاني فاجلدو كل واحد منهما مئة جلدة " ، سورة النور آية ٢ ، وقال سبحانه : " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " ، سورة النور آية ٣ .
في الآية ٢ من السورة الكريمة قدم الباري عز وجل ذكر الزانية على الزاني بينما في الآية التي تليها قدم ذكر الزاني على الزانية ، والقاسم المشترك بين الآيتين الكريمتين هو أن الحكم المترتب عليهما واحد يشمل طرفي الفعل الذكر والأنثى على حد سواء ، وهذا هو حكم الله فما هو حكم مجتمعنا الجاهلي المختبئ وراء عباءة إسلام مزيف ؟
أولا – يتبنى المجتمع في أعرافه مبدأ ( الرجال شايل عيبه ) وعليه فإنه يعاقب المرأة التي يفتضح أمرها عقابا لا سماح بعده ليس غيرة على الدين ولا حتى على شرف المرأة ذاتها وإنما غيرة على الأسرة والعشيرة من كلام الناس فيهم ، ولا ينطبق هذا العرف على الرجل المذنب وهو ما يؤكد صحة كلامنا .
ثانيا – يميز المجتمع بين الراكِب والمركوب في العلاقات الجنسية ليس في حالة الزنى فحسب بل إنه يتبنى ذلك التمييز حتى مع مَن يرتكب أفعال قوم لوط والعياذ بالله ، فالفاعل ( الراكِب ) لا يفقد صفته الاجتماعية باعتباره رجلا ولو اِشْمَأَزَّ الناس من فعله ، أما المفعول به ( المركوب ) فيلحقه وحده العار وتلتصق به وحده صفة التخنث ، علما بأن طرفي الفعل الخبيث يحملان عند الله نفس الوزر ويترتب عليهما نفس الحكم لكن مجتمعنا الجاهلي المدعي للإسلام يرفض ذلك على أرض الواقع .
ثقافة التمييز بين الراكِب والمركوب تمثل نهجا وفكرا يتعامل المجتمع وفقه حتى بعيدا عن العلاقات المحرمة ، فالعشائر والعوائل تعتبر أبناء وبنات العشيرة أو الأسرة من أم لا تنتمي لطبقتهم أقل درجة من أبناء وبنات امرأة من نفس العشيرة أو عشيرة موازية كما يرونها رغم أن الوالد في الحالتَين هو منهم ورغم أنهم جميعا يعلمون حرمة التمييز بين الأولاد شرعا فضلا عن حرمة التمييز بين الناس على أساس اللون والعرق !
وحده المال هو الذي يمكنه أن يقلب المعادلة سواء اكتسبه صاحبه بالحلال أم بالحرام ووحده صاحب الجيب المليان يمكن استثناؤه من أعراف المجتمع الجاهلي أو بعضها ، هذه الأعراف التي يتمسك بها المجتمع الجاهلي بل ولا يتحرج من أن ينسبها إلى الدين وهو ما لم يفعله كفار قريش الذين شهدوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالأمانة قبل البعثة وبعد البعثة كانوا شجعانا واضحين في رفض رسالة الحق وكذبوا محمدا عليه الصلاة والسلام حتى هلك منهم مَن هلك كافرا ذاهبا إلى الجحيم وهدى الله منهم مَن شاء إلى الصراط المستقيم ليشرف مقامهم بصحبة النبي الكريم !
تُرى : أين موقع أهل جاهلية هذا الزمان من الإعراب قياسا بأبي جهل وحاشيته الذين كانوا رجالا شجعانا في موقفهم رغم قبحه ؟ ، هل سيقبل الله سبحانه وتعالى من أهل جاهلية هذا الزمان ثقافة الراكِب والمركوب بدل دين الإسلام الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟
أرجو أَلَّاْ ينتظر مجتمع الراكِب والمركوب يوم القيامة لمعرفة الجواب .