الخميس، 18 أغسطس 2022

مجتمعنا الجاهلي وثقافة الراكِب والمركوب !

        قال الله تعالى : " الزانية والزاني فاجلدو كل واحد منهما مئة جلدة " ، سورة النور آية ٢ ، وقال سبحانه : " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " ، سورة النور آية ٣ .

 

 

        في الآية ٢ من السورة الكريمة قدم الباري عز وجل ذكر الزانية على الزاني بينما في الآية التي تليها قدم ذكر الزاني على الزانية ، والقاسم المشترك بين الآيتين الكريمتين هو أن الحكم المترتب عليهما واحد يشمل طرفي الفعل الذكر والأنثى على حد سواء ، وهذا هو حكم الله فما هو حكم مجتمعنا الجاهلي المختبئ وراء عباءة إسلام مزيف ؟

 

 

أولا – يتبنى المجتمع في أعرافه مبدأ ( الرجال شايل عيبه ) وعليه فإنه يعاقب المرأة التي يفتضح أمرها عقابا لا سماح بعده ليس غيرة على الدين ولا حتى على شرف المرأة ذاتها وإنما غيرة على الأسرة والعشيرة من كلام الناس فيهم ، ولا ينطبق هذا العرف على الرجل المذنب وهو ما يؤكد صحة كلامنا .

 

 

ثانيا – يميز المجتمع بين الراكِب والمركوب في العلاقات الجنسية ليس في حالة الزنى فحسب بل إنه يتبنى ذلك التمييز حتى مع مَن يرتكب أفعال قوم لوط والعياذ بالله ، فالفاعل ( الراكِب ) لا يفقد صفته الاجتماعية باعتباره رجلا ولو اِشْمَأَزَّ الناس من فعله ، أما المفعول به ( المركوب ) فيلحقه وحده العار وتلتصق به وحده صفة التخنث ، علما بأن طرفي الفعل الخبيث يحملان عند الله نفس الوزر ويترتب عليهما نفس الحكم لكن مجتمعنا الجاهلي المدعي للإسلام يرفض ذلك على أرض الواقع .

 

 

        ثقافة التمييز بين الراكِب والمركوب تمثل نهجا وفكرا يتعامل المجتمع وفقه حتى بعيدا عن العلاقات المحرمة ، فالعشائر والعوائل تعتبر أبناء وبنات العشيرة أو الأسرة من أم لا تنتمي لطبقتهم أقل درجة من أبناء وبنات امرأة من نفس العشيرة أو عشيرة موازية كما يرونها رغم أن الوالد في الحالتَين هو منهم ورغم أنهم جميعا يعلمون حرمة التمييز بين الأولاد شرعا فضلا عن حرمة التمييز بين الناس على أساس اللون والعرق !

 

 

        وحده المال هو الذي يمكنه أن يقلب المعادلة سواء اكتسبه صاحبه بالحلال أم بالحرام ووحده صاحب الجيب المليان يمكن استثناؤه من أعراف المجتمع الجاهلي أو بعضها ، هذه الأعراف التي يتمسك بها المجتمع الجاهلي بل ولا يتحرج من أن ينسبها إلى الدين وهو ما لم يفعله كفار قريش الذين شهدوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالأمانة قبل البعثة وبعد البعثة كانوا شجعانا واضحين في رفض رسالة الحق وكذبوا محمدا عليه الصلاة والسلام حتى هلك منهم مَن هلك كافرا ذاهبا إلى الجحيم وهدى الله منهم مَن شاء إلى الصراط المستقيم ليشرف مقامهم بصحبة النبي الكريم !

 

 

        تُرى : أين موقع أهل جاهلية هذا الزمان من الإعراب قياسا بأبي جهل وحاشيته الذين كانوا رجالا شجعانا في موقفهم رغم قبحه ؟ ، هل سيقبل الله سبحانه وتعالى من أهل جاهلية هذا الزمان ثقافة الراكِب والمركوب بدل دين الإسلام الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟

 

 

        أرجو أَلَّاْ ينتظر مجتمع الراكِب والمركوب يوم القيامة لمعرفة الجواب .

الأحد، 14 أغسطس 2022

مؤسسة الزواج في المجتمعات الخليجية: آن أوان التغيير !

        عبارة ( الزواج شركة ) أو مصطلح ( مؤسسة الزواج ) هي صفصطات صدع بها أدعياء التخصص في شؤون الأسرة رؤوسنا وخلطوا معها أفكارا هدامة تلاقت مع معطيات الطفرة المادية في دول الخليج العربي وما منحته للمرأة من استقلالية مادية كاملة أغنتها عن الحاجة لنفقة زوج يرعاها وأولادها ، كل ذلك أدى بالنتيجة إلى تغيير خطير في كيان الأسرة الخليجية أو ما اصطلح المرجفون على تسميته ( مؤسسة الزواج " .

 

 

طبعا الزواج ليس شركة ولا مؤسسة وإنما كيان أسرة تحفه المودة والرحمة ؛ فمن بنى علاقاته من الأزواج والزوجات على هذا الأساس فاستقر ونجح نسأل الله أن يتم عليه النعمة وليس مقالنا هذا موجها له ، إنما نوجه المقال للسواد الأعظم من الأسر الخليجية والتي يمثل واقع مجتمع مثل المجتمع الكويتي أبشع صورها حيث غدت العلاقة بين معظم الأزواج والزوجات علاقة تَحَدٍّ وتكسير عظام ، فلم يَعُدْ الرجل يحسن أداء دوره كقائد مفترض يرعى مصالح الأسرة ولم تَعُدْ المرأة تحترم ذلك الدور وما عادت ترى في استمرارية الزواج إلا تنغيص حياة وحبس للحريات !

 

 

بناء على ما تقدم ذكره نلاحظ أن معظم الأزواج إما يخوضون معارك عبر العضلات بلا حكمة لكسر رؤوس زوجاتهم أو أنهم يخضعون تماما لتسلط زوجاتهم عليهم إما هربا من صداع الرأس أو مقايضة تسكت فيها الزوجة عن تقصير زوجها وانحرافاته مقابل أن يغض هو الطرف عن إهمالها لواجباتها كزوجة ، وقد أدى هذا الوضع إلى خراب البيوت إما بزواج فاشل يبعث برسائل سلبية للأولاد والبنات عن الزواج تهدم مستقبلهم مبكرا بسبب ما عاشوه من فشل علاقة أمهاتهم بآبائهم أو أنه أشغل المحاكم بعشرات الآلاف من دعاوى الأحوال الشخصية لا تستطيع حمل سجلاتها حتى الجِمال وتقضي في أروقة المحاكم سنين غالية من أعمار المتخاصمين وذرياتهم !

 

 

بناء على كل ما ذكرناه نرى والله أعلم أن الأسر الخليجية حديثة التكوين بحاجة إلى إعادة صياغة الحياة الزوجية أو ما تسمى مؤسسة الزواج وفق معطيات الوضع الحالي بحيث يتم الزواج إشهارا بالتوثيق في المحاكم والإدراج في سجلات الدولة إضافة إلى الاحتفالات التي يُفْتَرَض أَلَّاْ تتم المبالغة في تكاليفها ومظاهرها ، لكن مع ذلك لا يسكن الزوجان في بيت واحد ليتقابلا على مدار أيام الأسبوع وإنما يعيش كل منهما حياته في مقر إقامته مع إمكانية خروجهما معا في البلاد أو سفرهما خارجها وإمكانية حجز فنادق أو منتجعات لقضاء بعض الأيام الممتعة فيها تحت سقف الزواج الشرعي وإنما ضمن شكل علاقة الصديقة بصديقها والتي يفضلها شباب وبنات اليوم على تحمل أعباء الارتباط في سكن واحد ، وما قد ينشأ عن تلك العلاقة الكريمة من أطفال فهم مَرْعِيُّوْن شرعا وقانونا وفق تراتب المسؤوليات على طرفَي العلاقة الزوجية .

 

 

بهذا الشكل الحديث للعلاقة الزوجية ستتخلص الأسرة الخليجية الحديثة من انعكاسات تشنجات حالة الالتقاء الدائم بين الزوجين كما ستقل كثيرا تكاليف الزواج سواء تلك المرتبطة ببداية إتمامه من الأعراس والمهور الغالية أَم تلك التي تفرضها متطلبات وجود الزوجين في بيت واحد من ضرورة تأثيث جيد لذلك البيت وشراء بيت مناسب أو أرض مناسبة لبناء البيت عليها بمبالغ صارت خيالية اليوم لا يقدر الشاب على توفيرها ولو استعان بزوجته ، ثم إن اشتياق الزوجين لبعضهما سيصبح أكثر سخونة فتكون العلاقة الجنسية بينهما متجددة المتعة لا عادة أو واجبا كما هو حال الزوجين في البيت الواحد والتي تصل العلاقة بينهما في كثير من الأحيان إلى حد الملل فيشكل ذلك السبب الحقيقي المتواري وغير المعلن لمعظم حالات الطلاق في مجتمعنا .

 

 

ذكرنا التوصيف واقترحنا الحل ونؤكد بأن نكد العلاقات الزوجية في معظم البيوت الخليجية يقتضي تغيير شكل العلاقة وتحريرها من الإطار التقليدي الذي لم يَعُدْ معه استقرار العلاقات الزوجية ممكنا في أغلب الأحوال ، وقد آن أوان التغيير .

الاثنين، 8 أغسطس 2022

أنثى مع وقف التنفيذ !

        حينما كانت فطرة معظم البشر سليمة كانت الفتاة من بنات حواء تحلم بالفارس رغم أن علاقتها به إن حدثت لن تتمحور حول السيف والرمح لكن الفارس الذي كانت تحلم به الفتيات إنما يرمز لقوة القائد الذي لا تشعر المرأة بأنوثتها إلا في ظله ، تتدلل عليه فيهزمه دلالها وهو الفارس المغوار في مواجهة الرجال لكن دون أن ينتقص أسلوب دلال الأنثى عليه من دوره في حياتها باعتباره صاحب القرار والكلمة الفصل ، فهو يوافق على مطلب أنثاه بمزاجه دون ضغوط لكنه أيضا قد يرفض إذا لم يكن يريد تنفيذ طلبات فتاته والتي قد يبدو للوهلة الأولى أنها متضايقة لكنها إنما تحقق إشباعا عظيما لأنوثتها بوجود الرجل القوي صاحب الكلمة والذي تعلو مكانتها في نفسه ويصبح أطوع للأنثى كلما بدت ضعيفة أمامه .

 

 

        هكذا تكون الأنوثة لتحقق الإشباع للمرأة في ظل زوجها والفخر في كنف أبيها والاعتزاز باسم أخيها ، لكن كثيرات من نساء اليوم ما هن إلا إِناث مع وقف التنفيذ ، فالأنوثة بالنسبة لها مجرد مساحيق مكياج وحقائب بل وحتى أحذية ماركات ، والتباهي بالأنوثة المشوهة تلك إنما يكون في محيط تنافس الخائبات من بنات حواء وليس لتعزيز الصلة بالزوج كما هو حال الأنوثة الحقيقية !

 

 

        الزوج في عالم الإناث مع وقف التنفيذ ما هو إلا شريك في مؤسسة وطرف نِد إما أن يخضع فتتم خرفنته أو تخوض معه المرأة التي لم تعد تشعر بالحاجة لوجوده في حياتها حرب تكسير عظام تعززها القوانين وأساليب تطبيقها التي سلخت الرجولة من الذكور وعززت لدى النساء صفات خشونة فقدن بسببها المعنى الحقيقي للأنوثة ، والنتيجة هي تعزيز الشذوذ لدى الجنسين ثم تنميقه وتسميته بالمثلية !

 

 

        اليوم باتت الفتاة الباحثة عن القوة في الشريك تجدها في البويات وليس لدى الرجل الذي توصيها أمها بعدم الخضوع له وتأكد لها أختها بالقدرة على تنتيف ريشه وتشليح جيبه وتنصحها صديقتها بأن تخليه يولي لأن الرجل هذه الأيام ما له لزمة في حياة المرة وما هو إلا عنصر تنكيد ومغثة !

 

 

        هكذا صارت المرأة في زماننا هذا مخلوقا مسخا إلا ما رحم ربي لتصبح بعد أن ضاعت بوصلة دينها وعقلها وأخلاقها أنثى مع وقف التنفيذ .

الأحد، 7 أغسطس 2022

مرجلة الهياط وفلسفة الخراط !

        عندما يجتمع بعض طوال الشوارب من ذكور البشر في ديوانياتهم يندر أن تغيب الأنثى من بنات حواء عن محور حديث الشجعان ، وحين يدور الحديث عن الزوجة الحنانة والتي لا يقنعها شيء في هذه الحياة سوى ما تراه عند غيرها من النساء أو تتبع فيه دعايات المشاهير ينفش الأشاوس ريشهم في الديوانية فقط لا غير فَيُوَجِّهو الخطاب لمَن فتح الموضوع قائلين : " المرة لا تعطيها وجه * اسفه المرة ولا ترد عليها * دوس عليها تتسنع " إلى آخره من هذا الخطاب الذي تسقط مصداقيته فضلا عن سلامة طرحه إذا عرفنا أن مَن يستعرضون العنتريات في مجالس ذكور البشر هم أنفسهم مَن تسحبهم نساؤهم على الخشوم فمنهم مَن تفرض عليه زوجته كل ما تريد ومنهم مَن تتحكم أمه في أدق تفاصيل خصوصيات حياته بما يلغي شخصيته كرجل مُفْتَرَض طبعا خارج إِطار البِر وداخل نطاق السيطرة عليه وعلى أبوه اللي جابه !

 

 

        الذي يستحق الاحترام في هوجة الهياط هذه هو الذي لا يدلي بدلوه في حفلات الزار المقرفة تلك ولا أحد يعلم ما يدور خلف باب بيته لأنه يعيش حياته وفق ستر خصوصياته وعدم التنظير على غيره ، فبغض النظر عن أي تفاصيل قد تصلنا بالصدفة عن ضعفه أمام سلطان الزوجة أو سطوة الأم فهو على الأقل تمسك بمبدأ خُلُقي نبيل وترك كل إنسان وشأنه في بيته .

 

 

        ختاما أدعو جميع الذُّكْران من أبناء آدَم إِلَى عدم طرح شكاياتهم من النساء في مجالس أشباه الرجال لا بالتصريح ولا بالتلميح كي لا يجعل الواحد منهم نفسه شخصيا عنوانا لاستعراض عنتريات مرجلة الهياط أو نظريات فلسفة الخراط .