الخميس، 22 يوليو 2021

الفوارق بين مناطق البدو ومناطق الحضر، لماذا وإلى متى وما الحل ؟؟؟

        شخصيا لا أحب الحديث عن مجتمع بلدي الصغير بلغة التقسيمات ( بدو * حضر * شيعة * سنة ) ، فرغم أن اختلاف الجذور العرقية والمعتقدات الدينية أمر طبيعي في كل بلدان العالم إلا أنه في الكويت حينما يُثار فإنه يأخذ له بُعدا سياسيا نظرا لسقوط الطرح الوطني الذي قدَّمَتْه السلطة للناس في إعلامها وخطابها المفرغ من محتواه وصولا إلى الأغاني الوطنية التي تنحدر كلاما ولحنا عاما بعد عام ، ناهيكم عن أن مَن يرفع شعارات التغني بحب الوطن هو أكثر مَن نهب خيراته وتآمر على وحدة شعبه ومارس كل أشكال الفساد وقوى لوبياته وأذياله على حساب مصلحة الوطن !

 

        زيادة على ما ذكرناه فإن قصة التقسيم إلى بدو وحضر وفق مفهومها العلمي غير موجودة في دولة الكويت لأن كل أهلها مستقرون أي أنهم يشكلون وحدة سكانية لمناطق حضرية ولا يوجد بدو يقطنون الصحراء ، فالبداوة والحضارة إنما هي أنماط حياة ولا علاقة لها لا باللهجات ولا بالانتماءات العرقية ، وقد أوضحنا ذلك للناس مرارا وتكرارا لكنهم يريدون التمسك بصورة غير المستوعب لهذا الكلام رغم يقينه بصحته لأنه يظن أن إشاعة الفهم الصحيح بين الناس خطر على مصالحه ، وهذا بالضبط ما تريده السلطة ومَن تحميهم من أركان الفساد !

 

        مع ذلك أجد نفسي اليوم مضطرا للحديث عن فوارق ثقافية في السلوك والممارسات بين سكان المناطق التي يغلب عليها الناطقون بالجيم والمناطق التي يشكل الناطقون بالياء غالبية سكانها .

 

        كل الكويتيين إما أنهم سافروا حول العالم ووقفوا على تجاربه أو أنهم عبر القرية الكونية الواحدة من خلال ثورة الاتصالات أصبحوا كغيرهم على علم بما يحيط بهم وما هو بعيد عنهم من خبرات سلبية كانت أَم إيجابية ، وهذا كفيل بأن يجعل من بلدهم الصغير الثري سنغافورا الخليج من حيث إدارة أجهزة الدولة والوعي السلوكي للمواطن الحريص على بلده أمنا ونظافة والتزاما بالقانون ، لكن ذلك لم يحصل مع الأسف في كل مناطق البلد الصغير الثري ، إنما توجد فوارق سلوكية ظاهرة بين مناطق ( الحضر ) ومناطق ( البدو ) مع التحفظ على هذا التقسيم من الناحية العلمية .

 

        في مناطق الحضر نجد أن المساجد بكافة مرافقها أنظف من مثيلاتها في مناطق البدو كما نلحظ أن مستوى صيانة المدارس واختيار كادرها التعليمي في مناطق الحضر أفضل منه في مناطق البدو إلا في استثناءات نادرة ، وفي مناطق البدو نجد مخالفات البناء ظاهرة إلى حد الفضيحة لأن السلطة على أعلى مستوى تعلم بها وتسكت عنها وتسمح للاعتبارات القبلية بتعزيزها بينما لا نلحظ ذلك في مناطق الحضر ، أما الجمعيات التعاونية فالفارق فيها يدل على عملية استمراء الجهل والجاهلية في مناطق البدو ؛ فالجمعية التعاونية ما هي إلا مرفق خدمي لأهل المنطقة السكنية أُتيح لهم انتخاب المسؤولين عنه ومستوى أداء هذا المرفق يخص كل ساكن في المنطقة ؛ لكننا نجد أن انتخاب أعضاء الجمعيات التعاونية في مناطق البدو يتم وفق تحالفات قبلية بحيث أن العضو الذي أوصله أبناء عمومته إلى مجلس إدارة الجمعية لا يخشى من دفع ثمن التقصير لأن القبيلة التي أوصلته ستتغاضى عن خطاياه ، أما في مناطق الحضر فإن أعضاء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية غير مسنودين بظَهر قبلي لذا فإن أداء جمعيات مناطق الحضر خدميا أفضل من أداء جمعيات مناطق البدو رغم أنها لا تخلو من التجاوزات المالية !

 

        حينما يتجول أي منا في مناطق مثل الجهراء وصباح الناصر وإشبيلية رغم كونها منطقة حديثة والفحيحيل والصباحية وغيرها من مناطق البدو نجد أن العمارات الاستثمارية قد تم تشييدها وسط المناطق السكنية فضلا عن شبرات الكيربي التي تم وضعها خارج الأراضي المخصصة للسكان بطريقة شوهت المنظر العام وتسببت في الضغط على الخدمات ونشرت الرعب بين العوائل بسبب وجود العزاب ، وثقافة ابن العم تحمي المخالفين وترتب العيب على المشتكين ، بينما لا نجد ذلك في مناطق الحضر فلماذا هذه الفوارق وإلى متى ؟ ، هل البدوي أقل غيرة على وطنه من الحضري ؟ ، هل البدوي لا تهمه محارمه ولا يبالي بإسكان المشبوهين بين بيوت أهل منطقته ؟ ، لماذا حين يسكن البدوي مناطق كالعديلية أو الخالدية يحترم نفسه بينما قد يشتري أرضا في إشبيلية أو عبد الله المبارك ليبني فوقها عمارة استثمارية ويضايق سكان المنطقة بطريقة لا يقبلها هو في المنطقة الحضرية التي سكنها ؟

 

        أسئلة كثيرة حائرة تفرض نفسها ومع ذلك لا نجد حاجة للبحث عن إجابات لها ، فالكويت بلد صغير ثري والكويتيون في مستوى واحد من التعليم سواء من أكمل منهم دراسته الجامعية وما بعدها أو مَن اكتفى بشهادات أقل ؛ فهم جميعا على علم بطبيعة هذه الفوارق وخطورة تلك التجاوزات وآثار انعدام الوعي بل وحتى الغَيرة على الأرض والعرض ، وعليه فإن المسؤولية الكبرى الآن تقع علينا نحن الذين نسمي أنفسنا أغلبية صامتة ، فالصمت لم يعد مقبولا من الآن فصاعدا والتعويل على السلطة لحل المشكلة عبر إجراءات قانونية ما عاد يجدي نفعا ومحاولة إقناع المستفيدين من الوضع الخاطئ في البلاد كي يعودو عن غيهم باتت غير قابلة للتكرار ، فلنستغل وسائل التقنية الحديثة ولنصور المخالفات وننشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونذكر بالاسم موقع المخالفة وصاحبها أو الجمعية التعاونية المقصرة وأعضاء مجلس إدارتها وهلم جر ، وعلينا أن نتحمل ما سيأتينا من هجوم واتهامات بالتشهير وقلة الحياء بل وافتعال قضايا ضدنا ؛ فطريق الإصلاح وعر ويحتاج تضحيات إما أن نكون مستعدين لتقديمها وإما أن نتوقف عن الشكوى في الدنيا لنكون شركاء في الإثم مع الفاسدين في الآخرة .

الخميس، 15 يوليو 2021

الطلاق العاطفي أخطر من الطلاق الرسمي !

        دائما ما نلجأ إلى تهذيب المصطلحات حفاظا على الذوق العام ، فمسمى الطلاق العاطفي بين الأزواج وزوجاتهم رغم وجود طرفَي العلاقة تحت سقف واحد وبقاء هيكل الأسرة متماسكا في الظاهر هو في الحقيقة يرمز للتباعد الجنسي بحيث أن لكل من الزوجين مكان بياته الخاص به ، ففي بعض الحالات يمكن حدوث العلاقة الجنسية حسب الطلب أو وفق التخطيط للحمل وفي أكثر الحالات لا يحصل الالتقاء أصلا ، لكن النهاية المحتومة لكل الحالات هي انتفاء العلاقة الجنسية وكل ما تفضي إِلَيه من انسجام عاطفي مُفْتَرَض في وقت مبكر جدا !

 

        فما الَّذي يتسبب يا تُرى بحدوث هذه المشكلة شبه المسكوت عنها والتي تنتشر اليوم في المجتمع انتشار النار في الهشيم ؟

 

        لا يمكن حصر كافة الأسباب المتوقعة في مقام محدود ومقال صغير لكننا سنكتفي فقط بالإشارة إلى سببين تاركين البقية إلى مقالات أخرى أو تعليقات وردود المتابعين .

 

        السبب الأول هو الإجبار أو شبه الإجبار على الزواج ، فحينما نتحدث عن الإجبار فإننا نعني الضغط المباشر الَّذي تمارسه سلطة الأسرة متمثلة في الوالدَين على طرفَي العلاقة أو أحدهما عبر الابتزاز العاطفي وهو ما تمارسه السلطة الأسرية على الشباب أكثر من الفتيات أو التهديد من خلال الاستضعاف وهو ما يقع على البنات أكثر من الشبان ، وفي هذه الحالة تتبدى أنانية الوالدَين أو الطرف المتغلب منهما مدعومة بمساندة تقاليد اجتماعية تعتبر المُكْرَه على الزواج عاقا خارجا عن الطاعة ويتم إقحام الدين في هذه الحملة الظالمة وهو بريء منها تماما حتى تكتمل كماشة الضغط السلطوي الأُسَري ، فيا عجبا كيف يجبر شخص ابنته على الزواج مِمَّن لا تريد ويضغط عليها باسم الدين وهو يأكل الربى ويشرب الخمر أو كيف تضغط أم على ابنها للاقتران بِمَن تريد ولا يريد وتهدده بعدم رضاها عنه علما بأن الله ليس راضيا عن قطيعتها مع أختها أو ممارستها الغيبة بحق جاراتها أو حياكة الدسائس لزميلاتها في العمل ؟ !

 

        أما الشكل الثاني من الإجبار فهو الضغط غير المباشر وضحاياه دائما من النساء خاصة المطلقات أو المتأخرات في الزواج حيث تتم مضايقتهن في البيوت بُغْيَة إخراجهن منها كي يتصرف أشباه الرجال فيها بيعا أو تقسيما وليس لدى أي منهم استعداد لاستضافة أُخْتِه في بيته حتى يأتيها نصيبها المناسب أو تستمر معه عزيزة ليكون هو كريما بصيانته لأخته ، لكن الكرم بعيد عن شواربهم بُعد المشرق عن المغرب خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المرأة حين تخرج من بيتها الَّذي تربت فيه مضطرة لتسكن وحيدة في شقة اشترتها أو استأجرتها فإن سهام الإهانات والشكوك يتم توجيهها إِلَيها من إخوانها قبل غيرهم ، فلا تجد المسكينة سبيلا إلا القبول على مَضَدٍ بطارق لا يناسبها فقط كي تهرب من جحيم الأسرة الظالمة والمجتمع المنافق وليس حرصا على ما يسمى قطار الزواج ، فليس للزواج قطار ولا ميترو أنفاق !

 

        السبب الثاني الَّذي نود الإشارة إِلَيه هو عدم إيمان طرفَي العلاقة بالزواج كَسَكن واستقرار وإنما هو بالنسبة لهما مجرد استكمال مظهر اجتماعي تنتفي الحاجة إِلَيه بإنجاب طفل أو طفلين وبعدها يتم افتعال الحجج والمبررات لإنهاء العلاقة بطلاق رسمي أحيانا وبطلاق غير رسمي أحيانا أخرى ليس من أجل الحفاظ على نفسية الأطفال كما يزعم الزوجان وإنما لأن بقاء هيكل الأسرة كيانا مستمرا من حيث الظاهر يشكل جدار حماية لهما كي يعيش كل منهما حياته كما يريدها ، فتغض الزوجة الطرف عن تصرفات زوجها المشبوهة طالما أنه لم يستفز كرامتها الظاهرية بإعلان ممارساته أمامها وأمام الجميع بينما يتجاهل الزوج تصرفات من زوجته ما كان لِيَقْبَل بها لو أنه شعر بأن ما بينه وبينها هو زواج حقيقي له مقتضيات وعليه مترتبات !

 

        كبر جيل من شباب اليوم وبناته على مشهد هجران الزوجين وتغاضيهما عن بعضهما فهانت قيمة الزواج في نفوس الناشئة ، والنتيجة هي تزايد عدد العازفين والعازفات عن الزواج ليس من باب عدم القدرة أو بناء على ما كُتِب في النصيب وإنما لأن الزواج سيشكل قيدًا عليهم في فترة الشباب ، فلماذا يربطون أنفسهم بقيود سيكسرونها بعد سنوات قليلة من الزواج ؟

 

        كذلك مَن تزوج منهم إما لاستكمال البرستيج أو تحت ضغط رغبة السلطة الأُسَرية هانت عليه قيمة الزواج فصارت الخيانات الزوجية بأشكالها المختلفة ظاهرة منتشرة ، فليس ضروريا أن يجد الزوج رجلا غريبا في فراشه كي تكون زوجته خائنة وليس ضروريا أن تتناهى إلى أسماع الزوجة أخبار صولات زوجها في شقق الإيجار اليومي أو الجواخير والمزارع كي تتأكد من أن زوجها خائن ، لكن ليعلم الجميع أن ظاهرة العلاقات الهاتفية بين المتزوجين والمتزوجات قد تصاعدت حتى لا يكاد أحد ينجو منها إلا مَن رحم ربي ، كل هذا وأكثر بسبب ما يسمى الطلاق العاطفي والذي بدأه جيل الطيبين سرا فصار سببا لِنَكَد الأسرة والمجتمع في جيل المساكين ضحايا الفشل الأُسري لجيل الطيبين !