السبت، 17 سبتمبر 2022

القَول الأَتَم في الموقف من وثيقة القِيَم

         الجدل حول ما سُمِّيَتْ وثيقة القيم في المجتمع الكويتي أخذ بُعدا هائلا بسبب توقيت طرح الوثيقة وآلية جمع التوقيعات عليها ، فهناك مَن تبنى الوثيقة بإخلاص للقيم والدين الَّذي استقت الوثيقة مضمونها من أحكامه ، وهناك آْخَرون يمارسون في حياتهم الموبقات خلافا لما ورد في الوثيقة لكن انتماءهم لأوساط تتغنى بالعادات والتقاليد يحول دون اتخاذهم موقفا مناهضا للوثيقة ولو من باب الاختلاف حول الآلية والتوقيت ، وهناك أدعياء الليبرالية مِن الَّذين لا يَفْقَهون من الليبرالية شيئا سوى معاداة كل لحية وثوب قصير عند الرجال وكل حجاب وثوب طويل عند النساء ولديهم كامل الاستعداد لقمع مخالفيهم لو استلموا السلطة وهؤلاء استثمروا الوثيقة في التحذير مِمَّاْ يدعون أنها مصادرة للحريات العامة .

 

 

وسط هذا الزحام ظهرت جماعة هي مع القيم لكنها ليست مع الوثيقة حيث ترى أن وقت طرحها غير مناسب من ناحية ومن ناحية أخرى لها وجهة نظر حول آلية جمع توقيعات المرشحين على الوثيقة .

 

 

بالنسبة لنا فنحن نرى أنه لا يصح اتهام نوايا القائمين على إعداد الوثيقة وفي نفس الوقت لا يصح اعتبار التوقيع عليها من عدمه معيارا يتم بموجبه اتخاذ قرار دعم هذا المرشح أو عدم التصويت لذاك المرشح ، وفي هذا الصدد علينا الإشارة بكل التقدير لموقف الشيخ عثمان الخميس الَّذي استمع للنصح وصحح موقفه حيث أنه دعا في البداية إلى دعم المرشحين الموقعين على الوثيقة ؛ لكن حينما وصلته حفظه الله النصيحة بأن امتداح مضمون الوثيقة يكفي ولا حاجة لِرَبْطِه بدعم المرشحين الموقعين عليها صرح الشيخ عثمان بأن الوثيقة طيبة لكنه لا يزكي أحدا من المرشحين ، والتراجع عن الخطأ حين التثبت منه هي شيمة الكبار وما تزيدهم إلا رفعة فشكرا للشيخ عثمان الخميس .

 

 

ختاما أرى شخصيا بأن إشغال المجتمع بقصة الوثيقة وفق السياق الَّذي تم مع بداية إصلاحات سمو الشيخ أحمد النواف يعبر عن عدم الحصافة السياسية ويمثل قراءة غير موفقة للمشهد الَّذي رسم معالمه خطاب سمو الشيخ مشعل الأحمد حين تحدث بصراحة عن احتمالية اتخاذ إجراء ثقيل على نفسه والحر تكفيه الإشارة ، فدعم الجهود الإصلاحية لسمو الشيخ أحمد النواف في هذه المرحلة قد يُفْضي إلى تحقيق مضمون الوثيقة وربما يتعداه دون الحاجة إِلى حَفْلة الردح التي تمارَس عبر آْلية جمع التواقيع ، وللأسف هذا دَيدَن أصحاب الطروحات الدينية حينما يربطونها بالعمل السياسي إِذْ أن قصور الحصافة لديهم يُشَوِّش على صِدْق نواياهم !