الثلاثاء، 31 ديسمبر 2019

نهاية عام وبداية عام وضياع بوصلة دعاة الإسلام !

        مع بداية كل عام ميلادي ونهاية عام آخَر يكثف الناشطون المتأسلمون حملات التذكير بحُرمة تبادل التهاني بالعام الميلادي الجديد باعتباره عيدا للكفار الذين لا تجوز مشاركتهم أفراح أعيادهم على أساس أنها شعائر مخالفة للعقيدة الإسلامية ، وقد ظهر على السطح في السنوات الأخيرة خطاب جديد يتحدث عن أن ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لم يُولَد أصلا لا في ديسمبر ولا يناير وإنما وُلِد في الصيف بنص القرآن حسب ما يذكر أصحاب هذا الخطاب ، علما بأن القرآن أورد قصة مريم عليها السلام وحملها بالسيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دون أن يمسسها بشر على أنها معجزة خارقة للنواميس الكونية ولم تورِد الآيات التي تحدثت عن هذه القصة العظيمة ذكر صيف ولا شتاء !

 

        حقيقة الأمر هو أن المُتأسلمين إنما يخاطبون عواطف بسطاء الناس في جانب ويستثمرون حالة استشراف الناس على بعضهم البعض وتمثيل دور الحريص على دقائق شعائر الدين بينما معاملاتهم وأخلاقهم وحتى ولائهم لأمتهم وأوطانهم بَاْت في أحسن أحواله محل شك لدى كثير منهم ، وحتى نُجَلِّي الحقيقة كما نراها نقول :

أولا – ليس في الإسلام إلا عيدان يرتبطان بشعائر ثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأي احتفالات شعائرية خلافا لذلك لا تجوز ولو لبست ثوبا إسلاميا كالاحتفال برأس السنة الهجرية أو المولد النبوي أو الإسراء والمعراج ، فما بَاْلُنا باحتفالات غير المسلمين ؟

ثانيا – مشاركة الكفار شعائر أفراحهم العقائدية لا تجوز كما تقدم لكن أيضا لا تجوز إشاعة تسفيههم وشتمهم والتحريض عليهم ليس احتراما لعقائدهم الباطلة ولكن لأن ربنا سبحانه وتعالى ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرانا بالدعوة إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة وأن نكون مبشرين لا منفرين ، لذا فاختيار مناسبات الكفار قصدا كل عام لِتسفيههم إنما يحرك داخلهم نوازع التحدي والعناد من ناحية ؛ ومن ناحية ثانية فنحن المسلمون لدينا أعظم معجزة وهي قرآن تكفل ربنا بحفظه إلى يوم الدين وهو يدعونا للتفكر في آيات الله في كونه وخَلْقِه ، وأمة مَنَّ عليها ربُّها بهذا الفضل ليست بحاجة لاستخدام لغة التسفيه في مخاطبة الآخَر .

ثالثا – احتفالات الكفار برأس السنة الميلادية تحديدا ليس لها دلالة عقائدية لأن ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حسب دعاواهم إنما حدث في 25/12 أو 6/1 عند الأرثوذكس أو 19/1 عند الأرمن الأرثوذكس وليس يوم 1/1 وارِدا في رواياتهم ، وزيادة على ذلك فإن احتفالهم يوم 25/12 من كل عام رغم صبغته العقائدية بَاْت يتخذ ثوبا انحلال أخلاقي تتضايق منه حتى الأوساط المسيحية المحافظة والتي أصبحت الآن تشكو من أن ليلة الميلاد لم تعد ليلة صلوات كما كانت سابقا وأن كنائسهم قد فقدَت قدسيتها المُفترضة لدى المسيحيين ، والحقيقة أن هذا الانحلال الأخلاقي من سُكْر وعربدة وارتكاب كل ما يعِفُّ عنه إبليس من منكرات لدى أوساط كثيرة تَنتسِب للإسلام ليس هدفها مشاركة الكفار ولا إقامة شعائرهم وإنما هي صورة قبيحة لانغماس في ملذات محرمة وهو تماما ما ينطبق على ما يسمى عيد العُشاق الذي يعشق فيه الرجل كل امرأة إلا زوجته !

 

       بناء على ما تقدم فعلى الدُعاة حسب رأينا مواجهة المجتمع المسلم بحقيقة ما يقع فيه من منكرات مرجعها هو انحراف كثيرين عن ثوابت دينهم وإرثهم الأخلاقي وليست مشاركة الكفار في أعيادهم ، ولو تم التنبيش في أماكن معلومة في كل بلد إسلامي لوجدنا عشرات حفلات المجون التي يؤمها الذكران والإناث المنتسبين للإسلام من مختلف الأعمار وليس بينهم مسيحي واحد !

 

        إنها الحقيقة ؛ والحقيقة صعب تجاهلها .