الأحد، 31 يوليو 2016

وقفات في رحاب ذكرى الغزو العراقي ( ج٢ )

    بعد المقدمة التي عرضناها في مقالنا السابق هيا بنا نقف معًا في
رحاب ذكرى الغزو العراقي للكويت ...

     الوقفة الأولى – الأطماع : بعد تحرير بلادنا من الاحتلال العراقي
عاش بعض الإعلاميين والأكاديميين الكويتيين الدور أكثر من اللازم فطفقوا
يربطون الغزو العراقي بأطماع قديمة ، وأذكر أن مقرر الصف الأول المتوسط
الذي دَرَّسْتُهُ لتلاميذي مُجبرا غير مقتنع تحدث عن تحركات البارجة
العثمانية زحاف باتجاه الكويت عام 1902 م وأدرجها ضمن تاريخ الأطماع
العراقية في الكويت ؛ علما بأن الكيان السياسي للعراق كدولة لم يكون
موجودا أصلا آنذاك حتى يطمع في الكويت أو غيرها ؛ والحمد لله أنه قد تم
حذف هذا الطرح السخيف من المقرر !!!

    لم توجد أطماع عراقية في الكويت قبل تهديدات عبد الكريم قاسم ،
فالعراق كدولة اِصْطُنِعَ من قِبل الإنجليز الذين جمعوا من خلاله نفط
البصرة بنفط كركوك ؛ وجعلوه مملكة ولوا عليها رجلا حجازيا هاشميا ليكون
حلا وسطا يلملم فُسَيْفِسَاْءَ ما كانت لتجتمع لو لم تلف بعباءة هاشمية
في دولة تم إعلان قيامها يوم عيد الغدير كي يرضى السنة عن مذهب ملكها
ويرضى الشيعة عن نسبه ويوم إعلان دولته ، وكل ذلك تم برعاية الإنجليز
الذين كانوا يحمون الكويت وفق اتفاقية تمنع شيخها من إدارة شؤونها
الخارجية ، ومن تلك الشؤون ترسيم حدودها عام 1932 م وفق ترتيبات بريطانية
لم تكن مصحوبة بتهديدات عراقية ، أما قصة التحركات العثمانية باتجاه
الكويت فإنها ترتبط بأحداث يعرفها شيوخ الكويت والمطلعون على حقيقة
تاريخها تمام المعرفة ؛ ولا صلة لتلك التحركات بتهديدات قاسم أو غزو صدام
لا من بعيد ولا من قريب .

    الوقفة الثانية – الظروف الداخلية في الكويت ما قبل الغزو : حدث
الغزو العراقي في فترة الحل غير الدستوري الثاني لمجلس الأمة الكويتي
وبُعيد مطالبات ومظاهرات عرفها الكويتيون باسم دواوين الاثنين ثم استحداث
ما سُمي المجلس الوطني الذي جرت انتخاباته في 10/6/1990 م أي قبل أقل من
شهرين من الغزو العراقي ، وبعد ما قارب العشرين سنة من تلك الأحداث أطلت
علينا أبواق محسوبة على أطراف لا تحب الديمقراطية الكويتية رغم نقصانها
لتدعي أن دواوين الاثنين ومَن يقف وراءها كانت سببا مباشرا في حدوث الغزو
!

    الحقيقة أن تلك المقولة ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة مُطلقا ،
فصدام لم يحسب أبدا حسابا للوضع الداخلي الكويتي ولم يتصل بأي من
السياسيين الكويتيين وكان يعلم تماما أن أحدا منهم لن يتعاون معه باعد
احتلاله للكويت ، إضافة إلى ذلك فإن مطالبات دواوين الاثنين التي كانت من
محرمات كويت ذلك الزمان كانت في عراق صدام حسين من الموبقات المهلكات ؛
فلا يمكن تصديق فرية ارتباط تلك المطالبات بالاحتلال العراقي .

    في مقالنا القادم بإذن الله سنكمل بقية الوقفات .

السبت، 30 يوليو 2016

وقفات في رحاب ذكرى الغزو العراقي

تحل علينا يوم الثلاثاء القادم الذكرى الخامسة والعشرين لاجتياح الكويت
وغزوها من قبل النظام العراقي السابق بقرار جمع فيه الرئيس الراحل صدام
حسين بين الإجرام والرعونة السياسية والاستبداد في وقت واحد !

     شخصيا أظن أن استذكار فترة ما قُبيل الغزو أهم بالنسبة لنا من
استذكار الغزو ذاته ؛ إذ أن استذكارنا لعملية الغزو ستجعل الصورة الذهنية
لدينا محصورة في قضية بلدنا الصغير المسالم الذي طعنه جاره الغادر
والتفاف شعبنا حول شرعيته وما إلى ذلك من أمور أشبعها إعلامنا الرسمي
طرحا وعرضا حتى باتت أسطوانة مملة رغم كون محتواها حقا وليس باطلا !

     في تلك الأيام من عام 1990 م كُنا نعيش أجواء الأزمة الكويتية
العراقية والتي بدأت رسميا يوم 15/7/1990 م عندما أرسل طارق عزيز وزير
خارجية العراق آنذاك مذكرة إلى الشاذلي القليبي أمين عام جامعة الدول
العربية والتي كانت حينئذٍ تتخذ من تونس مقرا لها بدل القاهرة مقرها
الأصلي الذي انتقلت منه بعد اتفاقية السلام المصرية الصهيونية التي رفضها
العرب عام 1979 وعلقوا بسببها عضوية مصر ثم قبلوها وهرولوا جميعا باتجاه
الكيان الصهيوني سرا وعلانية ، واتهم طارق عزيز الكويت والإمارات بإغراق
سوق النفط عن طريق تجاوز حصص إنتاجهما المقررة في أوبك وساق اتهامات
متعددة للكويت تحديدا وهو ما يؤكد أن إقحام اسم الإمارات كان مجرد ذر
للرماد في العيون وأن الكويت هي المقصودة بالتهديد والوعيد ؛ لكن لأن
تهمة تجاوز حصص الإنتاج لا يمكن إلصاقها بالكويت وحدها لأن كل أعضاء
الأوبك كانوا يتجاوزونها فقد تم إقحام اسم دولة أخرى كي يكون شكل التهمة
أشيك قليلا !

     حقيقة الأمر هي أن الأزمة لم تبدأ منذ منتصف تموز عام 1990 وإنما
بلغت مداها في مؤتمر القمة العربية في بغداد أواخر شهر مايو من نفس السنة
؛ حيث وجه صدام حسين تهديدا شديد اللهجة إلى أشقاء عرب لم يسمهم ادعى
أنهم أضروا بالعراق وكانت لغته متشنجة وغير مسبوقة في القمم العربية
والتي كُنا ولا زلنا لا نهتم بمتابعتها وهو ما لم يجعل لكلام صدام أثره
في الرأي العام وقتها والذي ربما أن جُلَّ الأفراد المكونين له لم
يستمعوا إليه إلا بعد حدوث الكارثة عبر المواد المسجلة والأفلام
الوثائقية وأخيرا عبر اليوتيوب !

     الزعامات السياسية كانت تعرف حين استمعت لكلام صدام ما يعنيه
بالضبط ؛ وشخصيا أذكر أنه قد تمت زيارات متبادلة بين مسؤولين كويتيين
كبار ومسؤولين عرب منذ بداية عام 1990 م قدمت لنا وقتها في نشرات الأخبار
على أنها زيارات رسمية لتعزيز العلاقات بين الدول الشقيقة ، لكن اصطفافات
مواقف حكومات الدول العربية ما بعد كارثة 2/8/1990 م كشفت عن أمور أخرى
لا صلة لها بالعلاقات بين الدول الشقيقة !

     في رحاب ذكرى الغزو العراقي للكويت لنا وقفات سنتناولها في مقالنا
القادم إن شاء الله .

السبت، 16 يوليو 2016

مطب الفيصل ومرتزقة رجوي

    لو تأملنا اَلْفُسَيْفِسَاْء الإيرانية لوجدنا العنصر الفارسي
يسودها بغض النظر عما تشكله نسبة الفرس كقومية من سكان الدولة الإيرانية
، والفرس بشيعتهم وسنتهم بمتدينيهم وليبرالييهم كلهم يؤمنون بفارسية
الخليج العربي ، ولو أن سنيا فارسيا يصلي التراويح وفق سنة عمر بن الخطاب
رضي الله عنه حكم إيران لما تراجع عن ذلك الثابت بالنسبة للفرس ولما
انسحب من الجزر العربية المحتلة وطبعا لما انسحب من الأحواز المحتلة ولما
أعطى العرب فيها حتى حكما ذاتيا أو ساواهم في حقوق المواطَنة مع غيرهم ،
ومواجهة هؤلاء إنما تتم بترتيب بيتنا الخليجي المنخور الذي عجز عن سك
عملة موحدة وتنافست بعض دوله بشكل مخجل على كعكة مصر ما بعد الثورة حتى
اختلفت فيما بينها ؛ وهذا ما فكر فيه الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله
حين اجتمع مع شاه إيران عام 1968 م وفق مبدأ الند للند كي نفرض احترامنا
كعرب عليه ، ولو أن الظروف ساعدت الملك فيصل على استكمال مشروعه السياسي
لتغير وجه التاريخ لكن قدر الله وما شاء فعل .

    أما العنصر الثاني الذي يهمنا في مجموعة الطيف الإيراني فهم العرب
الأحوازيون والذين تعرضوا ويتعرضون لاضطهاد حكام إيران المتعاقبين رغم أن
جلهم من الإخوة الشيعة مما يؤكد أن الحسابات السياسية لصانع القرار
الإيراني لا تحترم التشيع وإنما تمتطي صهوته لتحقيق مآرب التوسع وتبرير
التدخل في شؤون الآخرين ، والعرب الأحوازيون يشعرون بأننا تخلينا عنهم
فقط لأنهم شيعة لذلك فإنهم يطمحون لقيام كيان شيعي عربي قوي في جارتهم
العراق ليستندوا عليه بل وربما لينضموا إليه ؛ لذلك فإن دهاة السياسة في
إيران وعلى رأسهم رفسنجاني أدركوا تلك الحقيقة وحينما ضعُف سلطان الخميني
واشتعل الخلاف بينه وبين منتظري أقرب مساعديه تسلم رفسنجاني زمام الأمور
عمليا إبان فترة العدوان الإيراني على العراق فتراجع عن أهم الشروط التي
كان قد وضعها الخميني لوقف ذلك العدوان أَلا وهو تنحي الرئيس العراقي
الراحل صدام حسين عن الحكم بهدف إقامة نظام سياسي في العراق على النمط
الإيراني ، وعندما احتل الأمريكان العراق حرصت إيران على التحكم بالطيف
السياسي الشيعي في العراق واخترقته عن طريق حفنة من الخونة على رأسهم
نوري المالكي بُغية منع شيعة العراق من إقامة كيان سياسي قوي وغني ومستقل
بقراره سيحظى إن قام باحترام شيعة العالم وتعاطفهم لوجود النجف وكربلاء
ضمن رقعته الجغرافية ؛ وسيكون شيعة الأحواز المحتلة أول الطامحين لمعانقة
الكيان الشيعي العربي القوي في العراق إن قام وهذا ما يخشاه دهاقنة الفرس
ولذلك حطموا التيارات السياسية الشيعية في العراق وشرذموها وتسلطوا على
الشرفاء من شيعة العراق وأبعدوهم عن المشهد السياسي !!!

    أما الطيف الثالث الذي يهمنا في إيران فهو السنة كطائفة ، والسنة في
إيران فيهم بلوش وهم الأكثر تحديا للسلطة الإيرانية ولا ترتاح لهم
السعودية لارتباط العناصر النشطة فيهم بالقاعدة وطالبان إلم يكن تنظيميا
فعلى الأقل فكريا ولذلك فإنها لم تضع ضمن حساباتها فكرة دعمهم ، وضمن
السنة في إيران أيضا  الأكراد والتركمان الذين حاربوا نظام الملالي في
بداية حكمه ؛ وفيهم الفرس وهم قلة مهمشة وبعض الأقليات الأخرى ، والطائفة
السنية في إيران لا تتمتع بأية حقوق إلى حد أن الدولة الفارسية أخلت
العاصمة طهران من مساجد السنة لكنهم لم يشكلوا أبدا طيفا واحدا يمكن
التعامل معه على أساس أنه يمثل السنة وهذا ما جعل فكرة دعمهم من السعودية
تكاد تكون مستحيلة !!!

    أما منظمة مجاهدي خلق التي أسسها مسعود رجوي بُعيد وثوب الملالي إلى
السلطة فقد اختارت مباشرة التوجه إلى التعامل مع صدام حسين والارتماء
الكامل في أحضانه حتى قبل اندلاع المواجهة العسكرية المباشرة بين طهران
وبغداد وذلك بسبب إفلاسها في الداخل الإيراني ، لذلك فإنه بعد قيام نظام
الملالي بعزل أبو الحسن بني صدر آخر رئيس شرعي لإيران رفض بني صدر
التعامل مع هؤلاء المرتزقة رغم الجرح الذي سببه له الخميني وزمرته
المستبدة لعلمه أنه سيشوه تاريخه السياسي إن تعامل مع مرتزقة رجوي .

    وبعد التقارب بين نظام الملالي ونظام صدام حسين على إثر غزو الكويت
واستسلام صدام المذل لإيران بالعودة للقبول باتفاقية الجزائر أصبح مجاهدو
خلق أسرى لدى السلطة في بغداد والتي أعطت الإيرانيين معلومات عن معسكرهم
الرئيسي في جلولاء شرق العراق ؛ فقام الطيران الإيراني بقصفه عام 1993 م
بمباركة صدام وربما عبر طائرات الجيش العراقي التي هربها بطل القادسية
لإيران أثناء حرب تحرير الكويت !!!

    انحسر بعد ذلك مجاهدو خلق وبات بقايا عناصرهم في العراق مرتهنين في
معسكر أشرف الذي أُخلي عمليا منهم ، وابتعد مسعود رجوي عن الظهور السياسي
منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي تاركا لزوجته مريم البحث عن مدخل جديد
لإعادة الروح إلى منظمته المرفوضة داخليا في إيران !!!

    هذه هي الصورة والتي كان يُفترض أن الأمير تركي الفيصل يعلمها ويعلم
أنه سيكون محط السخرية إن وضع بيضة واحدة في سلة مرتزقة مريم وأيتام
مسعود رجوي ، ولقد جعلت أبواق نظام الملالي من فكرة دعم تركي الفيصل
لامرأة تقود دولة بحجم إيران في حين أن المرأة في بلده لا تقود سيارة على
الطريق قصة للتهكم ، فهل أدرك تركي الفيصل بعد سقوط الفأس بالرأس أن
حضوره لمؤتمر مرتزقة رجوي شكل إضافة جديدة إلى سجل فشله كرجل استخبارات
وديبلوماسي سابق ؟؟؟

الاثنين، 11 يوليو 2016

لن نطبل للسعودية ولن نصفق لتركي الفيصل !

المطبلون للسياسة السعودية أمرهم عجيب وهم ينقسمون إلى صنفين ، الصنف
الأول مرتزق مستأجر وهذا صنف موجود في كل دول العالم خاصة تلك القادرة
على تمويله ؛ فلا يصح أن نلوم نظاما سياسيا دون آخر على رعاية مرتزقته
بغض النظر عن موافقتنا أو عدم موافقتنا على أسلوب استئجار المرتزقة بُغية
تمجيد النظام .


  أما الصنف الثاني فهو الذي لا يوجد إلا لدينا في شبه جزيرة العرب أي
السعودية ومحيطها ؛ وهذا الصنف اختار لنفسه طائعا أن يطبل للنظام السياسي
وَيُخَطِّئُ مجرد انتقاده ، ومفهوم النظام السياسي لدى هؤلاء يعني كل فرد
ينتمي إلى الأسرة المالكة أو الحاكمة سموها ما شئتم ؛ إذ كل ما يقوم به
أي فرد من أفراد هذه الأسرة له مبرر وهو في نظرهم يمثل رؤية ثاقبة وسياسة
متميزة ما تخرش المية كما يقول إخواننا في أرض الكنانة !!!


  كِلَاْ الصنفين لم يعجبهم ما كتبتُه عن حضور الأمير تركي الفيصل
لمؤتمر المعارضة الإيرانية ، وهُنا سأرد على بعض النقاط التي أوردوها في
اعتراضهم على ما جاء في المقال ...


  أولا – قالوا إن موقف الأمير تركي الفيصل قد أزعج الروافض
والليبراليين ، وأنا لستُ ممَن يوصفون بالروافض ؛ أما الموصوفون
بالليبرالية في السعودية والخليج العربي فكلهم مع موقف تركي الفيصل وكلهم
مقربون من السلطة الحاكمة لأن ليبراليتهم تعني فقط معاداة أي فكرة يمثلها
أي شخص ذي لحية طويلة وثوب قصير ، ومع ذلك فإن السذج من المتأسلمين
يريدون إقناع أنفسهم قسرا بأن الأسرة المالكة السعودية تتبنى خطهم وهذا
غير صحيح مطلقا ، ويكفي رعاية الدولة السعودية لمنظومة الإمبيسي وما تبثه
من قيم تتماشى مع خط مًن يوصفون بالليبرالية وهي أبعد ما تكون عن القيم
التي كان يمثلها الشيخ ابن باز أو ابن عثيمين يرحمهما الله ومَن يسير على
خطهما ونهجهما !!!


  ثانيا – قالوا بأننا لم نتكلم إلا حينما حضر الأمير تركي الفيصل مؤتمر
المعارضة الإيرانية بينما نصمت عن تدخلات نظام ملالي طهران في شؤون دول
المنطقة ، وهذا كذب صُراح يشهد به خطنا في الكتابة أمام كل مَن يتابعنا
ولسنا بحاجة إلى سَوق مبررات الدفاع عن أنفسنا أمام مَن لا يتابعنا .


  ثالثا – تدخلات نظام ملالي طهران في شؤون دول المنطقة خطيئة كبرى ؛
والخطيئة لا تبرر الخطيئة المقابِلة من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى فإن
تدخلات إيران كدولة في شؤون جيرانها العرب وأطماعها في أراضيهم لم تولد
مع وثوب الملالي إلى سدة الحكم في طهران ولن تُوْأَدَ بسقوط نظامهم
المستبد ، وإن كان هناك مدخل يمكن لنا الرد على تدخلات إيران عن طريقه
فإن ذلك المدخل يكون إما بمساندة السنة في إيران ككتلة كبيرة مضطهدة ردا
على قيام إيران بممارسة دور تزعم فيه أنها المدافع عن الشيعة في بلداننا
رغم أنهم كتلة أقل بكثير من السنة في إيران وغير مضطهدة ، وإما أن ندخل
على خط الشأن الإيراني من خلال مساندة العرب الأحوازيين الذين يحتل الفرس
أرضهم ويضطهدونهم بدوافع عنصرية مقيتة يتعامل بها الإيرانيون حتى معنا
نحن ليس من خلال الإصرار على فارسية الخليج العربي فحسب بل أيضا بمحاولة
إجبارنا نحن على تبني تلك الكذبة التي تعاقبت نظم الحكم في إيران على
الترويج لها ، وقصة شركة طيران الخليج ووكالة أنباء الخليج يعرفها الأمير
تركي الفيصل حتما ويعلم أنها حدثت في عهد الشاه وليس في عهد الملالي !!!


  تركي الفيصل لم يتبنَّ مساندة سنة إيران ولا عرب الأحواز وإنما ذهب
لحضور مؤتمر مثلت فيه العجوز الشنطاء مريم رجوي الوجه الأبرز ، فمَن هي
مريم رجوي وكيف برز اسمها وإلى أي تنظيم تنتمي ؟؟؟


  تلك أسئلة سنجيب عنها في مقالنا القادم ؛ لكن ما يمكننا قوله هُنا هو
أن مريم رجوي تتبنى فكرة فارسية الخليج وتحتقر العرب الأحوازيين وتتبنى
تسمية أرضهم المحتلة بإقليم خوزستان ، فما الذي حققه حضور الأمير تركي
الفيصل لمؤتمرها ؟؟؟

تركي الفيصل والحسابات الخائبة :

في عام 1957 م أعلنت إيران الشاهنشاهية ضم البحرين العربية إلى أراضيها
باعتبارها المحافظة رقم 14 من محافظات الدولة الفارسية !

وبعد سنوات من ذلك الإجراء الاستفزازي استُقبل شاه إيران في بعض دول
الخليج العربية استقبال الأبطال واجتمع معه مَن اجتمع من زعمائها وصولا
إلى قبول الشاه وتكرمه وتفضله على العرب بعدم احتلال البحرين لكن دون
إلغاء قرار ضمها بل ومقابل قبول العرب بالتسوية الإنجلوفارسية والتي
سُلمت بموجبها الجزر العربية الثلاث ( طنب الكبرى + طنب الصغرى + أبو
موسى ) إلى إيران التي لم يعترف شاهنشاهها البهلوي بالبحرين إلى حين
انتهى عمره الافتراضي ومقابل رضى العرب بإسقاط صفة العروبة عن شركة طيران
الخليج ووكالة أنبائه ، كما لم يقدم الشاه أي شيء للشيخ زايد يرحمه الله
حين زاره في طهران سوى 21 طلقة ترحيب مدفعية حسب البروتوكولات الدولية
!!!

وبعد وثوب الملالي للحكم في طهران بتواطؤ غربي عززت إيران سياساتها
الاستفزازية تجاه دول الخليج العربية بأكثر مما كان عليه الحال إبان حكم
الشاه ، ولسنا بحاجة إلى سرد أحداث ما بعد عام 1979 م والمستمرة حتى
يومنا هذا ؛ إذ أن تلك الأحداث باتت محفوظة ومحفورة في ذاكرة المواطن
العربي الخليجي الذي كان وما زال يطمح إلى ترتيب بيته واستثمار إمكانات
ومكانة جزيرته العربية بما يجعل لها هيبة إقليمية واحتراما عالميا ، فإذا
بالعربي المسكين على ضفاف خليجه الناطق بالضاد يُصاب بالخيبة تلو الخيبة
خاصة بعد الفشل السياسي الذريع الذي أثار شهية صدام لاجتياح الكويت ؛ ذلك
الاجتياح الذي كانت أخطر تداعياته تغول إيران في المنطقة في ظل هرولة
ملوك الطوائف العربية نحو طهران طلبا لرضاها ، فما كان من الملالي إلا أن
اقتنصوا ثمرة الغزو الأمريكي البريطاني للعراق والذي موله العرب ودعموه
لوجستيا ثم ها هي الأفعى الفارسية تلتف حول عنق جزيرتنا العربية من الشرق
والشمال والجنوب بسبب خيباتنا المتكررة والتي أتى حضور الأمير تركي
الفيصل لمؤتمر المعارضة الإيرانية ليزيد طينها بلة !!!

نفترض أن الأمير تركي الفيصل وهو رجل الاستخبارات والدبلوماسية المخضرم
يعرف تماما تلك الأحداث التي ذكرناها بالتفصيل ويعرف ما لا نعرفه نحن من
تفاصيل أحداث غيرها ؛ ونفترض أنه قد أدرك أن مشكلة العرب هي في خيبتهم لا
في قوة الطرف الفارسي ؛ ونفترض أنه يدرك خطورة لعبه بالنار حينما يدخل
على خط الشأن الإيراني بهذه الطريقة التي تثبت أن هذا الرجل لم يتعلم
شيئا من دروس خطيئته في أفغانستان عندما سار في رِكاب الأمريكان دون أن
تكون لبلده أي مصلحة في ذلك بل إنها تضررت وما زالت تتضرر نتيجة الفكر
الضال الناشئ عن كذبة الجهاد الأفغاني والتي فرخت لنا جيلا من شباب يشكل
الواحد منهم خطرا على أقرب الناس قبل أن يهدد سلامة المجتمع وأمنه !!!

نقول للأمير تركي الفيصل : أبشر فإن نظام الملالي سينهار حتما ؛ نعم
سينهار وسيسقطُه الإيرانيون بعدما سرق ثورتهم وثروتهم وبدد أحلامهم في
إقامة نظام سياسي يحترمهم ويعوضهم عما عاشوه من حيف إبان فترة حكم الشاه
، لكن ليس نظام الملالي وحده هو الذي سينهار لأنه ليس وحده الذي بدد
ثروات شعبه ؛ وليس وحده الذي دفع شباب بلده إلى المحارق باسم الجهاد إذ
لا فرق بين مَن دفع شبابه إلى محرقة سوريا بذريعة الدفاع عن مقام السيدة
زينب وذلك الذي دفعهم إلى محرقة أفغانستان باسم جهاد السوفييت الشيوعيين
الملحدين !!!

نذكر الأمير تركي الفيصل بأن حضور الأمير الحسن بن طلال ولي عهد الأردن
السابق لمؤتمر ما سُميت المعارضة العراقية صيف العام 2002 م قُبيل
العدوان الأمريكي البريطاني على العراق كان المشهد الأخير في تاريخه قبل
أن يموت وهو حي بانقطاع ذكره وأخباره نهائيا ؛ ونحن لا نتمنى لكَ يا أمير
تركي المصير نفسه ، ونختم بسؤال نظنه بريئا والله أعلم : هل تم حضورك يا
سمو الأمير لمؤتمر المعارضة الإيرانية بالتنسيق مع القيادة السياسية في
بلدكَ أم أنها خطوة اتخذتَها أنت منفردا لحاجة في نفس يعقوب ؟؟؟