الاثنين، 18 فبراير 2019

الرد القاصِم على تصريح مرزوق الغانم

        رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم قال أنه لا يتمنى مشاهدة صورة لأي مسؤول كويتي أو عربي تجمعه بمسؤول صهيوني على حد تعبيره، وقال الغانم بأن بعض القوى السياسية تجاهلت المواقف البرلمانية المشرفة كما وصفها تجاه القضية الفلسطينية وكأن القضية لا تعنيهم واستخدموا ما جرى في مؤتمر وارسو للمزايدة، الغانم أضاف أيضا بأنه سيتم استدعاء وزير الخارجية للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة لاستيضاح الأمور وأنه لا يمكن المزايدة على مواقف الكويت الثابتة تجاه القضية الفلسطينية .

        مرزوق الغانم يقصد بالمواقف البرلمانية المشرفة التي تجاهلتها بعض القوى السياسية استعراضه السمج في مؤتمر اتحاد البرلمانات الدولي في روسيا حين تعامل مع رئيس وفد الدولة العبرية بطريقة تتعارض مع بروتوكولات مثل هذه الاجتماعات حيث كان يريد حضرته من الجميع التطبيل لمسرحيته ، ونحن نقول له : " إذا كنت يا مرزوق الغانم قد تلاسنت مع ممثل وفد إسرائيل في محفل دولي فإن صدام حسين قد أرسل صواريخه باتجاه مفاعل ديمونا في فلسطين المحتلة وهو ما لا تستطيع فعله لا أنت ولا معازيبك لكن صواريخ صدام لم تنفع الفلسطينيين لأن سياساته الإجرامية الرعناء قد خربت بلده " .

        إذا كنت يا مرزوق الغانم لا تعلم فنحن سنعلمك بأن إخوانك الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يتقاضون الراتب شهريا بالشيكل الإسرائيلي ويصرفونه في المولات والمطاعم ومحلات الإلكترونيات وأن مفاد رسالتهم إلى كل العرب هو أن قضيتهم العادلة في غنى عن مزايدات مَن يخربون بلادهم ، أما ما جرى في مؤتمر وارسو يا مرزوق الغانم فهو أمر أكبر منك ومن مجلس الأمة كله فلا تضيع وقت الشيخ صباح الخالد والسيد خالد الجار الله باجتماعات هي بالضبط تصُب في خانة المزايدات التي أنكرتها حضرتك على خصومك السياسيين ، والأجدر بك متابعة مشكلة الحصى الذي كسر سيارات أهل الكويت .

        حقيقة واحدة وردت في تصريحك يا مرزوق الغانم نتفق معك عليها وهي أنه لا يمكن المزايدة على موقف الكويت الثابت إزاء القضية الفلسطينية والذي لم يهزه حتى غدر ياسر عرفات ونكرانه لجميل الكويت ولا حتى حقارة قطاع غير قليل من الفلسطينيين الذين هَلَّلُوا للغزو العراقي واحتلال بلدنا المسالم

        يا مرزوق الغانم : الظروف هي التي ساقتك لتتقلد منصبا سياسيا وإلا فإنك لست رجل سياسة ؛ وعموما هذا لا يعيبك لكن إذا سألت السياسيين فسيقولون لك أن حسابات معطيات غزو الكويت من قبل جار الشمال ثم حرب تحريرها من احتلال جيشه الباغي إضافة إلى التهديدات الإيرانية لبلدنا قبل ذلك الغزو وبعده كانت تقتضي مشاركة كويتية في مؤتمر وارسو على أعلى مستوى ، ومع ذلك فقد         راعت حكومة الكويت شعور الصادقين وحتى شعارات المُزَاْيِدِيْن فكانت البلد الخليجي الوحيد الذي مَثَّلَه في مؤتمر وارسو نائب وزير الخارجية ، وإذا كان ذلك لا يقنعك وتريد إضاعة وقت وزير الخارجية ونائبه فَيَاْ ليتك ترحل أنت ومجلسك قبل استدعاء الوزير .

الجمعة، 15 فبراير 2019

مؤتمر وَاْرْسُو وفضيحة الإخوان في الكويت

        استضافت وَاْرْسُو عاصمة بولندا بملاءة أمريكية مؤتمرا جمع العرب والصهاينة في آن واحد ، أسبغ الأمريكان رعاة المؤتمر ومنظموه عليه عنوانا نعلم أنه مزور وهو ( أمن وسلام الشرق الأوسط ) ، وقد أخذ رعاة المؤتمر والمستفيد الأول منه وهو نتانياهو رئيس الحكومة الصهيونية يتحدثون عن الخطر الإيراني والذي هو بكل أسف خطر حقيقي وضرورة توحد جهود دول المنطقة لمواجهته ؛ بينما تصرفات الأمريكان بالتنسيق مع الصهاينة والرُوس على الأرض كلها تصُب في مصلحة العدو الفارسي لكن على حساب العرب وحدهم دون غيرهم !

        شاركت عشر دول عربية عبر ممثليها بمستويات مختلفة في المؤتمر وكانت الكويت ضمن تلك الدول ، ولا عجب في ذلك فقد تسببت جريمة الغزو العراقي للكويت والتي صفق لها التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في ارتهان القرار السياسي الكويتي بالكامل للأمريكان وهو ما عَبَّر عنه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله حينما كان وزيرا للخارجية حيث أجاب على سؤال لمذيع البيبيسي حسن معوض في ديسمبر عام 2002 حول تجمع القوات الأمريكية على أرض الكويت استعدادا للعدوان على العراق حيث قال سموه بكل ألم : " وهل أستطيع أن أقول لا ؟ " ، هذا يعني أن كل ما جرى على إثر غزو العراق للكويت كَثمن لتحريرها من نير احتلال جيشه الباغي كان ولا يزال حالة اضطرارية لم يكن للكويتيين قيادة وشعبا خيار غيرها سوى القبول بضم صدام حسين بلدهم إلى العراق ومبايعة القائد المُلهَم المنصور بالله والمؤيَّد بِخُطَب أحمد نوفل وعبد المنعم أبو زَنَط رئيسا لهم ويغنون له : " سيدي إشقَد أنت رائع " !

        طبعا أجمع الكويتيون أو هكذا كان يبدو على رفض احتلال بلادهم والعمل على تحريرها عبر معونة أي طرف كان وتجديد البيعة للقيادة الشرعية ممثلة في الأمير وولي عهده وأسرة الحكم فتمت على إثر ذلك عملية عاصفة الصحراء التي حَمِدَ خطباء الإخوان في الكويت فقط الله على نتيجتها وهي عودتهم إلى بلادهم ووظائفهم ومرَتَّباتهم وبيوتهم إلى آخره حتى بثت قناة سكوب  لقاء مع الشيخ سعود ناصر الصباح سفير الكويت لدى أمريكا في تلك الفترة ليتحدث عن أن بعض منتسبي تيار الإخوان الكويتيين كانت لهم جهود في الداخل الأمريكي تهدف إلى تعطيل قرار شن الحرب وإيصال صورة للكونغرِس مفادها أن الكويتيين لا يحبذون وجود قوات أجنبية في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية ، ولقد صدمَتْنا الأسماء التي ذكرها الشيخ سعود يرحمه الله إلى حد عدم تصديق كلامه !

        بالأمس وعلى خلفية مؤتمر وَاْرْسُو رأينا تغريدات أساطين تيار الإخوان ومَن تأخوَن من منسوبي ما يسمى التجمع السلفي وهي تستنكر مشاركة الكويت ودوَل الخليج العربية في المؤتمر بسبب مشاركة إسرائيل نتانياهو فيه كما ورد في خطابهم المُعلَن ؛ كما أصدرت ما تسمى الحركة الدستورية الإسلامية وهي الواجهة السياسية للإخوان في الكويت بيانا يحمل ذات المعنى ، بَيْدَ أن كل تلك الأطراف لم تستنكر التعاون العسكري التركي مع ما يُسمونه الكيان الصهيوني بل ووصف أحد أبواقهم تركيا بأنها النجس الذي بدأ يتطهر بينما حكومات الدول العربية المناهضة للإخوان هي الطاهر الذي بدأ يتنجس !

        الوقائع التي عشناها تحكي حقيقة أن مَن دعا لمحاربة القوات الأمريكية في السعودية بحجة أنها تُمثل راية كُفْر لا يجوز رفعها في جزيرة العرب سَكَتُوْا عن تشييد قاعدة العديد في قطر وهي جزء عزيز من شبه جزيرة العرب فقط لأن التنظيم العالمي للإخوان جمعته بحكومة الدوحة علاقة هو المستفيد منها وليست قطر وشعبها طبعا ، لذلك فإن زيارة الوفود الصهيونية للدوحة ولقاءات مسؤولي حكومتها بالمسؤولين الصهاينة لرعاية وضع مِيْليشيا حماس الإرهابية حلال بل قد يكون من أعظم القربات لله تعالى الله عما يصفون علوًّا كبيرا ؛ وتنسيق تركيا أرْدوغان مع الصهاينة ومع الفرس على حساب العرب من أهل السنة والجماعة لا شيء فيه لأنه من مقتضيات السياسة ، بينما تواجد ممثلين عن دول عربية مناهضة للإخوان في اجتماع دولي يضم إسرائيل هو جريمة مستنكرة ليس لأن المسؤولين العرب تواجدوا مع الإسرائيليين لكن فقط لأن العنوان السياسي للمؤتمر هو في غير المصلحة التي جمعت تنظيم الإخوان الإرهابي بالترك والفرس على حد سواء ، فلو أخذنا باستنكار وجود المسؤولين العرب والإسرائيليين في موضع واحد فعلينا مطالبة الدول العربية بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية لأن إسرائيل متواجدة فيها ككيان دولة معترف به عالميا !

        لقد أسقطت بيانات وتغريدات الإخوان والمتَأَخْوِنِين الكويتيين ما تبقى من أوراق التُوت عن مواقفهم المخزية ، فهم يقبلون التحالف والتخادُم مع العدو الفارسي الذي كانت الكويت أول هدف لتهديداته حتى قبل وثوب الدجال خميني وزمرته المجرمة للسلطة في طهران بينما يستنكرون مشاركة حكومتهم وفق استحقاقات فرضتها ضرورات السياسة في مؤتمر يرفع راية مواجهة الخطر الإيراني الذي نال بلادنا منه الشيء الكثير والخطير ويتناسون أن الكويت ورغم صعوبة موقفها ما تزال أكثر الدول العربية مماطلة في التجاوب مع مطالب الأمريكان في التطبيع مع إسرائيل التي كان موقفها إبان حرب تحرير الكويت أشرف ألف مرة من موقف 95% من تيارات الإسلام السياسي التي ساندت احتلال الكويت واحتجت على حرب تحريرها بينما لم ترد إسرائيل على صواريخ صدام البلاستيكية التي أرسلها لفلسطين المحتلة بُغية خلط الأوراق لإحراج العرب المشاركين في حرب التحرير ، فهل يمكننا بعد اليوم الوثوق بالإخوان والمتَأَخْوِنِين الكويتيين حين يدَّعون الإخلاص للوطن ؟