في مقطع فيديو متداول سمعتُه للشيخ عثمان الخميس ورد على لسانه أن أحدهم هاتَفَه وقال له : " أنا أريد تطليق زوجتي " ، فسألتُه والكلام للشيخ عثمان : لماذا تريد تطليقها ؟ ، فرد المتصل على الشيخ عثمان قائلا : " لأنها كانت تكلمني قبل الزواج ولا أضْمَن أنها لن تكلم غيري بعد زواجي منها " !
كانت ردة فعل الشيخ عثمان حادة كما هو متوقع لكنها لم تكن متوازنة ولا عادلة ، فقد بدأ الشيخ تعليقه على الموضوع بكلام صحيح مفاده أنه لا يجوز للرجل إقامة علاقة مع امرأة أجنبية عنه كما أن الرجال الذين يقيمون علاقات مع النساء لا يرضى الواحد منهم لأخته إقامة علاقة مع رجل أجنبي فكيف يقبل لبنات الناس ما لا يرضاه لأخته ؟
إلى هُنا والكلام سليم لا غبار عليه ، لكن الشيخ عثمان سامحه الله أردف قائلا : " من الطبيعي أن التي أقامت العلاقة مع رجل أجنبي قبل الزواج ستكلم غيره بعد أن يتزوجها إذا دخل حياتها رجل آخر وأسمعها كلام الرومنسية ، وعلى الرجل البحث عن العفيفة النظيفة " !
لقد جانب الشيخ عثمان الخميس الصواب في تعليقه على مكالمته مع مَن طلب مَشُورَتَه ذلك لأن الرجل الذي اتصل بالشيخ عثمان كان قد أتم النكاح وتزوج صاحبته التي كان يكلمها عبر الهاتف ؛ ولو لم يتزوجها بعد لَكُنَّا فهمنا القصة رغم رَفْضِنا للمبدأ وهي أن الشباب الطائش يغازل البنات الطائشات بُغية التسلية لكنهم لا يقبلون الزواج بمَن أقامت معهم العلاقات ، لكن في حالة الشخص الذي استشار الشيخ عثمان تختلف الحالة فقد تزوج طرفَي العلاقة بعقد نكاح صحيح لا تشوبه شائبة ؛ فكان ينبغي على الشيخ عثمان استحضار حقيقة أن الخطَأ في العلاقة المحرمة قبل الزواج مشترك بين طرفَي العلاقة وأَن صفة عدم العفَّة والنظافة تلحق بالرجل الذي ارتضى لنفسه الأمَّارة بالسوء إقامة هذه العلاقة وليس بالمرأة فقط ، وعليه فإن ما كان يجب على الشيخ عثمان الخميس أن يقوله لمَن استَشارَه ما يلي :
1 – ما كان من علاقة بينكَ وبين زوجَتِك قبل عقد النكاح معصية خطيرة وتعدٍ لحدود الله سبحانه الذي قال في سورة الإسراء : " وَلَاْ تَقْرَبُوْ اَلزِّنَىْ إِنَّهُ كَاْنَ فَاْحِشَةً وَسَاْءَ سَبِيْلًا " ، وعلاقة الرجل بامرأة أجنبية عنه أو المرأة برجل أجنبي عنها ولو كانت مجرد كلام بالهاتف تعتبر مقاربة للزنى وينبغي على مَن وقع في هذا الإثم العظيم التوبة إلى الباري عز وَجَل وتحقيق شروط التوبة وهي ترك الذنب والندم عليه والعزم على عدم العَودة إليه ، فإن حَسُنَت التوبة فإنها تجُبُّ ما قبلها والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له وهذا مِن فضل الله ورحمته بعباده .
2 – ما دام الزواج قد تم فإنه لا ينبغي للرجل تطليق زوجته بمثل هذه الحجة فمَن كان يكلمها قبل الزواج هو نفسه ولو أخذنا بهذه الحجة فالمرأة أيضا لها أن ترفع للقضاء دعوى بطلب الطلاق خشية أن يكلم زوجها غيرها من النساء بعد الزواج مثلما كان يكلمها هي قبل زواجها به ، فالصحيح هو أَلَّاْ يُطَلِّقَ الرجل في الحالة التي رواها الشيخ عثمان زوجته وإنما على الزوجين التوبة النصوح إلى الله تعالى وعليهما الإكثار من الاستغفار والطاعات بكل أشكالها والمحافظة على بَيتهما من خلال التمَسُّك بالتوبة وتنشئة ذريتهما على الخير والصلاح .
هكذا كان يجب أن يرد الشيخ عثمان على طالب المَشُورة منه ، لكن مع الأسف في كثير من الأحيان عندما تكون المرأة هي عنوان القصة تغلب الثقافة الذكورية على الرَصانة العلمية ؛ فسامحكَ الله يا عثمان الخميس .