الأحد، 17 يناير 2016

غياب نواب الشيعة بين الظاهر والباطن

       تداعيات قضية خلية العبدلي منذ القبض على المتهمين وحتى صدور الأحكام كشفت الجزء المتبقي من دعاوى الوحدة الوطنية التي حاول الإعلام المحلي في الكويت الترويج لها بينما  الممارسات على الأرض تسير عكس ما هو معلن ، وقد أثبتت تداعيات تلك القضية وما ثار من جدل وما تم تسجيله من مواقف على إثرها صحة ما قلناه بعد التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق من أن المواقف العاطفية المعزولة وإن صدقت نيات أصحابها لا يمكنها أن تبني لحمة وطن ولا يمكنها المحافظة على نسيج مجتمع .


       غياب النواب الشيعة عن جلسة البرلمان الكويتي يوم الأربعاء الماضي وبعد يوم من صدور الأحكام في قضية خلية العبدلي كان فضيحة يصعب معالجة آثارها ، فذلك الموقف قُدِّمَ للناس على أنه احتجاج على أحكام قضاء لطالما دافع عنه النواب المتغيبون حين صدرت أحكامه ضد خصومهم السياسيين ولطالما شكك في نزاهته بالأمس مَن يصفق له اليوم وهو ما يعني أن السياسيين الكويتيين وجمهرتهم قد انقسموا إلى فريقين كل منهما يريد تجيير المؤسسة القضائية وأحكامها لصالحه ، والسبب هو سياسة السلطة الحاكمة التي اعتمدت على تبديل التحالفات حسب الظروف السياسية ولم يكن بناء مؤسسات الدولة ومجتمعها على أساس المصلحة الوطنية ضمن حساباتها التي لا تراعي فقط إلا مصالح الشيوخ والتجار الذين أدى تفجر صراعاتهم إلى تشظي المجتمع وفق الاصطفافات الفئوية والطائفية والقبلية !!!


       حقيقة الأمر أن غياب النواب الشيعة لم يكن احتجاجا على الأحكام كما أُريدَ للصورة أن تبدو إعلاميا ؛ لكن سبب غيابهم هو أن البرلمان أدرج ضمن جدول أعماله مناقشة الشؤون الإقليمية وهو إجراء رسمي اعتيادي إلا أنه في هذه الظروف فقد صفته البروتوكولية الرسمية بسبب تصاعد الأزمة بين السعودية وإيران ، وقد اعتاد مجلس الأمة الكويتي على اتخاذ موقف جماعي حين تكون السعودية طرفا في أي قضية نقاش أو اتفاقية سياسية مثلما حدث في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والسعودية عام 2001 التي وافق عليها النواب جميعا في جلسة احتفال لا نقاش ، في الظروف السياسية التي تشهدها المنطقة لا يمكن للنواب الشيعة في البرلمان الكويتي الموافقة على بيان ينص على مساندة المملكة العربية السعودية في ما تتخذه من إجراءات حفاظا على أمنها لأن موافقتهم على مثل هكذا بيان سينسف صورتهم أمام قواعدهم الانتخابية المتعاطفة مع إيران ، فلو أن هؤلاء النواب حضروا لاضطروا إلى تمثيل مشاهد استعراضية تشمل هجوما حادا على السعودية والتي اختلف مزاجها السياسي بحيث لا يتحمل صدور مثل ذلك الهجوم في قاعة البرلمان الكويتي ، ولأن الحكومة الكويتية تعلم ذلك فقد تفاهمت مع النواب على حل وسط يتمثل في غيابهم عن الجلسة بحيث لا يكونون مضطرين لتسجيل أي موقف وإلصاق هذا الغياب بالأحكام مهما كان الجدل الذي سينتج عن موقفهم فهو جدل تراهن حكومة الكويت على أن الساحة السياسية المحلية قد اعتادت عليه !!!


       الأحكام ستستأنف وبإمكان النواب الشيعة الحديث عن تأثير الإعلام على القضاء والإعراب عن الأمل في صدور أحكام مغايرة من محكمة الاستئناف بدل التغيب وإشاعة احتمالية الاستقالة الجماعية والتي لن تحدث ، لكن الحكومة الكويتية تشعر بأنها في ورطة حقيقية بين المطرقة الإيرانية والسندان السعودي وتحاول الهروب من مواجهة الكارثة المتمثلة في أن الكويت ستكون الساحة القادمة للعبة شد الحبل بين إيران والسعودية بلباس طائفي مقيت !!!