السبت، 28 يونيو 2014

كل عام وأنتم بخير ولكن :


كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أحرص وأدوم ، والله أسأل أن يتقبل منكم جميعا الصيام والقيام وصالح الأعمال في شهر رمضان المبارك . مع قدوم هذا الشهر الكريم وفي ظل توافر ما يُدعى أنها وسائل تواصل اجتماعي بمختلف مسمياتها بين أيدينا جميعا كبارا وصغارا * رجالا ونساء * أصحاب شهادات عُليا وأصحاب شهادات دُنيا ؛ في ظل هذا الجو تنتشر بيننا رسائل تحتوي على الكلام الطيب من ذكر لله وتذكير به ودعوة إلى الخير والنصح بفعله ، وهذا في ظاهره أمر طيب ويوحي بأن مجتمعنا قد تعدى بفضائله وأخلاقياته مجتمع مدينة أفلاطون الفاضلة بمراحل بل وبات ينافس بإيمانه وصدقه مجتمع المدينة المنورة أيام الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم !!! نتساءل ونحن نتبادل فيما بيننا تلك الرسائل الرائعة : لماذا إذًا ما دُمنا على هذه الدرجة من الخُلق الرفيع والدرجة الإيمانية العالية نعيش في مجتمعنا التخلف والتفكك وتردي الأداء على المستوى الشخصي وعلى مستوى المؤسسات والجمعيات والحكومات ؟؟؟ مجتمع يحمل كل تلك القيم الرفيعة التي تحويها رسائل التهاني بالشهر الفضيل عبر الواتساب أو منشورات التايملاين في الفيس بوك والتويتر يُفترض ألا تكون فيه الرشوة والكذب والانحراف الأخلاقي والتسيب والواسطة إلخ ظواهر خطيرة تنخر في كيان المجتمع وتهدده باستمرار !!! هناك فرق كبير بين ما نقول وما نفعل ، والله سبحانه قال : " كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اَللَّهِ أَنْ تَقُوْلُوْا مَاْ لَاْ تَفْعَلُوْنَ " . هذا يعني بكل بساطة أن كثيرا مما نتبادله بيننا في رمضان وهو من أعظم مواسم القربات لا يعدو كونه حملة علاقات عامة ترمي فقط إلى تجميل الصورة الظاهرية بُغية إخفاء المكنون الحقيقي ؛ وهذا هو النفاق بعينه ويمثل أخطر أشكال البُعد عن المعاني النبيلة لصيام رمضان والذي ليس في حقيقته مجرد امتناع عن المفطرات الحسية وإنما يُفترض فيه أن يكون تطهيرا للنفوس وغسيلا سنويا للقلوب ثم تظهر نتيجة ذلك على السلوك وبعدها يوقع اللسان أو القلم على ما تم كي يتماشى معه لا أن يناقضه ، وما لم يحصل ذلك فسيمر علينا رمضان تلوَ رمضان ونتبادل نفس الرسائل مع حلوله كل سنة وننشر نفس المواعظ لكن دون أن نعالج سلبيات مجتمعنا التي صنعناها بأيدينا بل ربما نعمقها أكثر فأكثر !!! ألهمنا الله وإياكم الصواب في العمل والقول ووفقنا إلى عبادته على الوجه الذي يرضيه عنا .