الاثنين، 31 أغسطس 2015

زواج سفري وعلاقة Take Away !

       مقدما أُنوه إلى أنني في خاطرتي هذه سأتناول موضوعا حساسا وأدخل
مناطق محظورة بطرح ربما يرى فيه البعض قلة أدب ، لذا فإن مَن لا يروق له
ما سأكتبه يمكنه حذف رسالتي من الواتساب أو يُلغي متابعتي من تويتر
وفيسبوك ؛ بل يمكنه القيام بحظر رقمي على الواتساب إذ لا يحق لي فرض
أفكاري وأسلوبي على أحد مثلما أنه لا يحق لأحد فرض أسلوبه وأفكاره علي ؛
فليس المطلوب أن نتفق أو يجامل أي منا الآخر لكن المطلوب في الحد الأدنى
هو ألا يتعمد أي منا الإساءة الشخصية لغيره ، فما زاد بعد ذلك فهو خير
على خير .

       قبل سنوات كنتُ أشارك في برنامج إذاعي اسمه ( الفراغ العاطفي )
تقدمه الدكتورة مريم باقر ، وكان ضمن القضايا التي تناولتها الدكتورة
مريم تنامي ظاهرة الانعزال الاختياري بين الزوجين في المبيت إذ ذكرت
الدكتورة أن بعض الإحصائيات تحدثت عما نسبته 65% من الأزواج والزوجات في
العالم العربي اختاروا طوعا أن يبات كل منهم في غرفة منفصلة عن الآخر رغم
استمرار العلاقة الزوجية بينهما بكافة أبعادها !

       طبعا لم يكن بإمكان الدكتورة مريم الحديث عن هذا الموضوع في
العمق لكونها تتحدث عبر وسيلة إعلامية حكومية ؛ لكنها تكلمت عن دور دخول
التلفزيون إلى غرف نومنا كجزء أساسي من مكوناتها وكيف أن اختلاف الأمزجة
ما بين الشغف بالمباريات أو حب الأفلام أو متابعة الأخبار قبل النوم جعل
انفصال الزوجين في المبيت أمرا حتميا ، وانتقدت الدكتورة مريم دخول
التلفزيون إلى غرفة النوم من حيث الأصل لكل الناس متزوجين كانوا أم عزابا
لما لذلك من آثار ضارة على التركيز ولما يتسبب فيه من اضطراب النوم
ناهيكم عن المخاطر المحتملة لإشعاعات إضاءة التلفزيون في الغرفة المغلقة
وفقدان الإنسان لحالة الاسترخاء المطلوبة وقت نومه .

       شخصيا ذكر لي أحد المهندسين المعماريين أنه لاحظ في مكتبه عدة
حالات لأزواج وزوجات يأتون للتشارك في تخطيط بيت العمر ويضعون ضمن قائمة
الطلبات ( غرفة ماستر للزوج وغرفة ماستر للزوجة ) مما يعني أن الانعزال
في المبيت تم طوعًا وأن الزوجين اللذَين اتخذا تلك الخطوة قد اختارا
علاقة زواج شكلي لا مودة فيها ولا رحمة وإنما هيكل بناء أسرة أمام الناس
مكونة من زوج وزوجة وذرية نتجت عن علاقة جنسية لا صِلة زوجية !!!

       مبيت الزوجين معًا في غرفة واحدة دون منغصات إلكترونية أو ملهيات
درامية هو أكبر من مجرد توارٍ خلف الأبواب لممارسة الجنس ؛ فذلك التواري
يمكن حدوثه حتى في العلاقات المحرمة بل وفي الممارسة الذاتية التي تسمى
مجازًا ( العادة السرية ) ، فالزواج هو صِلة مقدسة مبنية على المودة
والرحمة والتلاقي الجنسي حين يحدث فيها إنما يكون ترجمة لحالة من الرضى
المتبادل بين الزوجين دفع كل منهما للتقرب من الآخر ، لذلك فإننا نلاحظ
ذوي النفسيات المتزنة والقلوب الصافية من الأزواج المسنين والزوجات
المسنات يحرص الواحد منهم على وجود شريكه بجانبه على الفراش رغم أن
الممارسة الجنسية بمعناها الحسي المجرد مفقودة ؛ لكن حالة الرضى والتناغم
العاطفي بين الزوجين تنامت مع مرور السنين فلم تهتز بضمور الغدد المسؤولة
عن الإثارة الجنسية .

       ما يحدث في العلاقة الجنسية بين الزوجين اللذَين اختارَا طوعًا
الانعزال في المبيت هو أنهما قد فَصَلَاْ تلك العلاقة عن حالة التناغم
العاطفي المفترضة وربطاها فقط بغريزة حسية تحركها فكرة خطرت على البال أو
ربما يُثيرها ضرب من الخيال ، فالشريكان في هذه الحالة يمارسان ما يمكنني
شخصيا اعتباره ( جنس سفري ) يشبه وجبات Take Away التي نأخذها من المطعم
لنأكلها على السريع ، وهذا النوع من العلاقات وإن حدث ضمن إطار زواج رسمي
إلا أنه لا يمنح القرب بين الزوجين صفة القداسة ؛ فذلك القرب يتم تحت
الطلب في وقت محدود ولهدف حسي مجرد ؛ وما دام أن ذلك الهدف الحسي المجرد
قد انفصل عن الحالة العاطفية المفترضة فلن يكون هناك فرق بين تحقيقه في
علاقة  زوجية يسبح كل واحد من طرفيها في فلك بعيد عن الآخر أو في لقاء
جنسي بين ذكر وأنثى خارج إطار الزواج ، وأنا هُنا أتحدث عن اتجاه نفسي لا
عن حكم شرعي حتى لا أُفهم خطأً .

       ختاما أقول : حتى أنا رغم صراحتي لم أذكر كل شيء عن هذا الموضوع
الحساس ؛ لكن الحقيقة هي أن الزواج بدأ يفقد صفة الرباط المقدس وبات من
السهل على طرفي العلاقة نسفه لأتفه الأسباب ، كما أن كثيرا من الأزواج
والزوجات أصبحوا قدوات سيئة لنتاج علاقتهما من الأولاد والبنات ،
والانعزال الطوعي بين الزوجين في المبيت أحد أخطر أسباب تنامي هذا الورم
الصرطاني في مجتمعنا .

الخميس، 27 أغسطس 2015

شكرا من الأعماق لزبالة لبنان وفساد العراق !

       في الثاني من نوفمبر عام 1917 م أصدرت بريطانيا ممثلة بوزير
خارجيتها الهالك بلفور وعدها المشؤوم للصهاينة والقاضي بمنحهم ما
اِدُّعِيَ أنه وطن قومي لليهود في فلسطين ، وكان هذا الوعد هو أقبح وعد
في تاريخ البشرية إذ كان منحة ممَن لا يملك لمَن لا يستحق ؛ لكنه منطق
القوة والغطرسة !

       أعطى الإنجليز وعدهم المشؤوم للصهاينة وليس لليهود ؛ فاليهود
كانوا قبل ذلك الوعد جزءً أصيلا من ديمغرافيا الشرق الأوسط ، وقبل قيام
الكيان الصهيوني كان اليهودي في كل أرجاء المنطقة آمنًا على نفسه وماله
وعرضه ولم يكن أحد يفكر بقتله لمجرد كونه يهوديا ، ولأن مبررات اصطناع
الكيان الصهيوني لم تكن أخلاقية بالمرة فقد رُبِطَ قيام ما تسمى دولة
إسرائيل بفكرة يهودية الدولة ( الدولة الدينية ) ، ولقد كانت وما تزال
رعاية الغرب بقيادة أمريكا للكيان الصهيوني القائم على مبدأ الدولة
الدينية يمثل أحط مظاهر تناقض الغرب الذي يدعي العلمانية والمدنية بينما
يرعى بكل إمكاناته ما تسمى دولة إسرائيل ويطالب العالم كله بالإقرار
بيهوديتها !

       فكرة الدولة الدينية لم تكن مقنعة لأحد من أهل الشرق الأوسط بما
في ذلك اليهود أنفسهم ، لذا فقد عمد الغرب إلى نشر الطائفية المقيتة عمدا
في منطقتنا المنكوبة باستعماره القديم والجديد ، وكانت أولى النقاط
الضعيفة في تاريخ العرب المعاصر هي لبنان والتي ابتدع الفرنسيون لها أبشع
دستور في العالم هذا إن جاز لنا اعتبار الترتيبات السياسية في لبنان
دستورا أصلا !

       وُزعت المناصب العُليا في لبنان على أساس طائفي مقيت وتم رعاية
مجموعة عوائل من كل طائفة حتى تكون تلك الأسر الواجهة التي يجري عن
طريقها تصوير الشعب اللبناني وكأنه كله قابل بهذه الترتيبات ، فكانت
النتيجة الطبيعية لما يسمى الدستور اللبناني هي انقسام اللبنانيين إلى حد
الاقتتال الذي رعته رموز الأسر الأرستقراطية الذين أصبحوا أمراء حرب ؛
فتحول ما قالت عنه فيروز أنه بلد العيد إلى ساحة للتنافس القذر بين القوى
الإقليمية الكبرى برعاية القوى الدولية الكبرى وصولا بالحالة اللبنانية
إلى عجز كيانها السياسي عن انتخاب رئيس له فقط لأن إيران والسعودية
باتتَا على شَفَا تصادم مباشر بعد سنوات طويلة من حرب الوكالة التي
أدارها حكام الرياض وطهران عبر الشرق الأوسط ، فهذه هي الطائفية السياسية
وهذه هي نتيجتها !

       ومع محاولات متفرقة هنا وهُناك عمدت الأصابع الاستخباراتية
القذرة من خلالها إلى تأجيج المشاعر الطائفية برزت للأمريكان نقطة تحدٍ
قوية ضد مشروعها لنشر النفس الطائفي في المنطقة وأعني بها العراق ؛ ذلك
البلد الذي كان إلى وقت قريب يمثل أنصع صور التسامح في المنطقة خاصة بين
الشيعة والسنة والذين لم ينصهروا مع بعضهم في أي بقعة كما حدث في العراق
الذي نُكِبَ بحكم العصابات التي كان أبرز رموزها صدام حسين حيث أتاحت
تصرفاته للأمريكان وحلفائهم الإنجليز تبرير عدوانهم الغاشم على ذلك البلد
عام 2003 م حيث تم غزوه واحتلاله خارج إطار الشرعية الدولية !

       فرض الاحتلال الأمريكي بقيادة بريمر ومعاونة المرتزقة من
العراقيين على شعب العراق نظاما سياسيا طائفيا يشبه تماما ما فرضه
الفرنسيون في لبنان بذريعة أن هذه هي رغبة العراقيين وهذا هو التوزيع
العادل لحصص النفوذ السياسي بين مكوناته ، وبالتوازي مع ذلك فتح
الأمريكان باب العراق عمدا لعُتاة الإرهابيين الذين لم يكن أي منهم يتجرأ
على تعدي خطوط حدوده قبل عدوان عام 2003 م رغم أن النظم السياسية
المتعاقبة على حكم العراق لم تكن تملك عُشر إمكانات المراقبة والضبط التي
يمتلكها الأمريكان مما يؤكد سوء نية المحتلين وتقصدهم نشر الطائفية ،
فوقعت الأحداث التي لا تخفى على أحد وصولا اليوم إلى التهديد الصريح
بتقسيم العراق على أساس طائفي وربط ذلك أيضا بتقسيم سوريا على ذات الأساس
مما يعني إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة لن تكون بالتأكيد مقتصرة على
الهلال الذي كان خصيبا في ظل ترهل أنظمة الحكم في دول محيطة بالبلدين وهو
ما ينذر بقرب سقوط تلك الدول وبالتالي الانتقال من مرحلة سايكس بيكو 1
إلى مرحلة سايكس بيكو 2 !

       في وسط هذه الظُلمة الحالكة أُضيءت شمعتا أمل في بقعتين لم
يتوقعهما المخططون الاستراتيجيون في البيت الأسود وغيره ، هاتان
البُقعتان هُما بيروت وبغداد اللتين كانتا أكثر العواصم أنينًا من نيران
الكراهية الطائفية ؛ فقد وحدت الزبالة اللبنانية والفساد العراقي صفوف
الشعبين ليخرجا إلى شوارع بغداد وبيروت في وقت واحد ويُحملان الطائفية
السياسية وزر انتشار الفساد وتراكم الزبالة !

       " طلعت ريحتكم " هو الوسم الذي تداوله اللبنانيون عبر تويتر ليس
من باب إدانة شركات النظافة وإنما ثورة على الطائفية السياسية التي تأكد
اللبنانيون أنها سبب علتهم ، أما في العراق فقد أسقط البغداديون كذبة
اللئيم بريمر حين ادعى أن الطائفية السياسية هي ما يريده العراقيون ؛ فها
هم أبناء العراق وبناته يخرجون صفا واحدا ليحملوا ذلك النفس الطائفي الذي
أتى به المحتل مسؤولية ما وصلت إليه بلادهم ومطالبين بنظام سياسي مدني لا
مكان فيه للمحاصصة الطائفية .

       اليوم تسقط على أرض العراق ولبنان المبررات التي سعى الغرب إلى
تسويق فكرة الدولة الدينية الصهيونية على أساسها ذلك لأن المطالبات
بالدولة المدنية التي تصدح بها حناجر الأحرار في بيروت وبغداد هي مطلب كل
بسطاء الناس في الشرق الأوسط بمَن فيهم اليهود أنفسهم والذين فقدوا
الأمان مع إعلان قيام الدولة العبرية في 15/5/1948 م .

       شكرا من الأعماق لزبالة لبنان وفساد العراق الذَين بعثَا الأمل
في نفوسنا لإمكانية تصحيح أوضاع المنطقة ومعالجة مخلفات الزبالة
الاستعمارية بشكليها القديم والجديد .

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

شكرا سعد العجمي

       قبل سنة من الآن كتبنا مقالا اعترضنا فيه على سحب الجنسية من
المواطنين كأسلوب عقابي وبينا أنه لا توجد في قانون الجزاء الكويتي عقوبة
تُدعى ( سحب الجنسية ) وإنما هناك عقوبات تبدأ من الغرامة وتنتهي
بالإعدام حسب نوع الجرم ، كما أن القضاء بدرجاته المتتالية يجب أن يأخذ
مجراه مع توفير الفرصة الكاملة لكل متهم كي يدافع عن نفسه مقابل منح
الادعاء كامل الحق في بيان ما يثبت وقوع الجرم .

       هكذا ببساطة هو السلوك المتمدن لأي مجتمع متحضر وهذا هو ما كفله
دستورنا ، أما ما تم بحق المواطن سليمان أبو غيث والمواطن ياسر الحبيب
والمواطن عبد الله البرغش والمواطن أحمد الجبر والمواطن نبيل العوضي
والمواطن سعد العجمي وكل مَن سُحِبَتْ منهم الجنسية الكويتية وفق حسابات
تصفيات الخصوم فإنها كانت تعسفا وخرقا فاضحا للدستور والقانون بدأته
السلطة عام 2001 م وبدل أن يعترض عليه الشعب أصبح يرقص على أنغام
المعزوفة الحزينة التي ذبحت في كل كويتي شريف الأمل في أن يفتخر بدولة
القانون والمؤسسات المتفردة على مستوى المحيط الإقليمي ، فأصبح كل قطاع
من الشعب يستغل كل زوبعة تحدث للمطالبة بسحب جنسية مَن يختلف معه إما
بالتصريح أو بمكافأة النواب الذين يتصدرون هذا المشهد القبيح من خلال
إعادة انتخابهم مما يعني القبول بأفعالهم !!!

       في وسط هذه الظلمة حالكة السواد أضاء المواطن المنفي سعد العجمي
شمعة حركت داخل نفوسنا بصيص الأمل في استنقاذ وطننا الجميل من مرحلة
الفوضى والعبث التي يعيشها ، فرغم أن هذا الرجل قد تم اختطافه وإبعاده عن
بلده قسرا دون أي حكم قضائي ورغم أن قطاعات ما من شركائه في وطنه قد صفقت
لسحب جنسيته ورقصت على أنين أهله وأولاده الذين فرقت اليد الظالمة بينهم
وبين رب أسرتهم إلا أن سعد العجمي وبشيمة العربي الأصيل قد تسامى على
جراحه واتخذ موقفا شريفا إزاء المطالبات الغبية بل الانتهازية بسحب
الجنسية الكويتية من المتهمين الذين ضبطتهم أجهزة وزارة الداخلية في
نهاية الأسبوع الماضي ، فقد غرد سعد العجمي عبر حسابه في تويتر مخاطبا
المتهمين وقائلا لهم : " اطمئنوا ؛ فلن نطالب بسحب جنسياتكم فإننا قد
ذقنا مرارة الظلم ولا نرضاه لغيرنا ، لكننا نطالب بمنحكم كافة الحقوق
القانونية للمتهم الذي هو بريء حتى تثبت إدانته ونطالب بعرضكم أمام قضاء
عادل وهو ما تم حرماننا منه " .

       رغم اختلافي مع النهج السياسي والمنظومة الفكرية للمواطن سعد
العجمي إلا أنني أقف اليوم له احتراما وتقديرا على هذا الموقف النبيل ،
فشكرا لكَ سعد وندعو الله أن يسعد بلدكَ الكويت بوجودكَ على أرضها عاجلا
غير آجل ؛ إنه سميع مجيب .

الاثنين، 17 أغسطس 2015

أربعة أسباب دفعتني لرفض الإرهاب

       حين تلقيتُ خبر تفجير مسجد الإمام الصادق ظهر الجمعة التاسع من
رمضان الماضي كان موقفي الفوري رفض هذا العمل الجبان ، ولسنا بحاجة لأن
نعيد ونزيد في هذه القصة فقد حسم الكويتيون مجتمعين موقفهم إزاءها وعلى
رأسهم سمو الأمير رعاه الله .

       ثَمَّةَ أمر خطر لي وأنا أستعيد لحظة صدمتي بتلقي خبر هذا العمل
الجبان الذي لا يمكن أن يُمحَىْ من الذاكرة ؛ حيث إنني حين تلقيتُ ذلك
الخبر رفضتُ الجريمة النكراء لأسباب أربعة ، ثالث هذه الأسباب هو الشعور
بالتعاطف مع أهالي الشهداء وكذلك الجرحى وعوائلهم فنحن نتعاطف مع كل ضحية
بريءة في كل بقعة من المعمورة وطبعا مِن باب أَولى أن نتعاطف مع مثل هكذا
ضحية حينما تكون شريكة وطن ودين ، ورابع تلك الأسباب هو الخشية على
وحدتنا الوطنية والتي هي أهم جدار نحتمي به في بلادنا بعد حفظ ربنا
سبحانه وتعالى !

       اللافت أن السببين آنفي الذكر رغم أهميتهما لم يكونا في مقدمة
أسباب رفضي للتفجير الإرهابي الجبان ، فأول سبب دفعني لهذا الرفض هو
موقفي المبدئي الثابت المبني على حرمة إزهاق كل روح بريئة بأي حال من
الأحوال ، فأنا حينما يأتيني خبر قتل أبرياء فإنني لا أنتظر معرفة هوية
القتلة أو ماهية الضحايا وإنما أرفض العمل الخسيس فورا قبل إذاعة أي أمور
تفصيلية تخص الجريمة ؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر كنتُ شخصيا أرفض
الأعمال الجبانة التي كانت ترتكبها بعض الفصائل الفلسطينية عندما تقتل
أبرياء اليهود في محطات الباصات أو الأسواق رغم أن إسرائيل كيان مسخ زُرع
في فلسطين واحتل أرضها ، نعم ؛ فليس كل يهودي هاجر إلى فلسطين المحتلة أو
هُجِّرَ إليها يجوز قتله ؛ فقتل الجنود مقبول وقتل الإرهابيين المنتمين
لجماعات مثل الهاجانا أيضا مقبول ؛ لكن أن يُقْتَلَ يهودي مدني فقط لأنه
هاجر إلى فلسطين أو هُجِّرَ إليها فهو ما لا أقبله وفق مبادئي الثابتة ،
وعلى فكرة فإن جزء من اليهود المهجرين إلى فلسطين المحتلة كان أجدادهم
شركاء لأجدادنا في الوطن ؛ وحينها لم يسجل تاريخ الكويت على هؤلاء
الشركاء أي تجاوزات بحق المسلمين سنة أو شيعة ولا بحق الأقلية المسيحية
ولم يعرف تاريخ بلادنا أي عمل إرهابي لمواطن يهودي ، فلماذا أقبل اليوم
إراقة دماء المسالمين منهم دون مسوغ ؟ ، وبالطبع قياسا على المثال السابق
لا يمكن حتما أن أقبل قتل أي بريء في العالم أيًا كانت هويته وأيًا كانت
ماهية قتلته .

       السبب الثاني الذي دفعني إلى رفض تفجير مسجد الإمام الصادق هو
أنني كنتُ شخصيا مستهدفا في ذلك التفجير الإجرامي ! ، نعم ؛ فالجهة التي
جندت شِرار خلق الله لينفذوا فعلتهم الدنيئة إنما أرادت إضرام نار فتنة
لو أنها اشتعلت لكنتُ شخصيا أحد ضحاياها إما بفعل هُنا أو ردة فعل هناك ،
لذلك فإن ميزاني ثابت ومسطرتي واحدة إزاء كل جهة تستهدف وطني سواء بأعمال
تمت على الأرض أو بمخططات تم إحباطها ، وكل مَن يستهدف الكويت فإنه عدو
لي بغض النظر عن منطلقاته الظاهرة والباطنة أو الجهات التي جندته للتآمر
على بلد الخير والأمان وأهله المسالمين .

       إنني أومن بأن التعامل الحازم وفق ميزان ثابت تجاه كل عمل إرهابي
أو مخطط إجرامي ضد الكويت ليس مجرد وجهة نظر أو فكرة ورأي وإنما هو موقف
لا بد أن يتبناه كل كويتي بوضوح وصوتٍ عالٍ ، أما إذا انقسمت مواقفنا
إزاء تهديد أمن وطننا وأصبح كل منا يتبنى تزكية طائفته أو فئته أو قبيلته
فعلى الكويت السلام ، وقتها سيستقل الموسرون من عِلية القوم طائراتهم إلى
حيث قصورهم وأموال السحت التي كدسوها في عواصم دول العالم الأول ويتركوا
الكويت تحترق بالنار التي أشعلناها فقط لأننا لم نتفق على موقف مبدئي
ثابت في مواجهة كل مَن يستهدف أمن بلدنا !

       على فكرة : مسألة تزكية كل منا لبني قومه وإلصاق كل الرزايا
بالآخرين يمثل منتهى الغباء ؛ فالمنطق يقضي بأن كل طائفة أو فئة أو قبيلة
بل وحتى كل بيت يوجد به الطيب والخبيث وينتمي إليه الصالح والطالح ، لذلك
فإن تعيير كل طرف للآخر بمَن ينتمي إليه مِن مجرمين يجعل المجتمع كله
بالضرورة مجرما ، لذلك فالموقف الصحيح يفرض على الجميع التكاتف لمحاربة
الإرهاب في أي مربع وجد وتجفيف منابعه الفكرية قبل المالية أيًا كانت
مصادرها ، وما لم نتخذ هذا الموقف الصارم الواضح فإن مصيرنا سيكون تبادل
عمليات التفجير والخطف والقتل على الهوية وهذا ما لا يمكن أن أتخيل حصوله
في بلدي في حياتي ولا بعد مماتي .

السبت، 8 أغسطس 2015

فضحتينا يا بطة لندن !

       فضيحة بكل المقاييس هي قصة البطة المطبوخة التي أقامت الدنيا ولم
تقعدها في الكويت والتي تَشَوَّهَ وللأسف نموذج حرية التعبير الذي كانت
تتيه به بلادنا افتخارا على جاراتها !

    لله در بطة لندن رحمها الله ؛ فقد استشهدت هذه البطة القديسة لتكشف
عورات كثيرة في مجتمع هش تتزايد فيه درجة التخلف يوما بعد يوم !

       أول العورات التي كشفتها الشهيدة بطة لندن عورة السائح الكويتي
الذي يأبى في كل عام إلا أن يملأ وسائل التواصل الاجتماعي بصور تجاوزاته
في مصايف أوربا !

       ثاني العورات التي كشفتها المرحومة بطة لندن هي عورة بعض
الممثلين على الأمة الذين انحطت بهم بواطنهم العفنة وظواهرهم المخجلة كي
يربطوا ذلك التصرف الأهوج للمجرم قاتل البطة الشهيدة بضغائنهم تجاه فئات
يكرهونها من مكونات المجتمع الكويتي !

       ثالث عورة كشفتها شهيدة الاصطياف الكويتي ( بطة لندن رحمها الله
) عورة الضحالة الفكرية للمجتمع الكويتي والذي استطاعت السلطة إيقاعه في
فخ البطة لتجعله يكتفي بالمقارنة بين موقف حكومته تجاه بطة لندن وتساهلها
إزاء حرامية الكويت الذين يقيمون في لندن ويعيشون فيها بأموال الشعب
المسروقة ؛ تلك الأموال التي لم يحرك تهريب سُراقها في ضمير المجتمع
الكويتي ما حركه استشهاد بطة لندن !

       أما العورة الرابعة التي كشفتها البطة القديسة فهي عورة بريطانيا
التي تحتضن حرامية الخليج وتحتضن أيضا أبواق الفتنة فيه بذريعة حرية
التعبير بينما تثور ثائرتها على بطة ذبحها ثم طبخها مراهق نزق ليس حفاظا
على حقوق الحيوان ولا على ممتلكات الإنسان وإنما رغبة في تشويه صورتنا
بأكثر مما شوهناها نحن وإظهار مجتمعاتهم على أنها الأرقى دائما وفي كل
شيء !

       عورات كشفتها البطة القديسة لو أسهبنا في استعراضها لألفنا كتابا
كاملا ، لكن نقول بالمختصر المفيد أن كل مَن ارتكب مخالفة قانونية في أي
بلد فإنه يتحمل تبعاتها ويطبق عليه قانون البلد الذي حدثت فيه الواقعة أو
هكذا يُفترض ، فلا حاجة لإثارة هذه الضجة إذ أن بريطانيا أو غيرها من دول
الغرب لها كامل الحق في تطبيق قوانينها على كل مَن يتواجد فوق أراضيها
ولا علاقة لحزب  الهيلق بذلك ، وعلى طاري الهيلق فإنهم يمارسون على أراضي
بلادهم كل يوم بل كل ساعة ما يخرق القانون ويخدش الحياء والذوق العام ؛
فيا ليت من يدعي تمثيل الأمة يحاسب السلطة التنفيذية على تراخيها إزاء
الهيلق في الكويت بدل المطالبة بسحب جوازات الهيلق الذين خرقوا القوانين
في الخارج !

       للتذكير فقط ؛ لقد ارتكب بعض الوافدين في بلادنا جرائم مست البشر
وليس البط أو الدجاج ؛ لكن شعوبهم لم تطالب بسحب جوازاتهم تحت بند تشويه
السمعة بل ضغطت على حكوماتها كي تحميهم من طائلة القانون ، فمنهم مَن تم
تخفيف الأحكام عليه ومنهم مَن تم العفو عنه دون أن يتحرك أي ساكن في
الكويت التي أصبحت بطة لندن أغلى من إنسانها !

السبت، 1 أغسطس 2015

الاختبار الأصعب للعلاقات الكويتية السعودية

       منذ تفجر الخلاف السعودي الكويتي بشأن حقل الخفجي قُلنا بأن الموضوع
ليس فنيا كما حاولت الأوساط الكويتية تسويقه في نفس الوقت الذي صمتت
الأوساط السعودية
عن الخوض فيه ، وأتى بعد ذلك وقف الإنتاج في حقل الوفرة ليؤكد ما ذهبنا إليه .

       الكويت هي المتضرر الأكبر مما حصل لأن إنتاج حقلَي الخفجي والوفرة يمثل
جزء لا يستهان به من إنتاجها النفطي إذ يبلغ حوالي عشرة بالمئة من ذلك
الإنتاج يوميا !

            استمر وزير النفط الكويتي علي العمير في الحديث عن أسباب
فنية للمشكلة  كلما سئل عنها قائلا بأنه تتم حاليا معالجتها ؛ وفي رمضان
الماضي يبدو والعلم عند الله أنه زل حينما صرح بأن لجنة كويتية سعودية
مشتركة برئاسة
الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح والأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد
العزيز آل سعود
تتولى متابعة القضية بمعنى خروجه هو وزميله وزير النفط السعودي علي
النعيمي من معادلة
المسألة المعقدة !

       تولت إذًا أسرتا الحكم في الرياض والكويت التعامل المباشر مع الخلاف
البتروسياسي الخطير الذي اندلع بين البلدين رغم العبارات الرسمية التي
تتردد في وسائل
الإعلام الحكومية حينما تورد أخبار برقيات التهاني والتعازي أو
الاستقبالات البروتوكولية ولم يعد من الممكن تصديق حكاية الخلافات الفنية
؛ فلو كانت الخلافات فنية حقا لتصدى
لها وكلاء مساعدون بوزارتي النفط في البلدين وبمتابعة من الوزيرين
المختصين دون الحاجة
إلى إقحام أمير أو شيخ في الموضوع !

       أخيرا ظهرت قصة تسريب المراسلات بين وزير النفط الكويتي علي
العمير وزميله السعودي علي النعيمي لتثير ضجة أرعبت الجهات المعنية في
البلدين والتي صمتت عما حدث
صمت القبور لتترك لشركة نفط الخليج وشركة شيفرون إصدار بيان يستنكر تلك
التسريبات ويتحدث
عن متانة ورسوخ العلاقة السعودية الكويتية وكأن الشركتين قد أُسندت لهما
فجأة مهام وزارتي
الخارجية الكويتية والسعودية !

       تسريبات مراسلات النعيمي والعمير احتوت بالتأكيد على ما كان
يتحاشى كبار المسؤولين الكويتيين والسعوديين نشره وإعلانه ، ونحن لا نشك
في أن مَن يقف وراء تسريبات
تلك المراسلات هم الذين تابعوا منذ البداية تطورات الخلاف الذي أخفقت
الكويت والسعودية
في معالجته بشكل سليم ، وجاء اختلاف التوجهات السياسية بين مَن استقبلوا
وزير الخارجية الإيراني وَأُلَئِكَ الذين يحذرون من نوايا إيران ويتخوفون
من تقاربها مع الغرب ليكون أرضية مناسبة لتسريب تلك
المراسلات وإرباك الساحة السياسية في المنطقة كلها وليس الكويت والسعودية
فحسب ، بل لا نستغرب أيضا أنه قد تم وضع البهارات اللازمة على تلك
المراسلات بطريقة أو بأخرى إذ ليست العبارات الواردة بها معتادة في قاموس
التخاطب بين الكويت والسعودية إضافة إلى أن خلفية الانتماء العائلي لوزير
النفط الكويتي وتوجهاته الفكرية لا تقبل أساسا مخاطبة السعودية بهذه
اللغة !

       لقد كانت اتفاقية ترسيم الحدود التي تقاسمت بموجبها السعودية
والكويت الجغرافيا والثروات نموذجا رائعا وراقيا على مستوى العلاقات
البينية العربية بل إنه النموذج الأفضل في المنطقة كلها ، فكان من الأجدر
بالبلدين رعاية هذه الاتفاقية بالمراجعات الدورية لها ومنحها مرونة
التفاعل مع التغيرات المتلاحقة ؛ فليس الوضع الآن هو ذاته الذي كان سائدا
عندما وقع البلدان الاتفاقية كما أن مراجعتها
وتطويرها لا يعيبها أبدا بل العكس تماما هو الصحيح إذ إن المراجعة
الدائمة والمُعلنة كانت ستزيد هذه الاتفاقية رسوخا وقوة وتجعلنا نتفادى
الوضع الخطير الذي وصلنا إليه اليوم !

       للأسف اختار كبار المسؤولين في السعودية والكويت إدارة الملف
النفطي الحساس بطريقة مُلاك العزب لا بأسلوب صُناع القرارات في الدول
والنتيجة هي تفجر هذا الخلاف الذي
نخشى أن يتطور بطريقة دراماتيكية وبأسرع مما نتوقع ؛ والله يستر !