الجمعة، 16 يونيو 2023

التأصيل في الموقف بين هايف والطويل

        على أساس التنسيق ما قبل جلسة الافتتاح دعا محمد هايف الفائزين في الانتخابات إلى ديوانه مستثنيا جنان بوشهري ومرزوق الغانم ، ولا غرابة في استثناء جنان فهذا الاجتماع وإن كان بصبغة سياسية إلا أنه في النهاية جلسة ديوانية رجال لا يصح للنساء المشاركة فيها حتى الآن على الأقل ، لكن القصة كلها دارت حول استثناء مرزوق الغانم من دعوة هايف .



        برر هايف عدم دعوته للغانم بوجود خلاف سياسي والحقيقة أن خطيئة الغانم في ندوته الأخيرة بكشف أسرار قضية خطيرة تمس أسرة كريمة منتمية لقبيلة مطير دفع هايف أكثر لاتخاذ هذا الموقف وقد كان أوضح المعلقين في ردة فعله على الحدث المشين مهددا بمساءلة وزير الداخلية مع علمه بأنه ليس للوزير ذنب فيما جرى !



        تفاعلت القصة ودخل على خطها سالم الطويل الذي اعتاد على إثارة الجدل ، فتوجه لمحمد هايف عبر مقطع فيديو محتجا على موقفه قائلا أن هايف واحد منا فكيف يدعو مَن أسماهم الطويل الروافض لاجتماعه بينما أحجم عن دعوة أخيه السني كما قال الطويل ويعني به مرزوق الغانم !



        الحقيقة أن دعوة هايف للنواب الشيعة سياسيا منطقية لأن الجميع خاضوا الانتخابات بموجب الدستور ووصلوا إلى المجلس بموجب نتائج الانتخابات وعليه فعلى الكل التعامل مع الكل بعيدا عن الطائفية والقبلية ، لكن حديثه عن خلاف سياسي كان السبب في عدم دعوة مرزوق الغانم للجتماع أضفى شيئا من الغرابة على موقف هايف إزاء الشيعة والذين دخل في صدام معهم منذ تجمع ثوابت الأمة الذي نشأ كردة فعل على الاضطرابات الطائفية التي تلت العدوان على العراق واحتلاله ثم دخول المدعو ياسر حبيب على خط المشهد حينها بتقصده الإساءة للشيخين وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعا ، فإذا كان الخلاف السياسي سببا في عدم دعوة هايف للغانم فيفترض أيضا أن يكون دافعا لعدم دعوة خصومه الشيعة وفي هذه الجزئية هناك طرف حقيقة وليس حقا في كلام سالم الطويل ، لكن بالمقابل لم يكن احتجاج الطويل على هايف عنيفا بسبب دعوة مَن أسماهم الروافض بقدر ما كان عنيفا نتيجة عدم دعوة هايف لأخيه السني الغانم لاجتماعه التنسيقي ، فهل يجهل سالم الطويل بأن السني مرزوق الغانم حينما أَبَّنَ خاله ناصر الخرافي كرر مقولة خاله عن المجرم حسن نصر الله بأنه زعيم النصر الإلهي ؟ ، هل يجهل الطويل بأن أخاه السني هذا هو الذي سعى للإفراج عن عدد من مجرمي خلية ما يسمى حزب الله وتخفيف الأحكام عن آخَرين ؟ .



        لا نظن سالم الطويل يجهل ذلك أو على الأقل لا يجهل دور مرزوق الغانم في نصرة مجرمي ما سُميت خلية العبدلي ، لكن ربما كان الطويل يحلم بحظوة لدى أخيه السني مثل حظوة إمام مسجد المقبرة ولهذا دخل المماحكات مع محمد هايف والذي ربما نسي أو أنه لا يعلم أن سالم الطويل قد سبقه لمحاربة ما يسميه هايف الظواهر السلبية عبر تشكيل ما يشبه الميليشيات التي كانت تترصد لمواعيد العشاق الغرامية في الدواعيس خارج إطار الدولة بينما هو اليوم ينافس في هرطقاته الملتحي النجدي الذي أفتى بعدم جواز الخروج على مَن سماه ولي أمر ولو ظهر يزني على شاشة التلفزيون نصف ساعة يوميا !



        هناك مَن احتج على سالم الطويل بقوله أنك يا طويل رجل دين فلا تتدخل في السياسة ، وهذه حجة مرفوضة شرعا لأنه لا توجد صفة في الإسلام تسمى رجل دين ؛ فإذا كان الكلام في السياسة حرام فهو حرام على الجميع وإن كان مباحا فهو مباح للجميع ، أما هايف فواضح جدا أنه عاد مرة أخرى للواقعية السياسية بعدما كادت خطابات الصوت العالي أن تودي بمستقبله السياسي ؛ فقد عاد هايف للواقعية السياسية التي انطلق منها أصلا عبر مشاركته في انتخابات عام ١٩٩٩ فكان مقره الانتخابي حينها مشتركا مع سعود طرقي بناء على معطيات فرعية قبلية ، لكن الحقيقة أن هذه الدعوة كان يفترض أن يوجهها أحمد السعدون الطامح لاصطحاب مطرقة الرئاسة معه إلى قبره وهو الذي لم يجرؤ حتى مرزوق الغانم على المجاهرة برفض ترشيحه لرئاسة المجلس ولكن السعدون البطل الصامت وجد في دعوة هايف حصانا يمكن ركوبه دون تحمل أي مسؤولية أو تبعات كالتي بدأ هايف يجنيها في انتظار المزيد من المفاجآت في الأشهر القادمة ، أما سالم الطويل فسيظل يلاحق شبح الشهرة وحب الظهور حتى يختفي عنه ذلك الشبح دون أن يلتفت أحد إلى مقاطعه التي يسجلها تعليقا على الأحداث طلبا لثوب يبدو أنه لن يلبسه أبدا .

 

الأحد، 4 يونيو 2023

الكويت بين محاربة رشوة المال وشرعنة رشوة المنافع !

        تتوالى هذه الأيام وكالعادة أخبار اصطياد الراشي والمرتشي والرائش في الشكل المباشر لشراء الأصوات ، ولسنا بحاجة للحديث في حرمة هذا الفعل المشين الذي لعن الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كل أطرافه ، هذا فضلا عن أن استخدام رمزية المصحف الشريف كضمانة بين الملعونين فعل كفري قد يفضي إِلى الخروج من الملة كونه استهزاءً بكتاب الله عز وجل .

 

 

        يحلو للبعض التشكيك في نوايا وزير الداخلية طلال الخالد وهو يتابع هذه الجهود الخيرة للقبض على المجرمين قانونا والملعونين شرعا ، لكننا لا نجد مسوغا لهذا التشكيك لأن وزير الداخلية يعمل بنسق غير مسبوق على فرض هيبة القانون في كل الملفات ما وسعه ذلك مع علمنا أن في طريقه خطوطا حمرا ندعو الله أن يزيلها ويزيل مَن وضعها ، لكن الفاسد حين يتضرر من تطبيق القانون ليس أمامه إلا حرب التشكيك في النوايا والطعن في أصحابها .

 

 

     مع كل ما ذكرناه وغيره مما يضيق عنه المقام إلا أن هناك نوعا من شراء الأصوات ليس بمقدور وزير الداخلية محاربته لأنه يرتبط بمنهجية عمل السلطة الحاكمة كمَنْظومة متكاملة وأعني بها مطالبة الناخب للمرشح بتحقيق منافع غير مشروعة له أو لأقرباءه وأهله فيعمد المرشح قبل النجاح أحيانا وبعده أحيانا أخرى إِلى السعي باتجاه مخالفة القانون وتحقيق تلك المنافع غير المشروعة عبر وزارات ومؤسسات الدولة ، وهذا يعني أن ذلك النوع من الرشوة لا يتم إلا بتوقيع مسؤول حكومي إكراما للراشي وهو المرشح وتنفيعا للمرتشي وهو الناخب فيكون المسؤول الحكومي بصفته لا بشخصه هو الرائش مما يعني أن الدولة كلها ممثلة فيه ستدخل في دائرة اللعنة إذا عَلِم صُناع القرار فيها بما جرى ورضوا به وسكتوا عنه !

 

 

        هذا النوع من شراء الذمم أخطر من الشراء المباشر لها عبر المال ذلك لأن افتضاح أمر الراشي والمرتشي والرائش عبر الوسيلة المباشرة وهي دفع المال فيه تشويه سمعة اجتماعيا ، أما شراء الذمم عبر تسهيل المنافع غير المشروعة فقد يهضمه المجتمع باعتباره بطولة من المرشح خاصة إذا كان المستفيد من المنفعة اللا مشروعة ابن عم أو قريب ، والأَخْطَر من ذلك هو وصف المرشح أو النائب الذي يرفض القيام بهذا الدور المشين بأنه متخاذل أو بالمحلي ( ما فيه خير ) وهو ما يعني تبني الفكر الجمعي لمبدأ شرعنة شراء الذمم وهو ما قد يُدْخِلُ المجتمع كله في دائرة الملعونين المرتكبين للفعل المشين أو المشجعين عليه وفي أحسن الأحوال الشياطين الخُرْسُ الساكتين عن الحق !

 

 

        المسؤول الأول عن شيوع هذا النوع الخطير من الرشوة هو السلطة الحاكمة لكن ذلك لا يعفي الراشي والمرتشي كأفراد من المسؤولية فيوم القيامة كل منا سيأتي الرحمن فردا ، فليحذر مَن يطلب المنفعة اللا مشروعة وليحذر مَن يتوسط لتحقيقها وليحذر من يوقع على قرار تنفيذها ، وليحذر أكثر المجتمع الذي يعتبر ذلك خدمة مشروعة وأن عدم أدائها هو العيب فهذا يعد بكل صراحة تحديا لله ورسوله .

 

 

        أَلا هل بلغت ؟ : اللهم فاشهد .