الأحد، 28 مايو 2023

هل تتزوجينني ؟

        الشيخ عثمان الخميس مع تحفظي شخصيا على لقب شيخ أو رجل دين ليس لعثمان فقط وإنما كمبدأ عام ، الخميس تم توجيه سؤال له مُفاده : " هل يجوز للرجل أن يسأل المرأة قائلا هل تتزوجينني ؟ "

        أجاب الشيخ عثمان بنبرة صوت مترددة مرتجفة قائلا لا حرج في ذلك ، وكي لا نتجنى على الرجل فإن هذه الفقرة وردت في مقطع فيديو قصير من المقاطع التي يختار الشباب القائمون على نشر فتاواه ومن بينهم ابنه كما قال هو بنفسه أن ينشروها تسهيلا على الناس وملاحقة لمحبي التِّكْتُكْ والمقاطع القصيرة في اليوتيوب ، فنحن لم نكن موجودين معه في الدرس ولم نستمع لكامل المقطع لكننا سمعنا عبارة اللا حرج بنبرة مترددة بينة التردد !

        تُرى ما الذي دفع عثمان الخميس لهذه الإجابة ؟ ، وما سبب النبرة المترددة في طريقة كلامه ؟

        الحقيقة أن الإجابة أتت لسببين أولهما هو ألا دليل على عدم جواز عرض الرجل على المرأة الزواج منها مشافهة ، أما السبب الثاني فهو أن عثمان الخميس قد حظي في السنوات الأخيرة بقبول جماهيري في مجتمع فرض فيه الاحتكاك المباشر بين النساء والرجال نفسه رغم كل الفتاوى المحرمة للاختلاط والمحذرة منه والتي يتبناها الخميس نفسه ولذلك فإنه قد يرى أن المصلحة في ترسيخ القبول الجماهيري لا في خسارته .

        أما سبب النبرة المترددة التي بانت في صوت عثمان الخميس وطريقة كلامه وهو يجيب عن هذا السؤال فهو أن أدبيات المدرسة النجدية التي ينتمي لها عثمان الخميس تعتبر أن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية وحديثه معها دون وجود محرم يعد مخالفة شرعية وإثما كبيرا وأن الصحيح هو أن يخطب الرجل المرأة من وليها لا أن يتحدث معها مباشرة في هذا الشأن .

        عثمان الخميس كما غيره من المنتمين للمدرسة النجدية باتوا يدركون اليوم أن التمسك الحرفي بلغة ابن باز وابن عثيمين غير ممكن وأن مخاطبة الجمهور بلغة صالح اللحيدان لن تجد قبولا رغم الاحترام الذي ما يزال إرث هؤلاء يحظى به لدى تلاميذ ومريدي عثمان الخميس من الشباب ، ولهذا فإن الواقعية السياسية فرضت نفسها اليوم حتى على ورثة المدرسة النجدية التي انفصلت عن الواقع منذ انبثاق آبار النفط وما ترتب عليها من طفرة مادية وتغيرات اجتماعية وفكرية !

        من حيث الطرح المثالي وفق معطيات الإرث الاجتماعي المنتمي للعادات والتقاليد فإن مقاييس المجتمعات ليست متماثلة فمنها ما يقبل عرض الزواج بهذه الطريقة ومنها ما يعتبره تماديا ، وبالنسبة لمجتمعنا في الجزيرة العربية فإن إرث عاداته وتقاليده التي لم تعد سلوكا ملزما لأحد ترفض في المجمل أن يعرض الرجل الزواج على المرأة بهذه الطريقة ذلك لأننا اعتدنا ارتسام الألوان على وجه المرأة حين يبلغها أهلها بأن فلانا قد خطبها وهي في داخلها موافقة على الارتباط به ، فلا تصرح بالموافقة لكنها أيضا لا تبدي الرفض ولهذا قالوا في المثل :" السكوت علامة الرضى " ؛ والحقيقة أنه مثل غير دقيق ، لكن في بعض الحالات يمكن قبول فكرة مشافهة الرجل المرأة برغبته في الزواج منها كأن يعرض رجل ستيني أو سبعيني على قريبته أو جارته الأرملة الخمسينية الزواج ذلك لأن الحاجات المرجوة من الزواج في مثل هذه الحالة تختلف بنسبة ٩٥٪ عنها في حالات الزواج الشائعة بين الأصغر سنا وأن هذا الرجل في الغالب يريد رفع الحرج عنه وعن قريبته أو جارته التي تحتاج خدماته باعتباره القائم على شؤونها عمليا لكنه أجنبي عنها ؛ ولهذا فإن لعرضه الزواج عليها مشافهة ما يبرره دينيا واجتماعيا .

        هكذا كان الحال وهكذا أصبح ولم يتبقى من ماضي المدرسة النجدية التي عانت من بعبع اسمه المرأة إلا إرثه ، وفي الختام يبقى السؤال : " هل تتزوجينني ؟ " .

ليست هناك تعليقات: